logo

logo

logo

logo

logo

واترلو (معركة-)

واترلو (معركه)

Battle of Waterloo - Bataille de Waterloo

واترلو (معركة ـ)

 

معركة واترلو Battle of Waterloo المعركة الفاصلة والنهائية التي خاضها نابليون بونابرت Napoleon Bonaparte وانتهت بهزيمته التامة، ونزوله عن العرش للمرة الثانية، ونفيه إلى جزيرة القديسة هيلانة في جنوبي المحيط الأطلسي. دارت رحى المعركة في 18 حزيران/يونيو سنة 1815 إبان حكم المئة يوم التي قضاها نابليون بعد هروبه من منفاه الأول في جزيرة إلبا Elba واستعادته عرش فرنسا، وانتهت بنهايتها 23 سنة من الحروب بين فرنسا والقوى الأوربية المتحالفة ضدها، وأنهت السيادة الفرنسية على معظم أوربا، ونجمت عنها تبدلات جوهرية في الخريطة السياسية للقارة وتوازن القوى فيها.

لوحة تمثل الفرسان الفرنسيين يهاجمون مواقع الحلفاء على الهضبة

جـرت أحـداث المعركة على مسافة 5كم إلى الجنوب من بلدة واترلو ـ التي تبعد 14.5كم عن بروكسل Brussels عاصمة بلجيكا ـ بين القوات الفرنسية بقيادة نابليون (72 ألف جندي) وبين القوات المشتركة من البريطانيين والهولنديين والبلجيك والألمان بقيادة الجنرال البريطاني آرثـر ويلـزلي دوق ويلنغتون General Arthur Wellesley 1st Duke of Wellington ت(68 ألف جندي) مضافاً إليها نحو 45 ألف جندي من القوات البروسية بقيادة الجنرال غبهارد ليبرخت فون بلوخر Gebhard Leberecht von Blücher.

بعد أن احتلت فرنسا الصدارة في أوربا في حكم نابليون بونابرت في الفترة بين عامي 1804 ـ 1813 لحقت بها هزيمة منكرة عام 1814 على يد تحالف القوى الأوربية الرئيسية (بروسيا وروسيا وبريطانيا والنمسا)، وتم عزل نابليون عن العرش ونفيه إلى جزيرة إلبا في البحر المتوسط، ونصب على عرش فرنسا لويس الثامن عشر Louis XVIII. وعقد في ڤيينا مؤتمر للحلفاء في شهر أيلول/سبتمبر 1814 حضره مندوبون عن أكثر الدول الأوربية للتباحث في المشكلات التي نجمت عن هزيمة فرنسا. وإبّان انعقاد المؤتمر تمكن بونابرت من الفرار من منفاه (26 شباط/فبراير 1815) واستعادة عرشه في فرنسا بمساعدة الخلَّص من أنصاره، وقرر المجتمعون في ڤيينا التصدي لهذه الأزمة الجديدة بحشد 150000 جندي في بلجيكا لغزو فرنسا في الأول من تموز/يوليو سنة 1815.

علم نابليون في باريس بما يخطط له أعداؤه، فأراد أن يباغت الحلفاء في عقر دارهم قبل أن يتمكنوا من إنهاء حشودهم، وتمكن في غضون شهرين من تعبئة جيش تعداده 360 ألف جندي جيد التدريب، نشر نصفهم في داخل فرنسا تحسباً لأي طارئ، وسار على رأس 124 ألف جندي بمسير سريع وفي سرية تامة قاصداً الحدود البلجيكية، مخلفاً وراءه في المؤخرة 56 ألف جندي في الاحتياط.

خريطة معركة واترلو ومواقع الأطراف المتحاربة

انطوت استراتيجية نابليون في حملته الجديدة على مغامرة خطيرة، فقد كان في انتظاره بالقرب من الحدود البلجيكية الجيش البروسي والسكسوني بقيادة بلوخر في نامور Namur ت(116 ألف جندي) ـ وقد انتشرت طلائعه بين غيلي Gilly وشارلـروا Charleroi ـ وقـوات الحلفاء المتمركـزة في بروكسل بقيادة ولنغتون (93 ألف جندي)، وقد احتلت طلائعها موقعاً متقدماً عند كاتر ـ برا Quatre- Bras.

