logo

logo

logo

logo

logo

المدفعية البحرية

مدفعيه بحريه

Naval artillery - Artillerie de marine

المدفعية البحرية

 

المدفعية البحرية naval gun مدفعية محمولة على السفن، مع منظومات السيطرة والتوجيه والرمي للدفاع الذاتي عن السفن وعن السفن الأخرى، ولتدمير الأهداف المعادية البحرية والبرية والجوية.

لمحة تاريخية

اعتمد قتال السفن في أول الأمر على تلاحم السفن المتقاتلة وتقرّب بعضها من بعض بالكلاليب، حتى تتلاصق ويتلاحم البحارة بأسلحتهم البيضاء، أو اقتراب السفن من الشاطئ لإنزال بحارتها للقتال على البر. وقد تطور ذلك إلى التراشق بالسهام والمجانيق والحرَّاقات لحرق أشرعة المراكب المعادية، أو جسمها الخشبي وإشعال النيران فيها أو إغراقها.

الشكل (1)

وقد استعمل الكلس الحي أو الجير المشوي ليقذف على السفن المعادية على شكل ذرور أبيض كاوٍ، فيتفاعل بشدة مع الماء لتصل حرارته إلى 300 ْ، كما استخدمت النار الإغريقية مستقلة أو على شكل مزيج مع مواد أخرى، وقد برع فيها البيزنطيون وظلَّت سلاحهم السري حتى القرن التاسع الميلادي، واستخدمها البحارة العرب في غزواتهم، كذلك استخدمت البحرية البريطانية في القرن الثالث عشر الجير الحي ضد السفن الفرنسية.

وكان مهندس بيزنطي سوري الأصل قد ابتكر النار الإغريقية عام 673م، من مزيج القار (الحمر) والنفطة والكبريت، وكان السائل المشتعل يقذف على السفن بوساطة مثعب siphon.

كذلك تطور استخدام المجانيق على السفن لقذف كتل الحجارة والكرات الملتهبة التي تطفو على سطح الماء وتبقى مشتعلة ولو لم تصب السفينة، فتلتصق بها وتحرقها. كما استخدم المنجنيق أيضاً لقذف جرار تحوي الأفاعي والعقارب. وكان لدى العرب سفن متخصصة بالرمي تدعى الحرّاقات، ويتألف سلاحها الرئيسي من مجانيق وقواذف نيران.

أدخلت المدافع إلى تسليح السفن منذ القرن السادس عشر، وغدت السلاح الرئيسي للسفن الحربية في القرن الثامن عشر، وكانت تلقم من الفوهة بمدق خشبي وتشعل الحشوة الدافعة بفتيل مغموس في مؤخرة المدفع، وتندفع القذيفة لتدمير الهدف أو تخرق ماتصيبه في السفينة المعادية (الشكل 1). وتطورت مقذوفات المدافع لاحقاً لتصبح متفجرة أو حارقة أو خارقة للدرع أو موقوتة.

الشكل (2-أ) مدفع برجي م ط 37مم

ثم جـاء اختراع القذائف المتفجرة عـام 1824م، واختراع المدفـع ذي المغلاق والقادح عام 1836م. إن ما يميز مدفعية السفن كونها ليست على أرض ثابتة ولا يمكن تحريكها من مكان إلى آخر على متن السفينة أو خارج السفينة، كما أنها تطلق قذائفها ضمن حيز ضيق تحيط به العوائق والمنشآت الكثيرة على سطح السفينة. أما دقة الإصابة فمسألة معقدة بسبب اهتزاز السفينة وحركتها ومناورتها الدائمة، وكذلك حركة الهدف ، وتسعى التقانات المتطورة دوماً إلى التغلب على هذه المعوقات وتحسين مردود الرمي.

خصوصية مدفعية السفن

كانت مواضع المدافع على السفن في أول أمرها مقتصرة على جانبي السفينة (اليمين واليسار) تحاشياً للعوائق الموجودة على متن السفينة ولإتاحة أكبر زوايا للرمي، وحشد أكبر عدد من المدافع. وكان الربابنة يضطرون إلى المناورة بالسفينة لاتخاذ وضعية عرضية باتجاه الهدف للرمي عليه، ثم المناورة بالسفينة مرة أخرى للرمي من جانبها الآخر، وكان ذلك يتطلب وقتاً كبيراً، مع تعرض السفينة لنيران العدو الذي يستغل فترة توقف الرمي للرد على نيران السفينة.

