logo

logo

logo

logo

logo

المملكة المتحدة (الموسيقى في-)

مملكه متحده (موسيقي في)

United Kingdom - Royaume-Uni

المملكة المتحدة (الموسيقى في ـ)

 

نشأت الموسيقى الإنكليزية وتطورت من «التراتيل الدينية» و«الأغاني الشعبية»، وهي في ذلك لا تختلف عن أي مدرسة من مدارس الموسيقى الأوربية، ولكن تطورها اتخذ طريقاً يختلف عن الطريق الذي اتخذته الموسيقى الألمانية أو الفرنسية. فشعراء التروبادور[ر] (الشعراء المغنون الجوالون) الذين أدوا دوراً كبيراً في ألمانيا وفرنسا لا يوجد شبيههم في بريطانيا، والأغاني الشعبية في الموسيقى الإنكليزية هي تلك التي انحدرت من التراتيل الدينية الكنسية أو من أغاني البحارة المعروفة باسم «أغاني البحر» sea shanties أو من أغاني السوق المعروفة تاريخياً باسم «صراخ الشارع» street cries والتي نشأ منها في النهاية قالب بدائي عرف باسم الـ«بالاد» Ballad، تطور عبر التاريخ من أغانٍ أحادية الصوت Monotone إلى قالب استخدمه الشعراء والموسيقيون في القرنين الرابع عشر والخامس عشر الميلاديين. وترافق التطور السريع للقوالب الغنائية والتراتيل الدينية مع تطور صناعة الآلات الموسيقية ولاسيما الأرغن[ر] الذي اكتسبت صناعته في إنكلترا في القرن العاشر شهرة كبيرة، واحتل مكانة خاصة في الطقوس الكنسية والتراتيل الدينية. وكانت تؤدى في منتصف القرن الحادي عشر في ونشستر Winchester تراتيل متعددة الصوت بنظامين بدائيين هما الـ «Cantus gemellus» والـ «Fauxbourdon» سبقا «البوليفونية» (تعدد الأصوات) Polyphonie التي جاء بها أساتذة مدرسة نوتردام في نهاية القرن الثاني عشر. وتطور النظامان في القرن الرابع عشر في أعمال جون دونستيبل John Dunstable (نحو 1380- 1453) الذي زار فرنسا غالباً؛ لأن الجزء الأكبر من مخطوطاته وجد في إيطاليا، واطلع على فن أساتذة مدرسة نوتردام، والفن الجديد Ars Nova الذي بقيت الجزيرة البريطانية بمعزل عنه. وكانت أعمال دونستيبل مقدمة للعصر الذهبي للموسيقى في إنكلترا في القرن السادس عشر، والذي بدأ بازدهار المصنفات التي خصصت لآلة الفيرجينال[ر. البيانو] Virginal والأغاني الغزلية (المادريغال)[ر] Madrigal.

القرنان السادس عشر والسابع عشر (العصر الذهبي): بدأت الموسيقى الإنكليزية بالازدهار بعد تولي الملكة إليزابيث الأولى العرش، فحصل توماس تاليس Thomas Tallis (نحو 1510- 1585) - الذي عمل في البلاط - على رخصة خولته احتكار نشر الأعمال الموسيقية في إنكلترا، وحقق أرباحاً كبيرة بسبب ازدهار فن المادريغال [ر] في عصره، وكان هو نفسه مؤلفاً جيداً، كتب عدداً كبيراً من التراتيل الدينية (نحو 50 ترتيلة) تعد من أفضل الأعمال التي ألفت للموسيقى البوليفونية في القرن السادس عشر. وشاركه تلميذه وليم بيرد William Byrd (نحو 1543- 1623) - وهو أحد أكبر أساتذة الموسيقى - رخصة احتكار نشر الأعمال الموسيقية، ونشر أعماله الخاصة، التي كان من بينها مصنفات طليعية ألفها للفيرجينال. ويمكن عدّ بيرد تاريخياً الأب الأول لموسيقى البيانو [ر] (الذي اخترع بعد مئة عام تقريباً من وفاته). وربما كان الأستاذ الأول الذي ألف أعمالاً لصوت واحد مع المرافقة. ووصلت الموسيقى البوليفونية بعد وفاته إلى ذروتها في أعمال مواطنه أورلاندو غيبونز Orlando Gibbons ت(1583- 1625) الذي سبق بمصنفاته التجريبية أعمال التجريبيين مطلع القرن العشرين، فكتب نحو40 أنتيماً Anthem (تراتيل أنغليكانية) بعضها بمرافقة الأرغن أو الآلات الوترية. واهتم معاصره جون دوولاند John Dowland ت(1563- 1626) - الذي كان عازفاً بارعاً بالعود Luth- بتأليف الأغاني ومصنفه الأول المعروف تحت عنوان «كتبُ أغانٍ أو آيرِس» Books of Songs or Ayres ت(1597) مكتوب بالبوليفونية التقليدية. ولكن أعماله التالية ولاسيما الكتابان الثالث والرابع (1603، 1612) تضمنا أغاني لحنية انسجامية [ر. الانسجام] (هارمونية)، تنبئ بأغنية الليد Lied القادمة. وأسهم معاصره جون بول John Bull ت(1562- 1628) - الذي يعزى إليه تأليف نشيد God Save the King (Queen) الذي أصبح في وقت متأخر نشيد بريطانيا العظمى - في تطوير تقنية العزف بالفيرجينال. فموسيقاه أجبرت العازفين على استخدام جميع أصابع اليد في الأداء، فحتى ذلك الوقت لم يكن العازف مضطراً إلى استعمال أكثر من ثلاث أو أربع أصابع، أما الإبهام فلم يكن يستعمل.

