logo

logo

logo

logo

logo

الباكستان(جغرافية-)

باكستان(جغرافيه)

Pakistan - Pakistan

الباكستان

 

تقع دولة باكستان Pakistan (جمهورية باكستان الإسلامية) في جنوبي القارة الآسيوية بين خطي العرض 23 درجة و45 دقيقة و37 درجة شمالاً، وخطي الطول 60 درجة و54 دقيقة و75 درجة و22 دقيقة شرقاً. تحدها من الغرب إيران، ومن الشمال طاجكستان وأفغانستان، ومن الشمال الشرقي الصين، ومن الشرق والجنوب الشرقي الهند، ومن الجنوب بحر العرب. وتبلغ مساحتها (باستثناء جامو وكشمير) 796095كم2، وعدد سكانها نحو 129.905.000 نسمة (عام 1993)، وإسلام أَباد[ر] هي عاصمة البلاد. وتعني التسمية الأرض الطاهرة أو المقدسة (باك: طاهر) و(ستان: الأرض أو الدولة).

بعد خروج بريطانية من شبه الجزيرة الهندية عام 1947 انقسمت الهند الكبرى إلى دولتين مستقلتين كبيرتين، هما الهند التي تضم معظم العناصر الهندوسية، وباكستان التي تضم معظم العناصر المسلمة. وقد تكوّنت باكستان في أول الأمر من قسمين، تفصل بينهما مسافة تزيد على 1900كم، أحدهما يقع في حوض نهر السند، في الشمال الغربي من جمهورية الهند، ويسمى باكستان الغربية، والآخر يمتد فوق دلتا نهر الغانج، لمسافة تزيد على 1600كم، في الشمال الشرقي من جمهورية الهند، ويسمى باكستان الشرقية. ولحدوث بعض المشكلات السياسية، انفصلت باكستان الشرقية، وصارت دولة مستقلة عام 1971، اسمها بنغلادش[ر]. ويقتصر البحث فيما يأتي على الباكستان الغربية التي تعرف اليوم باسم جمهورية باكستان الإسلامية.

الأوضاع الجغرافية الطبيعية

تقع باكستان في النهاية الغربية من سهل الغانج الكبير، وتشتمل دراستها على التضاريس والمناخ والمياه والبيئة الطبيعية.

1ـ التضاريس: ويمكن تقسيمها إلى الأقاليم الخمسة الآتية:

إقليم الجبال الشمالية العالية وإقليم الجبال الغربية الواطئة، وهضبة بلوجستان والجبال الغربية الحدودية، والمناطق الصحراوية.

أ - إقليم الجبال الشمالية العالية: تقع الجبال الشمالية العالية في أقصى الشمال من باكستان، وتمتد من الجنوب الشرقي إلى الشمال الغربي والغرب، وتتألف من مجموعة من السلاسل الجبلية العالية، تفصل أراضي باكستان عن الصين، وعن أفغانستان. وهي تشتمل على جزء من جبال هيمالايا[ر] وقره كورم وهندوكوش. يبلغ متوسط ارتفاع جبال هيمالايا في باكستان نحو 6000م، ومن أهم قممها نانْغا باربات Nänga Parbat التي ترتفع إلى 8126م (في كشمير)، وقمة غودْوِن أوستِن Godwin Austen التي ترتفع إلى 8611م. وفيما وراء قره كورم في أقصى الشمال، تقع مقاطعة سينكيانغ الصينية. وفي عام 1970، شقت طريق في سلسلة قره كورم تصل بلدة غلغيت في باكستان بمدينة كشغر في سينكيانغ. وفيما وراء هندوكوش ترتفع هضبة بامير، ويمتد شريط ضيق من أرض أفغانستان، يفصل طاجكستان عن باكستان.

يؤثر هذا الحاجز الجبلي العظيم في نظام الأمطار في باكستان، إذ يعترض الرياح الموسمية (الحاملة للأمطار) القادمة من الجنوب. كما أن الثلوج الذائبة في هذه الجبال تغذي الأنهار، وفي مقدمتها نهر السند (الهندوس)، الذي يخترق السلاسل الجبلية متجهاً نحو الجنوب.

ومن الطبيعي أن يتفرق السكان في هذه المنطقة القاسية الجافية عامة، وإن كانت الكثافة كبيرة في بعض الأماكن المتميزة، وأن تكون المستوطنات فيها صغيرة. وفي هذه المنطقة تحتل زراعة الشعير مركز الصدارة، إضافة إلى زراعة أشجار الفاكهة، التي يحتل المشمش فيها أهمية خاصة. وتنتشر الأشجار الغابية في أماكن متفرقة، ولكن أشجار الصنوبر تأتي في المقدمة. ويتأثر توزع هذه الأشجار بتفاوت كمية الأمطار وتباين الارتفاعات. وقد تعرّض معظم المنحدرات لعملية التعرية، بسبب الرعي الجائر وقطع الأشجار.

ب - إقليم الجبال الغربية الواطئة: يشغل هذا الإقليم جزءاً واسعاً من مقاطعة الحدود الشمالية الغربية، ويلي جبال الهيمالايا مباشرة. ويمكن أن يُميَّز فيه أربعة أقسام رئيسة: سهول ماوراء السند وهضبة بوتوور وسلسلة جبال سولت ومقاطعة سيالكوت Sialkot.

ـ سهول ما وراء السند: تقع إلى الغرب من نهر السند، وتشتمل على هضاب هِل ـ غورت Hill-girt في وادي بشاور وكوهات Kohat وبانّو Bannu، وهي واحات مهمة في مقاطعة الحدود الشمالية الغربية الجافة، تمتاز بمظهرها الطبيعي المغطّى بالأحراج الصغيرة، وأهمها وادي بشاور (الذي يتألف من مقاطعتي بشاور ومردان Mardan )، ويعد أكثرها خصباً، وكان فيما مضى مركزاً مزدهراً للثقافة اليونانية ـ البوذية[ر:باكترية]، وتبلغ مساحته 6475كم2، يضم ما يقرب من نصف مجموع سكان مقاطعة الحدود الشمالية الغربية، التي تبلغ مساحتها الإجمالية نحو 10 آلاف كم2، يغطي معظمها الحصى والرواسب النهرية الطينية. تراوح كمية الأمطار فيها بين 250 و380مم فقط، ولكنها تزيد على ذلك في مردان، ولذلك، يعتمد نحو 65% من الأراضي الزراعية في وادي بشاور على السقاية بالأقنية.