الشكل (2-ب) مدفع برجي م ط 37مم

وكذلك كان الرمي يتطلّب من الرماة مهارة ودقة فائقة إلى جانب الحس البحري، حيث تتأثر السفينة بالأمواج وحركة المياه وتميل ذات اليمين وذات الشمال (درفلة عرضية)، كما تميل إلى الأمام والخلف (درفلة طويلة). وقد يبلغ هذا التأرجح أحياناً عشرات الدرجات، ويجتمع الميل الطولي والعرضي ليصبح مُرَكّباً دورانياً. وكل ذلك يؤدي إلى تساقط القذائف أمام السفينة أو خلفها أو صعودها عالياً في السماء. وتلافياً لإدارة المركب من جانب إلى آخر لتنفيذ الرمي خصصت المدافع منذ أواخر القرن الثامن عشر في قسمي المقدمة والمؤخرة، ووضعت على صفوف بعضها فوق بعض لتستطيع تنفيذ الرمي في جميع الجهات من دون الحاجة إلى دوران المركب. وبدءاً من القرن التاسع عشر أصبحت المدافع تدور مع أبراجها وتغطي جميع زوايا الرمي بالتنسيق بين مدفعية المقدمة والمؤخرة، كما تمت الاستعانة بأجهزة التوازن والاستقرار [ر. المدوار (الجايروسكوب)].

ازدادت السفن المجهزة بالمدافع ضخامة فازداد استقرارها النسبي في البحر على الرغم من ارتفاع الموج واضطراب البحر، وأدت زيادة تصفيح السفن إلى اختراع المقذوفات الخارقة والحارقة والمتفجرة وذات الحشوة الجوفاء وغيرها.

ومع بداية عصر الطيران وتهديده للسفن صار لابد من تزويد السفن بمدافع مضادة للطائرات ذات أمدية وعيارات مناسبة مع وسائل التوجيه المؤتمتة، وأصبحت السفن مسلحة بأعداد كبيرة من المدافع المتنوعة التي تمنحها قوة نارية كبيرة وحماية كاملة من جميع الاتجاهات بما فيها المناطق الميتة، إضافة إلى الأهداف التحت مائية والصواريخ التي تقذف من السفن أو تطلق من البر والجو. وقد ثبت أن أفضل الأسلحة المضادة للصواريخ المنخفضة هي المدافع الصغيرة العيار والغزيرة الرمي.

التزود ودقة الإصابة

بعد أن تجاوزت المدافع مرحلة الدك والإلقام من الفوهة، أصبحت تلقم يدوياً من الخلف، ثم صار التلقيم ميكانيكياً والرمي مؤتمتاً مع التحكم عن بعد، كما يمكن التحكم بنوع القذائف وعددها.

أما التسديد وحساب معطيات الرمي وتصحيحه فكان يدوياً، ويعتمد على مهارة الرامي وحساباته، ثم أصبح مؤتمتاً بمساعدة الحواسيب وأجهزة قيادة الرمي والرادارات بعد أن يحدد القائد أهدافه. وترتبط أجهزة التحكم بالمدافع فتوجهها كهربائياً أو هيدروليكياً. وتتوقف دقة الإصابة بمدفعية السفن على عدة نواحٍ، منها احتمال التناثر حسب منحني غاوس، وقوانين الاحتمالات الخاصة بكل مدفع، ونوع القذائف، وعدد الطلقات، وغزارة الرمي وكذلك فترة التعرض للنيران.

صفات مدفعية السفن وميزاتها

الشكل (3) مقطع برج المدفع 15 بوصة (37مم)

تغيرت النظرة إلى مدفعية السفن عبر الزمن، فبعد أن كانت بدائية في القرن الثامن عشر، وعلى السفن الشراعية والخشبية، أصبحت مدفعية السفن في أواخر القرن التاسع عشر تتميز بالضخامة والعيارات الكبيرة والقوة النارية والقدرة على التدمير وخرق التصفيح. وبلغت الذروة إبان الحرب العالمية الثانية، خاصة أن البوارج والطرادات كانت تحتل الدور البارز في المعركة البحرية والإنزالات البحرية والدعم الناري للقوات المقاتلة على البر. فتجاوزت عيارات المدافع 400مم، وكانت مدافع السفن الحربية لدى الأطراف المتحاربة في عام 1942م كما يأتي:

- المدفع 18 إنشاً (457 مم) بمدى 10520 متراً.

- المدفع 16 إنشاً (406 مم)  بمدى 13530 متراً.

- المدفع 14 إنشاً (356مم)   بمدى 17190 متراً.

- المدفع 12 إنشاً (305 مم)  بمدى 21400 متراً.

