logo

logo

logo

logo

logo

النجم

نجم

Sv - Etoile

النجم

 

النجم star هو جرم مُصدِر للضوء مؤلف من غاز حار يولّد الطاقة بوساطة الاندماج النووي [ر]. أقرب النجوم إلى الأرض هو الشمس [ر]، وقد درِست الشمس أكثر من غيرها من النجوم. وتنتمي النجوم التي تُرى بالعين المجردة جميعها إلى مجرّة درب التبانة [ر: المَجرّة]. ويمكن أن يُرى أكثر من 5000 نجم بالعين المجردة، لكنها لا تُرى كلها في أيّ وقت كان أو من أيّ مكان كان. وتحمل أسطع النجوم أسماء عربية تعود إلى الأزمنة الغابرة دخل العديد منها محرَّفاً إلى اللغات الأجنبية. وتَدُل هذه التسميات على موضع النجم في كويكبته constellation. ويبين الجدول (1) أسماء أسطع النجوم مرتبة حسب درجة سطوعها، وبُعد كل منها عن الأرض مقدراً بالسنين الضوئية (السنة الضوئية هي المسافة التي يقطعها الضوء في سنة كاملة، وهي تساوي 9.47×1510م):

     اسم النجم

بعده عن الأرض

 (سنون ضوئية)

الشعرى اليمانية Sirius

8.6

سهيل Canopus

315

الظلمان الألفي Rigil Kentaurus

4.4

السماك الرامح ِArcturus

37

النسر الواقع Vega

25

العيوق Capella

42

رجل الجوزاء اليسرى (ِرِجْل الجبّار) Rigel

780

الشعرى الشامية Procyon

11

منكب الجوزاء Betelgeuse

425

آخر النهر ِAchernar

145

الظلمان البيتي Hadar

525

النسر الطائر Altair

17

الدبراان (الثور)  Aldebaran

65

الكروسس الألفي Acrux

320

السنبلة Spica

260

قلب العقرب Antares

600

رأس هرقل Pollux

34

فم الحوت Fomalhaut

25

ذنب الدجاجة Deneb

1600

قلب الأسد Regulus

80

الجدول (1) أسطع النجوم

 يمكن ـ بالاستعانة بمقراب telescope صغير ـ رؤية مئات ألوف النجوم، من بينها 200 ألف نجم في مجرّة درب التبانة. أما أكبر المقاريب فيكشف ملايين المجرّات التي يمكن أن تحتوي الواحدة منها أكثر من مئتي ألف نجم. ويعتقد الفلكيون المعاصرون أنه يوجد في الكون [ر] 2210 نجماً، منها الكبير الذي إذا وُضع في مكان الشمس ابتلع الأرض والمريخ وزحل [ر: المجموعة الشمسية]، ومنها الصغير القزم الذي لا يتجاوز حجمه حجم الكرة الأرضية، ومنها النجوم النترونية التي لا يتجاوز قطرها 20 كيلومتراً [ر: النجم النبّاض].

تتألف النجوم من غاز حار متوهج، والأغلفة الخارجية لبعض النجوم شبه فارغة، وهناك نجوم كثيفة جداً إلى درجة أن ملعقة شاي من المادة التي تشكل غلافها الخارجي تزن عدة أطنان. تتألف النجوم بصورة أساسية من الهدروجين ومن كمية أقل من الهليوم. وتوجد في النجوم عناصر أخرى مثل الأكسجين والكربون والنيون، إنما بكميات ضئيلة جداً.

تبعد الشمس ـ وهي أقرب النجوم إلى الأرض ـ نحو 150 مليون كيلومتر عن الأرض. وتبدو مختلفة عن النجوم التي تشاهد ليلاً في السماء؛ لأنها أقرب إلى الأرض بنحو 250000 مرّة من النجم الذي يلي الشمس في قربه، وهو Proxima Centauri الذي يبعد أكثر من 30 تريليون (3×1310) كيلومتر عن الأرض. وفي حين لا يستغرق الضوء حتى يصل إلى الأرض من الشمس سوى نحو ثماني دقائق فإنه يستغرق مليارات السنين حتى يصل من أبعد النجوم.

