logo

logo

logo

logo

logo

الموسيقى الشعبية

موسيقي شعبيه

Popular music - Musique populaire

الموسيقى الشعبية

 

يمتد تاريخ الأغنية الشعبية إلى فجر الحضارات القديمة جميعها، وقد جبل الإنسان مذ ارتقت أحاسيسه على الرغبة في التعبير عما يحس به ويراه بوسائل من النغم والإيقاع التي اختلفت باختلاف الأوطان والبيئات. وكان للقبائل الجرمانية البدائية منذ فجر المسيحية ما كان لفرسان وعامة الناس في العصور الوسطى من أغانٍ وقصائد، ومثلها للعرب في الجاهلية وصدر الإسلام. ويتفق المؤرخون على أن الغناء هو أقدم صورة للموسيقى، وأن الموسيقى ما هي إلا الغناء، وأن الآلات الموسيقية جاءت لتفي بما لا يمكن أن يفي به صوت الإنسان. وقد استطاع الإنسان في كل العصور التعبير عن أفكاره ومختلف نواحي حياته بالرقص والغناء، وما رقصات الشعوب وأغانيها المتوارثة سوى مرآة لطبائع هذه الشعوب وثقافاتها ومشاعرها وأذواقها.

الأغنية الشعبية:

يعد مصطلح «الأغنية الشعبية» الفولكلورية [ر. فولكلور] أحد المصطلحات الحديثة التي دخلت اللغة العربية ترجمة للمصطلح الألماني Volkslied والإنكليزي Folk song، ويعرفها ألكسندر كراب بأنها: «قصيدة شعرية ملحنة مجهولة الأصل شاعت بين الأميين في الأزمنة القديمة ومازالت تغنى». ويقول بوليكافسكي: «إنها الأغنية التي أبدعها الشعب وليست الأغنية التي تعيش في جو شعبي».

بدأ الاهتمام بالفنون الشعبية عامة، والغناء الشعبي خاصة منذ النصف الأول من القرن التاسع عشر من أجل الحفاظ على تراث الشعوب، وقد ساعد على الاهتمام بها يقظة الروح القومية بعد أن انتبهت كل أمة إلى موروثاتها القومية إثر قيام الثورة الفرنسية وثورات التحرير التي عمت أوربا في القرن التاسع عشر، أو ثورات التحرير العربية التي عمت الوطن العربي في النصف الأول من القرن العشرين، وثورات الشعوب الآسيوية والإفريقية وشعوب أمريكا اللاتينية. ومن الأسباب التي أدت إلى إحياء هذا التراث الموسيقي الغني؛ تقدم العلوم والحياة الاجتماعية على الصعد كافة، والبحث عن مضامين جديدة تغني التجربة الموسيقية التي تساعد على إحياء الألحان الشعبية من جهة، واتخاذها أساساً لاتجاهات موسيقية جديدة من جهة ثانية، بوصفها وسيلة مهمة لبعث روح جديدة في الموسيقى المعاصرة، بتغيير النظرة إليها من موسيقى بدائية إلى موسيقى تكون منطلقاً للتطور الموسيقي المنشود.

والأغنية الشعبية هي الأغنية التي ولدت ونشأت في جو شعبي في المدن والأرياف، وتمثل لعلماء الإناسة Anthropology الركيزة الأساسية التي تعتمد عليها دراساتهم. ويمكن التمييز على ضوء هذه الدراسات بين ثلاثة أنواع في الأغاني الشعبية، أولها الأغاني الدارجة المؤلفة والملحنة من قبل فنانين محترفين، ويؤديها مغنون ومغنيات ارتبطت أسماؤهم بها، وتظل متداولة زمناً طويلاً إلى أن تحل محلها أغانٍ أخرى على غرارها، وهذا النوع من الأغاني - وهي وافرة - لا يعد من الناحية العلمية من الأغاني الشعبية لأنه مجرد أغنيات مؤقتة ارتبطت شعبيتها وانتشارها بالزمن الذي ظهرت فيه قبل أن تختفي.

