logo

logo

logo

logo

logo

المحفوظات

محفوظات

Archives - Archives

المحفوظات

 

المحفوظات كلمة متداولة، يشيع استخدامها في الأوساط الإدارية مقابل المصطلح الإنكليزي records، أو أرشيف Archives، وقد دخلت دائرة الاستعمال الرسمي؛ لتطلق أحياناً على مجموعة المستندات التي توجد بحوزة الأجهزة الإدارية الحكومية. والكلمة مشتقة من الفعل يحفظ، ومصدره حفظ بمعنى منع من الضياع أو التلف. وتأسيساً على ذلك فإن استخدام الكلمة يقتصر على ما لم يعد متداولاً من الوثائق الإدارية في العمل العام، والكلمة بهذا المعنى يمكن أن تكون مرادفة لعبارة «الأرشيف» الساكن؛ ومن الأفضل أن تستخدم بدلاً منها، وهذا المعنى يتفق مع ما جاء بدائرة معارف المكتبات حيث عرّفت المصطلح بأنه «المستندات التي جنّبت بقصد الحفظ تحت رعاية الدولة، حيث يجب المحافظة على كيانها».

واستخدمت عبارة «المحفوظات» للمرة الأولى للتعبير عن مجموعة الوثائق التي أمر محمد علي باشا بتجميعها في الدفترخانة التي أنشأها بالقلعة سنة 1829، ثم تطور الأمر إلى استخدام هذه الكلمة كاسم للدفترخانة العمومية بعد ذلك، حيث أطلق عليها «دار المحفوظات العمومية».

كما استخدمت هذه الكلمة من جانب بعض المتخصصين مرادفة لكلمة «أرشيف» للدلالة على الوثائق الجارية (الوثائق الإدارية) لهيئة أو إدارة أو ديوان أو مصلحة حكومية، وكذلك للدلالة على الوثائق «الأرشيفية» ذات القيمة التاريخية الدائمة.

ومما سبق يمكن اقتراح تعريف المحفوظات بأنها: «كل الوثائق الإدارية التي انعدم تداولها تماماً في إداراتها المنشأة، وفقدت ومن ثمّ كل قيمتها الإدارية، وتم تجنيبها وحفظها في مكان منعزل بغرض تقييمها وغربلتها وانتقاء ماله قيمة للأبحاث التاريخية والاقتصادية والاجتماعية تمهيداً لتحويله إلى المؤسسات «الأرشيفية»، والنظر في أمر إهلاك ما ليس له تلك القيمة».

أهمية الوثائق ورسالتها الحضارية

يجمع العلماء العرب على صحة القول: «إذا بحثت ففتش، وإذا كتبت فقمش» الذي يؤكد حكمة بالغة؛ تمثّل أوج ما وصلت إليه التقنية العلمية في تحديد مفهومي الوثائق والمحفوظات، فالبحث والتفتيش لا يكونان إلا في الوثائق، أما التقميش فلا يصح إلا في ما كتب أو جمع، وكأن العقل العربي الذي عاين البحث والتفتيش والكتابة والتقميش وضع أساً ثابتاً في الدراسة العلمية للوثائق والحفظ قبل أن يأخذ هذا العلم دوره في التقنية المعاصرة وقبل عبارة «الانفجار الوثائقي» التي شاعت في الوسط العلمي قبل عقود دون أن يعمل النقد على دراستها.

والوثيقة - مع تعدد مصادرها، واختلاف أنواعها، وتباين عصورها، وتفاوت لغاتها- عامل فعال في خدمة الحضارة الإنسانية؛ لأنها ضمير الشعوب وعنوان بارز في تاريخها حتى إذا قُدِّر لهذه الشعوب أن تحفظ هذه الوثائق بأنواعها؛ غدت الذاكرة الواعية، كما أضحت سجلاً حافلاً لتقدمها وتطورها، فإذا هي رافد غني، ومدماك أساسي، ورسالة تواصل بين أجيال مختلفة فضلاً عن أنها عبرة للماضي، ومدخل لاستقرائه من أجل بناء المستقبل.

