logo

logo

logo

logo

logo

أديغي

اديغي

Adygea / Adygeya - Adyguée

أديغيي

 

أديغيي أو أديغية Adigheya جمهورية اتحادية من جمهوريات القفقاس الشمالي نشأت عن انهيار الاتحاد السوفييتي[ر]. وتنسب إلى الأديغة Adighe الاسم القومي للشركس[ر]. تقع شمال غربي القفقاس يحدها نهر بْشيِز (الكوبان) شمالاً وقمم جبال القفقاس جنوباً ومجرى نهر لابا شرقاً ومناطق من إقليم كراسنودار غرباً. مساحتها 7600كم2 وتؤلف رقعة متقلصة من أديغية (شركسية) التاريخية التي كانت تربو مساحتها على 250000كم2 من القفقاس الأوسط والغربي حتى بحر آزوف والبحر الأسود ونهري الدون ومانيتش في الغرب والشمال.

تتألف أديغيي من شريطين أرضيين: شريط شمالي سهلي ممتد من الشرق نحو الغرب ويساير نهر بشيز الأوسط ومصاطبه، يعلو حتى 200م فوق سطح البحر وعليه عشرات التلال الأثرية، وتغطيه التربة السوداء الخصبة وتربة الأودية اللحقية، إضافة إلى التربة الغدقة في المنخفضات. أما الشريط الثاني فيتجه من الشمال إلى الجنوب ويحتل معظم حوض نهر شْحَه غواشة (بيلايا)، ويسايره في الشرق لسان أرضي يحتل حوض نهر فَدْز. ويرتفع الشريط الجنوبي هذا من 200م إلى 500م في الشمال حتى يصل إلى قمم جبال تحاتْش (2368م) وأتاماجي (2669م) وفِشْت (2867م) وقمة تْشوغوش (3238م) أعلى جبل في البلاد في الجنوب. يخترق المناطق الجبلية الكثير من الأودية السحيقة والخوانق التي حفرتها الأنهار وروافدها، كما تنتشر فيها التضاريس الكارستية وأبرزها مغارة أزبش. ويظهر في القمم العالية جليديات صغيرة وما يرافقها من تضاريس. أما المناخ فدافئ معتدل ورطب ومتوسط الحرارة يراوح في الصيف بين 15و23 درجة مئوية وفي الشتاء بين 5و –7.5 درجة مئوية. وتصل الفروق الحرارية القصوى إلى 60 درجة مئوية (+37 درجة و –23 درجة مئوية) في الشمال، وإلى 61 درجة مئوية (+36درجة و-25 درجة مئوية) في ميه قوابه (مايكوب) وإلى أكثر من ذلك في الجبال. ومتوسط الأمطار نحو 700مم سنوياً وتزيد على 2500مم في الجنوب حيث يسقط أغلبها ثلجاً، ونموذج التهطال صيفي وخريفي (معظمه بين نيسان وتشرين الثاني).

الجمهورية غنية بالمياه. عيونها كثيرة ودائمة، بعضها معدني أو له خواص علاجية وأنهارها كثيرة أبرزها أنهار: لابا وفَدْز وفارْز وجاجا وشْحَه غُواشه ورافده كورجْبْس وبشيخة وبشِشْ وبسَه قوبس وأفِبْس وعشرات غيرها، كلها ترفد نهر بشيز مباشرة أو بصورة غير مباشرة. أما نهر بشيز (كوبان) فينبثق من قمم القفقاس ويصب في بحر أزوف، طوله 984كم ويرسم مجراه الأوسط الحدود الشمالية للجمهورية وقد نظمت فيضانات الأنهار المهمة واستغلت للري ولتوليد الكهرباء بسدود أهمها سد كراسنودار وبحيرته التي غمرت آلاف الهكتارات وتسببت في خسائر وأضرار اجتماعية ومشكلات لا تناسب ما بني السد من أجله. وقد تم ترحيل آلاف الأسر من سهول الغمر إلى مدينة أديغة قالة في عهد السوفييت. تغطي الغابات 39.3٪ من أراضي أديغيي وتتألف من أشجار ذات قيمة اقتصادية عالية تغلب عليها الصنوبريات وتكثر فيها الأشجار البرية المثمرة كالتفاح والكمثرى والتوت بأنواعه كذلك تنتشر بينها المروج، وتعيش فيها شتى أنواع الحيوانات والطيور، وفي أنهارها أكثر من 130 نوعاً من السمك.

