نويرات (أتو)
نويرات (ات)
Neurath (Otto-) - Neurath (Otto-)
نويرات (أُتّو ـ)
(1882 ـ 1945)
|
أُتّو نويرات Otto Neurath فيلسوف وعالم اجتماع واقتصاد نمساوي الأصل. ولد في ڤيينا، وماتَ في أكسفورد. وهو واحد من أبرز فلاسفة التجريبية المنطقية logical empiricism أو الوضعية المنطقية logical positivism، وأحد ممثلي جماعة (حلقة) ڤيينا[ر] Vienna Circle التي أسسها موريتس شليك[ر] Moritz Schlik عام 1924، وتهدف إلى توحيد العلوم ومناهجها. هاجر إلى إنكلترا على أثر ضم النمسا إلى ألمانيا النازية.
شغل نويرات منصب وزير التخطيط في الحكومة النمساوية في أثناء الحرب العالمية الأولى. وبعد الحرب تعاون مع الحكومات الماركسية في باڤاريا Bavaria وسكسونيا Saxony بمشروعات نهضتها الاقتصادية، وكان ذلك سبباً- في أثناء قمع الحكومةَ الألمانية المركزية التمردَ الماركسي - في اعتقاله فاتهم بالخيانةِ، لكن أفرج عنه لعدم تورطه في السياسة.
بدأَ مشروعه بدراسة الوقائع الاقتصادية والاجتماعية، فصمم أسلوباً رمزياً isotype لتمثيل المعلومات الكمّية عبر أيقونات icons يسهل تفسيرها، وكان هذا نظاماً بصرياً لعَرْض المعلومات الكمّية، وتمثيل البيانات السكّانية والاجتماعية في بلدان مختلفة لفهم عوامل التغير الاجتماعي، فكان لهذا العمل أثر كبير في فنّ رسم الخرائط وتصميم النقوش والتعليم البصري.
وفي سنة 1920 أيد الوضعية المنطقية، واشترك مع رودولف كارناب[ر] Carnap وغيره في وضع ميثاق جماعة ڤيينا العام «الفهم العلمي للعالم». دعا فيه إلى التجريبية المنطقية، فكتب عن «مبدأ التحقّق» verification principle و«قضايا البروتوكول» protocol statements. ورفض الميتافيزيقا بوصفها لغواً وقضاياها غير قابلة للبرهان أو التحقق منها تجريبياً، وكذلك نظرية المعرفة، وعدّ الماركسية علماً بوصفه أداة للتغيير الاجتماعي.
كان القوة الدافعة وراء وحدة العلم unity of science فأشرف في شيكاغو مع كارناب وتشارلز موريس Morris على إصدار «الموسوعة الدولية للعلم الموحد» International Encyclopedia of Unified Science، على غرار الموسوعة الفرنسية، هدفها إيجاد صياغة منظّمة للبحث الفكري يلائم منهج جماعة ڤيينا وحلفائها، وقد ظهر من الموسوعة فقط مجلدان. له مؤلفات عديدة أهمها: «قضايا البروتوكول» Protocol Statements ت(1932)، «تطوير حلقة ڤيينا» The Development of Vienna Circle ت(1936)، «علم الاجتماع التجريبي» Empirical Sociology ت(1931)، «الفيزيائية» Physicalism ت(1931)، «مستقبل المادية المنطقية» Future of the Logical Materialism ت(1935)، «وحدة العلوم» The Unity of Sciences as a Task ت(1935)، «أسس العلوم الاجتماعية» Foundations of the Social Sciences ت(1944)، كما له مؤلفات عديدة في علم الاقتصاد.
تتمثل أصالة نويرات في اتجاهه المنهجي الذي حوّل فيه منحى الوضعية المنطقية الخاص ببرنامج وحدة العلوم، فقد رفض نويرات معالجة الوضعيين لّلغة عموماً، وخاصة بعض الأفكار الأساسية التي اقترحها ڤتغنشتاين[ر] Wittgenstein في مرحلته المبكرة.
