logo

logo

logo

logo

logo

الأهرام

اهرام

Pyramids - Pyramides

الأهرام

 

الأهرام أوابد معمارية قديمة، تعد في أعظم الأبنية التي شادها الإنسان في العصور القديمة، كانت تستخدم مدافن ملكية، وأشهرها أهرام الجيزة بمصر، وهي من خصائص الحضارة المصرية على الرغم من اكتشاف أهرامات في القارة الأمريكية تعود إلى حضارة الأزتيك والمايا.

ورد ذكر الأهرام في المصادر العربية القديمة بالجمع، ومفردها هرم، ويذكر عبد اللطيف البغدادي (ت629هـ) في كتابه «الإفادة والاعتبار في الأمور المشاهدة والحوادث المعاينة في أرض مصر» ما يلي:

«أما ما يوجد بمصر من الآثار القديمة فشيء لم أر ولم أسمع بمثله في غيرها، فأقتصر على أعجب ما شاهدته، فمن ذلك الأهرام وقد أكثر الناس من ذكرها ووصفها ومساحتها، وهي كثيرة العدد...».

للهرم قاعدة مربعة ترتفع عليها أربعة جوانب مثلثة تميل إلى الداخل كلما ارتفع البناء إلى أن تلتقي عند قمة الهرم، وكل جانب منها يقابل جهة من الجهات الأربع الأصلية.

وللهرم وظيفة جنازية دفنية، كان مخصصاً للملوك حصراً، ثم سرى ذلك على الملكات أيضاً، ومع أنه كان يُشاد مقبرةً إلا أن المبالغة في حجمه كانت تهدف إلى تعظيم الطبيعة الإلهية المزعومة للملك، وإمداد روحه بوسيلة رمزية على شكل سلم صاعد باذخ يرقى به إلى إله الشمس.

تطور شكل القبر وصولاً إلى الشكل الهرمي

أثرت عقيدة المصري القديم وإيمانه بالحياة بعد الموت في تصميم مقابره، إذ كانت الحياة الأخرى لا تختلف عن حياته الدنيوية كثيراً، وكان لابد من الحفاظ على الجسد سليماً حتى تعود له الروح، كما كان لا بد من بناء قبر وتزويده بمستلزمات الحياة اليومية لتأمين متطلبات الميت ومساعدته على الحياة بعد الموت، وكان يسمى «بيت الأبدية».

بدأ القبر على شكل حفرة بيضوية أو مستديرة غير عميقة، ثم صار بعضه مستطيلاً، ويسقف بفروع الشجر ويقسم قسمين أحدهما للأثاث الجنازي. ومع مطلع عصر الأسرات تطور القبر الملكي وصار الفرق شاسعاً بين قبور الأفراد والقبور الملكية. إذ تألفت مقابر ملوك الأسرتين الأولى والثانية في سقارة الشمالية من حجرة دفن تحت سطح الأرض تحيط بها حجرات أخرى ومخازن الأثاث الجنازي، وكان يعلوها فوق سطح الأرض بناء مستطيل كبير الحجم شبيه بالمصاطب التي يبنيها القرويون في مصر أمام بيوتهم وفي داخلها، وتُكسى بملاط طيني وطلاء كلسي أبيض، وتزينها قولبات مسننة أو مشكاوات.

ظهور الهرم المدرج

يعد زوسر مؤسس الأسرة الثالثة، 2780ق.م، أول من بنى قبراً هرمي الشكل، فقد أوكل للمعمار إيمحوتب رئيس كهنة عين شمس بناء مجمع معماري ضخم في منطقة سقارة، فبنى حجرة الدفن وملحقاتها تحت سطح الأرض وكان يُتوصل إليها بصعوبة عبر نفق هابط طويل، وعلى مستوى سطح الأرض بنى مصطبة مربعة فوقها خمس مصاطب إضافية تقل مساحة الواحدة عن سابقتها كلما ارتفع المبنى، حتى صار المبنى على شكل هرم مؤلف من ست درجات كبيرة، وكان المجموع مصنوعاً من الأحجار الكلسية الجيدة، ثم أحيط كله بسور مزين بمشكاوات.

 

استمر بناء المقابر على الشكل الهرمي المدرج، فهناك هرم سخم خت الذي كان سيبلغ سبع طبقات لو تم بناؤه، وهرم زاوية العريان شمال الجيزة الذي كان مقدراً له أن يصل إلى سبع طبقات أيضاً، وهرم ميدوم جنوب سقارة، وهي جميعاً من عصر الأسرة الثالثة.