سكان الجمهورية هم من الأديغة وهم من المواطنين الأصليين، ويؤلفون نحو 28٪ من السكان البالغ عددهم نحو 452000 نسمة (1995)، وينتمون إلى قبائل البْجَدوغ والكَمغُوي والشايسُغ والأبزاخ وقلة من قبائل أخرى.

أما الباقون فمن المستوطنين الوافدين من الروس والقوزاق والأرمن وغيرهم. ويدين الأديغة بالإسلام وغيرهم بالمسيحية وفيهم ملحدون مع قلة من اليهود. ويتكلم السكان اللغتين الرسميتين الأديغية والروسية. وقد تطور عدد السكان من 300.000 نسمة (1936) إلى العدد المذكور أعلاه نتيجة سياسة التوطين الروسية في الجمهورية وفي القفقاس عامة.

وتتركز أعلى الكثافات في الوسط وحول العاصمة وفي الشمال، ويعيش نحو 52٪ من السكان في الريف و48٪ في المدن. وأشهر هذه المدن العاصمة مْيَه قوابَهَ (مايكوب) وفيها نحو 163.000 نسمة ثم مدينة تيوتشوج وأديغة قالهَ (أديغيسك) ولوستان حابلة ويَنَم وغيرها.

وجمهورية أديغيي غنية بمواردها الاقتصادية وثرواتها الطبيعية من تربة وماء وشروط مناخية نموذجية وثروات غابية ونباتية وحيوانية، وأخرى باطنية كالغاز والنفط ومواد البناء والمياه المعدنية وبعض المعادن كالحديد والفضة. وتعد هي والقفقاس مصدِّراً مهماً للمواد الغذائية والمواد الأولية لكثير من المصنوعات التي كانت تنتج في الاتحاد السوفييتي سابقاً وفي روسية الاتحادية اليوم. فهي تنتج الحبوب كالقمح والأرز وغيرهما وتنتج الذرة الصفراء والشوندر السكري وعباد الشمس وأغلب أصناف الخضر وشتى أنواع الثمار والفاكهة وتنتشر فيها مزارع التبغ والشاي والورد لاستخراج العطور في مصنع كوشَه حابله للعطور والأدوية.

وتقدم غاباتها الكثير من الأخشاب التي تقوم عليها صناعة خشبية وورقية مهمة، كما تقدم مروجها وثمارها مواد غذائية أولية وأعلافاً وأعشاباً طبية.

ويعد مردود المحاصيل الزراعية في أديغيي من أعلى الأرقام في الجمهوريات الأوربية الشرقية. ويتركز معظم النشاط الزراعي في الشمال والوسط وفي أودية الأنهار. وتربى في البلاد الأبقار والأغنام والدواجن بكثرة. وما زالت تربية الخيول تحظى باهتمام ملحوظ. وللصناعة فيها مكانة مرموقة، إذ تشتهر أديغيي بصناعة المواد الغذائية وإنتاج اللحوم والمعلبات بأنواعها (نحو 150.200.000 علبة سنوياً) وإنتاج الجبن الشركسي ومنتجات الألبان، والمشروبات، وتعبئة المياه المعدنية (معمل أديغيي) والسكاكر، ومواد البناء، وصناعة الآلات والمكنات والمنتجات البتروكيمياوية، والغاز الطبيعي، والورق المقوى والسللوز والأثاث الخشبي والمنتجات الخشبية الأخرى، ويبلغ ما تنتجه من كهرباء من أنهارها وحدها 500 مليون كيلوواط ساعي.