بلو J.Blow، وبورسيل[ر] H.Purcell والأوبرا الإنكليزية (الماسك): ربما يكون جون بلو John Blow ت(1649- 1708) الموسيقي الأخير من موسيقييّ العصر الذهبي، فقد ألف عدداً من التراتيل الدينية والأناشيد لا تضاهى، وكان أول من فكر بتأليف أوبرا في إنكلترا، فكتب للمسرح ماسك «فينوس وأدونيس» Venus and Adonis ت(1684) و«الماسك» Masque هو نموذج من التأليف اشتهر في إنكلترا وكان عبارة عن مقاطع مسرحية ميثولوجية ترافقها الموسيقى والرقص وأحياناً مسرح عرائس. وتطور الماسك في أعمال هنري بورسيل الذي ألف أيضاً ماسكاً بعنوان «ديدو وإينياس» Dido and Aeneas وقدمه إلى نخبة من المستمعين في مدرسة للبنات في تشيلسي عام 1689. ويختلف ماسك بورسيل عن ماسك بلو باعتماده على العمل الدرامي فهو ليس مجموعة من الأغاني والرقصات غير المترابطة كما في عمل بلو. ووصلت جميع القوالب التي عرفتها إنكلترا لأكثر من قرن مثل قوالب الفانتازي والأنتيم والأعمال المخصصة للكنيسة على يد بورسيل إلى ذروتها. وبوفاته عام 1695 انتهى عصر المؤلفين الإنكليز الذين تمتعوا بالأصالة، وبدأ عصر المؤلفين المهاجرين.