ظهور الهرم الأملس غير المدرج وتطوره

يُعد سنفرو أول ملوك الأسرة الرابعة أول من بنى هرماً حقيقياً غير مدرج، فقد أمر ببنائه في منطقة دهشور جنوب سقارة عام 2680ق.م، ويبدو أن المعماريين أخطؤوا في حساب زاوية الميلان التي كانت 54 درجة و31 ثانية، وبعد أن وصلوا إلى ارتفاع 49م أدركوا أن الارتفاع الذي سيصلون إليه سيكون أكبر من احتمال القاعدة، فصغَّروا الزاوية إلى 43 درجة و21 ثانية وأكملوا البناء حتى ارتفاع 101.15م لكن أضلاعه بدت منحنية عند نقطة تغير الزاوية، فدعي الهرم المنحني، مما دعا سنفرو لبناء هرم آخر إلى الشمال منه بزاوية بداية أصغر هي 42 درجة و4 ثوان، وبنوا هرماً صحيح النسب حاد الزوايا، وصل ارتفاعه إلى 99م، وسمي بالهرم الأحمر، وقد حقق هذان الهرمان تقدماً كبيراً في نطاق العمارة بالحجر الكبير، وتمويه مكان غرفة الدفن، وزيادة مساحة قاعدة الهرم، إذ تبلغ مساحة قاعدة الهرم الأحمر ثلاثة أضعاف قاعدة هرم زوسر المدرج، وكانا فاتحة عصر معماري جديد استمر عشرة قرون.

بني أكثر الأهرام ضخامة وإتقاناً وروعة وأعلاها ذروة في زمن الأسرة الرابعة (2680-2600ق.م) وهو هرم خوفو، ويليه أهرام خفرع ومنكاورع وجدنرع في أبو رواش، وقد عدها الإغريق من عجائب الدنيا السبع. أما ملوك الأسرة الخامسة والسادسة (2600-2420ق.م) فقد عادوا إلى إنشاء مقابرهم في منطقة سقارة، وكانت أهرامهم أكثر تواضعاً، فلم تزد أهرام الملوك أوناس وتيتي وببي الأول[ر] ومرنرع وببي الثاني على 60م ارتفاعاً و75م امتداداً.

 

 

ويعتقد بعض الباحثين أن وصول المصري القديم للشكل الهرمي لم يكن إلا تطوراً معمارياً كما سبق. ويرى آخرون أن الرمز في حياة المصريين أسهم إسهاماً عظيماً في حياتهم الدينية، ولذلك فإن الهرم لم يكن إلا رمزاً للتل الذي برز من المياه الأزلية، والذي وقف عليه الإله رع وقام بعملية الخلق. ويرى فريق ثالث أن اختيار الشكل الهرمي كان مصحوباً بتغير في عقيدة بناة الأهرام، إذ تغلغلت عقيدة الشمس في الديانة الرسمية للدولة. فمنذ بداية التاريخ المصري، كان يوجد في معبد آمون، هليوبوليس، رمز لإله الشمس على شكل عمود استعاضوا عنه في عصر الأسرتين الأولى والثانية بحجر هرمي الشكل يجثم فوقه طائر الفونكس. ويعتقد أن هذا الحجر يرمز لأشعة الشمس التي تربط بين السماء والأرض بشكل أهرامات عظيمة كما جاء في نصوص الأهرام في وصف الملك المتوفى وهو يستخدم أشعة الشمس كطريق صاعد إلى السماء، مما قد يعني أن الهرم كان بنياناً ضخماً يرمز للشمس ليساعد الملك على الصعود إلى السماء.

توزع الأهرام

شاعت الأهرام في مصر وانتشرت في مناطق كثيرة، والمعروف منها اليوم ينوف على 70 هرماً، ومن المؤكد أن الرمال مازالت تغيب المزيد منها.

تقسم الأهرام في مصر إلى عشر مجموعات من الشمال إلى الجنوب، وهي ما بقي من جبانة العاصمة القديمة منف (منفيس). أقصاها مجموعة أبي رواش، وبعدها مجموعة الجيزة وفيها الهرم الأكبر وتسعة أهرام أخرى، وتليها جنوباً مجموعة أهرام زاوية العريان ثم مجموعة أبو صير ثم مجموعة سقارة الشمالية وسقارة الجنوبية. أما المجموعة السابعة فهي أهرام دهشور، وثامنة المجموعات هي أهرام مزغونة، وبعدها مجموعة اللشت، وآخر المجموعات هي مجموعة ميدوم.

وتعود أهرام محافظة الفيوم إلى الأسرة الثانية عشرة، وتوجد أهرام في مناطق أخرى متفرقة من مصر. كما تشاهد بعض الأهرام في شمالي السودان تسمى الأهرام الإثيوبية أو الكوشية. وقد قلّد أحد الأباطرة الرومان ملوك مصر، فأنشأ له هرماً في رومة. وثمة من يعتقد أن أهرام حضارة الأزتيك متأثرة بأهرام مصر.

