logo

logo

logo

logo

logo

الهوائي

هوايي

Aerial - Aérien

الهوائي

 

الهوائي antenna (aerial) هو بنية معدنية مصممة لشع الطاقة الكهرمغنطيسية واستقبالها. ويُعرِّف «معهد مهندسي الكهرباء والإلكترونيات»Institute of Electrical and Electronics Engineers (IEEE) - وهو منظمة عالمية تضم المحترفين في الهندسة الكهربائية والإلكترونية - الهوائي على أنه جزء من نظام إرسال أو استقبال، مصمم لشع الأمواج الكهرمغنطيسية أو استقبالها.

لمحة تاريخية

يعود الفضل في نشوء الهوائيات إلى جيمس كليرك ماكسويل James Clerk Maxwell الذي وحّد في عام 1873 نظريتي الكهرباء والمغنطيسية، واضعاً تمثيلاً أنيقاً للعلاقة بينهما بوساطة مجموعة من المعادلات تُعرف باسمه. وكان هاينريش رودولف هِرْتز Heinrich Rudolph Hertz أول من نفذ في عام 1886 تجربة إرسال كهرمغنطيسي لاسلكي قصير المدى باستخدام هوائي إرسال ثنائي القطب dipole. وتُعد تجربة الإرسال بعيد المدى التي أجراها غوغليلمو ماركوني Guglielmo Marconi بنجاح في عام 1901 البداية الفعلية لعصر الهوائيات، وذلك عندما تمكن من تحقيق أول إرسال عبر الأطلسي باستخدام هوائي إرسال مكون من 50 سلكاً شاقولياً موزعين على شكل مروحة ومثبتين بين صاريتين خشبيتين.

وبقيت تقانة الهوائيات قائمة على العناصر المشعة المرتبطة بالأسلاك وضمن حدود مجال الترددات فوق العالية UHF حتى الأربعينيات من القرن العشرين، وقد سمح استخدام الهوائيات بظهور تطبيقات البث الإذاعي[ر] والتلفازي وأنظمة الاتصال من بعد[ر].

ثم بدأ عهد جديد للهوائيات إبان الحرب العالمية الثانية مع اختراع المنابع المكروية microwaves (كالكليسترون klystron) العاملة بجوار التردد G1GHz من جهة، وإدخال عناصر جديدة مثل الفتحات دليلية الموجة waveguide apertures والهوائيات البوقية horns والعواكس reflectors من جهة أخرى.

وقد سمح إدخال الطرق الرقمية التي نشأت من التطور المستمر لبنيان الحواسيب وتقاناتها منذ الستينيات من القرن العشرين بتحليل تشكيلات أنظمة الهوائيات المعقدة وتصميمها بصورة دقيقة. كما أدى إدخال طرق المقاربة asymptotic methods في الترددات المنخفضة والعالية على حد سواء دوراً مهماً في نضج حقل الهوائيات حتى غدا اختصاصاً هندسياً بذاته.

مبدأ عمل الهوائي

يؤدي الهوائي دور بنية انتقالية transitional بين جهاز مُوجِّه guiding وبين الفضاء الحر. ويستخدم الجهاز المُوجِّه - الذي قد يكون دليل موجة أو خط نقل transmission line - لنقل الطاقة الكهرمغنطيسية من منبع الإرسال إلى الهوائي فيقال عنه إنه هوائي إرسال، أو لنقل الطاقة الكهرمغنطيسية من الهوائي إلى المستقبِل فيكون في هذه الحالة هوائي استقبال. ويمكن استخدام الهوائي ذاته للإرسال والاستقبال.

يبين الشكل (1) منبع جهد مربوط إلى خط نقل مكون من ناقلين اثنين. فعندما يطبق جهد جيبي على طرفي خط النقل ينشا حقل كهربائي ذو طبيعة جيبية يتسبب في حركة الإلكترونات الحرة في الناقلين وينجم عن ذلك تدفق للتيار الذي يؤدي بدوره إلى نشوء حقل مغنطيسي.