وكان وزن برج المدفع على البارجة أو كلاهما مثلاً نحو 748 طن، غير أن التركيز كان على المدفع 14 إنشاً الذي بلغ وزنه 62 طناً وطول المدفع 16.318 متراً، وعدد خطوطه الحلزونية 84 خطاً، وطول القسم المحلزن 13.530 متراً، ومسافة الارتداد 102سم ومعدل الرمي 1.25 - 1.75 طلقة في الدقيقة، مع تعديلات في نوع المقذوف وزيادة ارتفاع زاوية السبطانة الرأسية التي كانت -5 ْ إلى +15 ْ ثم زيد فيها لتصبح بين -5 ْ +30  ْ، وبلغ مدى المدفع نحو 21كم وزاوية حركة المدفع الأفقية - + 150 ْ ومعدل التغير الزاوي بالارتفاع 4 ْ/بالثانية، والطاقم 25 عنصراً. ولتطور الأهداف البحرية السريعة والجوية والصواريخ، مع تقلص أهمية التصفيح نسبياً، وازدياد الحاجة إلى مدافع مؤتمتة سريعة الرمي من عيارات صغيرة، احتلت مكان الصدارة المدافع الآتية: المدافع الغربية من عيار 5 إنش (127مم)، والمدفع السوڤييتي من العيار 130مم، إضافة إلى المدافع الصغيرة من عيار 57مم و40مم 30مم 27مم 23مم 20مم وغيرها، وهي كثيرة التنوع بحسب المذاهب العسكرية للدول والإمكانات الصناعية، وكذلك المواصفات المقررة للمدافع، كغزارة الرمي والفاعلية والمدى. وما تزال مدفعية السفن تتطور باستمرار، إلا أن المدفع الرئيسي على السفن الحربية الرئيسية اليوم هو المدفع الخفيف عيار 5 إنش أو 130مم بنماذجه المختلفة، حيث تستخدم هذه المدافع أساساً ضد الأهداف السطحية الكبيرة والصغيرة، وكذلك الأهداف الجوية (طيران وصواريخ) البعيدة نسبياً مؤمنة الحماية الذاتية للسفينة ضمن المجموعات الضاربة العملياتية، إضافة إلى الدعم الناري للقوات البرية العاملة على الاتجاه الساحلي. كما لها دور فعال جداً في الإنزالات البحرية، حيث تؤمن لهذه الإنزالات التمهيد الناري الكافي لتغطية مناطق إنزالها ودعمها بالنيران وإبطال بؤر المقاومة، كما تؤمن لها التغطية الكافية في أثناء انسحابها. وكل ذلك بفضل إمكان تقرّب السفن وابتعادها عن الساحل أو السير موازية له وفعالية تسليحها وخاصة المدافع. وهذه المدافع مؤتمتة بالكامل ويصل مدى النموذج التقليدي منها 13 ميلاً (24كم) بحرياً ويرمي 16-20 طلقة بالدقيقة، وسعة مخزنه من 475- 500 طلقة، وزوايا الرمي الأفقية - + 173 ْ والرأسية (العمودية) -5 ْ إلى +86 ْ. وقد دخلت الخدمة في السفن الحربية منذ سبعينيات القرن العشرين إلا أن متطلبات المدى والتحديث والاستراتيجية  البحرية وعمليات الإنزال البحري، استدعت تطوير هذه المدافع بزيادة طول سبطاناتها، وتعديل تصميمها؛ لتطلق قذائف صاروخية موجهة إلى مدى رمي يبلغ 63 ميلاً بحرياً (نحو 115كم) ودقة إصابة في حدود 10- 20 متراً، وقد زودت المدمرات والطرادات بهذا العيار من المدافع منذ عام 2001.               

ومازال العلم والتطور التقني يرفدان مدفعية السفن؛ لزيادة قوتها النارية وسرعة رميها وفعاليتها ودقة إصابتها مع سهولة التعامل معها.  

قتيبة الصفدي

 

 الموضوعات ذات الصلة:

 

السفن ـ القذائف الصاروخية ـ القذائف (علم ـ) ـ المدفعية ـ المدوار.

 

 مراجع للاستزادة:

 

- LEO MARRIOT, Warships (Gramercy 2001).

- R. A. FLETCHER, Warships and Their Story (Kessinger Publishing 2004).

- RAY BONDS, The Illustrated Dictionary of Modern Weapons (Salamander Books 1985).


التصنيف : الصناعة
المجلد: المجلد الثامن عشر
رقم الصفحة ضمن المجلد : 256
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 502
الكل : 29636085
اليوم : 16095

أونيتي (خوان كارلوس-)

أونيتي (خوان كارلوس ـ) (1909 ـ 1994)   خوان كارلوس أونيتي Juan Carlos Onetti  روائي من الأورغواي ولد في مدينة مونتيفيديو. بدأ الكتابة الأدبية منذ مطلع الثلاثينات، بيد أنه بقي مجهولاً في الأوساط الأدبية الأمريكية اللاتينية، وبقيت أعماله الروائية محط تقدير جماعة محدودة من القراء في مسقط رأسه، وبونس آيرس أيضاً، حيث نشر عدداً من رواياته الأولى. ولكن الاهتمام العالمي الحقيقي بأعمال أونيتي لم يبدأ إلا في النصف الثاني من ستينات القرن العشرين، مع اندفاع الرواية الأمريكية اللاتينية خارج قارتها وغزوها العالم بأسره بفضل كتّاب  من أمثال غابرييل غارسيا ماركيز [ر] وكارلوس فوينتيس وخوليو كورتاثار وماريو بارغاس يوسا.
المزيد »