ويقوم منهجه على فَرَض أن المماثلة الشكلية isomorphism بين اللغة والواقع تأمل ميتافيزيقي عديم الجدوى، يولِّد مشكلة في تمثيل الكلمات والجمل أشياءَ العالم الخارجي. فالقضايا تقارن بقضايا مثلها، لا بالخبرة أو الوقائع، أو بأي شيء آخر. فالخبرة أو الواقع أمور بلا معنى، وتنتمي إلى الميتافيزيقا، ومن ثمّ لا بد من رفضها، والبحث عن الأصل الذي يخلو من الميتافيزيقا، ومن ثم يرى نويرات أنه لابد أن تكون صياغة القضايا متفقة مع نوع من القضايا التي يُطلق عليها قضايا البروتوكول، وقضية البروتوكول تحتوي على «اسم علم أو وصف معين لشخص ما يلاحظ (أو يدرك) شيئاً محدداً (زمانياً ومكانياً)، أو تحتوي على كلمات تشير إلى فعل الملاحظة». ويقترح نويرات لإزالة مثل هذه الاعتبارات السيمانطيقية المريبة فكرة تزامن اللغة والواقع؛ لأن الواقع يكمن في مجموع الجُمَل المحقَّقة سابقاً في اللغة، وتتحدد قيمة صدق أيّ جملة حسب اتساقها مع هذا المجموع مِنْ الجُمَلِ المُحَقَّقة، وإذا كانت الجملة لا تتفق مع مجموع الجمل المحققة للتو فستكون كاذبة وإلا لا بد من تعديل مجموعة القضايا التي تركب الكل، فالصدق يتعلق باتساق التأكيدات اللغوية ولا علاقة له بتطابق الجُمَل مع الوقائع أو الكيانات الأخرى في العالم. ويبدو أن رأي نويرات هذا مستمد من نظرية الاتساق coherence theory التي تذهب إلى أن: «قضية ما مقبولة إذا اتسقت مع القضايا المقبولة الأخرى، ومرفوضة إذا لم تتسق مع تلك القضايا المقبولة».
ويستمر نويرات في رفضه فكرة إعادة بناء العلم من ناحية معطيات الحس؛ لأن الخبرات الحسية ذاتية ولا تصلح لتكون أساساً صحيحاً لإعادة البناء الصوري للعلم. وعلى هذا يرى نويرات أنه لابد من استبدال لغة الفيزياء الرياضية باللغة الظاهرية phenomenological التي يؤكد عليها معظم الوضعيين؛ لأنها لغة وصفية كميّة مكونة من تعاقب منظّم من الأصوات أَو الرموز، وهي وحدها القادرة على وصف تركيبتها وبنيتها الخاصة من دون تناقض، وهي التي تسمح بالصياغات الموضوعية اللازمة (الحقائق العلمية التجريبية)؛ لأنها مستندة إلى اتساق موضوعي. مثل هذا الاتجاه الفيزيائي نحو العلوم الطبيعية أو الاجتماعية سيسهم في إزالة كل عنصر متبقٍ من الميتافيزيقا ويجيز التحول إلى نظام التأكيدات الخاصة بالوقائع الفيزيائية.
سوسن بيطار
الموضوعات ذات صلة: |
جماعة ڤيينا ـ كارناب ـ الوضعية المنطقية.
مراجع للاستزادة: |
- E. NEMETH and F. STADLER (eds.), Encyclopedia and Utopia: The Life and Work of Otto Neurath, (1882-1945).”, Vienna Circle Institute Yearbook, vol. 4.
- JOHN O’NEILL, “Unified Science as Political Philosophy: Positivism, Pluralism and Liberalism,” Studies in History and Philosophy of Science, (2003).
التصنيف : الفلسفة و علم الاجتماع و العقائد
النوع : أعلام ومشاهير
المجلد: المجلد الواحد والعشرون
رقم الصفحة ضمن المجلد : 167
مشاركة :اترك تعليقك
آخر أخبار الهيئة :
- شهر الكتاب السوري
- توصيات مجلس الإدارة
- صدور المجلد السابع من موسوعة الآثار في سورية
- صدور المجلد الثامن عشر من الموسوعة الطبية
- فوز الأستاذ الدكتور محمود السيد بجائزة مجمع الملك سليمان العالمي للغة العربية
- إعلان..وافق مجلس إدارة هيئة الموسوعة العربية على وقف النشر الورقي لموسوعة العلوم والتقانات، ليصبح إلكترونياً فقط. وقد باشرت الموسوعة بنشر بحوث المجلد التاسع على الموقع مع بداية شهر تشرين الثاني / أكتوبر 2023.
- الدكتورة سندس محمد سعيد الحلبي مدير عام لهيئة الموسوعة العربية تكليفاً
- دار الفكر الموزع الحصري لمنشورات هيئة الموسوعة العربية
البحوث الأكثر قراءة
هل تعلم ؟؟
الكل : 40556584
اليوم : 86399
المجلدات الصادرة عن الموسوعة العربية :
-
المجلد الأول
-
المجلد الثاني
-
المجلد الثالث
-
المجلد الرابع
-
المجلد الخامس
-
المجلد السادس
-
المجلد السابع
-
المجلدالثامن
-
المجلد التاسع
-
المجلد العاشر
-
المجلد الحادي عشر
-
المجلد الثاني عشر
-
المجلد الثالث عشر
-
المجلد الرابع عشر
-
المجلد الخامس عشر
-
المجلد السادس عشر
-
المجلد السابع عشر
-
المجلد الثامن عشر
-
المجلد التاسع عشر
-
المجلد العشرون
-
المجلد الواحد والعشرون
-
المجلد الثاني والعشرون