   

الشكل (1)

إشعاع الهوائي

   

تنشأ عن الحقلين الكهربائي والمغنطيسي المتغيرين مع الزمن، أمواج كهرمغنطيسية ترحل travel بين الناقلين. وحيث إن المنبع الجيبي يُحدث اضطرابات كهربائية بصورة مستمرة، لذا تنشأ أمواج كهرمغنطيسية باستمرار وترحل عبر خط النقل فالهوائي ثم تُشع في الفضاء الحر على شكل حلقات مغلقة.

الموسطات المميزة للهوائي

يحتاج وصف أداء هوائي إلى تعريف موسطات مختلفة، ليست بالضرورة مستقلة فيما بينها. وقد حدد «معهد مهندسي الكهرباء والإلكترونيات» IEEE في مقاييسه تعريف غالبيتها. إلا أن الوصف الكامل لأداء الهوائي ربما لا يحتاج إلى تحديد جميع تلك الموسطات. ومن أهم الموسطات المميزة للهوائي:

1- مخطط الإشعاع radiation pattern: يُعرَّف مخطط إشعاع الهوائي على أنه تابع رياضي أو تمثيل بياني للخصائص الإشعاعية للهوائي كتابع للإحداثيات الفضائية. والخصائص الإشعاعية عديدة منها كثافة تدفق الاستطاعة وشدة الإشعاع وقوة الحقل. إلا أن الخاصة الأهم هي التوزع ثنائي (أو ثلاثي) الأبعاد للطاقة المشعة كتابع لموقع المراقب على مسار ما أو سطح ما نصف قطره ثابت.

ويُستخدم المشع المتناح isotropic الافتراضي - وهو هوائي عديم الفقد ومتساوي البث في جميع الاتجاهات - مرجعاً للتعبير عن الخصائص الاتجاهية للهوائيات الحقيقية. في حين أن الهوائي الاتجاهي directional هو الذي يتمتع بخاصية إشعاع الأمواج الكهرمغنطيسية أو استقبالها بصورة أكثر فاعلية في بعض الاتجاهات على حساب الاتجاهات الأخرى. ويبين الشكل (2) مثالاً على هوائي له مخطط إشعاع اتجاهي، فهو لااتجاهي في مستوي السمت[f (Φ).θ=π/2] واتجاهي في مستوي الارتفاع [g (θ).Φ = Φ0] حيث Φ0 ثابت. ويطلق على هذا النوع من الهوائيات اسم الهوائي اللااتجاهي omnidirectional أي الذي يمتاز بمخطط إشعاع لااتجاهي في مستوٍ معين (السمت في هذا المثال) ومخطط إشعاع اتجاهي في أي مستوٍ عمودي عليه (مستوي الارتفاع في هذا المثال).

   

الشكل (2)

مخطط إشعاع هوائي لااتجاهي

   

 

يُوصّف أداء الهوائي ذي الاستقطاب polarization الخطي عادة بدلالة مخططي إشعاعه في المستويين E وH الرئيسيين. ويُعرف المستوي الأول E-plane بأنه المستوي الذي يحتوي على شعاع الحقل الكهربائي واتجاه الإشعاع الأعظمي. في حين يُعرف الثاني H-plane بأنه المستوي الذي يحتوي شعاع الحقل المغنطيسي واتجاه الإشعاع الأعظمي. ويبين الشكل (3) مثالاً على مخططي الإشعاع في المستويين E و H لهوائي بوقي هرمي، وفيه يوافق المستوي x-z (مستوى الارتفاع Φ=0) المستوي E الرئيسي، والمستوي x-y (مستوي السمت θ=π/2) المستوى H الرئيسي.

   

الشكل (3)

مخططا الإشعاع الرئيسيان لهوائي بوقي هرمي

   

ويطلق على الأجزاء المختلفة من مخطط الإشعاع اسم الفصوص lobes، التي تصنف في فئات جزئية هي الفصوص الرئيسية والثانوية والجانبية والخلفية.

تتغير مخططات الحقول المرتبطة بالهوائي تبعاً للمسافة، وتقرن بنوعين من الطاقة: الطاقة المشعة والطاقة المفاعلية reactive. لذا يقسم الفضاء المحيط بهوائي عادة إلى ثلاث مناطق: منطقة الحقل القريب near-field المفاعلي، ومنطقة الحقل القريب المشع radiating أو منطقة فرينل Fresnel وهي المنطقة الوسطى، ومنطقة الحقل البعيد far-field أو منطقة فراونهوفر Fraunhofer. وبالرغم من أن الحدود الفاصلة بين هذه المناطق ليست فريدة unique فإن عدداً من القواعد قد وضعت لتحديد هذه المناطق وهي شائعة الاستخدام. ويبين الشكل (4) مثالاً على المناطق الحقلية الثلاث لهوائي.