يتمثل النوع الثاني في الأغاني الشعبية التي يؤديها مغنون شعبيون حقيقيون محترفون، نبعوا من البيئة الشعبية، وهؤلاء يعتمدون في غنائهم على مواهبهم وإمكاناتهم الصوتية، وقدراتهم على الارتجال. ومؤدو هذا النوع من الغناء في أوربا إلى ما قبل استقطاب الكنيسة لهم في القرنين التاسع والعاشر الميلاديين هم المغنون الجوالون[ر. الشعراء الجوالون] Minstrels، الذين عرفوا بالتروبادور [ر] Troubadours، والتروفير Trouvères، والمينِزينغر Minnesingers، والماستر زينغر Mastersingers. أما في الوطن العربي فهم مغنو المواليا والتوشيحات الدينية والسيرة النبوية، والسير الملحمية وما إليها، وكل لون من هذه الألوان له طابعه وخصائصه التي لا يمكن الخروج عليها إلا في المضمون وأسلوب الأداء حسب شخصية المؤدي وإمكاناته. وهذه الألوان الغنائية التي يتخللها شيء من السردية لا يمكن عدها كلها موروثات شعبية إلا في الإطار العام لكل لون، فالمواليا مثلاً قالباً وأسلوباً ووظيفةً فنية واجتماعية، تعد تراثاً شعبياً حقيقياً، إلا إذا كانت نصوصها مؤلفة خصيصاً للغناء فتعد عند ذاك لوناً غنائياً شعبياً فقط. وترافق هذه الألوانَ من الغناء آلاتٌ موسيقية [ر] شعبية محددة مثل: الدفوف الخالية من الصنوج والرباب والناي والأرغول والدربكة وغيرها.

والنوع الثالث من الأغاني الشعبية هو الأغاني التراثية التي لا ترتبط بمؤدٍ، وتغنى جماعياً، ولا يوجد لها تدوين شعري أو موسيقي، ولا يعرف لها مؤلف وملحن، ولها أكثر من شكل بسبب انتقالها سماعاً وشفاهاً عبر الذاكرة الشعبية، ويغنيها الناس في المناسبة الخاصة بها، وتتصف بقابلية التعديل باستمرار لمواكبة الأنماط الحياتية والاجتماعية، وترافق الإنسان من المهد إلى اللحد، كأغاني هدهدة الأطفال وألعابهم، وأغاني الميلاد والحب والزواج والطهور، والأغاني الجماعية والفردية الخاصة بالعمل عند زرع الحقول والحصاد والقطاف، وزغاريد الأفراح التي يرددها الناس تلقائياً عند الحاجة إليها، وهذه الأغاني لا تندثر ولا تموت لصدقها وأصالتها لأنها تعبر عن الإنسان الشعبي، بما فيها من خبرات وقيم أخلاقية وفنية أرساها الأجداد وورثها عنهم الأبناء والأحفاد الذين نقلوها بدورهم إلى الأجيال المتعاقبة.

صميم الشريف

 الموضوعات ذات الصلة:

 

الأغنية ـ الفولكلور.


التصنيف : الموسيقى والسينما والمسرح
النوع : موسيقى وسينما ومسرح
المجلد: المجلد العشرون
رقم الصفحة ضمن المجلد : 49
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 588
الكل : 29658388
اليوم : 38398

جاري (ألفريد-)

جاري (ألفريد ـ) (1873 ـ 1907)   ألفريد جاري Alfred Jarry شاعر وروائي وكاتب مسرحي فرنسي، ترك أثراً كبيراً في الأدب الأوربي عامة وفي المسرح خاصة. ويعد واحداً من مؤسسي الحركة السريالية[ر] والأب الروحي لمسرح العبث، إذ ظهر تأثيره في أعمال أنطونان آرتو[ر] وأوجين يونسكو[ر] وصموئيل بيكيت[ر] وجان جنيه[ر]. ولد في مدينة لافال Laval لعائلة ميسورة، وتميّز منذ طفولته بذكاء حاد وبقوة بدنية غير عادية. لكنه أنهك صحته باكراً بسبب  تشجّنه الدائم حيال كل ما يحيط به وبسبب إدمانه المَرَضي على الكحول. فأصيب بمرض السل الذي أودى بحياته في مشفى في مدينة باريس وهو في الرابعة والثلاثين من عمره.
المزيد »