طريقة بناء الهرم

لبناء أي هرم لابد من اتباع خطوات مدروسة، أهمها:

ـ اختيار موقع الهرم الذي كانت له عدة شروط أهمها أن يكون على الضفة الغربية للنيل لأن مملكة الموتى، بحسب الاعتقاد، كانت تقع في الناحية الغربية حيث تغيب الشمس، وأن يكون الموقع على كتلة من الصخر كي تتحمل ثقل الهرم الكبير، وأن يتسع المكان للهرم وملحقاته ومقابر أفراد الأسرة المالكة ورجال البلاط، وأن يتوفر الحجر اللازم للبناء في محاجر قريبة من المكان.

ـ تنفيذ تصميم عند بناء الهرم من قبل المهندسين، رسمت عليه الممرات والحجرات وحجرة الدفن ومدخل الهرم وغيره.

ـ تسوية موقع الهرم بإزالة العوائق ضمن قاعدة الهرم، ثم مسحها بدقة بحيث تكون مربعة الشكل، وتواجه جوانبها الجهات الأصلية، ويواجه مدخل الهرم النجم القطبي (نجم الشمال).

ـ نحت الأجزاء الواقعة تحت مستوى الأرض.

ـ إشادة الطريق الصاعد الذي يبدأ من مكان أقرب ما يكون إلى شاطئ النهر وينتهي عند الحافة الشرقية للهرم، لنقل الحجارة المخزونة عند نقطة البداية بواسطة زلاقات خشبية يجرها عدد كبير من الرجال، ربما فوق درافيل خشبية.

ـ بعد وصول الحجارة إلى أماكنها، يقوم العمال بنحت جوانبها بعناية تامة، ثم يضعون كلاً منها في مكانه بالبناء مستخدمين طبقة رقيقة من الملاط. وبعد بناء المدماك الأول، كانوا يبدؤون ببناء جسور وطرق صاعدة من التراب والحصى محصورة داخل جدران من اللبن لتثبيتها، وتستمر هذه الطرق إلى قمة الهرم، وكانت مساحة كل مدماك من الهرم تقل عن سابقتها مما كان ينشأ عنه المبنى المدرج، ولذلك كان لابد من كسوة الهرم، فكانت كسوة الهرم تتم بحجارة كلسية بيضاء مصقولة جيداً تبدأ من قمة الهرم، فتزال الطريق الصاعدة من الأعلى كلما كَسِيَ مدماك إلى أن يُتوَصَّل إلى قاعدة الهرم.

ـ كان ينشأ سور يحيط بالهرم من الحجر الكلسي.

ـ كان ينشأ معبد الوادي عند بداية الطريق الصاعدة، وكانت توضع فيه التماثيل واللوحات، وعند وفاة الملك، كان جثمانه يحضر إلى هذا المعبد حيث يغسل ويطهر ويحنط ، وفي يوم الدفن كانت تجري شعيرة «فتح الفم». وفي العصور التالية لعصر الأسرة الرابعة، كانت هذه الطقوس تتم في المعبد الجنازي المشيد بجانب الهرم في ناحيته الشرقية.

ـ عثر الباحثون على سفن مدفونة إلى جانب بعض الأهرام مصنوعة من خشب الأرز السوري، أطلق عليها اسم «مراكب الشمس» كان الملك يستخدمها في أسفاره السماوية.

ـ بعد وضع جثة الملك المحنطة ضمن تابوت أعد سلفاً بحجرة الدفن، كان البناؤون يغلقون الهرم إغلاقاً أبدياً، ويخفونه وراء أحجار الكسوة الخارجية، ثم يبدؤون في إقامة طقوس مختلفة وتقديم القرابين في معبدي الوادي والجنازي.

هرم خوفو

بُني الهرم الأكبر، هرم خوفو، على هضبة الجيزة شمالي العاصمة منف. ويذكر هيرودوت أن الوقت الذي تطلبه بناء الهرم والطريق الصاعدة التي استعملت في بنائه كان ثلاثين عاماً. وقد يكون ذلك صحيحاً مع أن هذه المدة أطول من مدة حكم خوفو نفسه، فالهرم كان يكمل بعد وفاة صاحبه.