قرر نابليون أن يهاجم الجيشين في آن واحد على أمل أن يفصل بينهما ويدمرهما منفصلين، ومن ثم يتفرغ لملاقاة الجيشين الروسي والنمساوي اللذين يتقدمان باتجاه فرنسا من الشرق. ولتنفيذ خطته هذه قسم قواته إلى جناحين هجوميين واحتفظ باحتياط استراتيجي يضم الحرس القديم المتمرس في الحروب. وفي اليوم الخامس عشر من حزيران/يونيو، عبر نابليون الحدود البلجيكية في حركة مباغتة لم يتوقعها الحلفاء، فاجتاز نهر سامبر Sambre، واقتحم مواقع مقدمة البروسيين في شارلروا، وأمر جناحه الأيسر، بقيادة المارشال ميشيل ني [ر] Michel Ney بمهاجمة لواء الخيالة البريطاني في كاتر ـ برا (على بعد 19كم من شارلروا). كما أوعز إلى جناحه الأيمن، الذي يقوده الجنرال إيمانويل دي غروشي Emmanuel de Grouchy بالتقدم شرقاً لمهاجمة اللواء البروسي في بلدة غيلي.

 أتم غروشي مهمته بنجاح في غضون ساعات واندفع بقواته لمهاجمة القوى الرئيسية لبلوخر المتحشدة في فلوروس Fleurus، وما إن حل منتصف ليل اليوم الأول من القتال حتى كان نابليون قد أحرز المبادرة الاستراتيجية ونجح في الفصل بين قوات بلوخر وويلنغتون، مع استعداد قواته الرئيسية للفتح يميناً لمواجهة الأول أو يسارا في مواجهة الثاني.

نابليون يوقع قرار نزوله عن العرش

في صباح يوم 16 حزيران/يونيو تحرك نابليون مع احتياطيه نحو فلورو ليقود بنفسه جيش غروشي، واكتسح مواقع الفيلق البروسي بنجاح، ثم توجه شمالاً إلى منطقة لينيي Ligny ليشتبك مع بلوخر الذي سارع إلى الانسحاب غرباً على أمل قطع الطريق على الفرنسيين. وبعد ظهر ذلك اليوم زج نابليون كل القوات التي كانت لديه (71 ألف جندي) ضد جيش بلوخر (83 ألف جندي) وبعد ساعة من القتال العنيف بعث الامبراطور برسالة إلى المارشال ني في كاتر ـ برا يأمره بتوجيه الفيلق الأول (30 ألف جندي) الذي بإمرته لتعزيز القوات المشتبكة في لينيي، لكن حامل الرسالة قام بتسليمها إلى قائد الفيلق بدلاً من المارشال، ونُفِّذ الأمر للتو من دون علمه، ولما علم المارشال بحركة الفيلق بعث إلى قائده يأمره بالعودة إلى كاتر ـ برا، وكان قد وصل إلى أرض المعركة، فارتد راجعاً ولم يشارك في أي قتال. ومع ذلك فقد تمكن نابليون من هزيمة بلوخر في معركة دامية استمرت ثلاث ساعات وانسحب الجيش البروسي بقواه الرئيسة انسحاباً منتظماً مع غروب الشمس مخلفا 12000 بين قتيل وجريح.

في تلك الأثناء أضاع المارشال ني بضع ساعات بلا طائل قبل أن يبدأ هجومه على مواقع البريطانيين والهولنديين عند كاتر ـ برا، وقد أتاح هذا التأخير لويلنغتون الوقت الكافي ليعيد تنظيم قواته وتعزيز مواقعها هناك بعدة فرق من الخيالة والمشاة، وتمكنت هذه القوات من رد هجمات الفرنسيين المتكررة.

في صباح 17 حزيران/يونيو علم ولينغتون بالهزيمة التي لحقت ببلوخر، وأدرك أن الفرنسيين سيطوقونه من الجانب الآخر، فأرسل إلى بلوخر يطلب منه التوجه نحو الشمال الغربي لينضم إليه عند قرية مون سان جان Mont- Saint -Jean  الواقعة جنوب واترلو. وبعد بضع ساعات انسحب ولينغتون من كاتر ـ برا خفية، مخلفاً قوات تغطية من لواء خيالة لخداع المارشال ني. أما نابليون الذي كان عند ليني فقد أوعز إلى الجنرال غروشي أن يطارد بلوخر على رأس قوة من 30000 جندي، وبعث إلى المارشال ني يأمره ببدء الاشتباك مع ولينغتون من دون تأخير. غير أن الماريشال لم يفلح في مهمته، وقد غاب عنه انسحاب ولينغتون. ومع حلول المساء لاحظ نابليون وجود قوات بريطانية وهولندية تتخذ مواقع لها على امتداد سهل مونت سان جين استعداداً للمعركة، في حين أخفق غروشي في ملاحقة بلوخر، وعلم من كشافته أن هذا الأخير يتوجه نحو الشمال الغربي للانضمام إلى ولينغتون، فبعث رسالة تحذير إلى الامبراطور، وجاءه الرد بأن عليه متابعة إقامة التماس مع بلوخر، غير أنه أخفق.

