logo

logo

logo

logo

logo

الإنتاج (تجديد-)

انتاج (تجديد)

Reproduction - Reproduction

الإنتاج (تجديد ـ)

 

تجديد الإنتاج أو إعادة الإنتاج reproduction تكرار مستمر لعملية الإنتاج. ويؤلف تجديد الإنتاج ضرورة موضوعية لوجود المجتمع البشري وتطوره بصرف النظر عن الطبيعة الاجتماعية لعملية الإنتاج. ويتحدد جوهر تجديد الإنتاج بحسب طبيعة أسلوب الإنتاج السائد في المجتمع الذي يبرز وحدة مكونات الإنتاج الاجتماعي أي القوى المنتجة وعلاقات الإنتاج. ولا تختلف طبيعة الإنتاج في مكوناتها وعناصرها عن طبيعة تجديد الإنتاج. ففي عملية الإنتاج لا يتحقق فقط إنتاج المنتجات، وإنما يتم فيها، في الوقت نفسه، استهلاك منتجات أخرى (وسائل الإنتاج) لأنها الشروط المادية لعملية الإنتاج. ثم إن تجديد الإنتاج يشترط تعويض وسائل الإنتاج المستهلكة وتعويض وسائل المعيشة والبقاء المستهلكة في تجديد إنتاج قوة العمل والحفاظ على العنصر البشري. إن تعويض وسائل الإنتاج المستهلكة ووسائل معيشة الفرد لا يمكن تحقيقه إلا باستمرار عملية الإنتاج. ولا تقتصر عملية تجديد الإنتاج على تجديد إنتاج العناصر المادية، ومنها الوسائل الضرورية لتجديد قوة العمل، وإنما تشمل هذه العملية أيضاً تجديداً لإنتاج العلاقات الاجتماعية أي علاقات الإنتاج السائدة في المجتمع، وبالدرجة الأولى تجديد علاقات الملكية وعلاقات التوزيع وأنماط  التنظيم لعملية الإنتاج. وعلى هذا الأساس فإن تجديد الإنتاج هو في الوقت نفسه تجديد اجتماعي. ففي النظام الإقطاعي، يرافق عملية تجديد الإنتاج تجديد علاقات الإنتاج الإقطاعية. إذ يكون الإقطاعيون باستمرار مالكين لوسائل الإنتاج الأساسية ومستحوذين على الريع، في حين يظهر الفلاحون مالكين لبعض أدوات العمل البسيطة إلى جانب استخدام قوة عملهم في مقابل الحصول على جزء محدد من الناتج العيني أو النقدي. ففي عملية الإنتاج يتم إذن تجديد الشروط المادية وتجديد قوة العمل والعلاقات الاجتماعية وهذه العملية تؤلف وحدة متكاملة ومترابطة لهذه الجوانب الثلاثة.

لقيت المسائل المتعلقة بتجديد الإنتاج الاجتماعي اهتماماً خاصاً من بعض علماء الاقتصاد السياسي. فقد قام الاقتصادي الفرنسي كيسنيQuesnay  (1694- 1774م)، وهو من أبرز ممثلي النظرية الفيزيوقراطية، بأول محاولة لتحليل عملية تجديد الإنتاج الاجتماعي، عندما انطلق في تحليله من أن عملية الإنتاج الاجتماعي تتصف بالتكرار والدورية. وقد تناول  في البحث الشروط الخاصة والضرورية لعملية تجديد الإنتاج الاجتماعي الرأسمالي، وركز خاصةً على ضرورة توافر التبادل السلعي بوصفه مرحلة أساسية في عملية تجديد الإنتاج. وبذلك تعتمد دراسة كيسني على الشكل السلعي لتجديد رأس المال الاجتماعي، فتناول بالدراسة والبحث الناتج الاجتماعي الكلي من حيث أهميته في عملية تجديد الإنتاج الاجتماعي. وبحسب رأيه يمكن تقسيم الناتج الاجتماعي الكلي وفقاً لشكله المادي الطبيعي إلى قسمين: هما الناتج الصناعي والناتج الزراعي. ويكون كيسني قد اقتصر في دراسته للناتج القومي الإجمالي على الشكل المادي أو القيمة الاستعمالية لهذا الناتج، وأهمل في التحليل أهمية القيمة التبادلية للناتج القومي ودورها في عملية تجديد الإنتاج الاجتماعي. وقام آدم سميث (1723 -1790)، أحد أبرز ممثلي المدرسة الكلاسيكية في علم الاقتصاد السياسي البرجوازي، بمحاولة أخرى لتحليل عملية تجديد الإنتاج الاجتماعي والناتج الاجتماعي الكلي بصفته يمثل قيمة العمل المبذول إبان السنة، وخلافاً للمدرسة التجارية (الميركانتيلية) التي اقتصرت على تحليل علاقات التداول، فإن المدرسة الكلاسيكية عالجت علاقات الإنتاج الرأسمالي وقوانين الإنتاج وتجديد الإنتاج على مستوى الاقتصاد الوطني. ومع أن هذه المعالجة لم تكن تؤلف سوى بدايات أولية لتوضيح مفهوم تجديد الإنتاج، فإن المدرسة الكلاسيكية عامة أصبحت فيما بعد أحد المصادر العلمية الأساسية للنظرية الماركسية.

