logo

logo

logo

logo

logo

التتار

تتار

Tatars - Tatars

التَّتار

 

التَّتار أو التَّتر كلمة أطلقها العرب على مجموعة القبائل المغولية التي اجتاحت الشرق العربي وبلاداً إسلامية أخرى في القرنين الثاني عشر والثالث عشر الميلاديين.

يُعرف هؤلاء عند الأوربيين بالتَّتار أو التَّارتار Tartar، أما الصينيون فيدعونهم بالتَّاتا ويحذفون حرف الراء، ويسميهم ابن خلدون التَّغزعز.

معنى كلمة تتار غير محدد، فهي تعني لدى الصينيين البدو والبداوة، والفروسية أحياناً، وفي اللغة التركية القديمة نجد كلمة تتراي، التي يٌقصد بها الفارس صاحب البريد، ومن معانيها عندهم الأنفة والرفعة والإباء. ويبدو مما ذكرناه أن كلمة تتار قد ارتبط معناها بالفروسية والشجاعة، التي تتطابق ونمط الحياة التي عاشها هؤلاء في الفترات الأولى من ظهورهم على المسرح السياسي العالمي.

اختلف العلماء كذلك على أصول التَّتار، وهل هم جزء من العنصر المغولي (المنغولي)، أو أنهم أرومة مستقلة متميزة، وفي الواقع يرى قليل من العلماء أنهما أرومتان مختلفتان شكلاً وهيئةً، ولكل منهما أرضه وعاداته وتقاليده، ولكن أكثر العلماء لا يشاطرونهم الرأي هذا، بل يعدونهما عرقاً واحداً وموطنهما الأصلي واحد، والتمايز العرقي النسبي بينهما ظهر وتبلور لاحقاً، بعد أن غادروا موطنهم الأم، وامتزجوا بأعراق أخرى أوربية وسواها. ويرى هؤلاء كذلك أن كلمة تتار لا تعني شعباً آخر غير مغولي، وإن طغيان التسمية على المغول سببه الدور الحربي البارز والقيادي الذي قامت به قبائل التَّتر المشاركة في غزوات جنكيزخان وخلفه.

إن ظهور التَّتار قبائل متميزة يرجعه العالم «س.إ.بروك» إلى نهاية القرن الخامس وبداية القرن السادس الميلادي، وقد عاشوا ضمن القبائل المغولية، ويرجح كذلك أن موطنهم الأصلي جنوب شرق بحيرة بايكال، بينما يعتقد «ثيودور شاباو» أنهم عاشوا أولاً في شرقي منغولية وغربي منشورية، وذلك في القرن الخامس الميلادي، وكونوا مع القبائل التركية الأخرى ما يعرف بالقبيلة الذهبية Golden Horde. في الواقع أن تسمية منغولية تاريخياً تعني أرضاً واسعة غير محددة تماماً، تضم وسط آسيا وشمال الصين، أو ما يعرف بمنغولية الخارجية ومنطقة تانوتوفا Tanutova، الواقعة ضمن روسية حالياً والمتنازع عليها مع الصّين. وكذلك ما يعرف بمنطقة منغولية الداخلية الصينية حالياً.

لم يظهر التَّتار عنصراً فعّالاً في الساحة الدولية إلا بعد ظهور قائد المغول المشهور جنكيزخان (1167-1227م)، الذي حقق وخلفاؤه انتصارات كبيرة وأقام امبراطورية شاسعة، كانت عاصمتها كراكوروم في البدء ثم بكين لاحقاً.

لم تعمر الامبراطورية طويلاً، فانقسمت بين أولاده وأحفاده إلى إمارات أو ممالك صغيرة (خانيات Khane) امتدت من الصين إلى نهر الدانوب. ومن أبرزها خانية قازان في روسية والدولة الإيلخانية Ilkhane في فارس، وسلالة يوان في الصين. ومن أبرز أحفاد جنكيزخان، هولاكو الذي قضى على الخلافة العباسية في بغداد عام 1258م، واجتاحت جيوشه بلاد الشّام حتى رُدَّت على أعقابها في معركة عين جالوت عام 1260م، وكذلك تيمورلنك (1336-1405م) الذي أنشأ امبراطورية كبيرة شملت آسيا الوسطى وغربي آسيا ولم تعمر طويلاً.

إن انقسام الامبراطورية المغولية ـ التّتارية إلى خانيات سهل عملية استيلاء الروس على خانيات قازان واستراخان وسيبيرية، واحتل العثمانيون خانية القرم ثم سلبها منهم الروس عام 1783.

