logo

logo

logo

logo

logo

البصرة

بصره

Basra - Basra

البصرة

 

البصرة ثانية مدن العراق بعد العاصمة بغداد، من حيث عدد السكان والأهمية الاقتصادية، فقد استمرت الميناء التجاري الوحيد للعراق[ر] منذ مراحل نشأتها الأولى حتى أواخر الستينات، حين أُنشئ ميناء أم قصر على الخليج العربي[ر]، إلا أن أهمية ميناء البصرة استمرت تزداد مع زيادة عائدات النفط حتى عام 1980، لتوقف نشاط الموانئ العراقية بسبب قيام الحرب العراقية ـ الإيرانية. والبصرة أهم المدن وأكبرها في القسم الجنوبي من العراق، والمدينة المركزية لمحافظة البصرة، ويسكن فيها نحو 50٪ من مجموع سكان المحافظة.

تقع مدينة البصرة على الضفة الغربية (اليمنى) لنهر شط العرب، الذي يتكون من التقاء نهري دجلة والفرات، ويصب في الخليج العربي، وتبعد البصرة عن هذا المصب مسافة 110كم، وتقع على دائرة عرض 30درجة و30دقيقة شمالاً، وخط طول 47درجة و50دقيقة شرقاً.

تخترق المدينة شبكة من الجداول والقنوات، تمتد من شط العرب نحو الداخل، وقد كانت في السابق تقوم بوظيفة الري والبزل (الصرف)، إضافة إلى صلاحية الكثير منها للملاحة النهرية، وبعد أن توسعت المدينة تحولت هذه القنوات إلى وظيفة سياحية، وقد تم تطويرها وتنظيمها وجعلها أكثر كفاية لهذه الوظيفة في حملة إعمار المدينة في عام 1989 بعد انتهاء الحرب. وتقع المدينة ضمن منطقة بساتين النخيل التي تشكل شريطاً يبلغ معدل عرضه نحو 7كم، يمتد على جانبي شط العرب، وهو أكبر نطاق للنخيل في العراق، وتكوّن هذه البساتين الحدود الجنوبية للمدينة، وتمتد إلى غربها وجنوبها الغربي أراض منخفضة ملحية.

يرسم شط العرب الحدود الشرقية للمدينة، والمجرى القديم لنهر الفرات يشكل حدودها الشمالية، أما في غرب المدينة فيمتد شط البصرة، وفي جنوبها نهر السَّراجي، وبهذه الصورة التي يندر تكرارها في مدن أخرى، فالبصرة مدينة محاطة بالمجاري المائية من جهاتها الأربع، فهي بحق بندقية العراق، وحركة المد والجزر التي تحدث يومياً تضفي جمالاً على مجاري المياه التي تتخلل المدينة وتحيط بها، وتجعلها تنبض بالحياة.

أما مناخ البصرة فيتصف بأنه صحراوي حار، يمتاز بمدى حراري كبير، فإذا كان المعدل السنوي لدرجات الحرارة يبلغ 24درجة مئوية، فإن معدل شهر تموز يصل إلى 34درجة مئوية، وينخفض في شهر كانون الثاني إلى 12درجة مئوية، ويرتفع معدل درجات الحرارة العظمى في آب إلى 41درجة مئوية، ويهبط معدل الدرجات الصغرى إلى 7درجات مئوية في كانون الثاني.

 

والأمطار قليلة في البصرة، إذ لا يتجاوز مجموعها السنوي 140مم، وهي فصلية تبدأ في شهر تشرين الأول بمعدل شهري يقل عن 1مم، يصل إلى 29.3مم في كانون الأول، ثم يهبط إلى 7.8مم في أيار، بعدها ينقطع المطر من حزيران إلى أيلول. ويبلغ المعدل السنوي للرطوبة النسبية في المدينة 60%، وترتفع هذه النسبة في أشهر الشتاء لتصل إلى 78٪ في كانون الثاني، وتنخفض في الصيف إلى 48٪ في شهر آب.

التطور التاريخي

البصرة أول مدينة عربية أُنشئت في العصر الإسلامي، في زمن الخليفة الثاني عمر بن الخطاب في سنة 14هـ/635م، بناها القائد العربي عتبة بن غزوان لتكون مقراً للجيش الإسلامي. وكان موضع هذه المدينة القديمة يقع على مسافة 15كم غرب مدينة البصرة الحالية، وقد استمر وجودها في هذا الموضع أكثر من سبعة قرون. وبعد الانتصارات التي حققتها الجيوش الإسلامية في العراق وبلاد فارس، ازدادت أهمية المدينة التي صارت مركزاً إدارياً وعسكرياً مهماً في هذه البلدان، مما شجع هجرة الكثير من السكان إلى البصرة. وازداد عدد سكان المدينة من 800نسمة في بداية نشأتها إلى 230ألف نسمة في نهاية الحقبة الأولى من العصر الإسلامي.

