logo

logo

logo

logo

logo

الامتياز (حق-)

امتياز (حق)

Privilege right - Privilège

الامتياز (حق ـ)

 

الامتياز privilege قانوناً أولوية يقررها القانون لحق معين مراعاة منه لصفته. وحقوق الامتياز هي من الحقوق العينية التبعية ونوع من أنواع التأمينات العينية[ر] التي يتم بموجبها تخصيص مال معين للوفاء بالتزام معين، وليظل هذا المال مخصصاً للوفاء بالالتزام مثقلاً بالتأمين[ر]، حتى لو تصرف فيه المدين. وتمنح هذه التأمينات الدائن حق تتبع المال في أي يد كان والتنفيذ عليه، كما تمنحه حق التقدم في استيفاء دينه من المال المؤمن قبل غيره من الدائنين العاديين.

يتمتع حق الامتياز بعدة خصائص هي:

ـ الامتياز حق مصدره إرادة المشرع: فلا يكون للحق امتياز إلاَّ بمقتضى نص في القانون، فحيث لا يوجد نص لا يمكن أن يوجد امتياز، ومن ثم ليس للأفراد ولا للقضاء عدَّ حقّ ما ممتازاً.

ـ  الامتياز حق عيني تبعي: فهو يوجد لضمان الوفاء بالدين المضمون به، ويلازم الدين نشوءاً وانتقالاً وانقضاءً.

ـ الامتياز حق غير قابل للتجزئة: فهو يبقى كاملاً على الشيء المثقل به حتى ينقضي الدين المضمون به بكامله.

ـ الامتياز حق يتقرر لصفة في الدين: فالمشرع عندما يعطي الامتياز لدين معين إنما ينظر إلى صفة في هذا الدين تكون جديرة بأفضلية تكفل للدائن استيفاءه مقدماً على غيره من الدائنين حتى على أصحاب التأمينات. والقانون في تقديره لصفة الدين ينطلق من عدة اعتبارات مختلفة:

أ ـ المصلحة العامة، كما هي الحال في امتياز الديون المستحقة للخزانة العامة.

ب ـ اعتبارات إنسانية، كما هي الحال في امتياز المبالغ المستحقة للخدم والكتبة والعمال، حيث تقضي الرحمة بأن يؤثر الأجير في استيفاء ديونه اللازمة لمعيشته على غيره من الدائنين.

ج ـ العدالة، كما هي الحال في امتياز البائع حيث يقضي العدل بتمكين البائع الذي أدخل مالاً في ملك المشتري من استيفاء الدين من ثمن المبيع قبل غيره من الدائنين.

ـ الرهن الضمني، كما هي الحال في امتياز دين المؤجر وصاحب الفندق، اللذين يتمتعان بامتياز على أمتعة المستأجر أو النزيل، الموجودة في المأجور أو الفندق.

تصنيف حقوق الامتياز

تصنف حقوق الامتياز من حيث الأموال التي ترد عليها ومن حيث وجوب شهرها في السجل العقاري كالآتي:

1ـ من حيث الأموال التي ترد عليها وتنقسم إلى ثلاثة أنواع:

ـ حقوق الامتياز العامة: وهي التي تقع على جميع أموال المدين من منقولات وعقارات.

ـ حقوق الامتياز الخاصة على منقول: وهي التي تقع على منقول معين.

ـ حقوق الامتياز الخاصة على عقار: وهي التي تقع على عقار معين.

2ـ من حيث وجوب شهرها في السجل العقاري وتنقسم إلى نوعين:

ـ حقوق امتياز لا يجب شهرها وهي تشمل حقوق الامتياز الخاصة على منقولات وحقوق الامتياز العامة التي أعفاها المشرع من التسجيل.

ـ حقوق امتياز يجب شهرها وتشمل حقوق الامتياز الخاصة على عقار و حقوق الامتياز العامة (ما كان منها يقع على عقار).

