logo

logo

logo

logo

logo

ماسينيسا

ماسينيسا

Masinissa - Masinissa

ماسينيسا

(238 ق.م ـ 148 ق.م)

 

يعد ماسينيسا Masinissa من الشخصيات التاريخية المهمة التي كان لها دور مهم في تاريخ شمالي إفريقيا. تلقى تعليمه في قرطاجة، واستطاع من خلال ذلك أن يقدِّر عالياً وسليماً أهمية الاستفادة من الحضارة القرطاجية في إقامة دويلته الخاصة به وتطويرها. وكان يشعر بأنه لن يكون مجرد حاكم لقبيلة صغيرة مثل والده غايا Gaia. وقد واتته الفرصة في الحرب البونية الثانية التي كان فيها غايا من أكثر الداعمين لقرطاجة، على الرغم من تخلي سيفاكس Syphax، وهو زعيم قبيلة مسايسولين أكبر قبيلة نوميدية عام 213 ق.م عن قرطاجة، لكنه عاد وانضم إليها عام 208 ق.م عندما تزوج ابنة أحد زعماء قرطاج وظل غايا زعيم الماسولي Massyli - الواقعة بلادهم بين المسايسولين والقرطاجين - مخلصاً لقرطاج، وقدم ابنه ماسينيسا خدمات جليلة في إسبانيا، لكنه عندما انتصر الرومان قرر الاستفادة من الجانب الرابح فسالم سكيبيو Scipio، وعندما عاد إلى قبيلته جمع قوة خاصة هيأها للوقوف مع الرومان في الحرب الرومانية القرطاجية، وقام بدور مهم في الانتصارات الأولية في سنة 203ق.م، قبل استدعاء هانيبال نهائياً من إيطاليا.

ووقعت المعركة النهائية في زاما Zama سنة 202 ق.م وفيها لقي هانيبال هزيمة قاسية، قام خلالها ماسينيسا بإخراج سيفاكس من أرضه، وبذلك وضع حداً لمملكة مسايسولين، وكان ذلك بدءاً لسلطانه، إذ سرعان ما أصبح سيداً على جميع البلدان الواقعة بين موريتانيا والمقاطعة البونيقية. ونصت شروط الصلح على أن تُسَلم قرطاجة أسطولها وأن تحد أراضيها في إفريقيا بخط بحري من طبرقة إلى تينا، والأهم من ذلك كله الشرط الذي كان سبب النزاع المستمر بين قرطاجة والنوميديين وهو أن تعيد قرطاجة إلى ماسينيسا أي أرض كانت لأجداده يوماً ما. كما مُنعت قرطاجة من أن تشن حرباً خارج إفريقيا أو داخلها من دون إذن من روما.

وكان ملك النوميديين أذكى من أن يُهمل استغلال هذه الفرصة، وبما أنه يمكن له المطالبة بما ملكه من قبل آباؤه وأجداده من تراب قرطاج فقد كانت ذاكرته تكتشف حقوقاً جهلها والده غايا وذلك تبريراً لطلباته المتكررة؛ لذا شرع منذ سنة 193 ق.م في اقتطاع أملاك قرطاج قطعة قطعة. ولم يكن الرومان ليعيروا أذناً صاغية لنداءات الضحية، ولكنهم كانوا عند أول بادرة تدل على المقاومة يثورون صيانة لجلال المعاهدات المنتهكة.

ولما كانت الاتفاقية بين قرطاجة وروما تحرّم على قرطاجة الاشتباك في أي حرب من دون رضا روما، فقد أرسلت قرطاجة سفراءها إلى مجلس الشيوخ في روما ليحتجوا على عدوان ماسينيسا، فما كان من هذا المجلس إلا أنه نبه هؤلاء السفراء إلى أن الفينيقيين عن بكرة أبيهم دخلاء على إفريقيا، وأنه ليس لهم فيها أي حقوق تضطر أي أمة إلى أن تحترمها.

وعندما أدت قرطاجة إلى روما آخر الأقساط السنوية الخمسين المفروضة عليها بمقتضى معاهدة زاما ظنت أنها بهذا الأداء تحررت من التزاماتها، فأعلنت الحرب على نوميديا عام 151ق.م. وفي السنة التالية أعلنت روما الحرب على قرطاجة. كان ماسينيسا يأمل أن يضم التراب القرطاجي لمملكته جزاء وفائه المتواصل لروما، لكن مجلس الشيوخ كان يخشى أن يبرز إلى الوجود في يوم من الأيام هانيبال آخر من سلالة الماسولين فيجد في قرطاجة قاعدة يشن منها حرباً جديدة على روما؛ ولذلك قرر مجلس الشيوخ إزالة قرطاجة من الوجود تماماً.