أنواع الوثائق وأشكالها

يمكن التمييز بين أنواع عديدة للمحفوظات، منها:

- المحفوظات الكتابية:

لاشك في أن هذا النوع من المحفوظات والوثائق هو الذي يعتمد عليه؛ لأنه يقوم على واقع ثابت لا يحتاج إلى دراسات مطولة، أو اجتهادات، أو خبرات قائمة على الترجيح والتخمين. ويقصد بالوثيقة الكتابية كل ما أؤتمن على وديعة مخطوطة باليد، أو مطبوعة، كالرسالة والدورية التي هي في علم التوثيق كل نشرة تحتوي على عدة موضوعات لعدد من الكتاب، أو المحررين، ولها اسم خاص هو عنوانها الذي تعرف به، وتظهر بأجزاء متتابعة وفي مدد محددة، ولزمن معين، وتشتمل عادة على:

- الصحف التي تهتم بملاحقة الأخبار الآنية محلية أو دولية ونشرها، وغالباً لا تتحقق في كل ما تنشر، وفي نطاق ذلك تظهر المجلات على تعدد موضوعاتها واهتماماتها.

- المذكرات: وهي ما يخلفه الرجال النابهون سياسييّن أو علماء، أو أدباء؛ فيدونون فيها خواطرهم والأحداث الآنية التي عاشوا واقعها، وذكرياتهم.

- التقارير: وهي صورة لنتائج علمية، أو تحقيقات إدارية أو عرض لواقع ما.

- البيانات: وهي ما يعرض فيها وجهات نظر خاصة ومعينة تميط اللثام عن أمر غامض، وكثيراً ما تصدر عن هيئات ومؤسسات ومصارف، والتي يحاولون فيها نشر ما ينير أفكار الناس نحو موضوع ما أو تأكيد وجهة نظر معينة.

- المحفوظات والوثائق التصويرية:

يأتي هذا النوع من الوثائق في درجة تلي الوثيقة الكتابية؛ والتي تعدّ في علم التوثيق وثيقة مساعدة بمعنى أنه لا يعتمد عليها وحدها وإنما يُركن إليها؛ لأن الجوهر فيها موضوع ترجيح وتشكيك، كما لا ينظر إليها إلا في حال استطاعت أن تنير جانباً من البحث، وهكذا تساعد على التحقق والكشف. وهي على الغالب: رسم ما  نقل بالزيت، أو بالقلم، أو بالفحم، وصورة أو نقش  في الحجر، أو تنزيل بالخشب، أو تكوين في الجص، وربما تكون هذه الوثيقة صورة شمسية تعين على التحقق، فالهوية الشخصية، وجواز السفر لا يعتد بهما وثيقتين في إثبات الشخصية على الرغم من صدورهما عن دائرتين رسميتين إلا إذا كان كل منهما يحمل صورة الشخص، والصورة مصدق عليها من مرجع قانوني وممهورة بخاتم رسمي، فالصورة الشمسية جاءت هنا مساعدة للوثيقة الكتابية التي هي الهوية الشخصية، أو جواز السفر.

- المحفوظات والوثائق التشكيلية:

تعد هذه الوثيقة كسابقتها في إطار الوثائق المساعدة، وربما جاءت في منزلة الوثيقة التصويرية لأنها مماثلة لها في كثير من المقومات، وهي عادة بناء كدار لرجل مرموق، أو مركز لمؤسسة رسمية يخضع مع الزمن للتحقق والتثبت، فمثلاً البيت الذي عاش فيه جبران خليل جبران يعد اليوم من الوثائق المساعدة في تحديد مستوى عائلة جبران، وما رسمه يدلّ على عبقرية جبران.

- المحفوظات والوثائق السمعية:

وتدخل هذه أيضاً في نوع الوثائق المساعدة التصورية والتشكيلية، وهي في الغالب تسجيلات صوتية، أو إذاعية، أو تسجيل اسطواني، أو شريط سينمائي ناطق. هذه الوثيقة دخلت في مجموعة الوثائق المساعدة مع التطور المعاصر، وبعد ظهور الكهرباء وابتكاراتها الصناعية والآلية، ومن ثمة الإلكترونيات التي أغنت هذا النوع من الوثائق التي يعتمدها الخبراء في دراسة الغناء ومستوى الصوت وطبقاته عند المغنين. ولقد دخلت هذه الوثيقة السمعية اليوم كل بيت إذ إن كثيراً من العائلات يلذّ لها تسجيل الكلمات الأولى لأطفالهم، في أثناء مناسبات متعددة ومع تقدمهم في الحياة، فتحفظ لهم بذلك وثيقة غنية بالعبر والعظات.