أما كوهات، فهي أقل من غيرها تطوراً، وأمطارها تزيد على 400مم، ولذلك لا تزيد نسبة الأراضي المزروعة التي تروى بالأقنية على 12%، ومياهها الباطنية ليست مستغلة بقدر كاف، مع أن مستواها مرتفع عموماً. وأغلب أراضي المنطقة تغطيها الأحراج والمراعي الفقيرة، وتقطّعها الحافات الجرفية المكونة من الصخور الكلسية، وهذه الأرض «المضرّسة» المؤلفة من الصخور الكلسية يكسوها الغضار البحيري والحصى أو جلاميد الصخر.

وفي بانّو، تكون التربة عموماً رملية أو حصوية، إلا مساحات محدودة من الرواسب الطميّة الخصبة. وهناك نحو 23% من الأراضي المزروعة التي تعتمد على السقاية، فأمطارها قليلة، تقل عن 280مم. وفي كلٍ من كوهات وبانّو تنتشر تربية الأغنام والجمال والحمير على نطاق واسع، ويعد فيها الصوف محصولاً تجارياً مهماً.

ـ هضبة بوتوور: تقع في البنجاب، إلى الشرق من نهر السند، وتمتد على ارتفاع يراوح بين 365 و400م، وتشغل مساحة تبلغ 12950كم2. وهي منطقة مكشوفة، تصبح متموجة في سلسلة جبال سِواليك Siwalik في الهند ونيبال التي تتألف من الصخور الكلسية أساساً، كما تغطيها تربة اللوس بثخانات متفاوتة، يمكن حتّها بسهولة.

وتراوح الأمطار فيها بين 380 و510مم، وتبلغ أقصاها في الأجزاء الشمالية الغربية، وتندر في الأجزاء الجنوبية الغربية التي تصبح جافة. أما المظهر الطبيعي العام فتقطّعه أعداد كبيرة من مجاري المياه التي تجرف مقادير كبيرة من التربة في فصل الأمطار، وهذه المجاري المائية غالباً ما تكون عميقة، تقل الإفادة منها في عمليات السقاية، وترتب على ذلك كله، فقر المنطقة عموماً من الناحية الزراعية.

ـ سلسلة جبال سولت: تقع هذه السلسلة عند الحافة الجنوبية لهضبة بوتوور، ويبلغ متوسط ارتفاعها 670م، وأعلى قمة فيها تبلغ 1500م عند سكيزار Sakesar. وهي منطقة جافة جداً، ترسم الحدود بوضوح بين إقليم الجبال الغربية الواطئة وسهل السند في الجنوب. وتحتل سلسلة جبال سولت Salt Rang أهمية خاصة من الناحية الجيولوجية، فهي تضم معظم الطبقات الجيولوجية المعروفة، بدءاً من عصر الكامبري وانتهاءً بعصر البلايستوسين.

ـ مقاطعة سيالكوت: منطقة ضيقة شبه جبلية، تقع في الجهة الشمالية الشرقية. وتختلف عن هضبة بوتوور، بكونها منطقة زراعية غنية. تراوح أمطارها بين 650 و900مم، ومستوى مياهها الباطنية مرتفع، مما يسهل عملية السقاية. تربتها ثقيلة وخصبة، وكثافة السكان فيها مرتفعة (نحو 500 نسمة في الكم2). الحيازات الزراعية صغيرة، تمارس فيها زراعات كثيفة.

ج - سهل السند: يشغل سهل السند مساحة واسعة تبلغ نحو 518 ألف كم2. ويعدّ أكثر السهول الزراعية ازدهاراً في باكستان. وهو سهل يتصف بالرتوب والاستواء، تغطيه الرواسب النهرية الخصبة على امتداد يزيد على 1100كم، من الحافة الجنوبية لهضبة بوتوور إلى البحر العربي.

يشتمل الجزء الشمالي منه على مقاطعة البنجاب، ويطوّقه نهر السند وروافده الخمسة، تلك الروافد التي تتقارب عند نقطة التقائها بنهر السند عند ميذنكوت Mithankot. ينقسم إلى عدة أجزاء (وهي الأراضي الواقعة بين المجاري المائية)، تدعى واحدتها دُوآب سغار Dõab Sagar السند، الواقع بين نهر السند ونهر تشيناب Chenab، ومعظمه صحراء. أما الأجزاء الواقعة إلى الشرق منها، فأراضيها أكثر البلاد غنى. ومع بداية استخدام السقاية في نهاية القرن التاسع عشر، كان معظم الأراضي بوراً مقفراً، بسبب أمطارها القليلة. ولكن الري لم يكن كله نعمة خالصة فقد كان سبباً في تشبع الأرض بالمياه، وزيادة ملوحتها في بعض البقاع.

وفي الجزء الجنوبي من سهل السند تقع مقاطعة السند، حيث يصبح حجم نهر السند كبيراً، بسبب اجتماع مياه روافده الخمسة، إذ يبلغ متوسط تصريفه السنوي أكثر من 140 مليار م2 عند سُكّور Sukkur في شمالي السند، وهي تحمل كميات كبيرة من المواد الطميية.

وتتكون أرض السند من تربة رملية طينية، تتسبب في تغيير مجرى النهر مراراً. وإلى الغرب من نهر السند تقع بحيرة مانشهار السبخية، التي تبلغ مساحتها نحو 26 كم2، عندما يكون منسوب المياه منخفضاً، ولكنها تتسع عند امتلائها لتبلغ نحو 500 كم2، وبذلك تصبح أكبر بحيرة للمياه العذبة في جنوبي القارة الآسيوية.