أولى كارل ماركس (1818 - 1883) في المجلد الأول من كتابه «رأس المال» اهتماماً خاصاً بالكشف عن قانون التطور الاقتصادي في المجتمع الحديث بتحليله عملية إنتاج رأس المال. في حين خصص المجلد الثاني من  الكتاب لتحليل دورة رأس المال الفردي، وتجديد إنتاج رأس المال الاجتماعي، وأوضح مراحل حركة رأس المال المستمرة. ففي تحليله لعملية إنتاج رأس المال الاجتماعي تجاوز الأخطاء التي وردت في تحليل آدم سميث حين أوضح أجزاء القيمة المكونة للناتج الكلي الاجتماعي وتركيبه المادي الطبيعي المكون من وسائل الإنتاج ووسائل الاستهلاك، وأبرز في هذا التحليل خصائص وشروط كل من عملية تجديد الإنتاج البسيط وتجديد الإنتاج الموسع وأسباب الأزمات الاقتصادية.

كوّن ظهور «الكينزية» في الأربعينات من القرن العشرين بدايات نشوء نظرية التحليل الاقتصادي الكلي وجاءت هذه النظرية تعبيراً عن  الأزمة الاقتصادية العالمية للأعوام 1929ـ 1932م، بعد أن انهارت معها مفهومات التحليل الاقتصادي الجزئي التي كانت ترى أن التوازنات الاقتصادية الجزئية تؤدي بالضرورة إلى التوازن الاقتصادي الكلي. لقد نقض كينز هذه المفهومات وطرح على بساط البحث الشروط الوظيفية الكلية لتحقيق توازن النظام الاقتصادي الكلي. إلا أن كينز ركز أساساً على دور السياسة المالية والنقدية، ولاسيما دور الفائدة في ضبط عملية تجديد الإنتاج الرأسمالي، وتحاشي الأزمات الاقتصادية. وكان تأثير الكينزية كبيراً في علم الاقتصاد البرجوازي الحديث. إذ إن النظريات الحديثة كنظرية النمو وتحليل المدخلات والمخرجات والحسابات القومية وغيرها تنطلق من المفهومات والمقولات الأساسية للنظرية الكينزية في التحليل الاقتصادي الكلي.

تجديد الإنتاج البسيط والإنتاج الموسع

قبل التعرض لمفهوم  تجديد الإنتاج البسيط وتجديد الإنتاج الموسع لابد من الإشارة إلى العلاقة بين الناتج الكلي الاجتماعي وتجديد الإنتاج عامة. إن الناتج السنوي للمجتمع (الناتج الكلي الاجتماعي) يجب أن يوفر كل الوسائل التي يتيح استهلاكها تعويض مستلزمات الإنتاج المادية إبان السنة. وإن تجديد الإنتاج هو قبل كل شيء تجديد للناتج الكلي الاجتماعي وفق تركيب مادي استعمالي معين أو ما يدعى تجديد إنتاج القيمة الاستعمالية. ويشترط تجديد الإنتاج تجديد القوى العاملة وفق تركيب معين وتأهيل مناسب وملائم للاستمرار في عملية الإنتاج. إن التركيب المادي الاستعمالي للناتج الكلي الاجتماعي يتكون في العادة في جانب منه من وسائل الإنتاج، وفي الجانب الآخر من وسائل الاستهلاك، إذ يتم إنتاج وسائل الإنتاج في الفرع الأول من عملية الإنتاج الاجتماعي الخاص بإنتاج وسائل الإنتاج، في حين يتم إنتاج وسائل الاستهلاك في الفرع الثاني من عملية الإنتاج الاجتماعي والخاص بإنتاج وسائل الاستهلاك.

