logo

logo

logo

logo

logo

الهندسة النووية

هندسه نوويه

Nuclear engineering - Ingénierie nucléaire

الهندسة النووية

 

تمثل الهندسة النووية nuclear engineering واحدة من المعارف الهندسية الحديثة التي تعنى بالجوانب البحثية والتطبيقية الموجهة للاستفادة من الطاقة النووية، ولاسيما على المستوى الهندسي ضمن ما يسمى بالمفاعلات النووية nuclear reactors، وما يرتبط بها من مستلزمات التصميم والتشغيل ومتطلبات الوقاية الإشعاعية وتدابير الأمان الهندسية ودورة وقودها المشتملة على عمليات استخلاص الوقود النووي وإغنائه وتحضيره والتعامل مع النفايات النووية وطرق التخلص الآمن منها.

لمحة عامة عن الهندسة النووية

ولدت الهندسة النووية مع اكتشاف العالم الألماني أوتو هان Otto Hahn وزملائه لظاهرة الانشطار النووي nuclear fission في شباط/فبراير عام 1939، والتي تتمثل بانفلاق نوى ذرات اليورانيوم إلى جزأين غير متناظرين إثر قذفها بالنترونات مع تحرر طاقة هائلة. وقد بينت الاختبارات والبحوث فيما بعد أن معظم نوى الذرات ذات عدد الكتلة الكبير قابلة للانشطار من حيث المبدأ، بيد أن نظائر اليورانيوم-235 واليورانيوم-233 والبلوتونيوم-239 تبدي قابلية كبيرة للانشطار بوساطة النترونات ولاسيما الحرارية منها. وقد تبين أن المدهش في عملية الانشطار - عدا الطاقة الهائلة المتحررة والتي تفوق بملايين المرات تلك المتحررة عن تفاعلات الاحتراق التقليدية - تولد ما يقرب من 2.5 نتروناً جديداً وسطياً إثر كل عملية انشطار؛ مما يعني إمكانية تحقيق تفاعل متسلسل chain reaction يمكن أن يحافظ على ديمومته، ويوفر من ثم توليد الطاقة على نحو مستمر إذا توفرت له الشروط الضرورية ضمن توضع معيّن للمادة الانشطارية يطلق عليه اسم التوضع الحرج critical assembly. ويمكن القول: إن معظم بحوث الهندسة النووية التي انطلقت إثر اكتشاف تفاعلات الانشطار قد تركزت حول دراسة تصميم التوضعات الحرجة وشروط عملها. وقد سُجلت أول براءة اختراع لتوضع حرج مستدام يعتمد الماء الثقيل مهدئاً في مكتب براءات الاختراع السويسري عام 1939 بعد شهرين من اكتشاف ظاهرة الانشطار. بيد أن التطبيق التقني الأول تمثل ببناء أول مفاعل اختبار في جامعة شيكاغو في نهاية عام 1942، وأُثبت فيه أول مرّة إمكانية إشعال تفاعل حرج والحفاظ عليه عند استطاعة تقرب من 2 كيلوواط. وتوالت بعدها البحوث والاختبارات المرتبطة ببناء مفاعلات البحث والاختبار مع التركيز على مفاعلات توليد البلوتونيوم للأغراض العسكرية. وقد تكثفت المساعي بعد ذلك لتصميم مفاعلات الطاقة حيث توجت ببناء أول مفاعل طاقة نموذجي للأغراض العسكرية عام 1953، واستخدم من قبل البحرية الأمريكية لدفع الغواصات الحربية. ثم جرى فيما بعد تطوير هذا النموذج للأغراض السلمية وصولاً لبناء محطة نموذجية لتوليد الطاقة الكهربائية باستطاعة 136 ميغاواط عام 1957. وقد كان الاتحاد السوڤييتي نجح قبل ذلك ببناء أول مفاعل طاقة للأغراض السلمية باستطاعة 5 ميغاواط كهربائي عام 1954. ثم شهدت فترة العقدين اللاحقين ولادة مشروعات تقنية طموحة في مجال الهندسة النووية لتطوير أنماط متنوعة من المفاعلات النووية وبنائها لأغراض مختلفة، أهمها توليد الكهرباء إضافةً إلى استخدامها في مجالات البحث والتطوير والتدريب. 