وتختلف نوعية المياه الباطنية في سهل السند بين منطقة وأخرى، فهي ملحة وغير ملائمة للاستعمالات الزراعية في الأجزاء الشمالية، كما أن هناك مساحات واسعة في الأجزاء الجنوبية من هذا السهل تأثرت بالإشباع وارتفاع درجة الملوحة في المياه. وفي الجنوب من دلتا السند، مازالت الأرض بوراً غير مستغلة، وعندما يتوافق المد العالي وموسم الفيضان ينغمر الساحل بالمياه لمسافة تزيد على 32كم نحو الداخل.

د - هضبة بلوجستان: تمتد هضبة بلوجستان إلى الغرب من باكستان، ويبلغ متوسط ارتفاعها 300م، ويخترقها كثير من الحافات الجبلية من الشمال الشرقي نحو الجنوب الغربي. وتفصلها عن سهل السند سلسلتا جبلي سليمان وكرثار Kürthar، وفي هذه الهضبة تستعمل طريقة ري محلية جديرة بالملاحظة تدعى كيرز Kürez (وهي الكهريز)، تقوم على حفر الأنفاق وشق الأقنية الباطنية، لتجميع المياه عند أقدام المرتفعات، ثم جرها إلى القرى والحقول الزراعية. وتشبه طريقة الأفلاج والقنوات الضمنية (الفجارات). والهضبة منطقة جافة جداً، ولذلك فهي أقل مناطق باكستان كثافة، إذ لا يزيد متوسط الكثافة فيها على 23 نسمة/كم2. والنشاط الرعوي في هذه المنطقة يتمم النمط البدائي للزراعة، فهنا مازالت بداوة رعوية حقيقية باقية في الأجزاء الشمالية الغربية. وتقدر نسبة المعز والضأن فيها بنحو 80% من مجموع الماشية، ويعتمد معظم النقل المحلي على الجمال والحمير وتستخدم الشاحنات والحافلات الكبيرة في الطرق الجديدة.

هـ - الجبال الغربية الحدودية: تمتد هذه الجبال إلى الجنوب من هندوكوش، مؤلفة سلاسل جبلية متوازية، خارج نطاق ممر الرياح الموسمية. الأمطار فيها قليلة، والنباتات الطبيعية محدودة. وللأمطار الغزيرة التي تهطل على الجبال في بعض الأحيان، تحدث السيول الشديدة التي تجرف التربة. ويقوم بعض الزراعات حين تتوافر شروط مناسبة، على طول ضفاف الأنهار، وعلى المدرجات الموجودة على سفوح التلال.

وهناك ثلاث سلاسل جبلية صغيرة، تمتد من جنوب هندوكوش إلى نهر كابُل، وإلى الجنوب منها يقع ممر خيبر الشهير، عند الحدود مع أفغانستان. وتبرز باتجاه الجنوب سلسلة جبال سليمان التي تمتد نحو 483كم نحو الجنوب. وتلي هذه المجموعة الجبلية سلسلة جبال كرثار الممتدة إلى الساحل جنوباً.

تفصل هذه الجبال سهل السند عن بلوجستان، وسكان هذه المرتفعات الجافة من المجتمعات القبلية. والمنطقة فقيرة جداً بوجه عام، ليس فيها سوى القليل من المحاصيل التي تزرع في الأودية الموبوءة بالملارية غالباً، وتربّى فيها قطعان الضأن والمعز. والبغل هو الحيوان الرئيسي للنقل في هذه المناطق الوعرة.

و - المناطق الصحراوية: وتشمل سهوب دوُآب سِغار Sagar السند الموحشة (وفي أوسطها بادية التال Thal التي تتصف بأحوال صحراوية حقيقية). وشولستان في باها واليور (البنجاب) التي تعرف باسم نارا Nara أو ريجستان في خايربور (السند). وإلى الجنوب منها أيضاً صحراء تار في مقاطعة تار باركير Thar Parkar السندية، وهذه المناطق كلها امتداد لصحراء تار الهندية.

2 - المناخ: لما كانت باكستان تمتد فوق مساحة واسعة من الأرض، إلى الشمال من مدار السرطان (بين خطي عرض 23 درجة و45 دقيقة، و37 درجة شمالاً)، اتصفت بمناخ قاري، يعرف بتباين كبير في درجة الحرارة، الفصلية منها واليومية. وفي المرتفعات الشاهقة يعتدل المناخ، كما هي الحال في الجبال الشمالية الباردة التي تغطيها الثلوج الدائمة. أما في بلوجستان فتكون الحرارة أعلى نوعاً ما، ويعتدل المناخ على طول الشريط الساحلي بسبب نسيم البحر. وفي بقية أنحاء البلاد تبلغ الحرارة أقصاها في الصيف، وهي تسجل أعلى درجاتها (52 درجة مئوية) في يعقوب أباد Jacob abad في السند.

وفي الصيف تهب رياح حارة على السهول طوال النهار تدعى لو Loo، ولذا فإن الأشجار في معظمها تسقط أوراقها لتحول دون فقدان رطوبتها. وهذا المناخ الجاف الحار تشوبه العواصف الترابية والرعدية في بعض الأحيان، فتؤدي إلى انخفاض درجة الحرارة مؤقتاً ويكون الجو بارداً في الأماسي، وتتراوح درجات الحرارة اليومية بين 11 درجة مئوية  و17 درجة مئوية. والشتاء بارد، ينخفض فيه الحد الأدنى المتوسط للحرارة في شهر كانون الثاني إلى 4 درجات مئوية.

وتتحدد خصائص الأقاليم المختلفة بكمية الأمطار وتوافر مياه السقاية، أكثر منها بالحرارة. فعلى الرغم من الرياح الموسمية الغالبة، فإن البلاد جافة جداً، عدا المنحدرات الجنوبية لجبال الهيمالايا وسلسلة الجبال الغربية الواطئة، التي تحظى بأمطار تراوح بين 750 و900مم. أما خط المطر المتساوي 5000مم الذي يمتد من قرب لاهور نحو الشمال الغربي، فهو يفصل هضبة بوتوور وجزءاً من سهل السند في الجهة الشمالية الشرقية (وهذه الأراضي تتلقى ما يكفيها من الأمطار لزراعة المحاصيل البعلية) عن البقاع الواقعة إلى الجنوب من هذه المنطقة حيث تنحصر الزراعة على شواطئ الأنهار أساساً لتوافر مياه الري.