وفي حالات الإنتاج البضاعي إذ تتحقق في عملية الإنتاج القيمة الاستعمالية والقيمة التبادلية، حالات يظهر الناتج سلعةً لها قيمة استعمالية وقيمة تبادلية، فإن تجديد الإنتاج لا يشترط فقط توافر القيمة الاستعمالية، وإنما يشترط كذلك تحقيق القيمة في عملية التبادل في السوق. إلا أنه يلاحظ وجود اختلاف بين تجديد القيمة الاستعمالية وتجديد القيمة التبادلية، إذ إن تجديد القيمة الاستعمالية للناتج الكلي الاجتماعي يشترط وجود تقسيم في العمل الاجتماعي بين إنتاج وسائل الإنتاج (الفرع الأول من عملية الإنتاج الاجتماعي) و إنتاج وسائل الاستهلاك (الفرع الثاني من عملية الإنتاج الاجتماعي)، في حين يشترط تجديد الإنتاج من حيث القيمة تحقيق القيمة التبادلية لكل سلعة بمفردها من السلع المكونة بمجموعها الناتج الكلي الاجتماعي.

تتكون القيمة التبادلية من ثلاثة أجزاء: الجزء الأول يشمل قيمة وسائل الإنتاج المستهلكة في عملية الإنتاج، أي قيمة استهلاك الآلات والموجودات الثابتة الأخرى وقيمة المواد الأولية والمواد المساعدة، في حين يمثل الجزء الثاني من القيمة التبادلية قيمة قوة العمل (الأجر)، وأما الجزء الثالث فيمثل قيمة الناتج الفائض. وبعد تحقيق القيمة التبادلية يستخدم الجزء الأول منها في عملية تجديد الإنتاج لتعويض قيمة استهلاك وسائل الإنتاج، والجزء الثاني لتعويض قيمة قوة العمل. في حين تستخدم قيمة الناتج الفائض إما في عملية الاستهلاك الفردي لمالكي وسائل الإنتاج، أو في توسيع عملية الإنتاج. إن الطريقة التي يتم بها استخدام قيمة الناتج الفائض هي التي تحدد طبيعة تجديد الإنتاج. وفي هذا الصدد يجب التفريق بين تجديد الإنتاج البسيط وتجديد الإنتاج الموسع.

فتجديد الإنتاج البسيط تكرار لعملية الإنتاج  بالمستوى السابق نفسه، من دون أي تغيير في كمية عناصر الإنتاج، ويبقى كل من مستوى القوى المنتجة والناتج المتحقق ثابتين. وفي تجديد الإنتاج البسيط يتم استهلاك قيمة الناتج الفائض المتحقق من النشاطات المنتجة في أغراض غير إنتاجية، من دون استخدام أي جزء منه في توسيع الإنتاج، ففي تجديد الإنتاج الرأسمالي البسيط تستخدم قيمة الناتج الفائض في عملية إشباع الحاجات الشخصية لصاحب رأس المال. أما حجم وسائل الإنتاج في الناتج الكلي الاجتماعي فيكون في حالة تجديد الإنتاج البسيط مساوياً على الدوام لوسائل الإنتاج المستهلكة في عملية الإنتاج السابقة، ويكون الدخل القومي مساوياً لقيمة وسائل الاستهلاك من الناتج الكلي الاجتماعي. وفي الحياة الاقتصادية تبدو عملية تجديد الإنتاج البسيط غير ممكنة، لأن هذا النمط من تجديد الإنتاج لا يتيح أي إمكان لحدوث أي تطور في القوى المنتجة أو أي تطور اجتماعي  في ظل الركود الاقتصادي.