حقوق الامتياز العامة

وهي في القانون السوري على عدة أنواع كالتالي:

1ـ امتياز المبالغ المستحقة للخزانة العامة: وهو امتياز يقرره القانون لمصلحة الأموال العامة. ففي سورية تعد مطالب الدولة أياً كان مصدرها أو نوعها من الديون الممتازة (سواء أكانت مستحقة عن ضرائب ورسوم، أم ناتجة من بيع أو إجارة أو توريد أو قرض) وتحصّل قبل أي حق من المدين الأصيل أو من كفيله، أو من الأشخاص الثالثين واضعي اليد وفقاً لقانون جباية الأموال العامة (المرسوم التشريعي رقم 70 لعام 1949). ويقوم هذا الامتياز على كون هذه المبالغ المصدر الأوفر لموارد الدولة لتنفيذ مشروعات الميزانية، فإذا لم يتيسر استيفاؤها بأقرب طريق تعطلت إدارة المرافق العامة في البلاد.

إن امتياز حقوق الدولة يتنوع محله وفقاً لما تقضي به القوانين الخاصة التي تقرر أحكامه التفصيلية. فهو قد يرد على جميع أموال المدين من عقار ومنقول كامتياز ديون المصرف الزراعي وامتياز الديون الممنوحة من المصارف وامتياز ديون التأمينات الاجتماعية، وامتياز ديون المصرف العقاري وامتياز الرسوم المذكورة في المادة/44/ من قانون تحديد وتحرير العقارات وامتياز الرسوم ونفقات نقل الملكية والغرامات التي تفرض على البيانات الكاذبة بثمن المبيع. وقد يرد امتياز حقوق الدولة على عقار معين كامتياز ضريبة العقارات والعرصات وامتياز بدلات المبالغ المستحقة لمؤسسة الإسكان وامتياز ضريبة التركات، إذا تعلقت بعقار، وامتياز ضريبة تكاليف مشروعات الري وامتياز رسوم التحسين العقاري.

وقد يرد الامتياز على منقول كامتياز رسوم المركبات وقد يرد على جميع أموال المدين المنقولة كامتياز رسوم الجمارك.

2ـ امتياز المصروفات القضائية: إن المصروفات القضائية تأتي بعد ديون الدولة في المرتبة. وتشمل المصروفات التي أنفقت في إجراءات قضائية لمصلحة الدائنين المشتركة في حفظ أموال المدين وبيعها ولا يدخل في هذا الامتياز ما كان منها لمصلحة خاصة لدائن معين.

ويرجع سبب إقرار هذا الامتياز إلى أن المصروفات التي ينفقها أحد الخصوم في سبيل دعوى ويستفيد منها باقي الدائنين تكون جديرة بالحماية ليستردها من أنفقها قبل أن يأخذ أي واحد من الدائنين شيئاً، لأن مقتضيات العدالة تستوجب حماية مثل هذا الدين ما دام قد أنفق في مصلحة الجميع. ويعد من الديون الممتازة ما يصرفه الخصم في سبيل تلك الدعوى من قيمة طوابع ورسوم وتأمينات وأجور كشف وخبرة، كما تشمل مصروفات وضع الأختام على أموال المدين وجردها ومصروفات الحجز الاحتياطي والتنفيذي ومصروفات البيع بالمزاد العلني ومصروفات إدارة الأموال الخاضعة للحراسة وأتعاب الحارس القضائي ومصروفات إدارة أموال المفلس وأتعاب وكيل التفليسة في حالة الإفلاس[ر]، ومصروفات تصفية التركة وأتعاب المصفي في حالة تعيين مصف للتركة.

إن امتياز المصروفات القضائية يقع على ثمن أموال المدين لاعلى الأموال نفسها. وعلى هذا يكون هذا الامتياز من الامتيازات الواقعة على منقول ولو كان المال المبيع عقاراً، ويستتبع ذلك عدم إخضاع هذا الامتياز للتسجيل في السجل العقاري.

3ـ امتياز حقوق الأجراء: ينص القانون على امتياز المبالغ المستحقة للخدم والكتبة والعمال من أجورهم ورواتبهم من أي نوع عن آخر ستة أشهر.

ويرجع أساس تقرير هذا الامتياز إلى اعتبارات إنسانية لأن هذه الفئة من الناس تعيش في الغالب من أجورها ولذلك رأى القانون ضمان الوفاء لها بهذه الحقوق.