3 - الأنهار: مع كثرة الأنهار في باكستان، فهناك نهر واحد منها فقط يصب في بحر العرب، هو نهر السند، الذي يطلق عليه بجدارة اسم «أبو الأنهار»، ويبلغ طوله 3000كم تقريباً. ينبع من السفوح الشمالية لسلسلة جبال كايلاس Kailas، جنوب غربي هضبة التبت، ويجري في كشمير وباكستان، ويصب في بحر العرب.

أما روافد السند الرئيسة فهي خمسة: سَتْلِج Sutlej ورافي Ravi وتِشيناب Chenab وجيلم Jhelum ونهر السند خامسها، تلتقي في الأراضي المنخفضة الواقعة في سهول البنجاب، التي تعني بحق «أرض الأنهار الخمسة». وهي تؤلف مجمعاً نهرياً واحداً في منطقة بنج ند أي «الجداول الخمسة»، ثم تتقدم جميعها إلى أبي الأنهار في منطقة «متهان كوت»، حيث ينطلق نهر السند مندفعاً في سهول السند حتى ينتهي في بحر العرب.

ويعد نظام الري في حوض السند من أوسع أمثاله في العالم وأقدمها، وهو يتألف من 43 شبكة مستقلة من الأقنية المائية، إضافة إلى عدد من السدود التخزينية الكبيرة. ويبلغ مجموع أطوال الأقنية المائية الرئيسية نحو 51 ألف كم، تفيد منها منطقة تبلغ مساحتها نحو 14 مليون هكتار من الأراضي القابلة للزراعة. ومع ذلك، فكثيراً ما تتعرض أنهار باكستان للفيضان، ويضيع منها ما يعادل 44% من مجموع تصريفها.

4- التربة: تصنف الترب في باكستان في الترب الكلسية، وتشتمل على مجموعة ترب الأراضي الجافة. وهي تتصف بمحتواها الكبير من فحمات الكلسيوم والقليل من المواد العضوية، ولذلك كانت لها خصائص الأراضي ذات الأمطار القليلة وغير المنتظمة.

تحتوي تربة سهل السند على الغِرْين، الحديث منه والقديم، في حين تتألف تربة المناطق الصحراوية ومعظم بلوجستان من الرواسب الريحية المعروفة باسم «اللوس»، أو من خليط اللوس والغرين. أما الترب في صحراء تار، فهي في الجزء الأعظم منها، طَفَلية رملية، مع مساحات صغيرة من الغضار، وأخرى أكبر منها من الرمال، وهناك مشروع استصلاح واسع للتربة سجَّل تقدماً كبيراً في منطقة تال.

5- النبيت: النباتات الطبيعية في باكستان محدودة جداً، إلا السفوح الجبلية الخضراء. وهي لا تعدو كونها أشرطة عشبية وأجمات هزيلة، وأعداداً قليلة من الأشجار المختلفة، المتداخلة بعضها ببعض المزارع المشمولة بالمحميات الغابية، وبساتين الفاكهة المنتشرة في كل مكان.

في بلوجستان، وسلسلة جبال سولت والجبال الغربية الحدودية تكون النباتات، في معظمها، مقصورة على الأنواع الصحراوية (القادرة على النمو في المناطق الجافة). والصحارى عارية تماماً من النباتات الطبيعية، والبقاع الخضراء فيها هي من عمل الإنسان. ففي سهل السند تصبح الأرض خصبة إذا ما توافرت لها مياه السقاية، حيث يحتل القمح مركز الصدارة شتاءً، ومحصولا القطن والرز المركز نفسه صيفاً. وتُحفَر الآبار على أوسع نطاق، وخاصة في البنجاب، مما يساعد على إحداث تغييرات مهمة في أنماط المحاصيل الزراعية.

وتبلغ مساحة الغابات الفعلية في باكستان نحو 4.263 مليون هكتار، أو ما يعادل 4.8% من مساحة البلاد الإجمالية. وحرصاً من الدولة على هذه الثروة المهمة فقد جعلت ما يقرب من ثلاثة أرباع مساحتها (3.143 مليون هكتار) غابات محمية.

وأهم أنواع الأشجار الغابية في باكستان هي الأشجار المنتشرة على سفوح المرتفعات، وخاصة في المناطق المعتدلة الرطبة والمعتدلة الجافة وشبه المدارية، في الأجزاء الشمالية والشمالية الغربية. وتشتمل هذه الغابات على أشجار التَّنوب والراتِّنج والأرز (أرز هيمالايا) والصنوبر والعرعر، ومجموعة كبيرة من الأشجار العريضة الأوراق، مثل البلوط والقَيْقَب والجوز والحور وكستناء الحصان. وهذه الغابات هي المصدر الرئيسي لأخشاب البناء والراتنج الزيتي، فضلاً عن استخدامها وقوداً في تلك البقاع، كما توفّر هذه الغابات بعض المراعي الجيدة لملايين الأبقار والمعز والضأن والجمال.

6ـ الوحيش: تكثر الحيوانات البرية في الجبال الشمالية، وهي تشتمل على الدّب الأسمر ودب هيمالايا الأسود والنمر ونمر الثلج النادر والوعل السيبيري وأنواع مختلفة من الأغنام البرية.

وفي بحيرة مانشهار في السند طيور مائية كثيرة، منها البط البري والبط النهري والبط الغوّاص (البوشار) والإوز وغيرها، كما توجد الغزلان في هذه المنطقة. وفي أرض الدلتا تنتشر التماسيح والثعابين الكبيرة (الأَصَلة) والخنازير البرية، إلى جانب ابن آوى والثعلب والقط البري وأنواع مختلفة من القوارض والأفاعي المنتشرة في معظم أنحاء البلاد.