أما تجديد الإنتاج الموسع فهو تكرار لعملية الإنتاج بمستوى أعلى من السابق، إذ تستخدم قيمة الناتج الفائض أو جزء منها في توسيع عملية الإنتاج سواء تم ذلك في المستوى التقني السابق نفسه، أو في مستوى تقني أفضل لوسائل الإنتاج (التراكم). ويتكون الدخل القومي في هذه الحالة، في جزء منه، من وسائل الإنتاج، والجزء الآخر من وسائل الاستهلاك. وحتى يمكن تحقيق هذا التراكم يشترط أن تكون قيمة الناتج الكلي في الفرع الأول أكبر من قيمة وسائل الإنتاج المستهلكة في عملية الإنتاج السابقة. إن تجديد الإنتاج البسيط يؤلف نقطة البداية لأي عملية إنتاج موسع. إلا أنه خلافاً لتجديد الإنتاج البسيط فإن تجديد الإنتاج الموسع يتميز بارتفاع مستوى القوى المنتجة وزيادة في عناصر الإنتاج وفعاليتها وفي كمية الناتج المتحقق ونوعيته.

يتم تجديد الإنتاج الموسع وفق شكلين مترابطين في غالب الأحيان، ففي الشكل الأفقي لتجديد الإنتاج الموسع يحدث توسيع في مجال الإنتاج عن طريق إحداث تغيرات كمّية في عناصر الإنتاج مع بقاء المستوى التقني ثابتاً. في حين يتميز الشكل العمودي لتجديد الإنتاج الموسع بإدخال تغيرات كمية ونوعية في المستوى التقني لعملية الإنتاج مع فعالية متزايدة لعناصر الإنتاج.

إن الثورة العلمية - التقنية تؤدي في المجتمعات الحديثة إلى الانتقال باستمرار من الشكل الأفقي إلى الشكل العمودي في تجديد الإنتاج الموسع. وفي الشكل العمودي تكتسب التغيرات النوعية أهمية تتزايد في عملية تجديد الإنتاج، وتشمل هذه التغيرات العمليات التقنية الحديثة، والأنواع المستحدثة من مواد التشغيل، ونوعية المنتجات، والمستوى المهني والعلمي للقوى العاملة. وفي الشكل العمودي لعملية تجديد الإنتاج الموسع تكون عناصر الإنتاج أكثر تعقيداً منها في الشكل الأفقي. لذا فإن التركيب الأمثل لعناصر الإنتاج، مع مراعاة عوامل ترابطها وتشابكها، يكتسب أهمية خاصة في تحقيق فعالية مجمل عملية تجديد الإنتاج الموسع، لأن المحتوى الأساسي لتكثيف عملية تجديد الإنتاج الموسع العمودي يكمن في الربط المحكم العلمي والتقني بين جميع جوانب هذه العملية ومراحلها وعملياتها الجزئية المختلفة.

وعلى العموم فإن عملية تجديد الإنتاج تشمل أربع مراحل:

ـ إنتاج المنتجات والخدمات المادية.

ـ توزيع المنتجات وفقاً لعلاقات التوزيع السائدة في المجتمع وقوانينه.

ـ التبادل وفقاً لمبدأ الحاجات الفردية.

ـ الاستهلاك سواء كان وسيطاً بمعنى استهلاك وسائل الإنتاج في عملية الإنتاج، أو استهلاكاً نهائياً عن طريق استهلاك وسائل الاستهلاك لإشباع الحاجات الفردية والاجتماعية لأفراد المجتمع.

إن لكل مرحلة من مراحل تجديد الإنتاج أهمية مستقلة نسبياً. إلا أن مراعاة التداخل المستمر من غير انقطاع بين هذه المراحل وتناسب العمليات الجزئية، يكتسبان أهمية خاصة فيما يتصل بفعالية الاقتصاد الوطني. إن المرحلة الحاسمة والأساسية في تجديد الإنتاج هي مرحلة الإنتاج. إذ إن حجم المنتجات المادية المتحققة في عملية الإنتاج وتركيبها لهما تأثير حاسم في حجم عمليات التوزيع والتبادل والاستهلاك ونوعيتها.

ولما كانت عملية تجديد الإنتاج تؤلف ضرورة موضوعية وحتمية لكل المجتمعات، بصرف النظر عن الطبيعة الاجتماعية لعملية الإنتاج، فإن هذه العملية تكتسب خصائص محددة وتتخذ شكل القانون الخاص في كل تشكيلة اقتصادية - اجتماعية. ويؤلف تجديد الإنتاج الموسع سمة مشتركة لكل من اقتصاد السوق والاقتصاد المخطط. إلا أن لكل منهما طبيعة خاصة ومتميزة تتفق مع أسلوب الإنتاج السائد.