فروع الهندسة النووية

الشكل (1) مخطط تمثيليي لدورة وقود المفاعلات الانشطارية

تشتمل الهندسة النووية على مجموعة واسعة من الفروع المعرفية والتخصصات التطبيقية المرتبطة على نحو رئيسي بتصميم المفاعلات النووية وتشغيلها الآمن، وتتمحور هذه الفعاليات حول ما يسمى دورة الوقود النووي nuclear fuel cycle التي تتكون من ثلاث مراحل متتابعة. تشمل المرحلة الأولى المسماة بداية دورة الوقود front-end fuel cycle العمليات المتعلقة باستخراج الوقود وتحويله وإغنائه وصولاً لتصنيع عناصر الوقود، وتشمل المرحلة الثانية المحطة النووية التي يجري فيها استهلاك عناصر الوقود المصنعة لتوليد الطاقة اعتماداً على تفاعلات الانشطار حيث ينتج من ذلك الوقود المستنفد، أما المرحلة الثالثة والمسماة بنهاية دورة الوقود فتشمل عمليات التخزين المؤقت للوقود المستنفد ومن ثم إعادة معالجته وتصنيعه وانتهاءً بمعالجة النفايات المشعة الناتجة وتأهيلها وتخزينها نهائياً (الشكل 1). وتجدر الإشارة إلى أن مراحل دورة الوقود تختلف بمواصفاتها التقنية تبعاً لنمط المفاعل المستخدم في المحطة النووية حيث يمكن التمييز حالياً بين أربعة أنماط رئيسية من دورة الوقود تضم مفاعلات الماء الخفيف التي تستخدم اليورانيوم منخفض الإغناء، وتبرد وتهدأ بالماء الخفيف، ومفاعلات الماء الثقيل التي تستخدم اليورانيوم الطبيعي، وتهدأ بالماء الثقيل، ومفاعلات الإخصاب السريعة التي تستخدم وقوداً متوسط الإغناء، وتبرد بالصوديوم، وتسمح إضافةً إلى إنتاج الكهرباء بتوليد البلوتونيوم، ومفاعلات درجة الحرارة العالية التي تستخدم وقوداً متوسط الإغناء، وتبرد بالهليوم، وتهدأ بالغرافيت.

ويتطلب التعامل مع مراحل دورة الوقود الاعتماد على طيف واسع من المعارف العلمية والتطبيقات التقنية التي تضم:

ـ العمليات الفيزيائية والكيمياوية لإغناء الوقود وتصنيعه.

ـ التصميم النتروني وفيزياء المفاعل، ويعنى بدراسة التفاعلات النترونية والمقاطع الفعالة ودراسات الحرجية والتدريع وتفاعل الإشعاع مع المادة.

ـ التصميم الترموهدروليكي الذي يعنى بالانتقال الحراري بين الوقود والمبرد وسلوك جريان المبرد وعمليات تخليص قلب المفاعل من طاقة الانشطار بالعلاقة مع مفعولات الربط العكسي للتفاعلية وصولاً لمولدات البخار.

ـ القياس والتحكم و«ديناميكية» المفاعل، وتعنى بتطوير التجهيزات والحساسات المستخدمة في قياس متغيرات المفاعل والتحكم بها بما في ذلك الكواشف الإشعاعية.

ـ هندسة أمان المفاعلات التي تعنى بالإجراءات والمتطلبات الهندسية المتعلقة بالتشغيل الآمن للمفاعل في العمل الاعتيادي وفي أثناء الحوادث.

ـ علم المواد للهندسة النووية الذي يعنى بتطوير المواد المستخدمة في التكنولوجيا النووية والتي تحقق متطلبات عالية للمقاومة الإشعاعية والكيميائية والميكانيكية.

ـ الوقاية الإشعاعية، وتشمل الأجهزة والقواعد المعتمدة في التعامل مع الإشعاعات المؤينة والوقاية منها.

ـ إدارة الوقود والنفايات، وتشمل جميع العمليات المتعلقة بالتزود بالوقود الطازج والتخلص من الوقود المستنفد ومعالجته وتخزينه.

وقد ازداد الاهتمام في الآونة الأخيرة بفرع خاص من الهندسة النووية يعنى بالتطبيقات الإشعاعية في المجالين الطبي والصناعي، حيث يجري التركيز في هذا الفرع على التجهيزات التي تعتمد في عملها على مبادئ الإشعاع، وتجد تطبيقات متزايدة في مجال التشخيص والعلاج الطبي إضافةً إلى التطبيقات الصناعية المختلفة كالاختبارات اللاإتلافية.