يختلف لون النجوم من الأحمر الغامق إلى البرتقالي والأصفر أو الأبيض المزرق وذلك تبعاً لدرجة حرارتها. فأبرد النجوم أحمر، وأسخنها أزرق. ومعظم النجوم يُصدر الضوء نتيجة لعدة أنواع من الاندماج النووي الحراري، وهو العملية التي تندمج فيها نوى الذرات، فتشكل نوى عناصر أثقل، وتُصدر الطاقة [ر: الطاقة النووية]. وإحدى أكثر عمليات الاندماج النووي في النجوم شيوعاً هي اتحاد أربع ذرات هدروجين لتشكيل ذرة هليوم وانطلاق طاقة تتحول إلى ضوء وحرارة.

وقد اكتشف الفلكيون في تسعينيات القرن العشرين كواكب تدور حول النجوم خارج المجموعة الشمسية، وذلك على الرغم من صعوبة مثل هذا الاكتشاف، وهم يعتقدون أن لكثير من النجوم منظومات كوكبية تدور حولها.

سمات النجوم

يحصل الفلكيون على معلومات عن الخواص الفيزيائية والكيمياوية لنجم ما من دراسة الطاقة التي يُصدرها. فهم يستطيعون رصد جو النجم ـ وهو الطبقة الغازية الخارجية للنجم ـ مباشرة. ويستنتجون من دراسة جو النجم ومن حجمه ومن الطاقة التي يطلقها العديد من الخواص المتعلقة بباطن النجم وببنيته الداخلية، مثل تركيبه الكيمياوي وكتلته. كما يرصد الفلكيون كذلك حركات النجوم بغية الحصول على معلومات حول تشكّل النجوم والمجرّات.

1ـ جو النجم: إن الجزء الوحيد الذي يُرى من نجم ما هو منطقته الغازية الخارجية، أو جوّه. ويبلغ سمك جو الشمس 320 كيلومتراً، ويبلغ قطرها 1392000 كيلومتر. ومع أن الجو صغير نسبياً مقارنة بحجم النجم كله؛ فإن باستطاعة الفلكيين الحصول على قدر كبير من المعلومات من دراسة هذا الجو.

أ ـ المرتبة magnitude والسطوع brightness : صنَّف الفلكيون النجوم بادئ ذي بدء تبعاً لمرتبتها الظاهرية أو لسطوعها النسبي. فجمعوا النجوم المرئية بالعين المجردة في ست مجموعات، أو مراتب، الأولى منها هي الأشد سطوعاً، وتليها تلك التي هي أقل سطوعاً بـ 2.5 مرّة، وهكذا دواليك في سلّم لغاريتمي بصورة أن خمس مراتب تقابل عاملاً مقداره 100 في السطوع. وتُصنَّف النجوم التي تكاد ترى بالعين المجردة في المرتبة السادسة، أما أضعف النجوم التي لا يمكن رصدها إلا بوساطة مرقاب هَبل Hubble الفضائي فهو من المرتبة 28. أما المرتبة المطلقة فتختلف عن الظاهرية ـ وهي السطوع الذي يرى من الأرض ـ في أنها السطوع الحقيقي كما يرى من نقطة بعيدة عن النجم خارج الأرض. ويساعد الفرق بين هذين النوعين من السطوع على التمييز بين النجوم التي تبدو ساطعة؛ لأنها قريبة نسبياً من الأرض وتلك التي تبدو ساطعة؛ لأنها فعلياتً ذات تألق luminosity عالٍ، أي ما يشعه النجم من الطاقة كل ثانية. ويتوقف التألق غالباً على المرحلة التي يوجد فيها النجم من مراحل تطوره. والطاقة التي تصدرها النجوم تكون على شكل إشعاع كهرطيسي يحتوي على الأشعة فوق البنفسجية [ر] والضوء المرئي [ر: الضوء] والأشعة تحت الحمراء والأمواج الراديوية [ر: الأمواج الكهرمغنطيسية].