الأوضاع الجغرافية السكانية والبشرية: وتشمل دراستها:

1ـ السكان: كان عدد سكان باكستان وقت الاستقلال في آب 1947، نحو 32.5 مليون نسمة، واليوم تجاوز العدد 132 مليون نسمة (باستثناء الملايين الأربعة من اللاجئين الأفغان)، أي إن عدد السكان تضاعف أكثر من ثلاث مرات في غضون 44 سنة. وهذا الرقم يجعل باكستان في المرتبة الثامنة من حيث عدد السكان بين دول العالم أجمع.

لقد بلغ عدد سكان باكستان 42.880.000 نسمة حسب تعداد 1961، وارتفع هذا العدد إلى 64.982.000 نسمة في عام 1972، أي إن المعدل السنوي للزيادة هو 3.8% في إحدى عشرة سنة، وبلغ عدد السكان نحو 131.582.000 نسمة عام (1998)، أي إن المعدل السنوي للزيادة هو 3% في ست وعشرين سنة، وعلى هذا الأساس، سوف يتضاعف عدد السكان في باكستان كل 20 سنة.

هذا المعدل السنوي المرتفع في نمو السكان يؤثر في مستوى المعيشة، كما تدل على ذلك المؤشرات الاجتماعية والاقتصادية من حيث التغذية والصحة وأوضاع السكن ومستوى الثقافة. ومما يجدر ذكره أن التصنيفات الراهنة تجعل باكستان في زمرة الدول ذوات الدخول المنخفضة، والدول ذات الخصب السكاني المرتفع والمعدلات العالية في نمو السكان (معدل المواليد الخام 42%) وارتفاع معدل الوفيات (معدل الوفيات 11% ومعدل وفيات الأطفال 95%).

وفي عام الاستقلال (1947)، كان عدد اللاجئين المسلمين القادمين من الهند متعادلاً تقريباً مع عدد اللاجئين الهندوس النازحين إلى الهند، إذ يقدر عدد اللاجئين المسلمين الذين دخلوا باكستان في ذلك العام نحو 6.5 مليون نسمة، أو ما يعادل 20% من سكان البلاد في ذلك الحين.

ويختلف توزع السكان بين إقليم وآخر في باكستان، فالبنجاب يضم نحو 56.1% من مجموع السكان، ومساحته لا تزيد على 25.8% من المساحة الإجمالية للبلاد. والسند يضم 22.6% من مجموع السكان، ومساحته 17.7% من مساحة البلاد. وإقليم الحدود الشمالية الغربية ومنها المنطقة القَبَلية يضم 15.7% من مجموع السكان، ومساحته 12.8% من المساحة الإجمالية، وإقليم بلوجستان الذي يضم 5.6% من مجموع السكان، ومساحته 43.7% من مساحة البلاد. وبذلك يكون إقليم البنجاب أشد الأقاليم الأربعة كثافة، إذ تبلغ نحو 230 نسمة/كم2، يليه إقليم السند، ثم إقليم الحدود الشمالية الغربية، ثم إقليم بلوجستان الذي يعد أقلها كثافة، إذ لا تزيد الكثافة على 12 نسمة/كم2. مع العلم بأن الكثافة على مستوى الدولة تبلغ 145نسمة/كم2.

وتبلغ الحياة الحضرية أقصى درجاتها في السند، حيث يقطن 43% من مجموع السكان في بيئات حضرية، ومنها كراتشي العاصمة الوطنية[ر]، يليها إقليم البنجاب، حيث تبلغ نسبة السكان الحضر 28%، ثم يليها إقليم الحدود الشمالية الغربية، ونسبته منهم 21%، ثم إقليم بلوجستان، ونسبته منهم 16%، أما على مستوى البلاد فتصل النسبة إلى 33%.

ويعيش نحو 67% من مجموع السكان الحضر في باكستان في 28 مدينة، يزيد عدد سكان كلٍ منها على مئة ألف نسمة، منهم 57% من مجموع السكان الحضر يعيشون في   12 مدينة، يزيد عدد سكان كلٍ منها على مئتي ألف نسمة.

وتبلغ نسبة الذكور 51.7% من مجموع السكان في باكستان، ونسبة الإناث 48.3% من المجموع العام، وتبلغ نسبة السكان الذين تقل أعمارهم عن 15 سنة، نحو 45% من مجموع السكان، ونسبة السكان الذين تراوح أعمارهم بين 15 و65 سنة نحو 51%، والنسبة الباقية، وهي 4%، تمثل نسبة السكان الذين تزيد أعمارهم على 65 سنة.

وتتباين نسبة الأمية في أقاليم باكستان المختلفة، ويلمُّ غالب سكان مدينة إسلام أباد بالقراءة والكتابة، وقد أتمَّ نحو 50% من السكان المرحلة الابتدائية، ونحو 20% منهم أنهى المرحلة الجامعية والمعاهد العليا.

وتزايد عدد المدارس الابتدائية والثانوية والمعاهد العليا منذ الاستقلال 1947، وارتفع عدد الجامعات من جامعتين عام 1947 ليصل إلى 22 جامعة عام 1990.

وباكستان دولة ديمقراطية، تقوم على المبادئ الإسلامية، إذ يدين بالإسلام نحو 97% من السكان، ومعظمهم من السنّة، والقليل منهم من الشيعة. وهناك أيضاً مجموعات صغيرة من السكان الذين ينتمون إلى بعض الفرق الإسلامية. ومعظم السنّة في باكستان على مذهب الإمام أبي حنيفة النعمان. وينقسم الشيعة إلى عدة فرق، منهم الإسماعيلية ـ الآغاخانية (وهم أتباع آغاخان)، والاثنا عشرية وكذلك القاديانية والبهائية الذين يؤلفون مجتمعات صغيرة، ويشتهر معظم أتباعها بالتجارة والصناعة. أما الهندوس في باكستان فقد تضاءل عددهم كثيراً بعد نزوحهم إلى الهند في عام 1947، فلم يبق منهم في باكستان في عام 1961 سوى 0.5% من مجموع السكان. إضافة إلى المسيحيين الذين يؤلفون 1.4% من مجموع السكان.