وفي ظل ما تقدم نؤكد أن الوثائق في جوهرها فئتان اثنتان، وفي أنواعها أربع: الأصلية؛ وهي الوثيقة الكتابية، والمساعدة؛ وهي الوثائق التصويرية، والتشكيلية أو السمعية؛ وهي كلها إما مدونة بالقلم، أو منحوتة بالإزميل، أو منقوشة بالحجر، أو مسجلة على أشرطة ممغنطة، وهي جميعاً، وعلى تعدد أنواعها واختلاف أسمائها، تعين على التثبت والتحقق.

الأتمتة والوثائق

بعد التوسع الهائل في النتاج الفكري الإنساني وما تمخض عنه من وثائق ونشرات ودوريات وأبحاث وغيرهما من النتاج الفكري الإنساني الذي فاق المليارات من الوثائق؛ أصبح هناك حاجة ماسة إلى البحث عن طرق غير تقليدية لتنظيم هذا الكم الهائل من الوثائق لترتيبه وحفظه؛ بغية استرجاعها عند الحاجة، فظهرت الحاجة الماسة إلى استخدام الحاسوب computer وتقنيات ثورة الاتصال في حفظ الوثائق واسترجاعها، ولما كان التعامل مع قواعد البيانات Databases من أهم المهام التي تقوم بها الحواسيب بكفاءة عالية؛ كان من الطبيعي أن يستخدم الحاسوب لقدرته العالية في التخزين وسرعته في الاستجابة ودقته الفائقة في الحصول على المعلومة. لاشك في أن الاستخدام الامثل للحاسوب في حفظ الوثائق واسترجاعها يتمثّل في إمكانية الاحتفاظ بصورة هذه الوثائق في وسيلة تخزين مرتبطة بالحاسوب، أو باستخدام برمجيات عالية الاستيعاب، مثل الأقراص الليزرية والأقراص المضغوطة وغيرها من وسائط التخزين التي تستوعب آلاف الوثائق، وتسهل عملية استرجاعها وتنظيمها باعتماد برامج خاصة بتخزين الوثائق. هذه البرامج تحتوي على معلومات كافية لحصر الوثائق عند الاسترجاع كموضوع الوثيقة ومؤلفها وتاريخها وملخصها ومكان تخزينها… بحيث تتيح برامج التوثيق الآلي استرجاع الوثيقة بعدة طرق، كما تتيح استنساخها ورقياً عند الحاجة، ويستخدم الماسح الضوئي لتصوير الوثائق بدقة فائقة وسرعة هائلة.

أحمد علي

 

 الموضوعات ذات الصلة:

 

التوثيق ـ الحاسب ـ المكتبات.

 

 مراجع للاستزادة:

 

ـ عبد لله أنيس الطباع، علم الإعلام، الوثائق والمحفوظات (1980). 

ـ محمد أمان، وياسر عبد المعطي، النظم الآلية والتقنيات المتطورة للمكتبات ومراكز المعلومات (جامعة الرياض، الرياض 1998).

ـ برجس عزام، المحفوظات، الوثائق الجارية (منشورات جامعة دمشق، 1994).


التصنيف : الفلسفة و علم الاجتماع و العقائد
المجلد: المجلد الثامن عشر
رقم الصفحة ضمن المجلد : 37
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 523
الكل : 28919352
اليوم : 15748

التلور

التلّور   التلّور tellure أو التلوريوم tellurium عنصر كيمياوي يقع في المجموعة السادسة والدور الخامس من الجدول الدوري للعناصر. رمزه الكيمياوي Te، ووزنه الذري (127.6) وعدده الذري (52). اكتشفه رايْشن شتاين Richenstein في مناجم الذهب في ترانسلفانية عام 1782، ودرس خواصه كلابروت Klaproth عام 1798، وهو الذي أطلق عليه هذا الاسم نسبة إلى كلمة tellu وهي اسم الأرض باللاتينية.
المزيد »