logo

logo

logo

logo

logo

الحجري القديم (العصر-)

حجري قديم (عصر)

The Paleolithic (age) - Le Paléolithique

الحجري القديم (العصر -)

 

العصر الحجري القديم، أو عصر الباليوليت paléolithique مصطلح مستخدم منذ نحو منتصف القرن التاسع عشر، وهو ذو أصل يوناني، palaios قديم و lithos حجر، وهو العصر الذي يمثل المرحلة الأولى والأطول من عصور ما قبل التاريخ préhistoire، أي العصور التي سبقت معرفة الكتابة، وتسمى أيضاً العصور الحجرية.

بدأ الباليوليت مع ظهور الأدوات الحجرية الأولى، وذلك منذ 2.5مليون سنة خلت تقريباً، بينما تُؤرخ نهايته منذ 12000سنة ق.م تقريباً.

يُقسم العصر الحجري القديم إلى ثلاثة أقسام رئيسة هي:

1- العصر الحجري القديم الأدنى (الباليوليت الأدنى) paléolithique inférieur: بدأ منذ نحو 2.5مليون سنة، وانتهى منذ نحو 200ألف سنة خلت.

2- العصر الحجري القديم الأوسط (الباليوليت الأوسط) paléolithique moyen: بدأ منذ نحو 200ألف سنة خلت، وانتهى منذ نحو 40ألف سنة خلت.

3- العصر الحجري القديم الأعلى (الباليوليت الأعلى) paléolithique supérieur: بدأ منذ نحو 40ألف سنة خلت، وانتهى منذ نحو 12ألف سنة ق.م.

لم يكن المستوى الاقتصادي والاجتماعي للجماعات البشرية التي عاشت على امتداد العصر الحجري القديم واحداً، ففيه فروق تطورية شاملة في مختلف مراحله، كما أن النوع البشري قد تطور من مرحلة إلى أخرى، ففي أوائل العصر الحجري القديم الأدنى عاش نمط بدائي من البشر، هو ما سمي «الإنسان الماهر» Homo-Habilis الذي أتى متطوراً عن الأوسترالوبيتيك Australopitheque، وقد عُثر في إفريقيا، فقط، على مواقع قليلة لهذا الإنسان، وجدت فيها أدوات حجرية بسيطة التصنيع تسمى القواطع أو الأدوات القاطعة، وهي أقدم أدوات معروفة حتى اليوم. ثم تلاه الإنسان المنتصب القامة «الهومو إركتوس» Homo Erectus الأكثر تطوراً من النوع السابق. وكان صيد الحيوانات وجمع النباتات البرية، مصدر عيش ذلك الإنسان، والأدوات الحجرية التي عُثر عليها في مواقعه المختلفة من إفريقيا وآسيا وأوربا، هي أهم مخلفاته.

المعلومات قليلة جداً أو شبه معدومة عن الواقع الاجتماعي والروحي لهذا النوع من البشر، ولابد أنه عاش في إطار مجموعات بدائية تربطها علاقات اجتماعية واقتصادية محدودة، وربما عرف لغة بسيطة سهلت الاتصال بين مختلف أفراده.

الهومو إركتوس (الإنسان المنتصب القامة)، هو صانع ما أصبح يُعرف بالحضارة الأشولية، نسبة إلى الموقع الفرنسي الشهير سانت آشول Saint Acheul، حيث وجدت أول مرة الأدوات الحجرية المميزة لهذا العصر، وهي لفؤوس حجرية يدوية. في العصر الحجري القديم الأوسط، ظهر نمط جديد من البشر هو «إنسان النياندرتال» Neanderthal، الذي كان أكثر تطوراً، شكلاً وحضارة، من سلفه، انتشر على مساحات أكبر، ومخلفاته الحضارية أغنى وأكثر تنوعاً، وهو أول نوع إنساني مارس طقوس العبادة وعرف الفنون البسيطة الأولى، وقد عُثر على دلائل أثرية، من أوربا خاصة، تشير إلى أنه ربما قدّس الدب. وهناك مكتشفات غنية من أوربا والشرق الأوسط، وخاصة من فلسطين والعراق وسورية، لأقدم المدافن الفردية أو الجماعية لهذا الإنسان، مما يدل على مستواه الروحي المتطور.

ومع أن حياة النياندرتال بقيت معتمدة على الموارد الحيوانية والنباتية البرية، إلا أن سيطرته على خيرات بيئته كانت أكبر واستهلاكه لها أفضل، وإلى النياندرتال تُنسب الحضارة الموستيرية (نسبة إلى موقع لوموستيه Le Moustier في فرنسة) التي اشتهرت بتصنيع الحراب والأدوات المشذبة ذات التقنيات اللوفالوازيه (نسبة إلى موقع لوفالواز Levallois في فرنسا أيضاً).

في القسم الأخير من العصر الحجري القديم، أي في العصر الحجري القديم الأعلى، ظهر نوع الإنسان العاقل Homo-Sapiens، وهو الجد المباشر للإنسان الحالي، وكان أكثر تطوراً فيزيولوجياً وحضارياً من جميع الأنواع السابقة، استوطن في القارات الخمس كلها، فكان بذلك أول من وصل إلى أمريكة وأستراليا، وسادت هذا العصر حضارات مختلفة، بحسب المناطق، أكثرها أهمية في أوربا الحضارة الأورينياسية Aurignacien والسولوترية Solutrien والمجدلانية Magdalenien، وكلها من أسماء مواقع فرنسية. وحصلت في عصر الإنسان العاقل قفزة مادية وروحية شاملة جسدتها الآثار الغنية والمنوعة التي اكتُشفت من مواقعه الكثيفة، وعلى رأسها الفنون بكل أنواعها وبخاصة الرسوم والأشكال الملونة، على جدران المغاور والملاجئ التي أتت من فرنسا وإسبانيا ووسط أوربا، ومعظمها تجسد البيئة الطبيعية بحيواناتها المختلفة، وغير ذلك من الموضوعات الفنية والميثولوجية Methologie، التي تدل على مستوى حضاري رفيع، بلغ قمته في العصر المجدلاني، وهناك المنحوتات والأدوات المزخرفة وآثار البناء والأدوات الحجرية المرتبطة بالأنشطة الفنية والاقتصادية والاجتماعية المتطورة التي أسهمت في نشوء الحضارة بمعناها الشامل فيما بعد.