الشكل (1) مخطط هرتزبرونغ ـ رسل وترى فيه مواقع الأنواع الرئيسية من النجوم

ب ـ النوع الطيفي: يحدد الفلكيون النوع الطيفي spectral type لنجم ما بتحليل الضوء الصادر منه بوساطة المطياف [ر]. يتألف الطيف عادة من شريط مستمر من الألوان يقطعها العديد من الخطوط المظلمة التي تدعى خطوط فراونهوفر Fraunhofer. وتدل مجموعة من هذه الخطوط على وجود عنصر معيّن في النجم يمتص الأطوال الموجية الناقصة في الطيف المضيء. ويتوقف ظهور أي من هذه الطيوف بصورة أساسية على درجة حرارة النجم. أما الفروق في تركيب النجوم الكيمياوي فتعطي آثاراً أكثر رهافة تحتاج إلى تحليل متأن للعثور عليها. وقد رصد الفلكيون الخطوط الطيفية لمئات الألوف من النجوم، ووجدوا بعد دراستها أنه يمكن ترتيب كل الطيوف تقريباً في متتالية sequence مستمرة مستندة إلى الشدة النسبية لخطوط الامتصاص المظلمة في الطيوف. وصنَّفوا بذلك معظم الطيوف النجمية في متتالية مؤلفة من سبع فئات عيارية. وبما أن شدة الخطوط الطيفية تدل على الحالة الفيزيائية للذرات والجزيئات المُؤلِّفة للنجوم، فقد تمكنوا من الربط بين الطيوف من جهة وألوان مختلف النجوم ودرجات حرارتها من جهة أخرى. ورتبوا هذه النجوم في متتالية مستمرة تبعاً لدرجة حرارة سطوعها، ورمزوا لها ـ ابتداء من الأشد حرارة إلى الأقل ـ بالحروف: O وB وA وF وG وK وM (أضيف إليها فيما بعد ـ في العام 1999 ـ النوعان L وT)، ثم قسموا كل نوع إلى عشر فئات فرعية. في حين لا تختلف نجوم المتتالية العيارية إلا قليلاً من حيث تركيبها فطيوفها مختلفة بسبب اختلاف درجات حرارتها. وقد قام الفيزيائيان الفلكيان، الدنماركي هرتزبرونغ E.Hertzsprung والأمريكي رسّل H.N.Russel، كل على حدة ـ في بداية القرن العشرين ـ بإنشاء مخطط يُعرف اليوم بمخطط هرتزبرونغ ـ رسّل (واختصاراً مخطط H-R) يُرسم فيه السطوع المطلق بدلالة النوع الطيفي، الشكل (1). يقع أسطع النجوم بالقرب من قمة المخطط، وتقع أشد النجوم حرارة إلى اليسار. ويقع في هذا المخطط معظم النجوم ـ بما فيها الشمس ـ على خط قطري يصل بين أعلى يسار المخطط وأسفل يمينه. ويدعى هذا الخط المتتالية الرئيسية main sequence. وتقع الغالبية العظمى للنجوم المجاورة للشمس على الجزء الأسفل من المتتالية الرئيسية للمخطط H-R، وهناك عدد قليل نسبياً يقع على الجزء فوق الشمس من هذه المتتالية. وهذا يعني أن معظم النجوم المجاورة للشمس أقل حرارة منها وأضعف سطوعاً. ويحتل عدد صغير من النجوم الأكثر سطوعاً ـ إنما الأقل حرارة ـ المنطقة العلوية من المخطط، وهذه تُعرف بالعمالقة الفائقة supergiants.وتقع نجوم أخرى باهتة جداً بالقرب من أسفل المخطط H-R وتدعى الأقزام البيضاء white dwarfs.

جـ ـ الحجم: القطر الزاوي للنجم هو قطره كما يُرصد من الأرض معبّراً عنه بالدرجات والثواني القوسية. فإذا عُرف بعد النجم عن الأرض وقيس أمكن حساب قطره. وقد وُجد أن قطر نجم السِّماك الرامح ـ وهو رابع أسطع نجم في السماء ـ يبلغ 23 ضعفاً من قطر الشمس (علماً أن قطر الشمس يبلغ 1.39×610 كيلومتر). أما نجم منكب الجوزاء فيبلغ قطره نحو 1000 ضعف من قطر الشمس.

د ــ درجة الحرارة: تختلف درجة حرارة باطن النجم حيث تبلغ ملايين الدرجات عن جوه البارد نسبياً. فدرجة حرارة قلب الشمس ـ على سبيل المثال ـ تبلغ 16 مليون درجة مئوية في حين درجة حرارة طبقتها الخارجية هي نحو 5800ْس.

2ـ باطن النجوم: تحدد كتلة النجم وتركيبه الكيمياوي درجة حرارة باطنه، كما تحدِّد الضغط نحو الخارج الذي تؤثر فيه الغازات المحترقة. فإذا فاقت قوى الضغط هذه ـ المتجهة نحو الخارج ـ قوى الثقالة المتجهة نحو الداخل التي تتوقف على كتلة النجم؛ توسع النجم حتى يحصل التوازن.