ويسري حكم هذا الامتياز على كل من يؤجر خدماته للغير، بصرف النظر عن نوع عمله أو طبيعته، فيستوي في ذلك أن يؤجر الشخص خدماته في المنزل أو في خارجه وسواء أكانت هذه الخدمة تتعلق بأعمال زراعية أم تجارية أم صناعية. وعلى هذا الأساس يستفيد من هذا الامتياز الخادم والحارس وسائق السيارة والبواب وعامل الحديقة (الجنائني) والطاهي ومربية الأطفال والمستخدمون في المحلات التجارية، وغير هؤلاء ممن يتقاضون أجوراً لقاء عملهم.

كما أن أثر هذا الامتياز ينحصر بحسب ما ورد في القانون المدني بأجر آخر ستة أشهر، وهي الأشهر التي تسبق التنفيذ على أموال المدين. أما ما يستحق من الأجرة عن المدة التي تسبقها فإنه يعد من الديون العادية بشرط أن لا يسقط بالتقادم.

تجدر الإشارة إلى أن قانون العمل نص على هذا الامتياز أيضاً إذ قضى بأن يكون للمبالغ المستحقة للعامل أو لمن يستحقونها بمقتضى أحكام هذا القانون امتياز على جميع أموال المدين من منقول أو عقار.

هذا الامتياز المقرر في قانون العمل يتفق مع الامتياز المقرر في القانون المدني ولكنه يختلف عنه من حيث نطاق الامتياز، ففي قانون العمل يتسع ليشمل جميع ما يستحقه العامل بموجب هذا القانون، سواء تعلق ذلك بالأجرة أو بمكافأة نهاية الخدمة أو بالتعويض المستحق عن الفسخ أو بمكافأة العامل عند وفاته وتوزيعها على من يستحقونها عنه. يضاف إلى ذلك أن الامتياز لم يعد مقصوراً على الديون المستحقة إبان الأشهر الستة الأخيرة فحسب، بل جميع استحقاقات العامل من غير تحديد لمدة معينة، ما دام حق المطالبة بها لم يسقط بالتقادم.

4ـ امتياز مورّد المأكل والملبس: ينص القانون على أن المبالغ المستحقة عمّا تم توريده للمدين ولمن يعوله من مأكل وملبس في ستة الأشهر الأخيرة، يكون لها امتياز على جميع أموال المدين من منقول وعقار.

ويهدف هذا الامتياز إلى التيسير على المدين، لتمكينه من الحصول على المواد الضرورية، ذلك لأنه لولا الامتياز لتردد المورّد في تلبية طلب المدين فيما يحتاج إليه في معيشته من مأكل وملبس.

5ـ امتياز النفقة: إن النفقة المستحقة في ذمة المدين لأفراد أسرته وأقاربه، يكون لها امتياز عام على جميع أموال المدين من منقول وعقار. وقد راعى المشرع في تقرير هذا الامتياز اعتبارات إنسانية تستدعي حماية دائن النفقة وتقديمه على غيره في استيفاء دينه. ولا يقتصر نطاق المستفيدين من هذا الامتياز على النفقة المحكوم بها للزوجة والأولاد الصغار، بل يشمل النفقة المستحقة لغيرهم من أفراد أسرة المدين و أقاربه كالأبوين وغيرهما. وبذلك فإنه يدخل في نطاق هذا الامتياز ما فرضه القانون على بعض الأشخاص بسبب صلة الزوجية أو صلة القرابة، على أن الالتزام بالنفقة لا ينشأ في ذمة ملتزمها إلاّ إذا صدر بحقه حكم، أو تمّ التراضي بينه وبين دائنه عليها.

حقوق الامتياز الخاصة على منقول

وهي التي ترد على منقول معين أو عدة منقولات معينة. وقد وردت في القانون كما يلي:

1ـ امتياز مصروفات حفظ المنقول وترميمه: المبالغ التي صرفت في حفظ المنقول وفيما يلزم له من ترميم يكون لها امتياز عليه كله. ويرجع سبب إقرار هذا الامتياز إلى تمكين من قام بالمحافظة على منقول مملوك للمدين من التقدم على سائر الدائنين الآخرين في استيفاء ما أنفقه من مصروفات، ذلك أنه لولا هذه المصروفات لهلك المنقول أو على الأقل لأدى ذلك إلى هبوط قيمته. ولذا فمن العدالة أن يتقدم الدائن بها على غيره في استيفائها من ثمن المنقول.