وإنتاجها من الغاز الطبيعي يزيد على 16.5 مليار م3 سنوياً. وتعد صناعة السياحة والاستجمام مصدراً جيداً للدخل القومي. وفي البلاد شبكة مواصلات جيدة. وبين مدنها وقراها طرق لرحلات يومية منتظمة للحافلات والمركبات، كما ترتبط عاصمتها بسكة حديد الجنوب التي تربط بين موسكو والبحر الأسود. وبسكة حديد أخرى تتجه إلى الجبال. وقرب مِيَه قوابَه مطار للرحلات الداخلية كما يصلح نهر بشيز للملاحة النهرية. أما تجارتها فنشيطة مع جمهوريات روسية الاتحادية، وتقوم الحكومة الجديدة برسم خططها الاقتصادية على نحو يحفظ مصالحها ضمن الاتحاد الروسي الجديد، منذ أصبحت جمهورية مستقلة ذاتياً في الخامس من تشرين الأول عام 1990.

تاريخ السكان الأصليين الأديغيين موغل في القدم، كشفت بداياته من العصر الحجري القديم في أبزاخ حابله ووداي شْحَه غواشه. وتعد أديغيي من أقدم مواطن الإنسان في جنوب شرقي أوربة، وهي مهد حضارة الكوبان وميه قوابه التي عثر في تلالها ومدافنها الملكية على آثار ازدهار حضاري امتد من سنة 3000ق.م حتى القرن 15 للميلاد، وشمل القفقاس الشمالي من البحر الأسود حتى جبال داغستان. وفيها الكثير من التلال الأثرية والدياميس (المكامن) التي كشف فيها عن آثار ومصنوعات معدنية وغير معدنية دقيقة الصنع وأدوات وحلي ذهبية وفضية بديعة من المدفن الملكي في ميه قوابه (الألف الثالث ق.م) ومدفن الأخوة السبعة (القرن 6ـ4ق.م) وموقع ولاب Ulap الذي حوى أثراً فنياً نادراً، وهو كوب فضي له هيئة حصان مجنح ملبّس بالفضة وعليه مشاهد صراع بين العمالقة والآلهة (القرن الخامس ق.م)، ومثله الإناء الفضي الذي يحمل أقدم خريطة في العالم.

وتعد قبائل الميئوت Meot والسند والكَركت والزيخ والهينوخ أجداد الأديغة الحاليين. والميئوت هم حملة حضارة البرونز، ويقودون تحالفاً يضم السند وقبائل أصغر مثل الدانداري والتوريات والأغرة وغيرهم. ولقد جذب غنى أديغيي الغزاة، فغزتها أقوام شمالية وشرقية منهم السارمات والهون والخزر والروس. لكنها لم تخضع للمحتلين إلا اسمياً ولأمد قصير، حتى احتلها الروس بعد حروب دامت نحو 110 سنوات انتهت في 21 أيار عام 1864 واستشهد فيها أو تعرض للمذابح والإبادة الجماعية على يد الروس قرابة المليون من الأديغة المسلمين. وفي أثنائها جرى تهجير قرابة المليون ونصف المليون إلى أراضي الإمبراطورية العثمانية. ولم يبق في أديغية التاريخية سوى نصف مليون من سكانها الأصليين تقريباً. ودفع الروس بمئات الآلاف من أقوامهم ومن القوزاق والأوكرانيين واليهود وغيرهم لاستيطان أديغية، وفرضوا اللغة الروسية لتغيير هوية البلاد و «ترويس» السكان. واستمرت هذه السياسة في العهد السوفييتي، فقسمت أديغية التاريخية إلى كيانات ذات حكم ذاتي شكلي خاضع لموسكو، ويضم كل كيان قبيلة أديغية أو مجموعة قبائل، هي جمهورية القبرتاي - البلقار، ومقاطعتا القرشاي - الشركس، وأديغيي، ومنطقة شابسغ البحر الأسود، وقد تأسست مقاطعة الأديغيي ذات الحكم الذاتي في 27 تموز 1922 في جمهورية روسية السوفييتية الاتحادية. ثم أصبحت أديغيي جمهورية، في إطار روسية الاتحادية منذ عام 1990 وتعمل على بناء ذاتها. وبرلمانها مؤلف من 100 نائب وهي عضو في اتحاد شعوب القفقاس الجبلية الذي يضم جمهوريات القفقاس الشمالي، ويسعى إلى إحياء جمهورية (اتحاد شعوب القفقاس الشمالي) التي ظلت قائمة حتى قضى عليها الجيش الأحمر والنظام السوفييتي عام 1921.