أـ الكتلة: يستطيع الفلكيون حساب كتلة نجم ثنائي مؤلف من نجمين يدور كل منهما حول الآخر من قياس البعد بين النجمين والمدة اللازمة لإتمام الدورة. وقد وجدوا أن كتل النجوم التي قاسوها تراوح بين جزء من خمسين من كتلة الشمس وخمسين ضعفاً منها علماً أن كتلة الشمس تبلغ 1.99×1310 كيلوغرام. ويستخدم الفلكيون كذلك علاقة تعرف بقانون الكتلة ـ الضيائية لتقدير كتلة نجم ما من درجة سطوعه. وينص هذا القانون على أن نجوم المتتالية الرئيسية ذات الكتل الأكبر أشد سطوعاً من تلك ذات الكتل الأصغر، ذلك أنه كلما كانت كتلة النجم أكبر كان قلبه أشد تراصاً بفعل قوى الثقالة، وكلما كان الضغط المركزي أشد كانت درجة حرارة القلب أعلى. وبما أن سرعة التفاعلات النووية الحرارية التي تحدث في قلب النجم تزداد عند درجات الحرارة العليا، فإن النجوم ذات الكتل الكبرى تولد طاقة أكبر، وتحترق بسطوع أشد من احتراق النجوم الأصغر كتلة. وقد تحقق الفلكيون من صحة هذه العلاقة إذ وجدوا أنها تطبق على النجوم التي تولّد طاقتها بوساطة الاندماج النووي لذرات الهدروجين، وهي النجوم الواقعة على السلسلة الرئيسية. أما النجوم التي لا تقع على السلسلة فتنحرف عن هذا القانون. فالأقزام البيض تبدو أقل سطوعاً مقارنة بمثيلاتها في الكتلة لأنها استنفدت مخزونها من الوقود النووي.

ب ـ التركيب الكيمياوي: تختلف نجوم المتتالية الرئيسية بعضها عن بعضها الآخر في تركيبها الكيمياوي مع أنها تتألف كلها بصورة أساسية من الهدروجين ومن كميات أقل من الهليوم. وتحتوي بعض النجوم غير العادية ـ مثل الأقزام البيضاء ـ كميات كبيرة من الهليوم وقليلاً من الهدروجين. أما العمالقة الحمراء ـ وهي النجوم التي بلغت المراحل الأخيرة من تطورها ـ فقد استنفدت مخزونها من الهدروجين، وهي تحرق الهليوم والعناصر الأثقل. وقد مكَّنت الاختلافات في التركيب الكيمياوي بين نجم وآخر الفلكيين من تحديد أجيال النجوم في الكون. فبينما تشكلت بعض النجوم من مواد جديدة، تشكل بعضها الآخر من مواد قذفتها في الفضاء نجوم قديمة لدى موتها، وهي لذلك تنتمي إلى الجيل التالي.

حركة النجوم

على الرغم من أن النجوم تبدو ثابتة في الكويكبات (مجموعات النجوم) إلا أنها تتحرك في الواقع بسرعات كبيرة يمكن قياسها مع مرور الزمن بوساطة تغيرات بسيطة في مواضعها. وتُعرف حركة النجوم مع مرور الزمن بالحركة الذاتية، وهذه الحركة مستقلة عن الحركة الظاهرية للنجوم عبر السماء في الليل، فهذه الحركة الظاهرية سببها دوران الأرض. وبالإمكان تحديد سرعة نجم ما يتحرك مقترباً من الأرض أو مبتعداً عنها بوساطة فحص طيفه استناداً إلى مفعول دوبلر [ر]. وقد وجد الفلكيون أن النجوم المجاورة للشمس تتحرك في اتجاهات عشوائية بسرعة وسطية تقدر بنحو 24 كيلومتراً في الثانية، بعضها بالنسبة إلى بعض. أما سرعة الشمس بالنسبة إلى النجوم المجاورة فهي نحو 26 كيلومتراً في الثانية، وهي تتحرك باتجاه الكويكبة هرقل بالقرب من نجم النسر الواقع Vega.