2ـ المستوطنات الحضرية: تضم المستوطنات الحضرية في باكستان نحو ربع العدد الإجمالي للسكان. وهناك مدينتان تتصدران مدن باكستان، هما كراتشي، التي كانت تضم ما يقرب من خمس السكان الحضر عام 1961 (5.180.000 نسمة عام 1991)، ولاهور التي تضم 13% منهم (2.952.700 نسمة 1991).

وفي عام 1972، بلغ عدد المدن التي يزيد سكان كل منها على 100 ألف نسمة 18 مدينة، مقابل 7 مدن في عام 1947. وفي عام 1960، كانت سياسة الدولة تتجه إلى نشر الصناعة، بسبب تركزها الشديد في كراتشي. ولهذه السياسة، أظهر النمو الحضري في تعداد 1961 بعض التوازن في توزع السكان بين المدن المختلفة. وتعد كراتشي الميناء الرئيسي والمركز التجاري والصناعي، كما أنها العاصمة الوطنية حتى عام 1966، حين أصبحت إسلام أباد[ر] العاصمة الجديدة، وهي تبعد عن السابقة نحو 1200كم تقريباً.

أما المدن الرئيسة، بعد كراتشي ولاهور، من حيث الحجم (بحسب أرقام عام 1991)، فهي فيصل أباد وراولبندي وحيدر أباد ومولتان وغوجرانوالا وبيشاور وسيالكوت وسارغودا وسكور وكيتا وجانغ وباوالبور وساهيوال ومردان وواه وكاسور. وكراتشي هي عاصمة السند الإقليمية، ولاهور عاصمة البنجاب الإقليمية، وبيشاور عاصمة إقليم الحدود الشمالية الغربية الإقليمية، وكيتا عاصمة بلوجستان الإقليمية. أما العاصمة الجديدة إسلام أباد، فهي تجاور راولبندي، وفيها المركز الرئيسي لقيادة الجيش العامة، وقصر رئيس الدولة.

الأوضاع الجغرافية الاقتصادية: وتشمل دراستها القطاعات التالية:

1ـ الزراعة: تشغل الزراعة في باكستان مكان الصدارة بين أولويات الخطط التنموية القومية، فهي العماد الرئيس للاقتصاد الباكستاني، فنحو 67% من سكان البلاد يعيشون في المناطق الريفية، ويعملون في الزراعة والأنشطة القائمة عليها، إذ تستأثر الزراعة بنحو 49% من العمالة، وتسهم بنحو 26% من الناتج المحلي الإجمالي، و35% من الأرباح المترتبة على التجارة الخارجية، وتصدير المواد الأولية الزراعية. وترمي سياسة الحكومة إلى توفير التسهيلات الائتمانية للمزارعين، وتشجيع الصناعات المحلية، واستخدام الآلات الزراعية والأسمدة الكيمياوية والبذور الجيدة والمبيدات الحشرية.

وفي عام 1988-1989، سجل قطاع الزراعة معدل نمو مرتفعاً، وصل إلى 7.1%، وفي العام التالي 1989-1990، انخفض معدل النمو إلى 3.96%، وهو يقل كثيراً عن المعدل الذي كانت تتوقعه الخطة السنوية، ومقداره 5.2%، وأهم المحاصيل الرئيسة: القمح والأرز والقطن وقصب السكر.

تهدف السياسة الزراعية الباكستانية إلى بلوغ درجة الاكتفاء الذاتي من محصول القمح، ففي عام 1988-1989، بلغ الإنتاج رقماً قياسياً قدره 14.4 مليون طن. وفي عام 1989-1990 هبط الإنتاج إلى 11.3 مليون طن، وسَبّبَ ذلك انخفاض المردود من 1865كغ/هـ إلى 1800كغ/هـ.

والأرز هو المحصول الغذائي المهم، ومصدر رئيسي أيضاً من مصادر العملات الأجنبية. وقد تضرر المحصول في عام 1988-1989 بسبب الأمطار الشديدة أولاً، والفيضانات التي أعقبتها ثانياً، فقد بلغ الإنتاج 3.2 مليون طن، وهو رقم يقل بمقدار 0.44 مليون طن عن توقعات الخطة المرسومة.

وقد شهد إنتاج قصب السكر ركوداً في السنوات الخمس الماضية، وهذا يرجع جزئياً إلى عدم كفاية المساعدات الحكومية. وفي عام 1988-1989، بلغ الإنتاج 36.98 مليون طن، وهو رقم يزيد بمقدار 3.58 مليون طن على الخطة المرسومة.

ويحتل محصول القطن موقعاً مهماً في اقتصاد باكستان، وقد شهد هذا المحصول تحسناً مستمراً في السنوات الخمس الأخيرة، ففي عام 1990-1991، بلغت المساحة المزروعة بهذا المحصول 2.71 مليون هكتار. وتوفر المحاصيل الثانوية، مثل القطاني والبصل والبطاطا والفلفل الحار، دخلاً إضافياً مهماً لجميع المزارعين، فهم يبذلون جهودهم لزيادة إنتاجهم منها. وقد بلغ إنتاج البطاطا، على سبيل المثال، 831 ألف طن في عام 1989-1990.

2ـ الثروة السمكية: تنعم باكستان بمصادر غنية لصيد الأسماك، تمتد على طول الساحل الجنوبي المطل على البحر العربي. ويعتمد جميع سكان المنطقة الساحلية تقريباً في السند وبلوجستان في حياتهم المعيشية على صيد الأسماك. وللثروة السمكية أثر مهم في اقتصاد البلاد، فهي توفر سلعة مهمة للتجارة الخارجية من ناحية، كما أنها توفر مادة غذائية بروتينية رخيصة للملايين من السكان من ناحية أخرى. وقد بلغ إنتاج الأسماك والروبيان (القريدس) المستخدم للأغراض التجارية والصناعية والمعيشية 445.760 طن عام 1989، منها نحو 348.879 طن من السمك البحري والروبيان، والباقي من الأسماك الطازجة. ويعمل في هذه الصناعة نحو 220 ألف من الصيادين.