والمقصود من مصروفات الحفظ والترميم تلك المصروفات التي تهدف إلى حفظ الشيء من الهلاك كلاً أو بعضاً، أو جعل الشيء صالحاً لأداء الغرض المقصود من استعماله، كأجرة الساعاتي، ومصلح السيارة، وأجرة النجار لإصلاح الأثاث.

ويقع هذا الامتياز على المنقول الذي حُفظ أو رُمِّم، سواء أكان هذا المنقول مادياً أم معنوياً. وصورة المنقول المعنوي الدين الذي يقوم وكيل الدائن بتحصيله لموكله، فيترتب للوكيل على الدين المحصّل امتياز مصروفات الحفظ.

2ـ امتياز مصروفات الزراعة والمبالغ المستحقة في مقابل الآلات الزراعية: يشمل هذا الامتياز نوعين من الحقوق يتعلق النوع الأول بمصروفات الزراعة كما يشمل النوع الثاني مقابل آلات الزراعة:

ـ امتياز مصروفات الزراعة: يضمن هذا الامتياز جميع المبالغ التي تنفق في سبيل إعداد الأرض للزراعة. وعلى هذا فهو يشمل مصروفات حرث الأرض وبذرها وتسميدها ومصروفات مواد مقاومة الحشرات ومصروفات الري والحصاد وتعبئة المحصول. وكل ما ينفق على إعداد الأرض للزراعة واستغلالها من وقت إعدادها حتى جني ثمارها.

يقع الامتياز على المحصول الذي أنفقت هذه المصروفات في سبيل إعداده أو حفظه. وعلى هذا  لا يقع هذا الامتياز على محصول سابق ولا على محصول لاحق.

ـ امتياز المبالغ المستحقة في مقابل الآلات الزراعية: يقصد بالآلات الزراعية ما يستخدم في الزراعة من آلات ومحركات وأدوات، سواء استخدمت في إعداد الأرض للزراعة، أو في إنتاج المحصول وحصاده. ويلاحظ أن امتياز ثمن الآلات الزراعية هو مضمون بامتياز بائع المنقول أيضاً، إلاّ أن مصلحة البائع تتجه على العموم إلى الاستفادة من امتياز ثمن الآلات الزراعية لأن امتياز بائع المنقول لا يضمن إلاّ الثمن وملحقاته، في حين إن الامتياز المقرر لمقابل الآلات الزراعية يضمن جميع المبالغ التي تنفق على الآلة الزراعية ويدخل في ذلك ثمنها وأجرة نقلها إلى الأرض ومصروفات إصلاحها وتحسينها.

3ـ امتياز مؤجر العقار: يمنح القانون مؤجر المباني والأراضي الزراعية امتيازاً على ما يكون موجوداً في العين المؤجرة من منقول قابل للحجز ومن محصول، ضماناً لكل حق له على المستأجر بمقتضى عقد الإيجار[ر] وبصورة خاصة ضماناً للأجور المستحقة.

إن هذا الامتياز ممنوح لمؤجر العقار بصرف النظر عن صفة المؤجر أو نوع العقار، فالامتياز مقرر سواء أكان المؤجر مالكاً أم منتفعاً أم مستأجراً أصلياً ممنوحاً حق الإيجار إلى مستأجر ثانوي (آجار واستئجار)، وسواء أكان العقار المأجور أرضاً زراعية أم دكاناً أم متجراً أم مصنعاً أم مخزناً أم كان من المنازل. ولا يشترط لتقرير هذا الامتياز أن يكون الإيجار معقوداً بسند رسمي فللمؤجر التمسك بالامتياز سواء أكان عقد الإيجار رسمياً أم عادياً، خطياً أم شفهياً.