الطاقة المتولدة من النجوم

يُستدل من الأحفوريات الأرضية على أن الشمس تشع منذ مئات الملايين من السنين. ولا يمكن لأيّ تفاعل احتراق كيمياوي أن يوفر طاقة من كتلة مماثلة لكتلة الشمس لأكثر من بضعة آلاف من السنين. ولم يُكتشف حتى عشرينيات القرن العشرين أن التفاعلات النووية هي مصدر توليد الطاقة في النجوم. تحدث التفاعلات النووية في باطن النجوم؛ لأن درجة الحرارة فيه تبلغ ملايين الدرجات، ويكون الضغط عالياً جداً، وكذلك الكثافة، وهذه شروط تتيح لنوى الذرات أن تدخل في تفاعلات اندماج، فتولد نتيجة لذلك طاقة هائلة.

توجد عدة تفاعلات اندماج يمكن أن تجري في باطن النجوم. منها اندماج أربع نوى هدروجين لتشكيل نواة هليوم، وهذا يُدعى عادة «حرق الهدروجين»، وهو ما يحدث في الشمس والنجوم الشبيهة بها. وعلى سبيل المثال «تحرق» الشمس أكثر من 4 ملايين طن من الهدروجين كل ثانية. وفي نجوم أخرى ـ درجة حرارة باطنها يفوق 20 مليون درجة مئوية ـ يحدث ما يسمى بدورة الكربون التي يقوم فيها الكربون بدور حَفّاز (وسيط) لاندماج نوى الهدروجين وتحولها إلى هليوم، وفي مثل هذه النجوم يتم التفاعل بسرعة أكبر، وتكون هذه النجوم أكثر سطوعاً. أما إذا كانت درجة حرارة باطن النجم نحو 100 مليون درجة؛ فإن نوى الهليوم تندمج مشكلة نوى البريليوم، وهذه يمكن أن تندمج مع نوى هليوم أخرى، فتتشكل نوى الكربون. وتدعى هذه التفاعلات «حرق الهليوم». وهذا يحدث في النجوم العملاقة الفائقة ذات اللون الأبيض المزرق وفي النجوم العملاقة الصفراء. وإذا كانت درجة الحرارة أعلى أمكن للكربون والهليوم أن يندمجا لتشكيل الأكسجين، ويمكن لعملية الاندماج هذه أن تستمر، فتتشكل عناصر ذات أعداد ذرية أكبر فأكبر وصولاً إلى الحديد. لكن هذه العمليات لا تستمر إلا فترات زمنية محدودة، ولا تحدث إلا في النجوم ذات الكتل الكبيرة جداً. ويُعتقد أن معظم العناصر الموجودة على الأرض تشكلت بهذه الطريقة في باطن النجوم التي كانت موجودة قبل تشكل الشمس بزمن طويل.

النجوم المضاعفة والمتعددة

معظم النجوم هي أفراد من نوع ما من المنظومات، من المضاعفة، أو الثنائية، إلى المتعددة إلى العناقيد (التجمعات) clusters. وتختلف المسافة الفاصلة بين فردي منظومة ثنائية من آلاف الوحدات الفلكية (الوحدة الفلكية هي المسافة بين الأرض والشمس) إلى أن يمس النجمان أحدهما الآخر. ويبلغ دور دوران النجمين كل منهما حول الآخر في الحالة الأولى مليون سنة، وهو لا يتجاوز الساعات في الحالة الثانية. يراوح عدد النجوم في المنظومات المتعددة بين عدة نجوم وعشرات الملايين كما في العناقيد. أما التجمعات الكبرى من النجوم والغازات والغبار فتدعى مجرّات galaxies، وهذه يمكن أن تحتوي مليارات النجوم التي يتآثر بعضها مع بعض تثاقلياً، وتدور حول مركز مشترك [ر: المجرة].

دورات حياة النجوم وأعمارها

تتشكل النجوم من الغبار والسحب الغازية، ويمكن أن تولد كواكب في أثناء عملية التشكل. وللتركيب الكيمياوي لنجم ما ولكتلته دور مهم في مراحل حياته وفي عمره.

