logo

logo

logo

logo

logo

نيبور (كارستن-)

نيبور (كارستن)

Niebuhr (Carsten-) - Niebuhr (Carsten-)

نيبور (كارستن ـ)

(1733 ـ 1815م)

 

كارستن نيبور Carsten Niebuhr مستشرق ألماني، ولد في مدينة هولشتاين Hollstein عام 1733، وعاش في عصر النهضة الأوربية والتنوير والبحث العلمي وإرساء قواعد الموضوعية. أراد أن يحترف مهنة مساح للأراضي، فقصد جامعة غوتنغن Göttingen لدراسة علوم الرياضيات والفلك، وفيها طلب منه العالم ميخائيليس Michaelis أن يلتحق بالبعثة الدنماركية إلى جنوبي بلاد العرب، فذهب إلى كوبنهاغن لمواصلة دراسته تأهباً للسفر.

لم يكن كارستن نيبور معروفاً في الأوساط العلمية الأوربية قبل التحاقه بالبعثة، وكان الفضل في تعلمه ونبوغه لأستاذه الفلكي توبياس ماير T.Mayer، الذي علَّمه طريقة تشييد ما كان يعرف بالاسطرلاب[ر] والطريقة التي طورها لتحديد المسافة الجغرافية بوساطة الأبعاد القمرية ولقياس أبعاد الأجرام السماوية عن الأفق. وقد شدد ميخائيليس وماير على ضم نيبور إلى البعثة لقدرته الشديدة على الملاحظة ووصف عادات الشعوب، إضافة إلى وفائه وتكتمه وموضوعيته وحسن تفهمه وتقويمه للأمور وإصراره على العناية بالتفاصيل الدقيقة وإخلاصه للمهام الموكلة إليه.

جُهزت الرحلة في عهد الملك الدنماركي فريدريك الخامس Frederick V، وكان هدفها استكشاف البلدان المجهولة في العربية السعيدة، وتولى فيها نيبور مهام الأرصاد الفلكية والجغرافية لغرض رسم الخرائط للمناطق المكتشفة وغيرها، وكان أميناً لصندوق الرحلة.

أبحرت البعثة عام 1761، فمرت في طريقها بالبوسفور فالقسطنطينية فالإسكندرية، ثم اليمن، وفيها أصيب بعض أعضائها بالملاريا، ومات فون هافن Von Haven رئيس البعثة عالم اللسانيات، فترأس نيبور المجموعة، ثم مات السويدي فورسكال Forsskal عالم الطبيعيات والنبات فأبحر الأربعة الباقون إلى بومباي، وقبل الوصول توفي في سومطرة باورنفيند Baurenfeind الرسام والنقاش الألماني وبيرغرين Berggren الضابط السويدي، وفي بومباي توفي كارل كرامر Carl Cramer طبيب البعثة الدنماركي عام 1764، فواصل نيبور اكتشافاته وحيداً.

في عام 1765 قرر نيبور العودة إلى بلاده، فبعث مع أول باخرة تقصد لندن جميع الأوراق والتحقيقات والتقارير والخرائط التي جمعتها مجموعته للحفاظ عليها من الضياع والتلف، ثم غادر بومباي إلى بندر عباس ثم بوشهر، وفي طريق عودته دخل إلى العراق فزار أطلال آشور ونينوى وبابل وبرسيبوليس Persepolis وغيرها، وزار قبرص ومدن ساحل بلاد الشام ثم دمشق واللاذقية، ومنها توجه إلى حلب فإصطنبول، حيث امتطى جواده عبر أوربا إلى أن وصل إلى كوبنهاغن في عام 1767، وتفرغ لنشر نتائج أبحاثه حتى تُوفي في ملدورف Meldorf عام 1815.

كان لرحلة نيبور نتائج علمية مهمة، فقد كان أول من كشف عن الخط اليمني المسند، ووصفه وصفاً علمياً ساعد على جلاء غموضه، كما قام في برسيبوليس عام 1765م بنسخ ثلاثة نصوص مسمارية تمثل الكتابات الفارسية القديمة والعيلامية والبابلية، وتوصل إلى أن الفارسية كانت هجائية؛ لأنها تتألف من اثنتين وأربعين علامة فقط وأن كل نوع من هذه الكتابات يمثل لغة مختلفة وشكلاً من أشكال الكتابة في الوقت نفسه، وهذا ما مكنَّ الباحثين بعده من فك رموز الكتابة المسمارية. كما نجح في نقل القسم الرئيس للنقوش الباقية على أحجار بيرسبوليس التي يرجع تاريخها إلى عهود الفرس الأخمينيين، واستطاع قياس ارتفاع الأهرام بوساطة علم المثلثات.

رسم نيبور خرائط لعدد من المناطق والمدن التي زارها كاليمن والعراق وإمارات الخليج العربي ودمشق والقدس ووصف عادات أهلها وأحوالهم المعاشية والاجتماعية، وبعض هذه الخرائط يستفاد منها إلى هذا اليوم.

نشر نيبور نتائج رحلته في عدة كتب ومقالات، كان أهمها: «وصف بلاد العرب» عام 1772، و«أخبار السفر في بلاد العرب وما جاورها» في مجلدين، ونُشر مجلد ثالث بعد موته، وقد نشر نيبور كتاب فورسكال في وصف حيوانات مصر وبلاد العرب ونباتاتها وأزهارها مصحوباً بالصور.

كان نيبور قوي الملاحظة، وكانت أبحاثه في المسائل الشرقية الأولى من نوعها حتى عدَّه المستشرقون الأوربيون المؤسس الأول للبحوث العلمية والجغرافية عن بلاد العرب، كما يلاحظ في كتاباته تجنب الأحكام المسبّقة التي كانت تصدر عن معاصريه بحق العالمَين العربي والإسلامي، فقد قال: «ذهبت إلى البلاد العربية وأنا محاط بنظرة غربية متعالية ودونيةٍ للعرب»، وقال: «نحن الأوربيين نصدر أحكاماً مسبّقة، ولا نعطي لأنفسنا فرصة تعرف الآخرين والاطلاع على ثقافتهم»، «لقد ارتحت إلى أنني وجدت العرب إنسانيين تماماً كباقي الأمم المهذبة».

إبراهيم توكلنا

 

 مراجع للاستزادة:

 

ـ نجيب العقيقي، المستشرقون، (دار المعارف، القاهرة 1980).

ـ توركيل هانس، من كوبنهاجن إلى صنعاء، ترجمة محمود أحمد الرعدي، (بيروت 1973).

ـ جاكلين بيرين، اكتشاف جزيرة العرب، ترجمة قدري قلعجي (مكتبة مدبولي، القاهرة 2006).


التصنيف : التاريخ و الجغرافية و الآثار
النوع : أعلام ومشاهير
المجلد: المجلد الواحد والعشرون
رقم الصفحة ضمن المجلد : 185
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 1014
الكل : 57210341
اليوم : 29626

الخاني (محمد جميل-)

الخاني (محمد جميل -) (1891-1951م)   محمد جميل بن محيي الدين بن أحمد بن محمد الخاني طبيب ولغوي، ولد في دمشق وتوفي فيها. تلقى علومه الابتدائية على يدي والده، وتعمق في علوم العربية على يدي بعض كبار الشيوخ. تابع دراسته الثانوية في إحدى المدارس العثمانية، ثم التحق بالمدرسة الطبية العثمانية في دمشق وتخرج فيها عام 1328هـ/1910م، فعين فيها مساعداً. وحين قيام الحرب العالمية الأولى سنة 1914، التحق بالجيش العثماني.
المزيد »