وصل هذا النبأ إلى القرطاجيين ووصل معه أن الأسطول الروماني أقلع إلى إفريقيا، ولم يكن القرطاجيون مستعدين لخوض غمار حرب شعواء ولاسيما أن روما تسيطر على البحار، وليس لديهم العدد الكافي من الجند، فسألت قرطاجة روما عن مطالبها، فرد مجلس الشيوخ بإرسال الجيوش البرية والبحرية، كما قام ماسينيسا بالحيلولة بين قرطاجة وبين الأرض التي خلفها في القارة الإفريقية، لكنه توفي عام 148ق.م قبل انتهاء الحرب، التي كان له فيها دور كبير، وقبل أن يشهد النهاية المؤلمة لقرطاج العظيمة.

توزع سلطان ماسينيسا بناءً على وصيته وبدعم وتأييد من سكيبيو (الأصغر) بين أبنائه الثلاثة الشرعيين، إذ سيطر الابن الأكبر ميسبسا على الإدارة وجُعل على رأس العاصمة سيرتا، وأما غلوسة فقد أخذ قيادة الجيش، واضطلع مستنبعل بمسؤولية القضاء.

عمر ماسينيسا تسعين عاماً، ورزق ولداً وهو في السادسة والثمانين من عمره. وقد نجح هذا الملك في تنظيم رعاياه البدو، إذ نقلهم من حياة الترحال إلى حياة الاستقرار الزراعية. وليس هناك من شك في أنه كانت هناك زيادة فعلية في المنطقة المزروعة بالحبوب، بحيث وُجد فائض للتصدير، وكان هذا ينطوي على أهمية بالغة بالنسبة للمستقبل، ويبشر بمزيد من التطور في العصر الروماني، وكانت التجارة في المنتجات الأخرى محدودة. وقد سُكت العملة الوحيدة من البرونز والنحاس. ويبدو أن سيرتا عاصمة ماسينيسا أصبحت مدينة حقيقية، بما أنشأه فيها من أبنية فخمة، ودفن بعد وفاته في قبر لا يزال باقياً إلى اليوم قرب مدينة قسنطينة. ولا تُعرف آثار هذه المدينة معرفة جيدة، ولكن شكلها المعماري قرطاجي صميم. وقد عُثر فيها على لوحات حجرية بونيقية أكثر مما عُثر عليه في أي موقع إفريقي آخر، عدا قرطاجة نفسها. هذا مع العلم أن اللغة القرطاجية لم تندثر باندثار دولتها، إذ بقيت تستخدم على نحو متزايد في نوميديا.

تغريد شعبان

مراجع للاستزادة:

ـ أندريه ايمار وجانين بوايه، تاريخ الحضارات العام (جزآن)، روما وامبراطوريتها، ترجمة: يوسف داغر وفريد.داغر (منشورات عويدات، بيروت، لبنان 1964).

ـ شارل أندريه جوليان، تاريخ إفريقيا الشمالية، تعريب محمد مزالي والبشير بن سلامة (الدار التونسية للنشر، 1969).

ـ ب. وارمنجتون، العصر القرطاجي تاريخ إفريقيا العام، المجلد الثاني، إفريقيا القديمة، بإشراف جمال مختار (اليونسكو، 1985).


التصنيف : التاريخ و الجغرافية و الآثار
النوع : أعلام ومشاهير
المجلد: المجلد السابع عشر
رقم الصفحة ضمن المجلد : 490
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 1120
الكل : 40850435
اليوم : 85167

