logo

logo

logo

logo

logo

هاوبتمن (غيرهارت-)

هاوبتمن (غيرهارت)

Hauptmann (Gerhart-) - Hauptmann (Gerhart-)

هاوبْتمَن (غيرهارت ـ)

(1862 ـ 1946)

 

غيرهارت هاوبتمن Gerhart Hauptmann مسرحي وروائي وشاعر ألماني، حصل على جائزة نوبل للأدب في عام 1912. ولد في بلدة أوبَر زالْتسْبرون Ober Salzbrunn (وهي منتجع صحي معروف) في منطقة شليزيا Schlesien، وتوفي في بلدة أغْنِتِندْورف Agnetendrof في المنطقة نفسها (في بولونيا حالياً). كان والده روبرت Robert يمتلك فندقاً ومطعماً يديرهما مع زوجته ماري شْتريلر Marie Strähler. وقد صار أخوه الأكبر كارل Carl أديباً معروفاً أيضاً.

كان هاوبتمن منذ يفاعته ذا روح قلقة لا تعرف الاستقرار ولا تحديد أهداف حياتها؛ مما أدى به إلى ترك المدرسة في مدينة برِسْلاو Breslau قبيل امتحانات الشهادة الثانوية وتحول في عام 1878 إلى المعهد الزراعي الحراجي. وبين عامي 1880- 1885 درس النحت والتاريخ والرسم والتمثيل على نحو متقطع في برسلاو ويينا Jena ودرسدِن وبرلين من دون أن يتم أي فرع من هذه العلوم والفنون؛ وقام برحلة عبر بلدان شمالي البحر الأبيض المتوسط، واستقر بضعة أشهر في روما، إلى أن تعرّف في برلين عام 1885 الشابة الثرية والجميلة ماري تينِمَن M.Thienemann فتزوجا واستقرا في منزل على بحيرة إركْنَر Erkner خارج برلين. وبالاعتماد على ثروتها تمكن هاوبتمن من التفرغ للكتابة الإبداعية، واتصل منذ عام  8881 بحلقة أدباء فريدْريكْسهاغِن Friedrichshagen من أتباع مذهب الطبيعية[ر] التي صار أبرز ممثليها في المسرح والرواية. إلا أنه لم يتوصل إلى حالة الاستقرار، فبدَّل منزله خمس مرات وتنقل بين برلين وشليزيا وشاطئ بحر الشمال وسافر إلى عدد من الدول الأوربية عدة مرات، كما زار الولايات المتحدة في عام 1923 في جولة محاضرات واسعة عن الثقافة الألمانية بمناسبة مرور قرن على وفاة غوته[ر].

لم يولِ هاوبتمن الفكر السياسي كبير اهتمام، لكنه كان معارضاً للنظام الملكي الڤيلهلميني (نسبة إلى سلالة الملك فيلهلم Wilhelm) المستبد ومؤيداً للفكر الجمهوري، ولاسيما لجمهورية فايمار[ر] التي رُشِّح لرئاستها بعد فريدريش إيبرت Friedrich Ebert. أما في المرحلة النازية[ر] فقد انسحب هاوبتمن من الحياة العامة إلى مسكنه الأخير في أغنيتِندورف مفضلاً عدم إثارة النظام ضده. وقد أخذ عليه الديمقراطيون واليساريون هذا الموقف السلبي المهادن.

كانت قضايا العصر الموضوع الرئيسي في أدب هاوبتمن ولاسيما قضية المضطهدين اجتماعياً واقتصادياً في الظروف المحيطة القاهرة والذين يحاولون ما أمكن تحرير أنفسهم من قيودهم الذاتية والمفروضة عليهم، دفاعاً عن كرامتهم وحقوقهم الإنسانية المسلوبة. وعلى صعيد المسرح تحديداً حقق هاوبتمن تأثيراً عالمياً، بصدق معالجته وتصويره لمشكلات الواقع وصراعاته وبتركيزه على الجوهري فيها، من دون ترهل في البنية الفنية أو زوائد لغوية لا فائدة منها. وقد كان هاوبتمن في مسرحياته الطبيعية ملتزماً اجتماعياً وثورياً من دون الارتباط بأي إيديولوجية حزبية. أما في مسرحياته التي تنتمي إلى الرومنسية الجديدة neuromantisch وذات الطابع الحكائي الخرافي أو الصوفي - التي يتراجع فيها التركيز على الصراعات الاجتماعية وإدراك طبيعة القوى المحركة لها - فقد كان الكاتب أقل إقناعاً وتأثيراً.