ولا يشمل امتياز المؤجر جميع الأجرة المستحقة مهما بلغت المدة، ولكنه يضمن أجرة سنتين فقط إن زادت مدة العقد على سنتين، وجميع الأجرة إن قلت عن ذلك.

ولا يقتصر امتياز المؤجر على ضمان الأجرة فحسب، بل يضمن أيضاً كل حق آخر للمؤجر بمقتضى عقد الإيجار. فالامتياز يضمن التعويضات الناجمة عن مخالفة شروط عقد الإيجار أو عدم القيام بالترميمات التي يقضي بها العرف أو ما يلحق العين المؤجرة من تلف أو هلاك كالتعويض عن الضرر الناجم عن حريق العين المؤجرة، ويضمن الامتياز أيضاً المصروفات التي ينفقها المؤجر لإلزام المستأجر بالوفاء بالتزاماته، كمصروفات الدعوى التي يطلب بها الأجرة.

إن الامتياز يقع على جميع المنقولات التي يضعها المستأجر في المأجور ولو كانت تلك المنقولات مملوكة لزوجة المستأجر أو للغير، ولكن هذا مشروط بانتفاء العلم أو جهل المؤجر بها وقت وضعها في العين المؤجرة.

4ـ امتياز صاحب الفندق: المبالغ المستحقة لصاحب الفندق في ذمة النزيل عن أجرة الإقامة والمؤونة وما صُرف لحسابه، لها امتياز على الأمتعة التي أحضرها النزيل في الفندق أو ملحقاته.

هذا الامتياز مقرر لصاحب الفندق، الذي يقدم للنزيل وأفراد أسرته الذين يحضرون معه المأوى والطعام أو المأوى فحسب، ولا يفيد من هذا الامتياز صاحب المطعم أو صاحب المقهى اللذين يقتصر عملهما على تقديم الطعام والشراب من دون المأوى. والنزيل هو السائح أو المسافر وكل من ينزل الفندق ولو كان مقيماً في البلدة نفسها التي يوجد فيها الفندق.

يقع الامتياز على الأمتعة أو الأشياء التي يحضرها النزيل وتابعوه كزوجه وأولاده وخدمه في الفندق أو في ملحقاته كالمرآب والإسطبل. ويدخل في الأمتعة جميع المنقولات المادية كالملابس القابلة للحجز، والحقائب والبضائع والسيارات والخيول، ويدخل فيها أيضاً النقود والمجوهرات.

5 ـ امتياز بائع المنقول: أساس تقرير هذا الامتياز هو أن البائع هو الذي أوجد الشيء في ذمة المشتري، ومن ثم كان من العدل أن يستوفي منه حقه قبل غيره من الدائنين، وإلاّ أثرى هؤلاء الدائنون على حساب البائع. والغرض من تقرير امتياز بائع المنقول تيسير إبرام عقد البيع، إذ هو يشجع البائع على الثقة بالمشتري، ويتيح لهذا الأخير الحصول على حاجته مقابل دفع مؤجل التنفيذ.

يضمن هذا الامتياز للبائع الثمن وملحقاته كفوائده الاتفاقية والقانونية ومصروفات المطالبة به، أمّا التعويضات التي تترتب في ذمة المشتري بنتيجة إخلاله بالتزاماته فإنها لا تدخل في نطاق الحقوق المضمونة بالامتياز.

يقع امتياز البائع على المنقول المبيع مادياً كان كالسيارة أو معنوياً كالمحل التجاري. وإذا هلك المنقول أو تلف واستحق عنه تعويضاً أو مبلغ تأمين، جاز للبائع أن يباشر امتيازه على هذا المقابل النقدي.

تجدر الإشارة إلى أن امتياز بائع المنقول يبقى ما دام هذا المنقول محتفظاً بذاتيته وينقضي إذا فقد ذاتيته، بأن تغيرت حاله تغيراً مادياً أضاع معالمه الأصلية بكاملها كالقمح يُطحن فيصبح طحيناً، أو الطحين يُخبز فيصبح خبزاً. أمّا إذا تغيرت حال المنقول من دون أن يفقد ذاتيته، كالقماش يُحاك ثياباً والخشب يصنع أثاثاً، فإن ذلك لا يحول دون بقاء الامتياز شريطة أن لا يضر بالحقوق التي كسبها الغير بحسن نية.