   

الشكل (4)

المناطق الحقلية لهوائي

   

2- كثافة الاستطاعة المشعة radiation power density: يُستخدم شعاع بوينتينغ الآني instantaneous  Poynting vector - وهو جداء شدة الحقل الكهربائي الآنية بشدة الحقل المغنطيسي الآنية - لوصف الاستطاعة المرتبطة بموجة كهرمغنطيسية. وحيث إن شعاع بوينتينغ يمثل كثافة تدفق flux density الاستطاعة فإنه يمكن الحصول على الاستطاعة الكلية التي تعبر سطحاً مغلقاً بحساب تكامل المركبة العمودية للشعاع على كامل السطح. ويُبرهن على أن الاستطاعة الوسطى المشعة من قبل هوائي (أو الاستطاعة المشعة) تعطى بالعلاقة:

3- شدة الإشعاع: تُعرف شدة الإشعاع radiation intensity في اتجاه معين بأنها الاستطاعة المشعة من قبل هوائي في واحدة الزاوية الصلبة solid angle. وهي موسط مرتبط بالحقل البعيد، ويتم الحصول عليه بضرب كثافة الإشعاع بمربع المسافة. ويعبر عن ذلك بالعلاقة الرياضية:

U = r2W rad (W/unit solid angle)

4- الاتجاهية: تُعرف اتجاهية directivity بأنها نسبة شدة الإشعاع في اتجاه معين من الهوائي إلى متوسط شدة الإشعاع محسوباً على جميع الاتجاهات. وتعطى شدة الإشعاع الوسطية بناتج قسمة الاستطاعة الكلية المشعة من قبل الهوائي على . وإذا لم يحدد اتجاه معين فيؤخذ اتجاه شدة الإشعاع العظمى، فتكون الاتجاهية العظمى معطاة بالعلاقة:

حيث Umax شدة الإشعاع العظمى و U0 شدة إشعاع منبع متناح و Prad الاستطاعة الكلية المشعة.

5- فاعلية الهوائي: تستخدم فاعلية الهوائي antenna efficiency الكلية eo (وهو مقدار لا بعد له) لأخذ الفقد عند طرفيات دخل الهوائي وداخل بنيته في الحسبان. وينتج الفقد، كما هو مبين بالشكل (5)، من الانعكاسات الناجمة عن عدم توافق خط النقل مع الهوائي، وعن الفقد الممثل بالحد I2R (النقل والعزل).

     

(أ) الطرفيات المرجعية للهوائي

 

 

 

 

 

 

(ب) فقد الانعكاس والنقل والعزل

الشكل (5)

 الطرفيات المرجعية وفقد الهوائي

     

6- الربح: وهو موسط شديد الارتباط بالاتجاهية. ويُعرف الربح المطلق absolute gain لهوائي (في اتجاه معين) بأنه نسبة الشدة في اتجاه معين إلى شدة الإشعاع التي يتم الحصول عليها فيما لو كانت الاستطاعة المقبولة من قبل الهوائي مشعة بصورة متناحية. وبذلك تكون عبارة الربح المطلق:

ويتم التعامل في معظم الأحوال مع الربح النسبي relative gain وهو نسبة ربح الاستطاعة في اتجاه معين إلى ربح استطاعة هوائي مرجعي في اتجاهه المرجعي. ويجب أن تكون استطاعة الدخل ذاتها للهوائيين. ويمكن أن يكون الهوائي المرجعي ثنائي قطب أو بوقياً أو أي نوع آخر ويمكن أن يكون منبع متناح عديم الفقد.

7- عرض المجال: يُعرف عرض مجال bandwidth هوائي بأنه المجال الترددي الذي يتوافق فيه أداء الهوائي من حيث بعض المميزات مع معيار محدد. ويمكن تعريف عرض مجال الهوائي للهوائيات عريضة المجال بأنه نسبة التردد الأعلى إلى التردد الأدنى الموافقين للتشغيل المقبول. أما فيما يخص الهوائيات ضيقة المجال فيعرف عرض المجال بالنسبة المئوية للفرق بين الترددين إلى التردد المركزي.