وفي العصر الأموي ازدادت أهمية البصرة كثيراً، إذ غدت العاصمة الإقليمية للدولة الأموية في العراق، وتوسعت المنطقة المعمورة للمدينة لتشغل مساحة مقدارها 57كم2.

وفي العصر العباسي (750هـ/1258م)، وصلت البصرة إلى قمة ازدهارها، فصارت مدينة كبيرة فيها أسواق واسعة ومناطق سكنية كثيرة، مشهورة بجوامعها ومكتباتها العامة ودور النسخ والحدائق الجميلة، وكانت ثاني مدينة في العراق بعد بغداد التي أصبحت عاصمة الدولة العباسية. إلا أن أهمية البصرة أخذت تتناقص مع تدهور الأوضاع في الدولة، إضافة إلى ما فعله الغزاة المغول. وفي بداية القرن التاسع الهجري/الرابع عشر الميلادي، تحولت البصرة تماماً إلى خرائب، وهجرها ما تبقى من سكانها ليعيشوا في مدينة البصرة الجديدة أو في أماكن أخرى.

انتقلت البصرة إلى موضعها الجديد، لتستمر فيه إلى وقتنا الحاضر، وهي تنمو وتتوسع وسط منطقة سهلية زراعية واسعة، تحيط بها وتتخللها بساتين النخيل العامرة، تستمد حياتها ونضارتها من مياه شط العرب. وفي عام 1500 كانت المدينة محاطة بسور من الطين لحمايتها، تضم عشرات الآلاف من البيوت، إضافة إلى مخازن الحبوب الكبيرة، ولها تجارة واسعة مع جميع أرجاء العراق والخليج العربي والهند.

وفي عهد الحكم العثماني، أصبحت البصرة عاصمة لولاية البصرة، وشهدت في القرن الثامن عشر نشاطاً واسعاً للتجار الأوربيين، لاسيما الإنكليز والفرنسيين والهولنديين، كما شهدت المدينة تطورات مهمة بعد فتح قناة السويس في عام 1869، إذ ازدادت تجارة العراق الخارجية كثيراً مع الدول الغربية. وبلغ عدد سكان منطقة الميناء وحدها نحو 20ألف نسمة. وفي زمن الاحتلال البريطاني للعراق (1914-1920)، صارت البصرة قاعدة لتجهيز القوات البريطانية في العراق، وكان أهم تطور حدث في المدينة هو بناء ميناء حديث ومحطة قطار في منطقة المْعقَلْ، وأدت هاتان المؤسستان إلى زيادة الأهمية التجارية لمدينة البصرة بدرجة كبيرة، إضافة إلى توسع المدينة باتجاه الشمال لأول مرة. وعندما حصل العراق على الاستقلال، حدثت بعض التطورات المهمة في المدينة، فشُيّد المستشفى العام في جنوب غربي المدينة (1924)، والمطار شمالي الميناء (1936)، وفي عام 1932 تم تجهيز المدينة بالمياه العذبة والكهرباء، إضافة إلى أنواع مختلفة من استعمالات الأرض السكنية والتجارية والصناعية والخدمية.

وبعد الحرب العالمية الثانية، هاجر إلى البصرة عدد كبير من السكان، وأصبحت البصرة ثاني أهم مدينة بعد بغداد، وحدثت بعض التطورات المهمة في قطاع الصناعة في المدينة، إذ أُقيم معمل لتكرير النفط على شط العرب (مصفاة المُفْتِية)، ومعمل كبير لطحن الحبوب، ومعامل للمشروبات الغازية وغيرها. ومنذ عام 1958، بداية عهد النظام الجمهوري في العراق، حتى نهاية التسعينات، شهدت البصرة تطورات واسعة وسريعة في تركيبها الداخلي والوظيفي، وتوسعت مساحة المدينة حتى وصلت إلى 181كم2 في عام 1996.

خطة المدينة

إن مدينة البصرة التي أُنشئت على شط العرب عند تفرع نهر العشار، ما لبثت أن توسعت شمالاً وجنوباً على طول الضفة الغربية لهذا الشط، وعلى الرغم من توسعها الكبير نحو الغرب فإن شكلها لا يزال مستطيلاً. إن الصورة الحالية للمدينة في معظمها، جاءت نتيجة الجهود التخطيطية التي استمرت منذ فترة الخمسينات، لتوجيه العمران واستعمالات الأرض المختلفة، من سكنية وصناعية وتجارية وخدمات، تفصلها شوارع وطرق من مستويات متباينة.