6ـ امتياز متقاسمي المنقول: للشركاء الذين اقتسموا منقولاً، حق امتياز عليه تأميناً لحق كل منهم في الرجوع على الآخرين بسبب القسمة، وفي استيفاء ما تقرر لهم فيها من معدل.

يهدف هذا الامتياز إلى تأمين المساواة بين المتقاسمين بضمان الوفاء بما يستحق لبعضهم على بعض بمقتضى القسمة. ويثبت هذا الامتياز في جميع أنواع قسمة المال المنقول الشائع سواء أكانت قسمة رضائية أم كانت قضائية وسواء أوقعت على جميع الأموال الشائعة أم على بعضها فقط.

يضمن الامتياز جميع المبالغ المستحقة للمتقاسمين بعضهم على بعض بسبب القسمة.

حقوق الامتياز الخاصة على عقار

إن الامتيازات العقارية الخاصة هي التي تقع على عقار معين أو عقارات معينة من عقارات المدين. ولقد نص القانون على نوعين من هذه الامتيازات هما: امتياز بائع العقار، وامتياز المقاولين والمهندسين المعماريين.

1ـ امتياز بائع العقار: لبائع العقار امتياز يضمن الوفاء بالثمن شأنه في ذلك شأن بائع المنقول. ويترتب هذا الامتياز على كل بيع تم بسند رسمي أو عادي، وسواء أكان البيع رضائياً أم قضائياً.

ويضمن هذا الامتياز ثمن العقار المبيع بكامله أو الباقي منه وملحقاته كالفوائد القانونية والاتفاقية ومصاريف المطالبة بالثمن.

يقع الامتياز على العقار المبيع، يستوي في ذلك أن يكون مادياً كمنزل أو بستان، أو معنوياً كحق الانتفاع[ر]، ولكن بشرط أن يكون العقار قابلاً للبيع بالمزاد العلني. فإذا باع المالك حق الانتفاع بملكه ثبت له امتياز البائع بالثمن على هذا الحق. أما إذا باع حق الارتفاق[ر] فلا يثبت له الامتياز لأن حق الارتفاق لا يباع بالمزاد العلني استقلالاً عن العقار المخدوم.

ويعد الامتياز واقعاً على العقار المبيع بكامله ولو كان جزء من ثمنه قد دفع، إذ إن حق الامتياز لا يتجزأ. ولا يسري الامتياز بين العاقدين ولا على الغير إلاّ بتسجيله في السجل العقاري.

2ـ امتياز المقاول والمهندس المعماري: يكون للمقاولين والمهندسين المعماريين امتياز على البناء الذي يقومون بتشييده أو بترميمه أو بصيانته لضمان استيفاء ما يستحق لهم في مقابل ذلك.

وقد أقر القانون هذا الامتياز لأن المقاولين والمهندسين المعماريين يكونون قد أوجدوا شيئاً جديداً يستفيد منه مالك العقار بسبب زيادة قيمته فيكون من العدل أن يتقدم هؤلاء على الدائنين الآخرين في حدود تلك الزيادة.

يشترط في ثبوت هذا الامتياز أن يكون المقاول أو المهندس قد عُهد إليه بالعمل الذي يطالب بالمبالغ المستحقة له من أجله. فإذا قام شخص بتشييد بناء أو ترميمه من تلقاء نفسه فلا يستفيد من هذا الامتياز ولو كان مقاولاً أو مهندساً معمارياً.

يضمن هذا الامتياز جميع المبالغ المستحقة للمقاول أو المهندس بسبب قيامه بتشييد البناء أو ترميمه أو صيانته أو إعادة بنائه. ويرد ذلك على الأبنية والطرق والآبار وغير ذلك من أعمال التشييد. ولا ينحصر في أصل المبالغ بل يمتد إلى الفوائد المستحقة عن هذه المبالغ.

