يورسنار (مرغريت-)

أ ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ض ط ظ ع غ ف ق ك ل م ن هـ و ي

يورسنار (مرغريت-)

يورسنار (مرغريت)

Yourcenar (Marguerite-) - Yourcenar (Marguerite-)

يورسِنار (مرغريت ـ)

(1903ـ 1987)

مرغريت يورسِنار Marguerite Yourcenar الاسم الأدبي المركّب من أحرف (anagramme) اسم عائلتها دي كريونكور de Crayencour الذي وضعته الأديبة الفرنسية بالاتفاق مع والدها. ولدت في بروكسل وتوفيت في الولايات المتحدة الأمريكية، وهي أول امرأة تنتخب عضواً في الأكاديمية الفرنسية عام 1980. توفيت والدتها البلجيكية الأصل بعد ولادتها بعشرة أيام وأوصت بمنح صغيرتها حرية الاختيار ولو سلكت طريق الرهبنة. وبقي والدها ـ المعارض للتقاليد ـ الأب والصديق والمربّي وأمين سرها. ورثت عنه ثقافته ومكتبته وحبه للسفر الذي كان يجد فيه راحته، ووجدت فيه هي أيضاً مصدر إلهامها، فكل زيارة لها لدولة ما كانت تثمر عندها عملاً أدبياً. تلقت تعليماً خاصاً وأجادت اللغة الإنكليزية إضافة إلى اللاتينية واليونانية والإيطالية، واستهلت مسيرتها الأدبية بقصيدة حوارية أسطورية بعنوان «حديقة الأوهام» Le Jardin des chimères ت(1921). وأصدرت أولى رواياتها بعنوان «ألكسيس أو رسالة النزاع العقيم» Alexis ou le Traité du vain combat عام 1929 سنة وفاة والدها، وهي رسالة قطيعة يرسلها زوج لوطي لزوجته. تجيز الرواية الحرية الجنسية وتقرّب الأديبة من أندريه جيد[ر]، وكانت يورسنار قد خاضت تجربة عاطفية مماثلة فتحدثت عن الأهواء التي عصفت بها وعن حسرة الألم في «نيران» Feux ت(1936)، ثم أدانت الحب الجارف من طرف واحد وما يتبعه من الأنانية وحب التملك.

عاشت الأديبة حياة متحررة تجاوزت الأعراف الاجتماعية والأسروية والأدبية كافة وانطلقت مجازفة في كتابات غير مألوفة، ففي عام 1934 تحدثت في روايتها «فريضة حلم» Denier du rêve عن محاولة اغتيال مخفقة لموسوليني. وقبيل الحرب العالمية الثانية وفي أثناء زيارتها لسورنّتو وجزيرة كابري (إيطاليا) كتبت رواية «الضربة القاضية» Le Coup de grâce ت(1939) التي عبّرت فيها عن سريرتها وعما يكمن في داخلها وحولها من عنف. ومع اندلاع الحرب وجدت نفسها خاوية الجيب، وشاءت المصادفة أن تلتقي صديقتها الأمريكية غريس فريك Grace Frick عام 1937 مما أدى إلى منعطف في حياتها. فبعد أن لبت دعوتها لقضاء شتاء بكامله في الولايات المتحدة استقرت هناك لتدريس الأدب الفرنسي بعد حصولها على الجنسية الأمريكية. وكانت هذه المرحلة غير مثمرة على الصعيد الأدبي، إلى أن نشرت عام 1951 «مذكرات هادريانوس» Mémoires d’Hadrien وحققت بها نجاحاً على الصعيد العالمي. في هذه الرواية أحيت الأديبة ذكرى الامبراطور الروماني راعي الفنون في القرن الثاني الميلادي، ورأت في الصورة التي رسمتها له رجل دولة ذا ثقافة يونانية وحكمة شرقية قادراً على توطيد الاستقرار على الأرض والحفاظ على البيئة، لا يخشى الموت ويستقبله كما تقول «بعينين مفتوحتين». أمضت يورسنار مدة طويلة في العمل على روايتها التاريخية «مؤلَّف في الدُجى» L’œuvre au noir ت(1968)، وابتكرت لها شخصية زينون Zenon، من عصر النهضة الأوربية، بطل البارحة والغد، كيميائي وطبيب، ذكي وملاحق، تربطها به أخوة وله حضور في حياتها حتى يومها الأخير. لها أيضاً مجموعة مقالات وثلاثية: «ذكريات ورعة» Souvenirs pieux ت(1974) و«أرشيف الشمال» Archives du Nord ت(1977) و«ماذا؟ الأزلية؟» Quoi? L’Éternité? ت(1988) تناولت فيها سيرة عائلتها بصورة تفصيلية حياتياً وفكرياً.

توقفت الأديبة عن السفر بعد أن فقدت رفيق دربها الأخير الشاب جيري ولسن J.Wilson مصاباً بالإيدز. واستعدت للنهاية بكلمتها «لا أفكر ولا أعيش ولا أحب مثلما يفعل الآخرون ولكن سأموت مثلما يموتون». كما أن كلمتها «أنا لا آكل الحيوانات، أصدقائي» تركت أثراً بالغاً ـ في رأي أحد النقاد ـ في أنصار الرفق بالحيوان وخاصة الممثلة بريجيت باردو.

اقتصرت سعادة مرغريت يورسنار على خدمة الآخرين ومساعدتهم بعد أن فقدت حنان الأم وأخفقت في الحب وافتقرت إلى الشعور بالأمومة. وحققت ذاتها على الصعيد الأدبي، فقد ناضلت في سبيل نشر السلام والحد من انتشار الأسلحة النووية والدفاع عن الحقوق المدنية والحفاظ على البيئة. وحظيت بجوائز عديدة منها جائزة فيمِنا Femina ت(1952) والجائزة الوطنية الكبرى للثقافة (1974) والجائزة الكبرى للأكاديمية الفرنسية (1977) والميدالية الذهبية لنادي الفنون الوطني (1986)، وتبوأت مناصب رفيعة منها: عضوية الأكاديمية الملكية للغات والآداب الفرنسية في بلجيكا، وعضوية الأكاديمية الأمريكية للفنون والآداب (1982). وقد جمعت الأديبة بين أسلوب الباروك[ر] المنمَّق والسرد التقليدي المُضْمَر؛ لتتجنب الحرج الذي أوقعتها فيه موضوعاتها.

حنان المالكي

مراجع للاستزادة:

- J. BLOT, Marguerite Yourcenar, Seghers (Paris 1971).

- M. SARDE, Vous, Marguerite Yourcenar, La passion et ses masques, Laffont (Paris 1995).

- P. DE ROSBO, Entretiens avec Marguerite Yourcenar, Mercure de France (Paris 1972).