logo

logo

logo

logo

logo

ميرلوبونتي (موريس-)

ميرلوبونتي (موريس)

Merleau Ponty (Maurice-) - Merleau Ponty (Maurice-)

ميرلوبونتي (موريس ـ)

(1908 ـ 1961)

 

موريس ميرلوبونتي Maurice Merleauponty، فيلسوف ومفكر فرنسي خضع لعدة مؤثرات في بنية إنتماءاته الفكرية، فقد تأثر بفينومينولوجيا هوسرل [ر] Husserl؛ ووجودية سارتر [ر] J.Sartre؛ وبالنظرية الجشتالتية Gestaltisme التي وجهت اهتمامه نحو البحث في دور المحسوس والجسد في التجربة الإنسانية، ومن الصعب تحديد إلى أي المذاهب الفلسفية ينتمي ميرلوبونتي؛ إلا أن معظم النقاد يميلون إلى عدّه فينومينولوجياً بالدرجة الأولى على الرغم من أنه قد خالف هوسرل في بعض الآراء الأساسية.

عمل ميرلوبونتي أستاذاً في جامعة ليون والسوربون والكوليج دو فرانس، أصدر عام 1945 مع جان بول سارتر مجلة الأزمنة الحديثة Les Temps modernes وفي عام 1953 انفصل عن سارتر بسبب خلاف في بعض المسائل، ذات الطابع السياسي، وخصوصاً فيما يتعلق بالموقف من الماركسية، وذلك لأنه دافع عن فكرة الالتزام الإنساني في العالم وفي التاريخ، أهم مؤلفاته: «بنية السلوك» La Structure du comportement ت1942، «فينومينولوجيا الإدراك» La phénoménologie de la perception ت1945، «مغامرات الجدل» Les Aventures de la dialectique ت1953.

انطلق ميرلوبونتي من الفينومينولوجيا، لكي يوضح صلة الإنسان بالعالم، وأكمل وجود حلقة لاتنفصم بين الذات والموضوع، لأن العالم هو إسقاط من جانب الذات، والذات تُحقق الإنسان والعالم تحقيقاً موضوعياً. وأخذ ميرلوبونتي الإنسان انطلاقاً من واقعه المعيش ـ فكرة وجسداً وعقلاً وعاطفة ووعياً ولا وعي ـ محاولاً أن يجمع بين التجربة المعيشة والتأمل الفكري، وبناء على هذا الموقف طرح فلسفة الالتباس ambiguity، التي لاتريد أن تحلّ المشكلات بل أن تدرسها بعمق أكثر.

في علم النفس تأثر إلى حد كبير بنظرية الجشتالت، التي تقرر أن الجشتالت (الكلّ) معطى ظاهري مع العناصر مباشرة، ومقولتها الأساسية تتلخص في أن مجموع العلاقات بين العناصر ليس هو بعينه خاصية الكلّ؛ معارضة بذلك مذهب الترابطين الذين يرون أن مجموع العناصر يساوي صفة الشكل الكلي. ويرى ميرلوبونتي أن الفلسفة هي علم وصفي لأحوال الشعور، ولم يأخذ بفكرة الاختزال الظواهري عند هوسرل،على الرغم من أنها نقطة أساسية في المذهب الفينومينولوجي لكنه يأخذ بفكرة القصدية Intentionnalité التي ترى أن الشعور تجاوز مستمر لنفسه، والمكان الأصيل لهذا التجاوز هو الإدراك الحسي، ويهاجم بشدة رأي علم النفس التقليدي في الإدراك الحسي لكونه قائماً على أساس معطيات حسية محضة. ومن هنا فإن نظريته في الحرية الإنسانية تعتمد على نموها من خلال العمل التاريخي، والحرية متضمنة في قدرة الشعور الإنساني على موضعة مواقفه في سياق من تصرفات الفعل الممكنة، ويختلف مع سارتر في أن الحرية لايمكن أن تكون شاملة وكلية، إنما تكتسب تدريجياً، وتعدّ المعاني المقررة جماعياً نقطة انطلاق.