8- الاستقطاب: يُعرف استقطاب polarization هوائي في اتجاه معين بأنه استقطاب الموجة المرسلة (المشعة) من قبل الهوائي. وفي حال عدم تحديد اتجاه معين يؤخذ الاستقطاب في اتجاه الربح الأعظمي. أما استقطاب موجة مشعة فهو خاصية الموجة الكهرمغنطيسية التي تصف اتجاه شعاع الحقل الكهربائي ومطاله النسبي المتغيرين مع الزمن. وبصورة أكثر تحديداً هو الشكل الذي ترسمه نهاية شعاع الحقل الكهربائي في موضع محدد من الفضاء كتابع للزمن وكذلك الاتجاه الذي يُرسم وفقه. وينبغي مراقبة الحقل على طول اتجاه الانتشار. ويبين الشكل (6) رسماً نموذجياً لمنحني استقطاب هوائي.

     

(أ) دوران الموجة

 

 

(ب) استقطاب قطع ناقص

الشكل (6)

 دوران موجة كهرمغنطيسية مستوية ومنحني استقطابها عند Z = 0 كتابع للزمن

     

ويمكن أن يكون الاستقطاب خطياً (شاقولياً أو أفقياً) أو دائرياً (يمينياً أو يسارياً) أو على شكل قطع ناقص.

9- ممانعة الدخل تُعرف ممانعة دخل input impedance: الهوائي بأنها الممانعة التي يبديها الهوائي عند طرفيتيه، أو نسبة الجهد إلى التيار عند شفع من الطرفيات، أو نسبة مركبتيّ الحقلين الكهربائي والمغنطيسي المناسبتين عند نقطة معينة. وبذلك تكون ممانعة الهوائي المبين بالشكل (7) عند النقطتين a وb في حال عدم وجود حمل:  ZA= RA+j XA، حيث RA مقاومة الهوائي عند الطرفيتين المذكورتين وXA مفاعلة الهوائي عند ذات الطرفيتين. ويمثل الجزء التخيلي XA الاستطاعة المخزنة في الحقل القريب للهوائي. أما الجزء الحقيقي RA فمؤلف من حدين هما مقاومة الإشعاع Rr  ومقاومة الفقد RL. وتكون الاستطاعة المرتبطة بمقاومة الإشعاع هي الاستطاعة المشعة فعلياً من قبل الهوائي، أما الاستطاعة المبددة في مقاومة الفقد فتضيع على شكل حراري ضمن الهوائي نفسه بسبب فقد النقل أو العزل.

       

 

 

 

الشكل (7)

هوائي مرسل ودارتاه المكافئتان

(أ) الهوائي في نمط الإرسال

(ب) دارة تيفنن المكافئة

(ج) دارة نورتون المكافئة

 
       

أنواع الهوائيات واستخداماتها

توجد أشكال وأحجام مختلفة من الهوائيات الملائمةللتطبيقات اللاسلكية المختلفة. ويؤدي شكل الهوائي shape وحجمه size ونوع المادة المصنوع منها دوراً كبيراً في تحديد الخصائص المميزة للهوائي. ومن الأنواع الرئيسية للهوائيات:

1- الهوائيات السلكية wire antennas: تُعد الهوائيات السلكية خطية كانت أم منحنية من أقدم الهوائيات وأبسطها وأزهدها كلفة، وفي الكثير من الحالات  أكثرها تعدداً للاستخدام في كثير من التطبيقات. ولهذه الهوائيات أشكال مختلفة كالسلك المستقيم (ثنائي القطب) والحلقي والحلزوني كما هو مبين بالشكل (8). وليست الهوائيات الحلقية دائرية بالضرورة، إذ يمكن أن تأخذ شكل مستطيل أو مربع أو قطع ناقص أو غيرها. إلا أن الحلقي الدائري هو الأكثر شيوعاً لبساطة تصنيعه. وتُستخدم هذه الهوائيات في أنظمة الاتصالات النقالة على متن المركبات والسفن وعلى أسطح المباني وغيرها.