منذ قصته الطويلة المبكرة «تيل حارس المزلقان» Bahnwärter Thiel ت(1893) حقق هاوبتمن عملاً أدبياً متميزاً. أما مسرحيته الأولى «قبل الشروق» Vor Sonnenaufgang  ت(1889) - أخرجها رائد المسرح الطبيعي أوتو برام Otto Brahm في مؤسسته الخاصة «المسرح الحر» Die freie Bühne الأشبه بالنادي الخاص، تجنباً لتدخل الرقابة والشرطة - التي عدَّها النقاد بمنزلة بيان للمسرح الطبيعي فقد سببت فضيحة مسرحية بسبب موضوعها وأسلوب عرضها، وانقسم النقاد بشأنها إلى جبهتين، محافظة وتقدمية، وقد مدحها الأديب الشهير تيودور فونتانِه[ر] وعَدَّ هاوبتمن أكثر أهمية من إبسن[ر]. انطلاقاً من نظرية المذهب الطبيعي عالج الكاتب في مسرحيته حتمية حياة الإنسان بتأثير العوامل الوراثية والوسط الاجتماعي بقصة تدهور عائلة فلاحية اغتنت فجأة فانقلبت حياتها رأساً على عقب. كما عاد الكاتب إلى الموضوع نفسه بقصة مختلفة في مسرحية «عيد السلام» Das Friedensfest ت(1890) بإخراج أوتو برام أيضاً. ثم جاءت مسرحية «النسَّاجون» Die Weber ت(1891) لتشكل منعطفاً حاسماً في مسيرة هاوبتمن وتأثيره عالمياً، إذ كتبها بلهجة شليزيا ثم نشرها باللهجة الفصحى، وقد منعت السلطات الألمانية عرضها العام، فاستقبلها أوتو برام في مؤسسته الخاصة. تكمن أهمية المسرحية في أنها تقدم أول مرة بطولة جماعية في انتفاضة النساجين ضد البرجوازية الرأسمالية، فصارت بذلك وبأسلوبها الواقعي في معالجة الصراع الاجتماعي مَعْلماً في تاريخ تطور الدراما الحديثة عالمياً. وفي مسرحية «معطف الفراء» Der Biberpelz ت(1892) قدم الكاتب ملهاة شعبية مهمة في شخصية ڤولْفِن Wolffen الغسَّالة الفقيرة القوية وذات اللسان اللاذع في مواجهة بيروقراطية الشرطة من جهة، وضحالة ما يسمى بالطبقة الراقية من جهة أخرى.

تعد مسرحية «معراج هانِّلِه» Hanneles Himmelfahrt ت(1896) في صيغتها الثالثة عملاً انتقالياً بين المرحلة الطبيعية ومرحلة الرومنسية الجديدة والصوفية ذات الطابع الرؤيوي الحُلمي. وتندرج في هذا السياق مسرحيات «الناقوس المُغْرَق» Die versunkene Glocke ت(1897) ذات التأثير المسرحي المذهل والتي حققت نجاحاً كبيراً؛ وكذلك مسرحية «وبيبا ترقص» Und Pippa Tanzt الحكائية المستوحاة من خرافات فن نفخ الزجاج اليدوي وتزيينه في شليزيا. وفي المرحلة نفسها كتب هاوبتمن المسرحية التاريخية «فلوريان غايَر» Florian Geyer ت(1896) المستوحاة من أجواء حرب الفلاحين (1525- 1526)؛ وعاد بعدها إلى عوالم الطبيعية مجدداً في مسرحياته المهمة «هِنْشِل سائق عربة النقل» Fuhrmann Henschel ت(1898) ذات البنية المأساوية الإغريقية، و«روزِه بيرْند» Rose Bernd ت(1903) التي عالج فيها مسألة اضطهاد المرأة، مستخدماً واقعةً قضائية حقيقية كان فيها أحد المحلَّفين، فعرَّى فيها الازدواجية الأخلاقية للسلطة القائمة والمجتمع البرجوازي المتآكل، مزاوجاً على صعيد البنية بين تقانات الطبيعية والمأساة الإغريقية الكلاسيكية.