يقع الامتياز على البناء الذي قام المقاول أو المهندس بتشييده أو ترميمه من دون أن يمتد أثره إلى الأرض التي أقيم عليها. فإذا انهدم البناء يسقط حق المهندس أو المقاول بالامتياز. ولا يقع هذا الامتياز على قيمة البناء وإنما يقع على ما زاد في قيمة العقار بسبب هذه المصروفات، وفي حدود ما يبقى قائماً من هذه الزيادة وقت البيع.

مزايا حقوق الامتياز

1ـ مزية التقدم وتحديد رتبة الامتياز: بمقتضى مزية التقدم يُرجَّح صاحب الامتياز في حدود وعاء الامتياز على جميع دائني المدين العاديين في استيفاء حقه، وإذا تزاحم صاحب الامتياز ودائنون مرتهنون أو تعدد أصحاب الامتياز كان لا بد من تعيين رتبة كل منهم.

أ ـ تزاحم حقوق الامتياز فيما بينها: عني المشرع في القانون المدني بترتيب حقوق الامتياز فيما بينها عند التزاحم وذلك وفق الضوابط التالية:

ـ رتبة الامتياز يحددها القانون فإذا لم ينص صراحة في حق ممتاز على رتبة امتيازه، كان هذا الحق متأخراً في الرتبة عن كل امتياز ورد في المواد التالية.

ـ وإذا كانت الحقوق الممتازة في رتبة واحدة، فإنها تستوفى بنسبة قيمة كل منها، ما لم يوجد نص يقضي بغير ذلك.

ب ـ تزاحم حقوق الامتياز مع الرهون: يميز هنا بين حالين:

ـ  التزاحم بين الدين الممتاز والدين المضمون برهن على منقول: إذا كان مرتهن المنقول سيء النية فيتقدم عليه صاحب حق الامتياز على المنقول. أمّا إذا كان المرتهن حسن النية فلا يسري الامتياز في حقه وتكون الأولوية للمرتهن إذ إنه لا يحتج بحق الامتياز على من حاز المنقول بحسن نية.

ـ التزاحم بين الدين الممتاز والدين المضمون برهن تأميني أو رهن عقاري: وهنا يميز بين حالتين أيضاً:

ـ إذا كان الامتياز معفى من التسجيل في السجل العقاري فيتقدم الامتياز بصورة مطلقة على الرهن والتأمين العقاريين ولو تقدم تسجيلهما على تاريخ الامتياز.

ـ أمّا إذا كان الامتياز غير معفى من التسجيل في السجل العقاري، فتكون العبرة لأسبقية الحق المسجل، فإذا كان تسجيل الامتياز قد سبق تسجيل الرهن والتأمين العقاريين فيتقدم الامتياز عليهما. وإذا كان تسجيل الامتياز قد تأخر عن تسجيلهما فيتقدمان عليه.

2ـ مزية التتبع: يتعين التمييز بين مختلف أنواع الامتياز كما يلي:

أ ـ حقوق الامتياز الخاصة الواردة على عقار: إن هذه الامتيازات تولي صاحبها مزية التتبع، وذلك لأن الامتياز العقاري هو في حقيقته رهن تأميني وهو مثله.

فبائع العقار مثلاً إذا ما قام بتسجيل امتيازه في السجل العقاري، يكون له تتبع العقار المبيع في أي يد يكون، لاستيفاء ما تبقى من ثمنه. والمقاول والمهندس المعماري يستطيع كل منهما إذا قام بتسجيل حقه في السجل العقاري أن يتتبع المنشآت التي أسهم في إشادتها في أي يد تكون لاستيفاء حقه.

ب ـ حقوق الامتياز العامة الواردة على عقار:

ـ إنها لا تثير صعوبة فيما إذا كانت واجبة التسجيل فهي تولي صاحبها حق التتبع، أما إذا كانت معفاة من التسجيل في السجل العقاري فهنا يفرق بين حالتين:

إما أن تكون هذه الحقوق المعفاة ضامنة للمبالغ المستحقة للخزانة العامة، وفي هذه الحالة منح القانون الخزانة العامة حق تتبع العقار الوارد عليه الامتياز لمصلحتها في أي يد يكون.