أ ـ تشكّل النجوم: يعتقد الفلكيون أن النجوم تتشكل عندما تَخلق موجات ضغط هائلة تعبر سحابةً غازية عقداً كثيفة فيها. ثم تجذب قوى الثقالة لهذه المناطق الكثيفة جسيمات الغاز القريبة، فتنمو العقدة، وتزداد قواها التثاقلية، فتجذب مزيداً من الغاز إليها. وفي النهاية تلتحم العقدة متحولة إلى كرة متنامية من غاز مضغوط تصل درجة حرارتها الداخلية إلى عدة ملايين الدرجات المئوية. عندئذ تبدأ نوى ذرات هذا الغاز الحار جداً بالاندماج، وتولّد بذلك كميات كبيرة من الطاقة النووية، فيتشكل نجم جديد. ومثل هذه النجوم اللامعة المتشكلة حديثاً موجودة في البنية الحلزونية لمجرة درب التبانة. ويسبب ضغط إشعاع النجوم الجديدة بدوره تشكل مناطق كثيفة جديدة في السحابة الغازية تكون البداية لمولد نجوم أخرى. وتتشكل أجرام تشبه النجوم تدعى الأقزام البنّية brown dwarfs بالطريقة ذاتها، وهي أكبر من الكواكب، لكن كتلها غير كافية لأن تبدأ التفاعلات النووية الحرارية فيها لتصبح نجوماً حقيقية.

ب ـ تطور النجوم: يكون النجم العادي ـ مثل الشمس ـ في مراحله الأولى كبيراً، ويصدر إشعاعاً تحت أحمر. وبعد نحو مليون سنة تسبب قوى الثقالة لمادة النجم نفسه انكماشه، فيصبح في مثل حجم الشمس الحالي. ويسبب الضغط الزائد الناتج من انكماش النجم ارتفاع درجة حرارته الداخلية إلى درجة تكفي لقدح التفاعلات النووية في القلب. ويحدث نوع من الاستقرار في حرق الهدروجين ـ كما في نجوم المتتالية الرئيسية ـ يستمر نحواً من عشرة مليارات سنة يستهلك النجم في أثنائها بالتدريج مخزونه من الهدروجين. ولكن بعد نفاد هذا المخزون في القلب الداخلي تبدأ مراحل أخرى من التوسع والانكماش فيما يقترب النجم من نهاية دورة حياته. يبدأ القلب بالانكماش بعد أن يكون مخزونه من الهدروجين قد استنفد، فيتحول الهدروجين إلى هليوم في طبقات أكبر فأكبر حول القلب الداخلي. لكن هذا يؤدي ـ على الرغم من انكماش القلب ـ إلى توسع النجم نفسه؛ لأنه يحرق الهدروجين في طبقة محيطة بالقلب المؤلف من الهليوم، وهذا يجعل طبقات الجو الخارجية تتضخم. وفي النهاية يتوسع النجم حتى يصبح عملاقاً أحمر، وقد يبلغ قطره 10 إلى 100 ضعف قطر الشمس. وبما أن انكماش القلب يزيد الضغط الداخلي؛ فإن هذا يؤدي إلى ازدياد درجة الحرارة، فتصبح كافية لقدح تفاعلات نووية بين نوى الهليوم الموجودة في النجم. وتطلق هذه السلسلة الجديدة من التفاعلات النووية مزيداً من الطاقة، فيتوقف القلب عن الانكماش؛ وعندئذ يبدأ جو النجم الخارجي بالتقلص. يمكن أن يتطور نجم ذو كتلة كبرى إلى نجم يدعى العملاق الفائق، إذ يسبب الإشعاع المنطلق من اندماج الهليوم وتحوله إلى كربون أن يتوسع العملاق الأحمر، فيصبح عملاقاً فائقاً، وهو نجم يفوق حجمُه حجمَ الشمس بأكثر من 500 مرّة.

 أما حين يستنفد نجم ـ كتلته متوسطة أو صغيرة ـ وقوده النووي في القلب فإنه ينهار تحت تأثير الضغط الثقالي الناتج من وزنه نفسه، ويصبح نجماً متراصاً وكثيفاً إلى أقصى حد يعرف بالقزم الأبيض white dwarf. وحين ينهار نجم كتلته أكبر من كتلة الشمس بستّ مرات إلى ثمانٍ، ويتحول إلى قزم أبيض، فإنه يقذف أكثر من نصف طبقته الخارجية إلى الفضاء على شكل سديم؛ أي غاز وغبار يمكن أن يكونا مادة لتشكيل كواكب في مجموعات شمسية جديدة. ويستمر القزم الأبيض ـ مع أنه أقل سطوعاً من النجم الأصلي ـ بإشعاع الضوء عدّة مليارات من السنين بفضل الطاقة الحرارية المحتجزة في باطنه.

