logo

logo

logo

logo

logo

بيكاريا (سيزار بونيزانا-)

بيكاريا (سيزار بونيزانا)

Beccaria (Cesare Bonesana-) - Beccaria (Cesare Bonesana-)

بيكاريا (سيزار بونيزانا ـ)

(1738ـ 1794)

 

سيزار بونيزانا مركيز دي بيكاريا Cesare Benesana, marchese di Beccaria واحد من كبار رجال القانون والاقتصاد في إيطالية، ممن تجاوزت شهرتهم حدود بلادهم إلى أوربة والعالم. ولد في ميلانو (وكانت دوقية تخضع لسلطة النمسة) وحصل في العشرين من عمره على شهادة دكتوراه في القانون. ووجهته مواهبه الرياضية نحو علم الاقتصاد، فكان كتابه الأول عام 1762 عن «فوضى الوضع النقدي وعلاجه في ميلانو»، وكان قد ألّف مع آخرين جمعية علمية، كان من أعضائها صديق له يعمل «حامياً لسجون ميلانو»، وكان هذا يشارك الآخرين خبراته وتجربته عن نظام القمع والعقوبة في عصره، وبتأثيره كتب بيكاريا عام 1764 كتابه الثاني «الجرائم والعقوبات». ومع أن الكتاب نشر دون ذكر اسم المؤلف فإن النجاح الذي لقيه سرعان ما شهر المؤلف فذاع صيته، وتوالت طبعات الكتاب، وترجم إلى الفرنسية بتصرف ونشر بها عام 1766، وتحمس له فولتير وغيره من الموسوعييون، واشتهر المؤلَّف في هولندة وبروسية وبلاط النمسة وبلاط روسية وفي جميع الإمارات الإيطالية. وكان رد فعل الأوساط التقليدية على مضمونه عنيفاً، حتى وضع في قائمة الكتب المحظورة، وأدين من قبل محاكم التفتيش في إسبانية، ونشرت عدة مؤلفات في نقده ودحضه، ولكن الغلبة كانت لأوساط المستنيرين، ودعي بيكاريا إلى باريس عام 1766 حيث استقبله الفلاسفة وعلماء القانون العام بحرارة، وللحيلولة دون تلبية دعوة وجهتها إليه كاترين الثانية، امبراطورة روسية، عينته حكومة ميلانو أستاذاً لكرسي الاقتصاد السياسي عام 1768، ثم عضواً في المجلس الأعلى للاقتصاد السياسي عام 1771، ثم قاضياً إقليمياً لشؤون النقد عام 1778، وأخيراً رئيس القسم الاقتصادي ثم السياسي في مجلس الحكومة عام 1789. وعهد إليه إعداد عدد من الإصلاحات ووضعها موضع التنفيذ، ونشر عام 1771 «بحوث حول طبيعة الأسلوب»، ولم يلبث أن عاد عام 1791 إلى الاهتمام بالمسائل الجنائية، وذلك ضمن لجنة أوكل إليها تعديل النظام القضائي المدني والجنائي، وكتب تقريراً رسمياً مهماً، وفاجأه الموت قبل إكمال مؤلفه «مبادئ الاقتصاد العام» الذي نشر قسم منه عام 1804.

كان بيكاريا أحد الأوائل الذين لفتوا الانتباه إلى الأسباب الاقتصادية للإجرام، وعُنُوا باقتراح وسائل المعالجة ورسم الخطوط الكبرى لما ينبغي أن تكون عليه سياسة جنائية متماسكة وفعالة للسلطات العامة، وقد أدت أفكاره في عقود قليلة من السنين إلى إدخال تعديلات وإصلاحات لم يعرفها القانون الجنائي في أوربة لقرون عدة. وكانت أفكاره تتفق مع حس العدل، ولكنها تناقض مباشرة أحكام القانون الوضعي، فهو يهاجم غموض مصادر القانون الجنائي وتشابكها، ويطالب بنصوص بسيطة وواضحة تصدر عن سلطة تشريعية واحدة (مبدأ القانونية المسلم به بوجه عام في عالم اليوم)، يتعين على القاضي أن يطبقها تلقائياً من دون  تحيز، كما يطالب بإلغاء الجرائم في المسائل الدينية، ويدعو إلى فصل القانون الجنائي عن الدين، بل عن الأخلاق الفردية، وهو من أوائل الذين قالوا: إن أساس القمع هو فائدته الاجتماعية، وهو ما أكده إعلان حقوق الإنسان، ونتيجة لذلك هاجم التعذيب في أثناء المحاكمة الجنائية ووحشية العقوبات المفروضة، وطالب بفرض عقوبات معتدلة ولكن حتمية، لأنه يرى أن صرامة العقوبة ليست هي التي تردع المجرم، بل اليقين أن العقوبة لا مفر منها، ولتثبيت هذا اليقين وقف بيكاريا ضد التقادم والأحكام المحلة وحق الالتجاء وحق العفو، وعارض عقوبة الإعدام التي لا يقبلها إلا في حالات شديدة الندرة (كالتمرد والعصيان) وأراد أن يحل محلها السجن المؤبد، كما طالب، على نقيض عصره، بمساواة الجميع (من نبلاء وموظفين وتجار وعامة الشعب) أمام القضاء، وبفردية العقوبة فلا تنعكس على الأسرة.

كان تأثير بيكاريا عميقاً، فمن أفكاره استلهمت قانونية العقوبة، وتنظيم حقوق الدفاع. والاحتفالات التي جرت عام 1964 بمناسبة انقضاء مئتي عام على نشر كتاب «الجرائم والعقوبات»، لا في أوربة وحدها بل في أجزاء مختلفة من العالم تبرهن على الأهمية التي انطوت عليها أفكاره الأساسية.

 

كمال غالي

 

 


التصنيف : القانون
النوع : أعلام ومشاهير
المجلد: المجلد الخامس
رقم الصفحة ضمن المجلد : 760
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 538
الكل : 29596666
اليوم : 51582

التبرعم الحيواني

التبرعم الحيواني   التبرعم الحيواني طريقة تكاثر غير جنسية، تؤدي إلى تكوين متعضية مماثلة للكائن الأصل، أو إلى مستعمرة جديدة، انطلاقاً من مجموعة من الخلايا أو النسج المختلفة. ويمكن تمييز ثلاثة أنماط من التبرعم: تبرعم النمو، وتبرعم التكاثر، وتبرعم المقاومة.
المزيد »