أو تكون هذه الحقوق المعفاة ضامنة للمبالغ المستحقة للأفراد كالرسوم والنفقات القضائية الناشئة عن بيع العقار وتوزيع ثمنه، فهنا لا أهمية لمنح الدائن مزية التتبع على عقارات المدين لأن ثمن منقولات المدين ـ وثمن العقار يعد أحد هذه المنقولات وغالباً ما يكفي جانب منه لوفاء الدين الممتاز.

3ـ حقوق الامتياز الخاصة الواردة على منقول: هنا لا بد من أن يوضع في الحسبان القاعدة القائلة: «الحيازة في المنقول سندً لملكية الحائز». فإذا خرج المنقول المضمون بحق امتياز من يد المدين وأصبح في يد حائز حسن النية فإنه لا يحتج على هذا الحائز بحق الامتياز وتتعطل حينئذ مزية التتبع. أما لو كان الحائز سيء النية فإن الدائن صاحب حق الامتياز يستطيع أن يتتبع المنقول الذي يرد عليه امتيازه لدى اليد التي لا تتوافر عند صاحبها شروط القاعدة القائلة: «الحيازة في المنقول سند لملكية الحائز».

تجدر الإشارة أخيراً إلى أنه يثبت لصاحب الامتياز حق التتبع ولو وجد المنقول في يد من يحوزه بحسن نية وسبب صحيح إذا كان المنقول قد سرق أو ضاع ثم وجد في يد ذلك الحائز، وجرت المطالبة به في مدة ثلاث سنوات من وقت الضياع أو السرقة. غير أنه إذا كان هذا الحائز قد اشتراه في السوق أو في مزاد علني أو ممن يتجر في مثله، كان له أن يطلب استرداد الثمن الذي دفعه من المسترد.

هلاك الشيء المثقل بالامتياز

يسري على الامتياز ما يسري على الرهن والتأمين العقاري من أحكام متعلقة بهلاك الشيء أو تلفه. فإذا هلك الشيء المثقل بالامتياز واستحق عنه مبلغ التأمين فإن الدائن يباشر أولويته على هذا المقابل النقدي. وكذلك لو نزعت ملكية العقار الذي يقع عليه الامتياز للمنفعة العامة كالاستملاك فإن الدائن يباشر أولويته على المقابل النقدي.

هشام عوض

 

مراجع للاستزادة

 

ـ محمد وحيد الدين سوار، شرح القانون المدني (الحقوق العينية التبعية) (مطبعة رياض، دمشق 1980).

ـ عبد السلام الترمانيني وعبد الجواد السرميني، القانون المدني (الحقوق العينية التبعية) منشورات جامعة حلب، كلية الحقوق 1990).

ـ نبيل إبراهيم سعد، التأمينات العينية والشخصية (منشأة المعارف، الإسكندرية 1982).

 


التصنيف : القانون
المجلد: المجلد الثالث
رقم الصفحة ضمن المجلد : 480
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 483
الكل : 31662280
اليوم : 16862

عنف

العنف   العنف violence لغة هو الخرق بالأمر وقلة الرفق به، وهو يتضمن ثلاثة عناصر أساسية هي الشدة والإيذاء والقوة المادية، ويُلاحظ في اللغات المختلفة أنه في قلب كلمة العنف  تكمن فكرة القوة، فتأتي ممارستها مضادة للآخر، مما يعطيها طابع الإكراه.  تتجلى مظاهر العنف في تاريخ الإنسان بأشكال شتى، وأنواع مختلفة، كممارسات فردية تارة، وجماعية تارة أخرى، ويظهر ذلك في مراحل التطور البشري المتعددة، فعلى الرغم من مساهمات الحضارات القديمة، الصينية والهندية والفارسية والبابلية وغيرها، في تطور الإنسان وما قدمته من نتاج ثقافي وحضاري، إلا أنها قامت في جزء كبير منها على مظاهر العنف وممارسة القوة، فقد تعرض المسيحيون الأوائل لأشد أنواع التعذيب على يد الوثنيين والرومان، ولقي الرسول الكريمr وأتباعه المؤمنون أشد أنواع التعذيب الجسدي والمادي والاقتصادي والاجتماعي، عندما أخذت الدعوة الإسلامية تهدد الوجود المعنوي والمادي للشرك والوثنية.
المزيد »