الباليوليت في سورية

بدأ العصر الحجري القديم في سورية منذ نحو مليون سنة خلت، وقد اكتُشفت أدوات حجرية في مواقع تعود لذلك العصر في كل من حوضي نهر الكبير الشمالي (موقع ست مرخو) ونهر العاصي (موقع خطاب)، ثم انتشر الاستيطان لاحقاً، منذ نحو 700ألف سنة، إلى بقية المناطق في البادية والفرات حيث أصبحت المواقع أكثر وآثارها أغنى. وأهمها اللطامنة والقرماشي في حوض العاصي، والميرا والندوية والجوَّال والقدير في حوضة الكوم في شمال تدمر. لقد وُجدت في جميع هذه المواقع أدوات حجرية، وخاصة الفؤوس اليدوية، التي تُنسب إلى الحضارة الآشولية، وهناك معطيات حيوانية ونباتية تساعد على فهم بيئة ذلك العصر ومناخه.

وفي العصر الحجري القديم الأوسط امتد الاستيطان بكثافة ليشمل المناطق الجغرافية في سورية كلها، وقد عُثر على آثار منوعة، أهمها أدوات حجرية، وخاصة المقاحف والحراب المنسوبة إلى الحضارة اللوفالوازية الموستيرية، إضافة إلى المواقد والبقايا المستحاثية النباتية والحيوانية وغيرها. وتعد ملاجئ وادي سكفتا في يبرود وكهف الدوارة وجرف العجلة في منطقة تدمر وأم التلال في حوضة الكوم من أهم مواقع هذا العصر. كما وتنقب اليوم مغاور منطقة عفرين، حيث عُثر في مغارة الديدرية على مكتشفات بالغة القيمة العلمية، أهمها هيكلان عظميان لطفلين من نوع النياندرتال، قُدر عمر كل منهما بنحو السنتين، دُفنا في تلك المغارة منذ نحو 100ألف سنة خلت، وهما أقدم ما عُثر عليه في سورية، كما أن أحدهما هو أكمل هيكل معروف في العالم، ويدل على عملية دفن شعائرية منظمة.

في العصر الحجري القديم الأعلى تراجع استيطان سورية والمنطقة عموماً، وأصبحت المواقع أندر، والآثار أقل من العصر السابق، إذ لا وجود هنا للفنون ولا للبناء ولا للأدوات العظمية، وغير ذلك من المعطيات الفنية المعروفة من أوربا، وتتركز الأبحاث حول تحديد أسباب ذلك، التي قد تكون جغرافية ومناخية أو غير ذلك. ومن أهم مواقع هذا العصر ملاجئ يبرود وأم التلال في حوضة الكوم ومنطقة تدمر، حيث عُثر على الأدوات الحجرية، الأورينياسية والكبارية الباكرة، ومعظمها مكاشط وسكاكين وحراب وغيرها.

مع انتهاء الباليوليت بدأت مرحلة جديدة في عصور ما قبل التاريخ، هي مرحلة العصر الحجري الوسيط mesolithique ذي الصفات الخاصة والمميزة.

سلطان محيسن 

الموضوعات ذات الصلة:

 

ما قبل التاريخ (عصور ـ). 

 

مراجع للاستزادة:

 

ـ سلطان محيسن، عصور ماقبل التاريخ (جامعة دمشق 1988).

  - G.Camps, La Préhistoire, A la recherche du Paradis perdu (Paris, Perrin 1982).

-  J.Duros, et A., L’Évolution et l‘homme, Nathan (Paris 1990).

 

 

 


التصنيف : التاريخ و الجغرافية و الآثار
النوع : أعلام ومشاهير
المجلد: المجلدالثامن
رقم الصفحة ضمن المجلد : 75
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 520
الكل : 31171932
اليوم : 73322

لومونوسف (ميخائيل فاسيليفيتش-)

لومونوسوڤ (ميخائيل ڤاسيلييفتش ـ) (1711ـ 1765)   ميخائيل ڤاسيلييڤتش لومونوسوڤ Mikhail Vasilyevitch Lomonosov عالم موسوعي روسي له مساهمات في العلوم الطبيعية والأدب، وهو من واضعي أسس اللغة الأدبية الروسية المعاصرة وصرفها ونحوها، وداعية إلى نشر الثقافة القومية وتطوير العلوم والاقتصاد، وهو مؤسس جامعة موسكو التي تحمل اليوم اسمه. وُلد في قرية دنيسوڤكا Denisovka الواقعة على نهر دوينا شمال غربي روسيا لأسرة متوسطة الحال، وكان أبوه عاملاً حكومياً وصياد سمك. شب على التقاليد الديمقراطية الروسية الشمالية السابقة لعصر بطرس الأكبر [ر]، حيث كان معظم سكان المنطقة على اتصال بالبحارة والتجار الأجانب، بعيداً عن العزلة التي هيمنت على مناطق روسيا الأخرى في العصور الوسطى.
المزيد »