وتُعدّ فلسفة ميرلوبونتي الجمالية خلاصة التحليل الفينومينولوجي للإدراك الحسي بوصفه رؤية للعالم والأشياء، لاينفصل فيهما الذهن عن البدن أو المتخيل عن المحسوس أو اللامرئي عن المرئي، مما يجعل الفلسفة الجمالية فلسفة في معنى الرؤية ذاتها، بمعنى أن الرؤية هي موضوعها سواء أكانت الرؤية إبداعية من جانب الفنان أم رؤية المتلقي للعمل الفني، فالرؤية هي انفتاح على الأشياء أو عين حضور الأشياء ذاتها، وإنها ليست نمطاً من التفكير، إنما هي مجال من مجالات الجسد كاللمس والإحساس، ويبدأ الإدراك الحسي أولاً بالرؤية انطلاقاً من السطح المحسوس، ومن ثم تتوغل داخله، فالإنسان يدرك أولاً العالم المحسوس ثم يتجاوزه دون أن يتخلى عن الرؤية ذاتها، واستطاع ميرلوبونتي بذلك أن يتجاوز المناقشات العقيمة حول الإبداع بوصفه نتاجاً لعبقرية ما،مؤكداً العلاقة التبادلية بين الرائي والمرئي وخبرة الفنان، فالفن هو نتيجة احتكاك الفنان بعالمه، وهو يعير جسده للعالم محولاً العالم إلى رؤية حيث تكمن العملية الأكثر أهمية، وهي إعادة اهتداء الفنان إلى جسده بعد أن وزعه على العالم فيكتمل الجسر بين الفنان والعالم، وهذا الجسر هو الفاعل الحقيقي في العملية الفنية.

أما فيما يخص الفكر السياسي عند ميرلوبونتي؛ فقد حاول أن يمزج بين الماركسية والوجودية؛ لأنه وعلى الرغم من انتقاده بعض جوانب الفكر الماركسي فهو لم يرفضها، وأعلن إعجابه ببعض أفكارها خاصة اهتمامها بالعلاقات الواقعية القائمة في المجتمع الصناعي، ويأخذ عليها إنكارها للفردية وإيثارها للقول بدافع ذاتي محرك للجماعات من تلقاء ذاتها. ويحاول ميرلوبونتي بذلك أن ينقح الماركسية في ضوء نظريته في الذاتية الإنسانية، لكن هذا التنقيح كان مصدر خلاف قوي بينه وبين سارتر الذي يرى أن هذا التنقيح ليس سوى بلشفية متطرفة ultra Bolchevisme، ويخوض ميرلوبونتي معركة عنيفة مع الماركسيّين الفرنسيين الذين هاجموا المذهب الظواهري، لكنه على الرغم من ذلك لم يصل إلى الرفض المطلق للماركسية، ويرى أنه على الماركسية أن تُنقذ الوجودية من أزماتها، لا أن تخنقها وتقضي عليها.

عصام عبود

مراجع للاستزادة:

 

ـ موريس ميرلوبونتي، تقريظ الفلسفة، ترجمة: حزقيا خوري (منشورات عويدات، بيروت 1983).

ـ دافيد لوبروتو ثون، أنثربولوجيا الجسد والحداثة، ترجمة: محمد عرب صاهيلا (المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع، بيروت 1993).

ـ عمر مهيبل وآخرون، كوجيتو الجسد «دراسات في فلسفة موريس ميرلوبونتي» (مركز الكتاب للنشر والتوزيع، القاهرة 2004).

- MAURICE MERLEAU- PONTY, Phénoménologie de la perception (Paris 1945).


التصنيف : الفلسفة و علم الاجتماع و العقائد
النوع : أعلام ومشاهير
المجلد: المجلد العشرون
رقم الصفحة ضمن المجلد : 220
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 461
الكل : 31651258
اليوم : 5840

غنارسون (غنار-)

غُنارسون (غُنار -) (1889-1975)   غُنار غُنارسون Gunnar Gunnarsson روائي وكاتب قصة قصيرة أيسلندي. ولد في بلدة فالتيوفستاذُر Valthjofsstaur وتوفي في العاصمة ريكياڤيك Reykjavik. كان لنشأته في أيسلندا الأثر الرئيس في كتاباته، إذ كانت معيناً لا ينضب من الحكايات والأساطير المحلية التي كونت محور حياة الناس في الجزيرة. نشر مجموعتي شعر قبــل بلوغه السابعة عشرة وقبل مغادرته البلاد عام 1907 للاستقرار في الدنمارك، والدراسة في إحدى مدارسها الشعبية العليا Folkhøjskole.
المزيد »