3ـ الموارد المعدنية: لم تستغل الثروة المعدنية في باكستان بعد على الوجه الأكمل، وقد كشفت أعمال التنقيب عن عشرين نوعاً من المعادن المختلفة. ويعدّ تعدين الفحم الذي بدأ استخراجه في عام 1970، من أقدم الصناعات الاستخراجية في الدولة، وإن كانت نوعيته رديئة، كما أن مناجمه لا تعمل بكامل طاقتها، بسبب قلة الطلب عليها، إذ لا يستخرج منه سوى مليوني طن سنوياً، وتقدر الدراسات المسحية الحديثة احتياطي باكستان منه بنحو 9 مليارات طن.

وكذلك رواسب خامات الحديد، فهي من نوعية فقيرة، ومعظم احتياطيها الكبير المعروف يقع في منطقة كالاباغ Kalabag في غربي البنجاب، ويقدر بنحو 300 مليون طن.

وهناك خطة لاستخراج هذه الخامات وإقامة صناعة للحديد والصلب. وفي هازارا، في إقليم الحدود الشمالية الغربية، خامات منخفضة الجودة، أما الخامات العالية الجودة، فهي متوافرة بكميات قليلة، في شيترال وفي منطقة شيلفازي (في مقاطعة شاغاي التابعة لإقليم بلوجستان) وفي إقليم الحدود الشمالية الغربية أيضاً. كما كُشف عن رواسب جديدة لخامات الحديد بالقرب من شنيوت Chiniot، ويقدر احتياطيها المعروف في باكستان بنحو 520 مليون طن.

وقد دلت الدراسات المسحية الأخيرة على وجود رواسب غنية بالرصاص والزنك في دودّار Duddar (لاسبيلا)، ويقدر احتياطيها الثابت بنحو 0.6 مليون طن، وكذلك في سورماي Surmai (خوزدار)، ويقدر احتياطيها بأكثر من مليوني طن.

وفي باكستان كميات هائلة من الصخور الكلسية السطحية، التي توفر أساساً لصناعة الإسمنت الواسعة. إضافة إلى معادن أخرى مستغلة، تشمل الكروميت (ومعظمه للتصدير)، والباريت (وهو معدن شبيه بالرخام)، والبوكسيت والأنتيموان والأرغوانيت والجص وصخر الملح والرخام. إضافة إلى بعض المعادن المشعة، التي توجد في مقاطعة ديراغازي خان في البنجاب.

وهناك كميات قليلة من النفط، وبعض الحقول الواسعة من الغاز الطبيعي. وفي عام 1952، أحرزت باكستان أول نجاح مهم في الكشف عن حقل نفط سيو الكبير. وفي المدة ما بين عامي 1960 و 1980 توالت عمليات التنقيب عن النفط من القطاعين العام والخاص، توِّجت بالكشف عن حقل نفط توت Tout في الحوض الأعلى لنهر السند، وحقل غاز بيركوه Pirkoh في الحوض الأسفل لنهر السند، وحقل نفط ميال Meyal في شمالي بوتوور.

أما المرحلة الراهنة الخاصة بعمليات التنقيب، فقد بدأت عام 1981، بالكشف عن النفط في الجزء الأدنى من حوض السند، وتلا ذلك الكشف عنه في دورنال Dhurnal وعن مكامن الغاز في داخني Dakhni في شمالي منطقة بوتوور، وتلاه فيما بعد حقل غاز مهم في لوتي Loti في الحوض الأوسط من نهر السند.

إن إنتاج النفط الذي بلغ 1000 برميل في اليوم وسطياً في عام 1981، قد اقترب اليوم من 100 ألف برميل في اليوم. وكذلك الحال في إنتاج الغاز، الذي وصل إلى 14.300 مليار م3 في عام 1990، وارتفع إلى 19.759 مليار م3 في عام 1997، ثم تراجع إلى 15.090مليار م3 في عام 1998، وتحصل باكستان على ما ينقصها من النفط الخام من المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة والكويت وإيران.

4ـ الصناعة: ترجع بداية المحاولات الأولى للصناعة إلى أيام الحرب الكورية، وبداية عام 1950، إذ قامت بعض الصناعات الوطنية على أساس المواد الخام الزراعية، لسدّ احتياجات السوق المحلية والتصدير إلى الأسواق الخارجية. وهذا يقود إلى الحديث عن الصناعات النسيجية القطنية، التي يعمل فيها نحو 37% من مجموع العمالة الصناعية المقدرة بـ 20% من العمالة الباكستانية، كما يعمل في الصناعات النسيجية الصوفية والسكر والورق والتبغ والجلود نحو 20% من مجموع العمالة الصناعية.

إن ضعف التجارة الخارجية في أواسط عام 1950، اضطر الحكومة إلى التقليل من الاستيراد، مما شجع على إقامة عدد من الصناعات، لتوفير البدائل من المستوردات، فبدأت بإنتاج السلع الاستهلاكية، ثم أعقبتها بالسلع الوسيطة، والسلع التصديرية تدريجياً، فاشتملت على المواد الكيماوية والمُخصِّبة والمنتجات الهندسية الخفيفة.

ومع ذلك، مازالت باكستان مضطرة إلى استيراد نسبة كبيرة من المعدات الثقيلة والمواد الأولية اللازمة للصناعة. على الرغم من التنوع السلعي في القطاع الصناعي، فإن الصناعات النسيجية القطنية مازالت تحظى بالنصيب الأكبر من الناتج الإجمالي حتى الوقت الحاضر.

5ـ النقل والمواصلات: يبلغ مجموع أطوال الطرق البرية في الباكستان نحو 120 ألف كم، وعلى هذه الشبكة من الطرق البرية ينقل 85% من مجموع السلع والأشخاص الذين يتنقلون داخل البلاد، أي بمعدل 0.16كم من الطرق البرية لكل كيلومتر مربع من المساحة العامة. وتعد هذه النسبة منخفضة جداً بالمقاييس العالمية، إذا أُخذ عدد السكان بالحسبان.

وفي باكستان ثمانية طرق وطنية عامة، يبلغ مجموع أطوالها نحو 6600كم. ومع أن هذه الطرق الوطنية العامة لا تؤلف سوى 5.5% من مجموع الطرق الوطنية الإجمالية، فإنها تشهد حركِة نقل شديدة، إذ ينقل عليها ما يقرب من 65% من مجموع السلع والأشخاص الذين يتنقلون داخل البلاد، و98% تقريباً من هذه الطرق الوطنية العامة معبّدة.