       

الشكل (8)

 بعض تشكيلات الهوائيات اللاسلكية

(أ) ثنائي قطب

(ب) حلقي دائري (مربع)

(ج) حلزوني

 
       

 

2- الهوائيات ذات الفتحات aperture antennas: شاع استخدام هذا النوع من الهوائيات بسبب الطلب المتزايد على أشكال هوائيات أكثر تطوراً وعلى استخدام ترددات أعلى. ويبين الشكل (9) بعض أشكال الهوائيات ذات الفتحات. ويلائم هذا النوع تطبيقات المركبات الفضائية والطائرات إذ يمكن تركيبها بشكل متساطح flush-mounted على الغلاف الخارجي لتلك المركبات.

       

الشكل (9)

بعض تشكيلات الهوائيات ذات الفتحات

(أ) بوقي هرمي

(ب) بوقي مخروطي

(ج) دليل موجة مستطيل

 
       

3- الهوائيات الشرائحية microstrip antennas: اشتهرت هذه الهوائيات في السبعينات من القرن العشرين بسبب استخدامها في التطبيقات المحمولة الفضائية، ثم شاع استخدامها في التطبيقات الحكومية والمدنية. وتتكون هذه الهوائيات من رقعة patch معدنية متوضعة على ركيزة substrate مؤرضة. ويمكن للرقعة أن تأخذ أشكالاً مختلفة كثيرة. ويبين الشكل (10) هوائيات شرائحية مستطيلة ودائرية وهي الأكثر شيوعاً لسهولة تحليلها وتصنيعها ومميزاتها الإشعاعية الجذابة خصوصاً انخفاض الاستقطاب التقاطعي. ويمكن تركيب هذه الهوائيات على سطح الطائرات والمركبات الفضائية والصواريخ والمركبات الأرضية.

     

(أ) مستطيل

(ب) دائري

الشكل (10)

هوائيات شرائحية مستطيلة ودائرية

     

4- الهوائيات المصفوفية array antennas: يتطلب كثير من التطبيقات مميزات إشعاعية ربما لا يمكن تحقيقها باستخدام عنصر وحيد. في حين يمكن لتجمع من العناصر المشعة وفق ترتيب كهربائي وهندسي (مصفوفي) تحقيق المميزات الإشعاعية المرغوبة. ويبين الشكل (11) أمثلة نموذجية على تشكيلات مصفوفية.

       

(أ) مصفوفي ياغي - أود

(ب) مصفوفي ذو فتحات

(ج) مصفوفي رقمي شرائحي

(د) مصفوفي دليل موجه ذو شقوق

الشكل (11) بعض التشيكلات المصفوفية النموذجية

 

5- الهوائيات العاكسة reflector antennas: احتاج تحقيق اتصالات بعيدة المسافة وخاصة في مجال استكشاف الفضاء إلى تطوير أشكال نوعية من الهوائيات تسمح بإرسال إشارات على مسافات من رتبة عشرات بل مئات الألوف من الكيلومترات، واستقبالها. ويبين الشكل (12) بعض التشكيلات النموذجية من العواكس. ويُعد الهوائي العاكس المكافئي parabolic reflector الشكل الأكثر شيوعاً في مثل هذه التطبيقات. وجرى بناء هوائيات من هذا النوع بقطر بلغ 305 أمتار. وتستخدم هذه الأبعاد الكبيرة لتحقيق الربح العالي المطلوب لإرسال الإشارات أو استقبالها بعد عبورها عشرات أو مئات الألوف من الكيلومترات. 

(أ) عاكس مكافئ مع تغذية أمامية 

(ب) عاكس مكافئ مع تغذية كاسجارني

(ج) عاكس زاوي 

الشكل (12)

بعض التشيكلات النموذجية للعواكس

     

تصميم الهوائيات وطرائق تصنيعها

اعتمد تصميم الهوائيات وتصنيعها في العقود الأولى على الأسس النظرية والتجريبية. إذ كان يتم إنتاج نماذج مخبرية وإجراء قياسات عليها ثم إجراء تعديلات متتالية مبنية على الخبرة المكتسبة لحين الاقتراب من المواصفات المطلوبة. أما اليوم فيؤدي التصميم بمعونة الحاسوب والتصنيع بمعونة الحاسوب دوراً رئيسياً في تصميم الهوائيات وتصنيعها بدقة كبيرة. ولأن المبادئ الأساسية في بناء الهوائيات التقليدية قد غدت معروفة منذ مدة طويلة نسبياً فإن تحقيق سبق في هذا المضمار يتطلب القدرة على تصميم منتجات عالية الجودة بزمن قصير وبكلفة اقتصادية ومطابقة لمتطلبات الزبون.