وفي المدينة على العموم نمطان من التخطيط، النمط الرباعي، وهو النمط الغالب على خطة المدينة، والنمط العضوي وهو النمط غير المنتظم، وفيه لا تتبع الشوارع نمطاً موحداً أو منسجماً سواء من حيث الاتجاه أو الاتساع، فتغلب الشوارع الضيقة والأزقة الملتوية وغير السالكة في هذا النمط (العشار والبصرة القديمة).

ومما يميز خطة البصرة أيضاً، إضافة إلى إحاطتها بأربعة أنهار وقنوات مائية، وجود كثير من القنوات والجداول التي تأخذ مياهها من شط العرب لتمتد باتجاه الغرب إلى منتصف المدينة بعد أن كانت تنتهي غربي المدينة، قبل أن تتوسع باتجاه الغرب لتصل إلى شط البصرة. وقد عملت الدولة على تطوير هذه الجداول بأساليب حديثة لتصبح من المعالم السياحية الجميلة في المدينة التي تتفرد بمثل هذه الظاهرة في العراق.

إن سياسة التخطيط التي تعتمدها الدوائر الحكومية المختصة، أصبحت العامل الحاسم في رسم خطة المدينة. وأسهمت في هذه الجهود شركات أجنبية متخصصة إلى جانب الجهود الوطنية والمحلية، لغرض تخطيط البصرة من نواحي عمرانية واقتصادية واجتماعية.

وفي مدينة البصرة 85 محلة سكنية، تتباين في عدد سكانها، وأكبرها حي الحسين الذي يضم أكثر من 120ألف نسمة. وهناك نسبة عالية من الدور السكنية في المدينة تعيش فيها أكثر من عائلة واحدة، وهذا يعني أن المدينة بحاجة ملحة إلى عدد كبير من الوحدات السكنية لتلبية حاجة السكان إلى السكن الملائم، وقد أسهم الحصار الاقتصادي على العراق إلى درجة كبيرة جداً في خلق أزمة السكن، حيث لم يتمكن الكثير من السكان من بناء الدور السكنية، على الرغم من امتلاكهم قطع الأراضي التي وزعتها عليهم الدولة مجاناً.

تُعد التجارة في مدينة البصرة الوظيفة الأساسية للمدينة، فهي تقوم بدور الميناء لخدمة العراق بأكمله، وبدور المركز الإقليمي الذي يخدم محافظة البصرة ومحافظات أخرى لاسيما الجنوبية منها. ويقدر عدد المؤسسات التجارية بأكثر من 15ألف مؤسسة، تتوزع في مختلف أنحاء المدينة، وتأتي المنطقة التجارية المركزية في العشار، في المقدمة من حيث المساحة وعدد المؤسسات ونوعها ومجال نفوذها.

في البصرة اليوم عدد كبير من المؤسسات الصناعية الصغيرة التي يقل عدد العاملين فيها عن 10 أشخاص، وعدد قليل من المؤسسات الكبيرة التي يزيد عدد العاملين فيها عن هذا الرقم. وتتوزع المؤسسات الصناعية في أرجاء المدينة، مع تركز واضح لها في بعض المناطق والشوارع، لاسيما المنطقة التجارية المركزية في العشار، وهناك منطقة صناعية رئيسية تقع في القسم الجنوبي الغربي من المدينة، خُصصت لمختلف المؤسسات الصناعية، وتحتل مشاغل تصليح السيارات النسبة الأكبر منها.

تنفرد مدينة البصرة عن سائر مدن العراق بوجود جميع أنواع النقل المعروفة، وتحتل استعمالات الأرض لأغراض النقل 25٪ من مساحة المدينة، ويتراوح عرض الشوارع بين 5 و300م، وهناك عدد كبير من الجسور في المدينة وعند أطرافها من مختلف الحجوم والمواصفات والعمر، فهناك الجسور الخارجية وعددها 10جسور، أما الجسور الداخلية فيبلغ عددها 29جسراً، وهذه إحدى مميزات مدينة البصرة عن غيرها من مدن العراق، لكثرة الجداول والأنهار فيها وحولها.