السفينة التجارية

السفينة التجارية   السفينة la navire هي المنشأة التي تخصص للملاحة البحرية على وجه الاعتياد، ويُعدّ جزءاً منها جميع التفرعات اللازمة لاستثمارها، وهذا يعني أن وصف السفينة لا يقتصر على جسمها أو هيكلها فقط وإنما يشمل أيضاً ما اتصل به أو انفصل عنه وكان مفيداً وضرورياً لاستغلال السفينة كالآلات والصواري وقوارب النجاة والرافعات وغيرها. والسفينة تعد مالاً منقولاً، ولهذا فإذا ما أوصى شخص لآخر بأمواله المنقولة فإن السفينة التي يمتلكها تقع ضمن الأموال الموصى بها، لكن السفينة تخرج في بعض الأحيان، ولاعتبارات خاصة، عن أحكام المنقول لتخضع لأحكام العقار. فالقانون يعامل السفينة معاملة العقار من حيث الحقوق العينية التي تتحمل بها، وضرورة شهر التصرفات القانونية التي ترد عليها بقيدها في سجل السفينة الخاص. وترتيباً على ذلك، فإن السفينة ولو كانت مالاً منقولاً، لا تخضع لقاعدة «الحيازة في المنقول سند للملكية» لأن نقل ملكية السفينة لا يتم بمجرد التراضي بل لابد من اتباع إجراءات التسجيل المنصوص عليها قانوناً. ذاتية السفينة للسفينة كثير من الصفات التي تقربها من الأشخاص. فللسفينة اسم معين، ومربط تعود إليه، وحمولة خاصة بها، وجنسية تربطها بدولة معينة. 1ـ اسم السفينة: يجب أن تحمل كل سفينة اسماً يميزها من غيرها من السفن. ولصاحب السفينة الحرية التامة في اختيار الاسم الذي يراه لسفينته، ويُفضل ألا يختار اسماً سبق تسجيله لسفينة أخرى دفعاً لكل خلط والتباس، ويجب كتابة اسم السفينة في مكان ظاهر من هيكلها بحيث يستطيع كل شخص معين أن يطلع عليه بسهولة. 2ـ مربط السفينة: يجب على كل صاحب سفينة سورية أن يسجل سفينته في أحد المرافئ السورية الذي يكون له فيه موطن حقيقي أو مختار. ويسمى هذا المرفأ الذي يتم به التسجيل: مربط السفينة أو مرفأ التسجيل، وهو الذي يكون الموطن القانوني لها. وتظهر أهمية تحديد موطن السفينة في أنه يمكن عن طريق سجل السفن الموجود في مرفأ التسجيل معرفة جميع البيانات المتعلقة بالسفينة، والاطلاع على جميع التصرفات التي وردت عليها من بيع أو حجز أو رهن. وقد أوجب القانون على جميع السفن السورية كتابة الأحرف المميزة لمرفأ التسجيل على مؤخرها. 3ـ حمولة السفينة: يقصد بحمولة السفينة سعتها الحجمية، وهي تقدر بوحدة معروفة تسمى البرميل الذي يساوي 2.83م3. وتتجلى أهمية تحديد حمولة السفينة بأن الرسوم التي تستوفيها سلطات المرافئ كرسوم الإرشاد ورسوم الموانئ والأرصفة تقدر على أساس حمولة السفينة. كما تتخذ الحمولة أساساً لتحديد أجرة السفينة في حال تأجيرها للغير، وأساساً لتحديد مسؤولية مالك السفينة وفقاً للمعاهدة الخاصة بذلك. هذا وأوجب القانون أن ينقش بالعربي واللاتيني محمول السفينة الصافي على الجهة الخلفية من كبرى عوارض ظهر السفينة أو من الجنب الأمامي للكوة الكبرى. 4ـ جنسية السفينة: تمنح الجنسية[ر] عادة للأشخاص الطبيعيين أو الاعتباريين.أما الأموال فليس لها جنسية. ومع ذلك فإن تشريعات الدول جميعاً أدخلت على هذه القاعدة استثناء بالنسبة لبعض الأشياء التي لها أهمية كبيرة في حياتها الاقتصادية كالسفن والطائرات[ر] فقد تقرر أن تكون لكل سفينة جنسية، وفي سورية نصت المادة الثانية من قانون التجارة البحرية على أن تعتبر السفينة سورية إذا كان مربطها مرفأً سورياً وكان نصفها على الأقل يملكه أشخاص سوريون أو شركات سورية أكثرية أعضاء مجلس إدارتها مع رئيسه من التابعية السورية. وقد أنزل القانون منزلة السفن السورية السفن السائبة في البحر التي تلتقطها سفن ترفع العلم السوري، والسفن المصادرة لمخالفتها القوانين السورية. هذا ويترتب على اكتساب السفينة جنسية معينة آثار سياسية واقتصادية وقانونية:  فسياسياً: إن السفن الوطنية تتمتع بحماية دولتها في المياه الإقليمية وبحماية سلطاتها الدبلوماسية