وحين يستنفد عملاق فائق الهليوم الموجود فيه ينكمش القلب مجدداً، فإن كان القلب ذا كتلة كافية بدأت فيه تفاعلات نووية أخرى تحوّل الكربون والعناصر الأخرى إلى عناصر أثقل فأثقل إلى أن يصبح القلب مؤلفاً من الحديد بصورة رئيسية. تشكل بعض النجوم العملاقة الفائقة ـ عندما تستمر بالانهيار وتزداد كثافة المادة في قلبها أكثر فأكثر إلى درجة أن نوى الذرات تصبح قريبة جداً من بعضها فتتحول إلى نترونات ـ جرماً فلكياً يعرف بالنجم النتروني [ر: النجم النبّاض]. وحين يحدث هذا يتوقف القلب عن الانكماش، ويبقى نجماً نترونياً يدور حول نفسه بسرعة كبيرة. ويحتوي النجم النتروني كتلة تساوي بين 1.4 و3 مرات كتلة الشمس، لكنها مضغوطة في حجم صغير لا يتجاوز قطره 20 كيلومتراً.

يمكن أن تستمر عمالقة فائقة كتلها أكبر من خمسة أضعاف كتلة الشمس بالانهيار حتى تتحطم النوى فيها، وتصبح مادة أكثف مما هي في النجم النتروني، يتشكل عندئذ ما يسمى بالثقب الأسود [ر] black hole، وهو جسم في غاية الكثافة ذو حقل ثقالي هائل يمنع حتى الضوء من الخروج منه؛ ولذلك فهو غير مرئي.

جـ ـ أعمار النجوم: توجد نجوم فتية لا يتجاوز عمرها 25000 سنة، ونجوم أخرى عمرها أكثر من 10 مليارات سنة. ويبلغ عمر الشمس 4.6 مليار سنة. ويعتقد الفلكيون أنه بمجرد أن تتشكل النجوم ذات الحجم المتوسط فإنها تبقى حتى 10 مليارات سنة. ويُعتقد أن قلب الشمس سوف يستنفد وقوده من الهدروجين بعد نحو 7 مليارات سنة في حين تصرف النجوم الأكثر حرارة طاقتها بسرعة أكبر بكثير، ومن ثم تموت؛ أي تصبح معتمة وباردة.

بسام المعصراني

 الموضوعات ذات الصلة:

 

الاندماج النووي ـ الثقب الأسود ـ الشمس ـ الطاقة النووية ـ الكون ـ الكويكبات ـ المجرة ـ النجم النبّاض.

 

 مراجع للاستزادة:

 

ـ عبد القادر عابد وآخرون، السماء في الليل: دليل عملي للتعرف على النجوم (مؤسسة الرسالة، بيروت 1988).

ـ كارولين بيترسون، رؤية هابل: علم الفلك بالتلسكوب الفضائي هابل (دار الحصاد، دمشق 1998).

ـ لوك ماري؛ درب النجوم: جيل النجم «حضار ألفا»، ترجمة عبد الحميد منصور (دار طلاس، دمشق 2003).

- L.H.ALLER, Atoms, Stars and Nebulae (Cambridge University Press, 1991).

- E.BOHM-VITENSE, Introduction to Stellar Astrophysics (Cambridge University Press 1989).

- R.J.TAYLER, The Stars: Their Structure and Evolution, 2d ed (Cambridge University Press 1994).


التصنيف : الرياضيات و الفلك
النوع : علوم
المجلد: المجلد العشرون
رقم الصفحة ضمن المجلد : 478
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 1084
الكل : 40564655
اليوم : 94470

الأُكسين

الأُكْسِين   الأُكْسِين auxin أول هرمون عُزل من النبات، تُنتجُه النسج القِمِّية الشديدة الانقسام. وهو يُنَشِّط استطالة الجدران الخلوية التي تؤدي إلى استطالة الفوارع shoots، وأغماد البريْعمات coleoptiles، وقمم السوق الرئيسية مع تثبيط في نمو البراعم الجانبية. والأكسين كلمة معربة من اليونانية «أُكسن» auksein بمعنى نمّى. تختلف ردود أفعال النسج النباتية باختلاف تركيزات الأكسين، فالتركيز الذي ينشّط نمو السوق الرئيسة، على سبيل المثال، يساعد على تكوين بداءات الجذور المعترضة والثانوية، ويُنشّط نمو الغلف الثمرية عندما تفرزه البذور الآخذة بالتشكل، ويُثبط نمو الجذر الرئيسي، ويؤخر سقوط الأوراق والثمار.
المزيد »