القرنان الثامن عشر والتاسع عشر: انتهى العصر الذهبي للموسيقى الإنكليزية مع بداية القرن الثامن عشر، ربما بتأثير المؤلفين الوافدين إليها الذين حملوا معهم أفكاراً وأساليب جديدة للتأليف بقيت الجزيرة البريطانية بمعزل عنها طوال القرن السابع عشر. فالأوبرا الإيطالية التي كانت قد حققت شهرة كبيرة في القارة لم تكن معروفة في إنكلترا؛ لذا فإن هاندل[ر] Händel الألماني الذي أمضى الشطر الأكبر من حياته في لندن وتوفي فيها وجد في العاصمة الإنكليزية أرضية خصبة لتأليف «الأوبرات الإيطالية» من دون أن ينافسه أحد. وأسس في الفترة بين عامي 1720-1737 ثلاث جمعيات للأوبرا الإيطالية، ولكن احتكاره للشهرة ونجاحه المطرد أنهاه ألماني آخر هو يوهان كريستوف بيبوش Johann Christoph Pepusch الذي قدم في لندن عام 1728 أوبرا نقدية حظيت بشعبية كبيرة بعنوان «أوبرا الشحاذين» The Beggars  Opera، سخر فيها من مؤلفي الأوبرا الإيطالية؛ مما اضطر هاندل إلى التخلي عن الأوبرا الإيطالية وتأليف أعمال تتلاءم ومزاج الكنيسة الإنغليكانية، واختار لذلك قالب الأوراتوريو oratorio وألف به عدداً من الأعمال المتميزة التي اكتسبت شهرة كبيرة وأصبح قالب الأوراتوريو بفضله تقليداً متميزاً يحظى بالاحترام في الموسيقى الإنكليزية، حتى إن مندلسون[ر] F.Mendelssohn بتأثير شعبية قالب الأوراتوريو في إنكلترا لم يقدم أوراتوريو إلياس Elias للمرة الأولى في ألمانيا وإنما في برمنغهام عام 1846. ومن الغريب أن تأثيرات المدرستين الاتباعية[ر] (الكلاسيكية) في نهاية القرن الثامن عشر والإبداعية[ر] (الرومنسية) في القرن التاسع عشر لم تنتقل إلى إنكلترا ولم تمر بها كما فعل الموسيقيون ابتداء من كارل إيمانويل باخ[ر] K.E.Bach وبتهوفن[ر] مروراً بليست[ر] Liszt ومندلسون وانتهاء بفاغنر[ر] R.Wagner ودفورجاك[ر] Dvorak، وكأن الموسيقى الإنكليزية أصيبت فجأة بالعقم. واستمر هذا الوضع حتى ثمانينيات القرن التاسع عشر حينما ظهر تأثير المدرسة الألمانية في عدد من المؤلفين الإنكليز مثل هوبرت بيري Hubert Parry ت(1848- 1918)، وشارل ستانفورد Charles Stanford ت(1852- 1924)، وإدوارد إلغار [ر] E.Elgar الذي حاول أن يكون أكثر أصالة من معاصريه، واستغل في مؤلفاته الألحان الشعبية البريطانية التقليدية، وحقق عمله الأوركسترالي الرائع «إنيغما» Enigma ت(1899) شهرة كبيرة. ومع بداية القرن العشرين ظهر مؤلفون آخرون مثل فون وليامز[ر] V.Williams، وجون أيرلاند J.Ireland  وغوستاف هولست G.Holst تأثروا بمدرسة الانطباعيين [ر. الموسيقية (الاتجاهات-)] وكذلك بمدرسة الكلاسيكيين الجدد. ولكن التغيير الحقيقي في أسلوب أساتذة المدرسة الإنكليزية بدأ مع نهاية الحرب العالمية الأولى، فحاول معظم المؤلفين الإنكليز التخلص من تأثيرات أساتذة أوربا ولاسيما أساتذة المدرستين الفرنسية والألمانية، وإيجاد لغة موسيقية إنكليزية خاصة، وعاد أغلبهم إلى القرنين السادس عشر والسابع عشر، فدرسوا مصنفات أساتذة المدرسة الإنكليزية القديمة، وحاولوا إحياءها بمؤلفاتهم. وأشهر هؤلاء مايكل تيبيت M.Tippet  ت(1905- 1998) أحد أكثر المؤلفين الإنكليز أصالة، ثم أكبر المؤلفين الإنكليز في القرن العشرين بنجامين بريتن[ر] B.Britten ت(1913- 1976) الذي تأثر بمصنفات بورسيل وألف أعمالاً إنكليزية محضة مثل «تنويعات على لحن لفرانك بريدج» Variation on a theme by Frank Bridge ت(1937) و«السمفونية البسيطة» Simple Symphony ت(1934) و«قداس الحرب» War Requiem ت(1962). أما مؤلفو الجيل التالي الذين جاؤوا بعد جيل تيبيت وبريتن فقد تأثروا بأساليب ومدارس وتيارات مختلفة، وغلبت على مصنفاتهم نزعة الموسيقى «اللالحنية» Atonality، و«الدوديكافونية» Dodecaphony (موسيقى الاثني عشر صوتاً) التي اشتهرت في فيينا ووصلت إلى ذروتها في الثلاثينيات من القرن العشرين، وتبناها في إنكلترا أساتذة مثل همفري سيرل H.Searle ت(1915- 1982)الذي كتب خمس سمفونيات، وعدداً من الأوبرات بنظام الاثني عشر صوتاً، وألكسندر غويهر A.Goehr ت(1932) مؤسس مجموعة «الموسيقى الجديدة» New Music في مانشستر، ومؤلف مغناة (كانتاتا) «موت موسى» The Death of Moses التي قدمت للمرة الأولى بنجاح كبير في كاتدرائية إشبيلية عام 1992. وربما يكون ريتشارد بينيت R.Bennett ت(1936)- وهو مؤلف لثلاث سمفونيات (الأخيرة قدمت في نيويورك عام 1987) وعدد من الأوبرات الناجحة مثل «مناجم الكبريت» The Mines of Sulphur و«قرش لقاء أغنية» A Penny for a Song التي تعرف أيضاً باسم «نابوليون قادم» - أشهر المؤلفين الإنكليز من الجيل الذي جاء بعد الحرب العالمية الثانية، وحاول مرة أخرى إيجاد طريق إنكليزي مستقل عن نزعات مدارس أوربا.

      زيد الشريف

 

                                              


التصنيف : الموسيقى والسينما والمسرح
النوع : موسيقى وسينما ومسرح
المجلد: المجلد التاسع عشر
رقم الصفحة ضمن المجلد : 478
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 509
الكل : 31809416
اليوم : 8959

إيفاشكيفيتش (ياروسواف-)

إيفاشكيفتش (ياروسواف ـ) (1894ـ1980)   ياروسواف إيفاشكيفتش Jarosaw Iwaszkiewicz كاتب وشاعر بولندي، ولد في قرية كالنيك Kalnik بمقاطعة كييف في أوكرانية، ودرس الحقوق في جامعتها، ثم انتسب إلى معهد الموسيقى العالي. نشر قصيدته الأولى عام 1915، وانتقل في عام 1918 إلى وارسو، حيث انضم إلى مجموعة الشعراء الشباب المعروفة باسم «سكاماندر» Skamander. عمل في السلك الدبلوماسي وقام برحلات كثيرة، وشارك في حركات فكرية عالمية، وصار من أبرز الشخصيات الأدبية والاجتماعية البولندية. ترأس اتحاد الكتاب في بولندة، وانتُخب نائباً في البرلمان البولندي «الدييت» Diete.
المزيد »