في صباح يوم 18 حزيران/يونيو اتخذ كل من الطرفين مواقعهما القتالية، وبدأت المعركة في الساعة 11.30 بهجوم مزيف شنه نابليون على جناح ولينغتون الأيمن، تبعه تمهيد مدفعي قوي وهجوم فرنسي عنيف، لكن الهجوم رد بعنف أيضاً. وفي الساعة الرابعة بعد الظهر وصلت طلائع بلوخر، وزجت في القتال، وتم رد الفرنسيين نحو كيلومتر إلى الخلف. رد الفرنسيون بهجوم معاكس استعادوا فيه مواقعهم واضطروا البروسيين إلى التراجع، ومع حلول الساعة السادسة مساء كان المارشال ني قد توغل عميقاً في مواقع البريطانيين وهدد قلب تراتيبهم، ولكنه لم يلبث أن رُدّ على أعقابه، وعندئذٍ غامر نابليون بهجوم عام زج فيه كل قواه محتفظاً باحتياط من خمس كتائب فقط. غير أن مشاة الحلفاء صمدت وكبدت القوات الفرنسية خسائر فادحة، ومع أن نابليون أعاد تجميع قواته وشن هجوماً آخر، فإن وضع الفرنسيين أضحى ميؤوساً منه، واخترق البروسيون الجناح الأيمن للفرنسيين فدب الذعر في صفوفهم ولاذوا بالفرار إلى ما وراء نهر سامبر، ولم يتمكن الامبراطور من النجاة بنفسه إلا بفضل صمود ثلة من حرسه القديم وانتهت المعركة بعد أن بلغت خسائر الفرنسيين 40 ألف رجل، أما البريطانيون والهولنديون فكانت خسائرهم 15000 والبروسيون 7000 رجل.

في الثاني والعشرين من شهر حزيران/يونيو نزل نابليون بونابرت للمرة الثانية عن العرش وتم نفيه إلى جزيرة القديسة هيلانة، وأعيد تنصيب لويس الثامن عشر على عرش فرنسا في تموز/يوليو من العام نفسه، وقد احتلت الدروس المستفادة من معركة واترلو صفحات بارزة في الملاحم الأدبية والدراسات العسكرية وكتب التاريخ.

محمد وليد الجلاد

 الموضوعات ذات الصلة:

 

بونابرت (نابليون ـ) ـ الثورة الفرنسية ـ ني ( ميشيل ـ) ـ ولينغتون (آرثر ويلزلي، دوق ـ)،.

 

 مراجع للاستزادة:

 

ـ كلاوزفيتز، كارل فون، في الحرب، ترجمة أكرم ديري (دار الكاتب العربي، القاهرة 1970).

ـ ليدل هارت، الاستراتيجية وتاريخها في العالم، ترجمة هيثم الأيوبي (دمشق 1973).

 - ANTONY BRETT - JAMES, The Hundred Days: Napoleon’s Last Campaign from Eye ـ Witness Accounts. St.Martin (New York 1965).

 - F. EARNEST HENDERSON, Blucher and the Uprising of Prussia Against Napoleon (Putnam, New York 1911).

 - J. CHRISTOPHER HEROLD, The Battle of Waterloo (American Heritage Publishing Co., Inc., New York 1967).


التصنيف : التاريخ و الجغرافية و الآثار
المجلد: المجلد الثاني والعشرون
رقم الصفحة ضمن المجلد : 78
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 1721
الكل : 52895737
اليوم : 150025

الصولجان (البولو)

الصولجان (البولو)   الصولجان scepter كلمة محرفة عن الجوكان chaugan الفارسية وبالعربية المحجن، ومعناه: العصا أو المضرب. يرجع أصل الصولجان في القديم إلى سلاح له مقبض طويل ورأس معقوف أو كروي ثقيل، ثم صار رمزاً للسلطان، ويحمله الملوك والرؤساء وكبار الضباط من حرسهم.
المزيد »