logo

logo

logo

logo

logo

إيميه (مارسيل-)

ايميه (مارسيل)

Aymé (Marcel-) - Aymé (Marcel-)

إيميه (مارسيل ـ)

(1902 ـ 1967)

 

مارسيل إيميه Marcel Ayme كاتب فرنسي ولد في مدينة جوانيي Joigny بفرنسة، ماتت أمه وله من العمر سنتان، وكان أبوه بيطاراً اضطر بعد وفاة زوجته إلى أن يضع أطفاله الصغار في مدرسةٍ داخليةٍ، وآثر جده لأمه أن يحيط أحفاده بحنانه ورعايته، فنشأ مارسيل في حِجْره وتأثَّر بفكره المتحِّرر، لتشيع في أدبه، فيما بعد، نفحةٌ من التشكيكية scepticisme اللاذعة، الساخرة.

تابع إيميه دراسته في معهد بمدينة دول Dole، وهجر ريفه الهادئ، بعد أن أنهى خدمته العسكرية الإلزامية، ليقيم نهائياً في باريس حيث عمل في الصحافة، وجنحت به نزعته الأدبية إلى الرواية فكتب رواية «برول بوا» Brûle-bois المستمدة من ذكريات طفولته، ثم رواية «ذهاباً وإيابا» Aller et retour وترادفت رواياته، بعد أن نالت إحداها جائزة غونكور Goncourt الأدبية الفرنسية، بوتيرة كتابٍ في كل عامٍ، وظفرت رواية «الفرس الخضراء» La Jument verte برضا النقاد وتقديرهم، لما يترقرق فيها من تصويرٍ بارعٍ لمجتمع الريف البسيط، العفوي، ولقيت رواجاً واسعاً، وضمنت له بمكاسبها، بسطةً من العيش هنيئةً، مما أغراه بأن يضحي ملازماً بيته، عاكفاً على أدبه، ليكون مصدرَ رزقه الوحيد، نائياً بطبعه المنطوي عن أضواء الشهرة، كلفاً بالعزلة، ليكون في ميسوره أن يتقن عمله الروائي المبدع، كاتباً صَناعاً، حريصاً على تجويد أسلوبه وتمحيصه وصقله، حتى توفي بباريس في الرابع عشر من شهر تشرين الأول.

وتنفسح أجواء رواياته وقصصه في الريف والمدينة معاً، تتجاذبها نظرتان نفَّاذتان، تنهل إحداهما من الواقعية Réalisme، وتمتح الأخرى من الخيال المجنَّح والغرائبية Le fantastique لتكون أشبه بالحكايات التي يستطيبها الأطفال أيضاً، ويتراءى أدبه، بخصائصه وشِياته المميِّزة ذا نكهةٍ سائغةٍ، تَنْسِمُ فيها روح الظَّرف والدّعابة، المترعة بالرأفة والرحمة، متمِّماً تلك السلسلةَ الفريدةَ من الكتاب الفرنسيين الساخرين، بدءاً من رابليه[ر] Rabelais وانتهاءً بأناتول فرانس[ر] Anatole France. غير أن عالمه الروائي بدا، إثر انتهاء الحرب العالمية الثانية، مُلفَّعاً بمظاهر القسوة الحادة، وانحسرت ابتسامته الصافحة، المتسامحة، الحنون المألوفة في رواياته السابقة، عن أسى عميقٍ، فقد أيقن أن عليه بصفته روائياً صادقاً في تصوير مجتمعه ألا يكتفي بالسخرية من الفئة الفاسدة من المجتمع، بل ينبغي له أن يشير إليها ويدينها بصراحة، وكذلك جلت روايتاه «أورانوس» Uranus و«طريق التلاميذ» Le chemin des écoliers رؤيةً سوداءَ، عن إنسان مجتمعه، وواكبت هذه الرؤيةَ القاتمةَ، اعتباراتٌ متشائمةٌ حول التطور السياسي في المجتمع الفرنسي المعاصر، ومع ذلك فلم يذهب في نقده للمجتمع إلى حد الثورة عليه والدعوة إلى تغييره، مما حمل بعض النقاد على اعتبار مارسيل إيميه كاتباً رجعياً متخاذلاً، وإن كان يحمل في عِطْفيه بذورَ التمرد على الأوضاع السائدة.

وقد وجد إيميه، أن الوسيلة المثلى للهرب من هذا الواقع المخيِّب للأمل، تتجلَّى في نشدان الحلم الرافل بالأسطورة، وكذلك غمس قلَمه البارعَ في مداد الخيال المجنَّح، مصوِّراً، في بعض رواياته، عالماً باهراً سحرياً موشّى بواقعية غرائبية، حيث يأتلف الواقع مع الخرافة، كما لو أنهما منبثقان من قوامٍ واحدٍ، على النحو الذي يلاحظ في روايتيه «حكايات الهر الجاثم» Contes du chat perché و«القزم» Le nain، وقد صوَّر في روايته «عبر السور» Passe Muraille كيف يتأتَّى لبعض الأشخاص أن يخترقوا الجدران بسحرٍ عجيبٍ.

وأسهم إيميه في حقل المسرح، فكتب في الثلاثينات مسرحية «لوسيين والجزار» Lucienne et le boucher وفي عام 1950 ألَّف مسرحية «كليرامبار» Clérambard وعكف منذئذ على المسرح وقصر عليه جلَّ إبداعه حتى وفاته.

وقد انساقت نماذج شخصياته الروائية إلى مضطرب مسرحياته بكل ماتحمله من سجايا ومثالبَ، فجلاها أيضاً بسخريته المألوفة. ولم يشأ أن يتخلى في مسرحه عن الغرائبية التي بسطها من قبل في بعض رواياته، ففي مسرحية «عصافير القمر» Les oiseaux à la lune يعمد أحد أبطالها بقوةٍ سحريةٍ خارقةٍ إلى تحويل بعض أشخاص المسرحية إلى عصافير ترفرف، موشاةً بسخريةٍ مترعةٍ ماءً وظرفاً وطلاوةً.

هكذا خلَّف إيميه مورداً عذباً من الروايات والقصص والمسرحيات، تترفَّق في ثنيّاتها ابتساماته الساخرة، النديَّة، ليضحي كما يقول الناقد جاك بين Jacques Bens أحد أوائل الكتاب المبدعين الشاهدين على عصره.

 

بديع حقي

 

مراجع للاستزادة:

 

Pierre de Boisdeffre, Histoire vivante de la littérature d'aujourd' hui, Edition Librairie Académique Perrin, (Paris 1962).

- Marcel Aymè, Contes et nouvelles, Edition Gallimard ,(Paris ,1953).


التصنيف : الآداب اللاتينية
النوع : أعلام ومشاهير
المجلد: المجلد الرابع
رقم الصفحة ضمن المجلد : 493
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 487
الكل : 31726956
اليوم : 2417

مصطفى (حسام الدين-)

مصطفى (حسام الدين ـ) (1925 ـ 2000م)   حسام الدين مصطفى مخرج سينمائي وتلفزيوني مصري معروف من مواليد بورسعيد. بعد إنهائه المدرسة الثانوية درس السينما في معاهد أمريكية متعددة. أنتج، وأخرج فيلمه الأول «كفاية يا عين» عام 1956 عن قصة ليوسف جوهر، وهو ميلودراما تتحدث عن صراع شقيقين على قلب فتاة، وأدى الأدوار فيه ماجدة وكمال الشناوي ومحمود المليجي، ووضع له الموسيقى فريد الأطرش.
المزيد »