أضلاع الهرم متساوية، وتوجيهها إلى الجهات الأربع صحيح، ويبلغ طول ضلع قاعدته المربعة 230م، وهي تشغل مساحة 5300م2، وزواياها قائمة تماماً، وارتفاع الهرم الأصلي 146.5م، ولكنه فقد ذروته فصار 137م. استخدم في بناء الهرم وكسوته الخارجية التي فقد معظمها على مر العصور ما يزيد على 5.2 مليون كتلة حجرية متوسط وزن كل منها2,5 طن. وقد يصل وزن بعضها أحياناً، ولاسيما عند القاعدة، إلى أكثر من 15 طناً. وقد قطعت هذه الحجارة وصقلت، على صلابتها، بأزاميل من النحاس أو الصوان.

يقع مدخل الهرم في جانبه الشمالي على ارتفاع 17م، وقد أحكم غلقه بعد دفن الملك. يؤدي المدخل إلى دهليز هابط يصل إلى غرفة منحوتة داخل الصخر لم يكتمل حفرها، ولكن الدهليز يرتبط بدهليز آخر صاعد يصبح أفقياً بعد 36م حيث ينتهي بغرفة على ارتفاع 20م من سطح الأرض، سميت خطأ بغرفة الملكة. وعند التقاء الدهليز الصاعد بالأفقي، وعلى امتداد الدهليز الصاعد، بنى المصريون دهليزاً فخماً يعد من أعظم مفاخر العمارة المصرية، طوله 46.5م وارتفاعه 8.5م وعرضه أكثر قليلاً من مترين. ينتهي الدهليز بردهة بديعة من الغرانيت كانت مهيئة بشكل تسد فيه بأربعة مغاليق من حجر الغرانيت لقطع الطريق إلى مومياء الملك وكنوزه العظيمة، وتتصل بغرفة دفن الملك الواقعة على ارتفاع 42.28م أطوالها 10.5× 5.25 × 5.82م، وقد شيدت بحجارة ضخمة من الغرانيت الوردي، ولا يزال تابوت الملك خوفو بجانب الجدار الغربي. وقد عولجت مشكلة الثقل فوق غرفة الملك ببناء أربع حجرات صغيرة بعضها فوق بعض، يحمل كلاً منها ساكف، أما الحجرة الأخيرة فتنتهي بعقد على شكل مسنم. عثر الباحثون في هذه الحجرات على كتابة جاء فيها ذكر العام السابع عشر من حكم خوفو، ومن المؤكد أن حجرات الهرم ودهاليزه قد حوت فيما سبق الأثاث الجنازي للملك وأشياء أخرى أعدها لحياته بعد الموت، لكنها سُرقت منذ آلاف السنين، ولم يعثر الأثريون في العصر الحاضر على أي شيء داخل الهرم.

كان يحيط بهرم الجيزة الأكبر، هرم خوفو، سور من الحجر الكلسي، كما كان يتبعه في الجهة الشرقية معبد يصل إليه المرء بطريق صاعدة لا تقل إعجازاً، في رأي هيرودوت، عن بناء الهرم نفسه، وهذا المعبد مستطيل الشكل له فناء معمّد ودرج فخم يؤدي إلى مقصورة القربان. كما كان في مجموعة الهرم معبد آخر يعرف عادة باسم معبد الوادي، وقد شقت في الصخر إلى الشرق من الهرم وجنوبه خنادق بشكل مراكب كانت تحفظ فيها مراكب الشمس التي تعد ليستخدمها الملك في الحياة الآخرة.

وإلى الجنوب الشرقي من الهرم ثلاثة أهرام صغيرة على نسق واحد، كما يحيط به مصاطب دفن معدة جميعها للملكات وللأسرة المالكة والكهنة والمعماريين والفنانين والكتبة الذين يحيطون بالملك في مماته كما كانوا يحيطون به في حياته.

 

عدنان البني، محمود عبد الحميد

 

الموضوعات ذات الصلة:

 

مصر

 

مراجع للاستزادة:

 

ـ أحمد فخري، الأهرامات المصرية (القاهرة 1963).

ـ محمد أنور شكري، العمارة في مصر القديمة (القاهرة 1970).


التصنيف : التاريخ و الجغرافية و الآثار
النوع : سياحة
المجلد: المجلد الرابع
رقم الصفحة ضمن المجلد : 105
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 496
الكل : 31669281
اليوم : 23863

بيتون (آلان-)

بيتون (آلان ـ) (1903 ـ 1988)   آلان ستيوارت بيتون Alan Stewart Paton كاتب وسياسي من جنوب إفريقية، ولد في بيترماريتزبرغ Pietermaritzburg في مقاطعة ناتال Natal. تابع دراسته في جامعة ناتال وحصل فيها على إجازة في العلوم، وعلى دبلوم في التربية، ثم درَّس في الجامعة نفسها بعد تخرجه. وقد تضافرت ظروف وطنه وضميره الحي لتجعل منه سياسياً نشيطاً.
المزيد »