وعلى صعيد الرواية قدم هاوبتمن في «المجنون في شخصية كريستو إمانويل كوينْت» Der Narr in Christo Emanuel Quint ت(1910) ملحمةً تجمع ما بين موضوعاته الاجتماعية والصوفية الأساسية، مع توق إلى خلاصٍ إنساني ينقذ البشرية من هلاكها المحتوم اللائح في الأفق، والذي تجلى في مذابح الحرب العالمية الأولى. وفي عام 1913 صدرت روايته «أطلنتِس» Atlantis التي صُوِّرت للسينما، والتي استخدم فيها تجاربه الشخصية على صعيد الزواج، ولاسيما بعد طلاقه من تينِمَن وزواجه في عام 1904 عازفة الكمان المعروفة مَرْغريتِه مَرْشالك Margarete Marschalk، وقد انتقد فيها موجة الأمْرَكة التي أخذت تغزو المجتمع الألماني والمتجلية في الجشع إلى الربح المادي من دون أي رادع أخلاقي أو شعور بالقيم الإنسانية. أما روايته «جزيرة الأم العظيمة» Der Insel der grossen Mutter ت(1924) فهي تعبير عن توقه الطوباوي إلى عصر أمومي تعيش فيه البشرية في هناء. أما آخر أعماله المسرحية «رباعية الأتريديين» Atriden Tetralogie ت(1941-1848) فهي تعبير يائس حزين عن خضوع البشرية لأقدارها المحتومة بالمعنى الشكسبيري.

كان هاوبتمن مبدعاً غزير الإنتاج مسرحياً وروائياً وقصصياً وشعرياً، وكذلك على صعيد كتابة اليوميات والسيرة الذاتية والمقالات النقدية والدراسات النظرية، وقد حصل في مسيرة حياته على عدد كبير جداً من الجوائز المحلية والعالمية إلى جانب درجات الدكتوراه الفخرية المتعددة والأوسمة والميداليات من مختلف بلدان أوربا وأمريكا. وقد صدرت طبعة مؤلفاته الكاملة بين عامي 1974- 1983 في أربعة وعشرين مجلداً. وفي أثناء السبعينيات من القرن العشرين نُشرت في مصر ترجمتان لمسرحيتيه «النساجون» و«معطف الفراء». وفي مطلع الثمانينيات صدرت في دمشق ترجمة جديدة لمسرحية «النساجون».

نبيل الحفار

 

 الموضوعات ذات الصلة:

 

ألمانيا ـ الرواية ـ الطبيعية ـ القصة ـ المسرحية (الأنواع والأشكال ـ).

 

 مراجع للاستزادة:

 

- JOHN OSBORNE, The Naturalist Drama in Germany (1971).

- PHILIP A. MELLEN, Gerhart Hauptmann and Utopia (1976).

- WARREN R. MAURER, Gerhart Hauptmann (1982).


التصنيف : الآداب الجرمانية
النوع : أعلام ومشاهير
المجلد: المجلد الواحد والعشرون
رقم الصفحة ضمن المجلد : 349
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 473
الكل : 31656582
اليوم : 11164

الشرعية (مبدأ-)

الشرعية (مبدأ ـ)   يقصد بالشرعية مبدأ Principe de la légalité الخضوع للقانون، ولا تكون الدولة دولة قانونية L’État de droit إلا إذا خضع كل من الحكام والمحكومين للقانون، وشمل تطبيق القانون جميع السلطات الحاكمة في الدولة. وبناء على ذلك، فالسلطة التشريعية[ر] يتعين عليها أن تخضع للقانون الدستوري، وأن تباشر وظيفتها في حدود أحكامه، كما يجب أن تحترم القوانين العادية التي تضعها، فلا تخرج على أحكامها طالما هي قائمة ونافذة، وكذلك تلتزم السلطة القضائية بأداء وظيفتها، وهي تطبيق القانون على النزاعات التي تعرض عليها، وليس لها أن تخالف أحكام القانون الملزمة بتطبيقه، والسلطة التنفيذية[ر] بدورها يجب أن تحترم القوانين سواء في مباشرتها لوظيفتها الحكومية أوفي نطاق أدائها وظيفتها الإدارية.
المزيد »