مجالات العمل والتطبيق

ينصب اهتمام الهندسة النووية انصباباً رئيسياً على المجالات التطبيقية المرتبطة بتصميم  المفاعلات النووية الانشطارية وتشغيلها وتطويرها ودورة وقودها.

وتقسم المفاعلات النووية من حيث مجال التطبيق إلى مفاعلات البحث research reactors ومفاعلات الطاقة power reactors.

1- مفاعلات البحث: تمثل مفاعلات البحث أجهزة مولدة للنترونات تعمل على الغالب عند استطاعات متدنية من دون أن يكون للطاقة النووية المتولدة فيها أي فائدة. وعليه تزداد كفاءة هذه المفاعلات كلما ازداد التدفق النتروني الذي تولده والذي يصل في بعض مفاعلات البحث الحديثة إلى نحو 10 15 نترون/سم2/ثانية. وتستخدم كأجهزة متعددة الأغراض لتغطية مجالات واسعة في حقول البحوث العلمية الأساسية والتطبيقية، كإنتاج النظائر المشعة والتحليل بالتنشيط النتروني والتصوير النتروني وتطعيم السيليسيوم وعلاج بعض أنواع الأورام السرطانية إضافةً إلى بحوث الفيزياء النووية وفحص بنية المواد.

الشكل (2) شكل تمثيلي مبسط لمفاعل الماء المضغوط (1)

2- مفاعلات الطاقة: تمثل مفاعلات الطاقة النووية منبعاً للطاقة يستخدم على الغالب لتوليد الطاقة الكهربائية (الشكل 2)، ويمكن تقسيم هذه المفاعلات إلى أربع مجموعات رئيسية حسب نوع المبرد. تضم المجموعة الأولى مفاعلات الماء الخفيف LWR (light water reactor) كمفاعل الماء المغلي BWR (boiling water reactor) ومفاعل الماء المضغوط PWR (pressurized water reactor) اللذين يبردان ويهدآان بالماء الخفيف. وتضم المجموعة الثانية المفاعلات السريعة أو الولودة fast breeder التي تستعمل الصوديوم مبرداً، ولا تحتاج إلى مهدئ. وتضم المجموعة الثالثة مفاعلات الحرارة العالية HTR (high temperature reactor) التي تبرد بالغاز، وتُهدأ بالغرافيت. أما المجموعة الرابعة فهي المفاعلات الكندية (CANDU) التي تستخدم اليورانيوم الطبيعي وقوداً والماء الثقيل مهدئاً. ويبين الشكل (2) نموذجاً تمثيلياً لمفاعل الماء المضغوط (PWR) الذي يعدّ أكثر المفاعلات النووية انتشاراً حيث يعدّ نحو 80٪ من مجموع مفاعلات الطاقة في العالم.

علي حينون

 

 الموضوعات ذات الصلة:

 

الأمان النووي ـ الطاقة النووية ـ المفاعلات النووية ـ الوقاية الإشعاعية.

 

 مراجع للاستزادة:

 

- K.ALMENAS, Introduction to Nuclear Engineering (Springer, Berlin 1992).

- M. M. El-WAKIL, Nuclear Heat Transport (Amer. Nucl. Soc. 1971).

- S. GLASSTONE, Nuclear Reactor Engineering, 3rd Edition (New York, VNR, 1981).


التصنيف : الهندسة
المجلد: المجلد الواحد والعشرون
رقم الصفحة ضمن المجلد : 640
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 546
الكل : 31196053
اليوم : 21210

إيريديا (خوسيه ماريا دي-)

إيريديا (خوسيه ماريا دي ـ) (1842ـ1905م)   خوسيه ماريا دي إيريديا Jose Maria De Heredia شاعر فرنسي من أصل كوبي ولد في بلدة لافورتونا قرب مدينة سانتياغو الكوبية. كان أبوه من الأثرياء الإسبان الذين استوطنوا القارة الأمريكية. أما أمّه ففرنسية الأصل. نشأ ودرس في بلدة سنليس Senlis الفرنسية، وفيها حصل على الثانوية العامة عام 1858. ثم درس الحقوق ورحل إلى هافانة. ثم عاد عام 1861 إلى باريس مع والدته ودرس في المدرسة الوطنية للوثائق L'Ecole Nationale des Chartes (وهي مدرسة تُعنى بإعداد متخصصّين في الوثائق القديمة)، ولكنه تحمّس للخوض في المجال الأدبي ولاسيما كتابة الشعر، ونشر أولى أشعاره سنة 1862 في مجلة صغيرة.
المزيد »