والقنصلية عندما تكون في المياه الأجنبية. كما أنه في زمن الحرب لا يجوز التعرض لسفن الدول المحايدة ولا لمحمولها ما دام لا يعدّ من مهربات الحرب. واقتصادياً: تمنح الدول عادة سفنها الوطنية ميزات تحجبها عن السفن الأجنبية وذلك في سبيل حماية أسطولها التجاري البحري من المزاحمة الأجنبية والعمل على إنمائه وتشجيعه لأن في قوة هذا الأسطول قوة الدولة ذاتها. ولهذا الغرض قضى القانون السوري مثلاً بأن للسفن السورية وحدها حق الصيد على السواحل وحق الملاحة التجارية الساحلية بين المرافئ السورية، وقطر السفن في دخولها إلى هذه المرافئ وخروجها منها.  وقانونياً: إن الرأي السائد يتجه إلى أن قانون علم السفينة هو الذي يطبق على جميع التصرفات والأفعال التي تقع على ظهر السفينة وهي في عرض البحر، وذلك استناداً إلى أن السفينة تعدّ امتداداً للإقليم الذي تحمل جنسيته. أما إذا كانت السفينة في المياه الإقليمية لدولة أجنبية أو في ميناء أجنبي، فهنا يجب التفريق بين المواد المدنية والمواد الجزائية. فإذا تعلق الأمر بالمواد المدنية فإن قانون جنسية السفينة هو الذي يحكم جميع الوقائع والتصرفات القانونية التي لاتتعدى آثارها السفينة أو الرجال الذين يعملون على متنها. أما إذا تعلق الأمر بالمواد الجزائية فيجب التفريق بين ما إذا كانت السفينة حربية أم غير حربية. فلو كانت السفينة حربية فإن جميع الجرائم التي ترتكب على متنها تخضع لقانون الدولة التي ترفع علمها. أما إذا كانت السفينة غير حربية فالأصل تطبيق قانون علم السفينة على الجرائم التي تقع على ظهرها باستثناء الحالات الآتية: 1ـ إذا طلب ربان السفينة أو قنصل دولتها تدخل السلطات الأجنبية لحفظ النظام على ظهر السفينة. 2ـ إذا ترتب على الجرائم المرتكبة في السفينة إخلال بأمن المرفأ الراسية فيه. 3ـ إذا ارتكبت على ظهر السفينة جريمة تجاوزت آثارها شفير السفينة. أوراق السفينة يوجب القانون على كل سفينة أن تحمل على ظهرها عدداً معيناً من الأوراق والمستندات وذلك حتى يسهل تحديد ذاتية السفينة وتتمكن السلطات المختصة من الرقابة والإشراف على حسن سيرها، فقد ألزمت المادة 41 من قانون التجارة البحرية الصادر بالمرسوم التشريعي رقم 86 لعام 1950م، السفن المعدة للملاحة في عرض البحر والسفن الساحلية أن تحوز المستندات والأوراق الآتية: 1ـ سند التمليك البحري الذي يثبت ملكية صاحب السفينة، ويحصل عليه من مكتب مرفأ التسجيل. 2ـ دفتر البحّارة: ويتضمن أسماء البحارة العاملين على ظهر السفينة وشروط عقود استخدامهم. 3ـ إجازة الملاحة للسنة الجارية التي تثبت صلاحية السفينة للملاحة، ولسفن نقل الركاب شهادة الأمان. 4ـ إجازة ملاح للسنة الجارية لكل عضو من البحارة والربان. 5ـ إجازة السفر من رئيس الميناء. 6ـ بيان بحمولة السفينة (المانيفست) Le manifeste. 7ـ شهادة صحية بتوقيع مكتب الحجر الصحي في آخر مرسى للسفينة. 8ـ إشعار من الدوائر المختصة يثبت دفع رسوم الميناء والمنائر في آخر مرسى للسفينة. 9ـ شهادة معاينة السفينة السنوية. 10ـ دفتر اليومية: يجب على ربان كل سفينة أن يمسك دفتر يومية مرقم الصفحات وموقع عليه من قبل رئيس دوائر المرفأ. ويذكر في هذا الدفتر كل الحوادث الطارئة، وكل القرارات المتخذة في أثناء السفر، وقائمة بالواردات والنفقات المتعلقة بالسفينة، والملاحظات اليومية فيما يختص بحالة الجو والبحر، وبيان بالولادات والوفيات التي قد تحدث على متن السفينة. وقد أوجب القانون إبراز هذه الأوراق عند كل طلب من السلطات المكلفة بمراقبة الملاحة، كما رتب مسؤولية الربان الجزائية في حال إبحار السفينة دون اصطحابها الأوراق المذكورة. الياس حداد مراجع للاستزادة:   ـ الياس حداد، القانون التجاري، بري، بحري، جوي (جامعة دمشق 1981م). ـ رزق الله أنطاكي، الحقوق التجارية البحرية (دمشق 1955م).  
المزيد »