ولسكان أديغيي علاقات وثيقة وصلات قربى مع بلدان الوطن العربي ولاسيما سورية والأردن إذ يعيش فيهما أكثر من 125.000 نسمة من أحفاد الأديغة. وقد تمتنت هذه العلاقات بعد زوال الاتحاد السوفييتي، وبعد الانفتاح الذي أدى إلى تبادل الزيارات وتسيير حافلات الركاب بين دمشق والقفقاس في رحلات غير منتظمة.

وتؤلف اللغة الأديغية الفرع الشمالي الغربي من مجموعة اللغات القفقاسية وهي تكتب بالحروف الكيريلية منذ 1938. وكانت قبلها تكتب بالعربية، وظهر أول كتاب مدرسي أديغي بحروف عربية عام 1853. ألفه عمر بَرْسَي. وتعد الأديغية واحدة من أقدم اللغات المحكية حتى اليوم.

إن أقدم الآداب الأديغية هي المرويات من أناشيد الصيادين والترانيم الدينية الوثنية والأشعار البطولية والأمثال والحكم والقصص والأغاني التاريخية والفولكلورية. وأغناها وأقدمها الملاحم والأساطير البطولية المعروفة باسم «النارت» التي تكاملت أركانها قبيل القرن السابع ق.م وصدرت كاملة بالأديغية في سبعة مجلدات (1968-1970) وبجهود أسْكَر حاداغاتْل. وترجع بداية الآداب الحديثة إلى منتصف القرن الماضي ومطلع القرن الحالي فبرزت أسماء عدد من المشاهير أمثال سلطان خانغري، وعمر برسي، وتس توتشوج، وإبراهيم تْسَه ي، وتمبوت كَراشَه، وأحمد حاتْقوه، ومُرات برنَقَوَه وغيرهم. ونمت الآداب والفنون والفولكلور ومظاهر الثقافة الأخرى من رسم ونحت وعمران وعمارة كما ازدهرت الموسيقى والرقص والغناء الأديغيي، وتطور التعليم ووسائل الإعلام والسياحة والصحة والخدمات وغيرها في العقود الأخيرة. وأخذت هذه المظاهر تتجه نحو التحرر من التبعية الأجنبية. ومن أعلام الأدب والثقافة اليوم إِسحق مَشْباشَئه، وأسْكَر حاداغاتْل، وحميد بَرَتار، وجانَه قْرمُزْه وغيرهم.

وتصدر في الجمهورية صحف ومجلات ونشرات ثقافية وسياحية وفيها أندية ومسارح إلى جانب المدارس والمعاهد وجامعة الجمهورية.

عادل عبد السلام

الموضوات ذات الصلة:

ـ الأسود (البحر) - روسية الاتحادية - الشركس - القفقاس.

مراجع للاستزادة:

ـ رمضان، تراخو، الشركس (مونيخ 1956) «بالروسية».

ـ قاسموف، الإبادة الجماعية للأديغية (نالشيك 1992) «بالروسية».

- A. M. LESKOV & V. L. LAPUSHIAN, Art Treasures of Ancient Kuban (Moscow 1987).


التصنيف : التاريخ و الجغرافية و الآثار
النوع : سياحة
المجلد: المجلد الأول
رقم الصفحة ضمن المجلد : 750
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 534
الكل : 31249653
اليوم : 74810

الألم (ف)

الألم   الألم douleur شعور شخصي بعدم الارتياح أو بوجود أذى من شدة ما، لا يعرفه إلا من يجربه ولا يحسن وصفه إلا من يعانيه. والألم أول دلائل المرض، وهو شعور واقٍ ومحذر غايته حفظ الذات، إذ من دونه يمكن أن يطعن الإنسان أو يصاب بحرق أو بمرض خطير أو جهد قاتل من غير أن ينتبه للخطر الذي يهدده. وقد يكون الألم تعبيراً عن أذية نفسية سببها عمل لا يرضى عنه صاحبه، أو أوضاع عائلية أو اجتماعية صعبة، أو قلق أو خوف من مرض خطير، أو تهديد لتقدير الذات، كما قد يكون العرض الأول لكآبة خفيفة أو عصاب مستتر.
المزيد »