تبلغ نسبة استعمالات الأرض لأغراض النقل بالسكك الحديدية في البصرة 1.9% من مساحة المدينة، وليس لهذا النوع من النقل أهمية في مجال النقل داخل المدينة، وإنما ينحصر نشاطه في نقل المسافرين والبضائع بين البصرة وبقية مناطق العراق. أما الميناء فيشغل مساحة تقارب مليون م2 أو ما يعادل 6٪ من مساحة المدينة، ويقع في القسم الشمالي والشرقي من المدينة.

وعلى الرغم من كثرة المجاري المائية في المدينة وحولها، إلا أن أهمية النقل النهري في حياة المدينة لا تستحق الذكر في الوقت الحاضر، حيث انحسرت أهميته منذ الخمسينات من القرن العشرين.

وفي مدينة البصرة بدأ نشاط النقل الجوي منذ عام 1936، فأُنشئ المطار الذي تصاعد نشاطه على مستوى العراق والعالم حتى أواخر الستينات، وفي السبعينات توقف النشاط في هذا المطار لعدم صلاحيته للنقل الجوي الحديث. أما المطار الجديد الذي افتُتح في عام 1989، فيقع خارج حدود المدينة إلى الشمال الغربي منها، ويبلغ طول المدرج 4200م وعرضه 60م، وتصل طاقته الاستيعابية إلى 2مليون مسافر سنوياً، وقد توقف نشاط هذا المطار منذ عام 1990 بسبب الحصار على العراق، والحظر الجوي على المنطقة الجنوبية من القطر.

وعلى صعيد المؤسسات التعليمية، أشارت الإحصاءات في العام الدراسي 1998/1999، إلى أن المدينة تضم 34روضة أطفال، و252 مدرسة ابتدائية، و145 مدرسة متوسطة وثانوية، و10مدارس مهنية. وفي المدينة جامعة البصرة، التي تعد ثالث أهم جامعة في العراق، تأسست في عام 1964 وتتألف من 10كليات مختلفة. وهناك عدد كبير من المؤسسات الصحية في المدينة بمستويات مختلفة تابعة للقطاع العام، إذ بلغ 4 مستشفيات كبيرة (عام 1999) تضم 1150 سريراً، ويعمل فيها 200طبيب من مختلف الاختصاصات، و24مركزاً صحياً تتوزع في مختلف المحلات السكنية ويعمل فيها 140طبيباً.

أما مؤسسات القطاع الخاص، فتشمل 3مستشفيات أهلية صغيرة، وعدداً كبيراً جداً من عيادات الأطباء الخاصة، إضافة إلى عدد كبير من الصيدليات الخاصة، وهذه العيادات والصيدليات تتركز في المناطق التجارية في المدينة، لاسيما في مركز المدينة.

وفي المدينة عدد كبير من الفنادق والمطاعم والمقاهي ودور السينما والملاهي أو النوادي الليلية وغيرها من المؤسسات الترفيهية، ومعظم هذه المؤسسات وأفضلها يتركز في مركز المدينة، وعدد من المكتبات العامة، المسارح، المتاحف، النوادي الاجتماعية، الملاعب الرياضية.

لاشك في أن السنوات العجاف التي تمخضت عن الحصار على العراق، ألقت بظلالها الثقيلة على المدينة، فشلت حركتها، فتوتوقفت عن النمو والتوسع العمراني.

 

عبد الحسين جواد السريح

 

الموضوعات ذات الصلة:

 

الخليج العربي ـ شط العرب ـ العراق.

 

مراجع للاستزادة:

 

ـ حميد غالب عجيل السكيني، النقل في مدينة البصرة، أطروحة دكتوراه (جامعة البصرة 1998).

ـ سليمان فيضي، البصرة الكبرى (مطبعة دار التضامن، بغداد 1965).

- Abdul Hussain J.Al-Siraih, The Functional Region of Basrah City, P.H.D.Thesis, (University of Durham 1983).

 


التصنيف : التاريخ و الجغرافية و الآثار
النوع : سياحة
المجلد: المجلد الخامس
رقم الصفحة ضمن المجلد : 129
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 1102
الكل : 40559362
اليوم : 89177

حكمت (أحمد-)

حكمت (أحمد -) (1870-1927)   أحمد حكمت Ahmed Hikmet، واسمه أيضاً أحمد حكمت مفتو أوغلو، قاص وصحفي تركي ولد وتوفي في إصطنبول. وهو أحد رواد الحركة القومية الطورانية التي أسهمت في إعطاء اللغة والموضوع صبغة أدبية قومية اعتماداً على استعمال اللغة التركية والمفردات البعيدة عن العربية والفارسية التي كانت التركية تستقي منها الكثير، وعلى تناول موضوعات تراثية مأخوذة من الأساطير التي منشؤها أواسط آسيا.
المزيد »