إن تجديد الإنتاج الرأسمالي يهيئ الشروط المادية والاجتماعية لتجديد إنتاج رأس المال بصفته علاقة مادية واجتماعية. ففي كل عملية تجديد إنتاج رأسمالي يبرز صاحب رأس المال مالكاً لوسائل الإنتاج وللناتج المتحقق في عملية الإنتاج، في حين لا يملك العامل المأجور سوى قوة العمل. وإذا افترضت حالة تجديد الإنتاج الرأسمالي البسيط فإن صاحب رأس المال يستهلك كامل فائض القيمة لإشباع حاجاته الشخصية، أما في تجديد الإنتاج الرأسمالي الموسع فإنه يخصص جزءاً من هذا الفائض لزيادة أرصدته الإنتاجية. وفي الحالتين يستهلك العامل قوة عمله في عملية الإنتاج في مقابل الحصول على أجر نقدي يتمكن به من توفير وسائل المعيشة اللازمة لتجديد قوة العمل. ثم إن عملية تجديد الإنتاج الرأسمالي في علاقتها المترابطة لا تنتج «السلعة» وفائض القيمة فحسب، وإنما تعيد في الوقت نفسه إنتاج رأس المال علاقةً اجتماعية بين رأس المال والعمل المأجور. ولما كان تجديد قوة العمل يتم خارج وقت العمل فإن كامل وقت العامل يتحول إلى وقت خاص لخدمة رأس المال. وبالتالي يرتبط وجود رأس المال واستمراره بوجود قوة العمل واستمرارها.

تجديد الإنتاج والأزمات الاقتصادية

إن تجديد الإنتاج الرأسمالي الموسع عن طريق التراكم يؤدي إلى توسيع الشروط المادية والعلاقات الاجتماعية المحيطة بعملية الإنتاج. وفي شروط التطور العلمي - التقني  يغلب الطابع العمودي على تجديد الإنتاج الموسع. وهذا يعني من وجهة نظر القوى المنتجة زيادة مستمرة في إنتاجية العمل، ومن الناحية الاجتماعية تحقيق قانون التناقض الأساسي بين رأس المال والعمل. ويتجلى ذلك في القانون العام للتراكم الرأسمالي.

وكما هي الحال في تجديد الإنتاج عامةً يجب أن تراعى في تجديد الإنتاج الرأسمالي علاقات التناسب بين فرعي عملية الإنتاج الاجتماعي (الفرع الخاص بإنتاج وسائل الإنتاج والفرع الخاص بإنتاج وسائل الاستهلاك) على أن يتم التبادل بين الفرعين عن طريق الدورة النقدية. وفي رأسمالية المنافسة يتم تحقيق العلاقة بين الفروع الاقتصادية عفوياً. في حين يصبح بإمكان رأسمالية الدولة الاحتكارية تحقيق نوع من التحكم في التناسب عن طريق البرمجة.

تتصف عملية تجديد الإنتاج في الاقتصاد المخطط بالتخطيط الشامل لتحقيق التوسع الأمثل في شروط الإنتاج المادية والاجتماعية. وفي مرحلة التصنيع وبناء القاعدة المادية التقنية يكتسب الطابع الأفقي لعملية تجديد الإنتاج أهمية خاصة. ويتحقق النمو الاقتصادي عن طريق إحداث مؤسسات وفروع اقتصادية جديدة، وزيادة القوى العاملة في العملية الإنتاجية. وفي مرحلة الثورة العلمية التقنية يسود الطابع العمودي تدريجياً في عملية تجديد الإنتاج، ويتحقق النمو الاقتصادي عن طريق زيادة الطاقة الإنتاجية للجهاز الإنتاجي. ويشمل التخطيط جميع مراحل عملية تجديد الإنتاج الموسع على أساس الملكية الاجتماعية لوسائل الإنتاج والقوانين الموضوعية للتطور الاقتصادي. وبالتخطيط يمكن تحقيق وتيرة متسارعة في النمو الاقتصادي، وتحقيق التركيب المتناسب الكمي والنوعي في الناتج الكلي الاجتماعي. وبذلك يمكن توجيه وسائل التراكم واستخدامها لتحقيق أقصى فعالية ممكنة في الاقتصاد الوطني، وتحقيق الحجم الأمثل للدخل القومي الذي يؤلف الأساس المادي لرفع مستوى حياة الأفراد وتوسيع عملية الإنتاج. ومن ناحية أخرى فإن تجديد الإنتاج الموسع يتطلب أيضاً التجديد الموسع للقوى العاملة وتأهيلها بما يلائم مستوى تطور القوى المنتجة. وبتجديد الإنتاج الموسع يجب أن تُدعّم علاقات العمل الجماعي وعلاقات الملكية والتوزيع الاشتراكية لكي تتضاءل تدريجياً الفوارق بين الفئات الاجتماعية وبين الريف والمدينة وبين العمل الذهني والعمل العضلي.