والخط الحديدي الرئيس في باكستان هو الخط الوطني العام رقم 5 من كراتشي إلى بشاور، على مسافة 1762كم، ماراً بمدن رئيسة، هي: حيدر أباد ومولتان ولاهور وراولبندي وبشاور. ويستأثر هذا الخط بنحو 65% من حركة المرور على الطرق الوطنية العامة.

ويبلغ مجموع أطوال الخطوط الحديدية في باكستان نحو 8775كم، تصل بين ميناء كراتشي على البحر جنوباً ولاندي كوتال بالقرب من حدود أفغانستان. وشبكة الخطوط الحديدية الرئيسة تجتاز سهول السند الخصبة والبنجاب، وتتعرج في المناطق الريفية الخلابة في إقليم الحدود الشمالية الغربية، والجبال الوعرة في منطقة ممر خيبر، ويخرج فرع من الخط الحديدي من سكوّر في السند إلى سبيزاند بالقرب من كيتا Quetta في بلوجستان، حيث يتفرع إلى شعبتين، تنتهي إحداهما في شامان عند حدود أفغانستان، وتتصل الأخرى بالخطوط الحديدية الإيرانية، فيما وراء كوهي تفتان المتصلة بزاهدان. ومن كراتشي إلى لالاموزا وكونديان وسيبي، ثم إلى ما وراءها من ممر بولان.

وقد تأسست شركة الخطوط الجوية العالمية الباكستانية PIA عام 1955، وهي شركة النقل الوحيدة للحركة الجوية الداخلية، كما أن خطوطها العالمية تتجه إلى أوربة وأمريكة والشرق الأوسط وإفريقية والشرق الأقصى، إضافة إلى جارتها أفغانستان. وأهم موانئها الجوية الرئيسة هي ميناء: كراتشي ولاهور وراولبندي وبيشاور.

وتنعم باكستان بشبكة واسعة من الأنهار العظيمة والأقنية الصناعية، تستغل في توليد الطاقة الكهربائية وأعمال السقاية وتوفير مياه الشرب النقية. أما استغلالها في النقل المائي فمازال محدوداً جداً، ففي عام 1989، لم تتجاوز الحمولة الإجمالية لمراكب النقل المختلفة 366 ألف طن، وتعد كراتشي الميناء الرئيسي.

6ـ التجارة الخارجية: سجلت الصادرات الباكستانية في السبعينات نمواً سنوياً بمعدل 9%، في حين كان النمو السنوي للواردات بمعدل 2.8%. وقد شهدت الثمانينات أعلى معدل نمو للصادرات وهو 23.2% في عام 1985- 1986، ولكنه انخفض إلى 4.6% في عام 1988- 1989، وهبط نصيب السلع الأولية من مجموع الصادرات من 35.7% في عام 1977-1978 إلى 20.3% في عام 1989-1990، في حين زاد نصيب السلع المصنّعة من 49.6% في عام 1977-1978 إلى 52.3% في عام 1987-1988 وإلى 56% في عام 1989-1990. واستمر النصيب الأكبر للصادرات ينحصر في عدة مجموعات، وهي: الأرز والقطن والقطن المصنَّع والجلود والمنتجات الجلدية والصوف والسجاد والمستحضرات السمكية. وقد راوح نصيب هذه المجموعات بين 70 و81% من مجموع الصادرات، في السنوات الستّ عشرة الأخيرة. وقد بلغت قيمة الصادرات 6900 مليون دولار لعام 1991.

أما تركيب الواردات، فقد واكب الصادرات من حيث التغيرات، وهي تتألف من المواد الأولية للسلع الاستهلاكية بنسبة 41.4%، تليها السلع التصديرية بنسبة 32.5% وقد بلغت قيمة الواردات 9300 مليون دولار لعام 1991. وأهم أسواق صادرات باكستان في عام 1989-1990 هي الولايات المتحدة (13.2%) واليابان (9.2%) وألمانية الاتحادية (7.9%) والمملكة المتحدة (6.8%) وإيطالية (4.7%) وهونغ كونغ (4.2%) وفرنسة (3.7%).

7ـ المشكلات السياسية:  يشغل باكستان مشكلتان هما نزاعها مع الهند على منطقة كشمير، ومشكلة اللاجئين الأفغان. وتعدّ مشكلة اللاجئين الأفغان من أكبر المشكلات التي تواجه حكومة باكستان، فهي تتحمل عبء الإنفاق على ما يقرب من أربعة ملايين لاجئ من أفغانستان، يقيمون على أرض باكستان منذ أكثر من عشر سنوات. وتتلقى باكستان بعض المساعدات من الوكالات التابعة للأمم المتحدة والدول الصديقة والجمعيات الخيرية. ولولا هذه المساعدات لما استطاعت القيام بهذه المهمة الصعبة.

ولكن هذه الإقامة المؤقتة طال أمدها، وترتب عليها ظهور الكثير من المشكلات بين اللاجئين الأفغان، وقد انتظرت باكستان نهاية المأساة مع انسحاب الجيوش السوفييتية من أرض أفغانستان، ولكن الواقع كان مخالفاً لجميع التوقعات، فقد استمر الخلاف بين حكومة كابل والفصائل الأفغانية المسلحة المختلفة، وتناقص حجم المساعدات الإنسانية لللاجئين الأفغان، وتلاشى الأمل بعودتهم إلى بلادهم بعد انسحاب القوات الأجنبية، بسبب شح المواد الغذائية وانعدام الأمن في مختلف أنحاء أفغانستان، بل أدى ذلك إلى مزيد من هجرة الأفغانيين إلى باكستان، مما ترتب عليه زيادة الأعباء التي تتحملها باكستان.

صفوح خير

 

 

التصنيف : التاريخ و الجغرافية و الآثار
النوع : سياحة
المجلد: المجلد الرابع
رقم الصفحة ضمن المجلد : 629
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 572
الكل : 31211840
اليوم : 36997

الثفن

المزيد »