فبعد أن يتم وضع التصميم باستخدام أحدث طرائق التحليل وبرمجيات النمذجة، كالتقنيات العددية في الكهرمغنطيسية (طرائق العزوم وطرائق العناصر المنتهية والمويجات wavelets والفروق المنتهية في مجال الزمن)، وتقنيات مواءمة الأنماط للبنى دليلية الموجة الموجهة، وتقنيات الترددات العالية (البصريات الهندسية والبصريات الفيزيائية ونظريتي الانعراج الهندسية والفيزيائية)، وطرائق الاستمثال optimization، يتوجب تحويل ذاك التصميم إلى حزمة ميكانيكية عملية ومتينة بما فيه الكفاية لتحمل أقسى الظروف. وقد أسهم الاستخدام المشترك لبرمجيات التحليل ثلاثي الأبعاد باستخدام العناصر المنتهية وبرامج التخطيط الميكانيكي في خفض الحاجة إلى تصنيع نماذج متعددة إلا أنها لم تلغِ الحاجة إلى ذلك كلياً. وتمثل القدرة على التنبؤ بمخططات الإشعاع في مرحلة التخطيط خاصة ميزة كبيرة، وكذلك اختيار المواد والبنى المناسبة لتحقيق مستويات عالية من الخدمة ومدة الحياة.

ويُستخدم في تصنيع الهوائيات مواد مختلفة بدءاً من الألمنيوم aluminium والفولاذ عديم الصدأ وصولاً إلى العوازل الخزفية ceramic والبوليمر polymer. ويُعتمد في تصنيع الهوائيات على التحكم العددي الحاسوبي computer numerical control الشامل والعالي السرعة بآلات الإنتاج، وعلى تشكيل الصفائح المعدنية بالقَطْع، إضافة إلى طرائق التصنيع الخاصة كالقولبة على البارد cold forming لضمان أداء تصنيع عالٍ. ويستخدم التصنيع على البارد على سبيل المثال في إنتاج مجسمات قطع مكافئ من الألمنيوم لهوائيات المحطات الأرضية للاتصالات الساتلية satellite وهوائيات الوصلات المكروية وهوائيات الرادارات. كما تُركّب البنى الداعمة للعاكس خلف الهوائي وهو في القالب لضمان الدقة.

التقانات المعاصرة للهوائيات

فرضت التطبيقات المعاصرة في مجال الاتصالات النقالة والسعي المستمر إلى إنقاص حجم التجهيزات ووزنها ولاسيما المحمولة منها، وخفض طاقة الإرسال وإيجاد هوائيات تعمل على عدة ترددات، على مهندسي الهوائيات تحسين أدائها بوساطة زيادة فاعليتها وزيادة ربحها وإنقاص حجمها، وتطوير تقانات وأشكال جديدة. ومن بين هذه التقانات المعاصرة الهوائيات الذكية smart antennas وهوائيات العناصر الكسورية fractal elements antennas.

يستخدم الهوائي الذكي في أنظمة الاتصالات اللاسلكية الرقمية لتعزيز استطاعة الشبكة اللاسلكية وتوفير الطاقة والكلفة وزيادة عرض المجال. وتعتمد هذه الهوائيات على استغلال أثر التنوع عند المرسل، أو عند المستقبل أو كليهما. ويشتمل أثر التنوع على إرسال و/أو استقبال أمواج راديوية متعددة بهدف زيادة سرعة المعطيات وخفض معدل الخطأ. إذ تعاني أنظمة الاتصالات اللاسلكية التقليدية التي تستخدم هوائياً وحيداً عند المرسل وهوائي وحيد عند المستقبل من ظاهرة تعدد المسارات التي تتسبب بإنقاص سرعة المعطيات وزيادة عدد الأخطاء. في حين يسمح استخدام الهوائيات الذكية بحذف المشكلات الناجمة عن انتشار الأمواج متعدد المسارات (أو تخفيضها إلى الحد الأدنى). ويجد الصنف الثالث من هذه التقانة الذي يستخدم التنوع عند المرسل وعند المستقبل معاً تطبيقات في شبكات الهاتف الخلوي والبث التلفازي الرقمي والشبكات المحلية اللاسلكية وغيرها.