أما في الاقتصاد الرأسمالي فتؤلف الأزمة الاقتصادية مرحلة معينة في دورة تجديد الإنتاج الاجتماعي، وتبرز مظاهر الأزمة الدورية في عدم تصريف السلع وتوقف الحركة السلعية. ويرجع السبب في ذلك إلى نقص الطلب أو إلى عدم التوازن في بنية الناتج الاجتماعي. وتقتضي عملية تجديد الإنتاج الموسع بالضرورة أن تكون قيمة الإنتاج الاجتماعي في الفرع الأول المنتج لوسائل الإنتاج أكبر من مجموع قيمة وسائل الإنتاج المستهلكة في فرعي الإنتاج ( إنتاج وسائل الإنتاج وإنتاج أموال الاستهلاك) لكي يمكن إيجاد كميات إضافية من وسائل الإنتاج لإدخالها إلى مجال الإنتاج وتوسيع عملية تجديد الإنتاج الاجتماعي. وتجديد الإنتاج الموسع يقود بالضرورة إلى زيادة إنتاج السلع الاستهلاكية التي إذا لم يتوافر الطلب الفعال عليها، أي الطلب الذي تقابله قدرة شرائية، فلا يمكن تصريفها، وبذلك تحدث الأزمة. وبمعنى آخر فإن عملية تجديد الإنتاج الموسع تقتضي تحقيق تناسب محدد بين فرعي إنتاج وسائل الإنتاج وأموال الاستهلاك من جهة، وتناسب في توزيع الناتج بين الاستهلاك والادخار، وتوزيعه أيضاً بين الأجور والأرباح. لأن أي اختلال في هذه التناسبات يقود بالضرورة إلى حدوث الأزمة الاقتصادية التي تعرقل النمو المطرد للاقتصاد الوطني. وبسبب توزيع الإنتاج في الاقتصاد الرأسمالي بين عدد من المنتجين المتنافسين، وبسبب نزوع الرأسماليين إلى زيادة أرباحهم عن طريق زيادة الإنتاج، فإن تحقيق كل هذه التوازنات في الاقتصاد تحقيقاً دائماً يصبح غير ممكن. وتصبح الأزمات الاقتصادية ملازمة لاقتصاد السوق، سواء كانت مظاهرها كساداً في الأسواق أو تدنياً في مستوى الانتفاع من الطاقات الإنتاجية المتوافرة.

 

سعيد النابلسي

 

الموضوعات ذات الصلة

 

الإنتاج - الإنتاجية.

 

مراجع للاستزادة

 

ـ مطانيوس حبيب، الاقتصاد السياسي (مطبعة جامعة دمشق 1986).

ـ سعيد النابلسي، الاقتصاد السياسي (مطبعة جامعة دمشق 1984).


التصنيف : الاقتصاد
المجلد: المجلد الثالث
رقم الصفحة ضمن المجلد : 726
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 1021
الكل : 57212458
اليوم : 31743

روستافيلي (شوتا-)

روستافيلي (شوتا ـ) (1172؟ ـ 1216؟)   شوتا روستافيلي Shota Rustaveli أشهر شعراء جورجيا القدامى، تاريخ ولادته ووفاته تقريبيان؛ ولا يُعرف من سيرته سوى شذرات يسيرة. وتزعم الرواية الشعبية المأثورة أنه تيتم منذ الصغر وعاش طفولته في كنف أحد أقربائه. وقد ورد في مدخل قصيدته الملحمية «الفارس في إهاب النمر» Vepkhis-tqaosani لقب «روستافيلي» مرتين، ويعني هذا اللقب إما: مالك ضيعة (أو حصن) روستافي، أو المنحدر من بلدة روستافي.
المزيد »