أما الهوائيات الكسورية فتمتاز بإشعاعها عند ترددات متعددة تتبع عادة مخططاً لوغارتمياً، وتعتمد في ذلك على خاصية التماثل الذاتي التي تمتلكها الأشكال الكسورية. ويمكن بوساطة ربط هوائيات ذات شكل كسوري تحقيق تغطية عريضة المجال. وتجد هذه الهوائيات تطبيقات كثيرة في القطاعين العسكري والمدني كالتلماتية والحرب الإلكترونية.

الآفاق المستقبلية

حظيت هندسة الهوائيات منذ الأربعينات من القرن العشرين بعناية واهتمام كبيرين. وكان لإدخال أنواع جديدة من العناصر المشعة بصورة متتابعة، كالهوائيات ذات الفتحات والعاكسة والشرائحية والمصفوفية والذكية والكسورية، والتطورات التقانية التي رافقت ذلك دور كبير في هذا النجاح. ولاشك في أن التطورات التي شهدها بنيان الحواسيب وطرائق الحساب العددية وإيجاد مواد  وتقنيات جديدة في حقل الهوائيات قد أسهمت في إتاحة فرص واعدة، وفي تحسين أداء الهوائيات.

وستسهم طرائق التحليل الكهرمغنطيسي باستخدام الحواسيب الفائقة وإمكانات الحوسبة التفرعية في نمذجة أدق للتفاعلات المعقدة بين الأمواج الكهرمغنطيسية في مجالي الزمن والتردد. ويبقى تصميم هوائيات مبتكرة لتنفيذ وظائف أنظمة أكثر تعقيداً تحدياً قائماً. فمع التوسع الهائل في تطبيقات الاتصالات النقالة والساتلية والملاحية والسعي المستمر إلى شغل مجالات ترددية أعلى فأعلى كالأمواج الميلليمترية فإن نطاق البحث في تصميم وتصنيع الهوائيات الملائمة لتلك التطبيقات ولتلك المجالات الترددية مايزال واعداً ومفتوحاً.

محمد خالد شاهين

الموضوعات ذات الصلة:

الاتصال ـ الاتصال من بعد ـ البث الإذاعي ـ  التصميم بمعونة الحاسوب ـ التصنيع بمعونة الحاسوب ـ التلماتية ـ الراديو ـ السواتل ـ شبكات الهاتف الخلوي.

مراجع للاستزادة:

- CONSTANTINE A. BALANIS, Antenna Theory: Analysis and Design, (John Wiley & Sons, 2005).

- FRANK GROSS, Smart Antennas for Wireless Communications, (McGraw-Hill, 2006).


التصنيف : التقنيات (التكنولوجية)
النوع : تقانة
المجلد: المجلد الواحد والعشرون
رقم الصفحة ضمن المجلد : 712
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 511
الكل : 29647151
اليوم : 27161

موسى بن يونس بن محمد بن منعة

موسى بن يونس بن محمد بن منعة (551 ـ 639هـ/1156ـ 1242م)   أبو الفتح، موسى بن أبي الفضل يونس بن محمد بن منعة بن مالك بن محمد، الملقب كمال الدين، الفقيه الشافعي. ولد في مدينة الموصل لأسرة عريقة بالعلم والمعرفة، تفقه بالموصل على يد والده، ثم سافر إلى بغداد سنة إحدى وسبعين وخمسمئة هجرية، واستقر بالمدرسة النظامية، يعمل على المعيد بها السديد السلماسي، فدرس الخلاف والأصول، وبحث الأدب على الكمال أبي البركات عبد الرحمن بن محمد الأنباري وتفوق بها، ثم عاد إلى الموصل، وتقلد مهام التدريس في مسجد ومدرسة الأمير زين الدين، بعد وفاة والده.

المزيد »