السِّمات العرقيـة

يتميَّز التّتار بالملامح العرقية المغولية التي يمكن اختصارها بالآتي:

القامة قصيرة إلى متوسطة (160-170سم)، والجذع أطول من الأطراف والعجز كبير، وهم من ذوي الأكتاف والرؤوس العريضة ووجوههم مسطحة واسعة تتوسطها أنوف صغيرة، تعلوها جباه كبيرة، وفي خدودهم بروز ونتوء، أضراسهم قليلة النتوء وقواطعهم مجرفية الشكل، والفك الأسفل واسع عريض، عيونهم سوداء غالباً تقبع في محاجر كبيرة، وتعلوها أجفان شحمية ثقيلة، والعيون ضيقة موزية الشكل، أجسامهم ملساء تكاد تخلو من الشعر وكذلك وجوههم، ولهم شفاه رقيقة، ألوانهم بيضاء مصفرة ولكنها تميل للسمرة في المناطق الجافة والصحراوية الباردة، إلا أن هذه السمات تغيرت بدرجات مختلفة بعد سكنهم في مواطن جديدة في آسيا وأوربة. فظهرت لديهم سمات الأوربيين، فالقامة أصبحت أطول، واختلف لون العيون وتنوع، وبدلاً من الشعر الأسود المسترسل ظهر الشعر البني والأشقر بل والأحمر، وتغيرت ملامح الوجه الأصلية، وقد يصعب أحياناً تمييزهم من الأعراق الأخرى.

والسؤال الآن هو: من ينتمي إلى ما يسمى بالتَّتار؟ وهنا كذلك تباينت الآراء، ويستشف منها أن مجموعات بشرية متنوعة امتزجت مع التَّتار بعد أن خضعوا لهم، وزادت العقيدة الإسلامية من وحدتهم، ويرى «ملبترون» أن التَّتار يتكونون من أربع طوائف كبيرة تضم قرابة ست عشرة قبيلة ومن أبرزها:

1ـ أتراك تركستان، 2ـ تركمان شرق بحر الخزر (قزوين) وآسيا الوسطى وأرمينية، 3ـ الأوزبك، 4ـ البخاريون، 5ـ أتراك قرمان الذين قدموا من تركستان، 6ـ العثمانيون وأتراك الأناضول وقسطنطينة من تركستان، 7ـ تتار القرم، كما يضيف ملبترون خطأ شعوباً مجاورة للقرم إلى التتار مثل الكرج (الجيورجيون والشركس والأباظة)، وهؤلاء كما هو معروف يؤلفون مجموعة الشعوب القفقاسية الأصلية ولا يمت أفرادها إلى العنصر الطوراني ـ المغولي بأي صلة إثنية أو لغوية، 8 ـ القفجاق (قازان) وتترأوفا والبلغار والبشكير، 9ـ القرغيز، 10ـ أهل سيبيرية وكراسنارسك، 11ـ الياقوت وغيرهم.

يجب أن نشير أن للتتار لغة خاصة هي الكيبجاك  Kipchak، وهي فرع من المجموعة اللغوية التركية المنتمية للعائلة الألتاوية  Altaic التي تضم: 1ـالمجموعة التّركية، 2ـ الأوزبيك (الأوربكية)، 3ـ الكازاخ (الكازاخية)، 4ـ التّتار (التّترية)، 5ـ الأذربيجان (الأذرية)، 6ـ التّركمان (التّركمانية)، 7ـ القرغيز (القرغيزية).

الديانة

عرف المغول والتّتار الديانة البوذية، ولكن لهم دياناتهم الطوطمية، إذ عبدوا ظواهر الطبيعة (الريح والرعد والصواعق) والحيوانات (الخنزير والذئب) وأشياء أخرى، وعبدوا الكواكب، وبخاصة الشمس، وتأثروا قليلاً بالمجوسية. ولكن القسم الأعظم من التّتار اعتنق الإسلام، وهم الآن يدينون بالإسلام (المذهب السني)، وذلك نتيجة لاعتناق حفيد جنكيزخان «بركه خان» الإسلام، وقد جرت محاولات حثيثة من الروس، بعد أن احتل إيفان الرابع قازان عاصمة التّتر (1552) لتحويلهم إلى الديانة المسيحية (المذهب الأرثوذكسي)، ولكن لم يكتب النجاح لهذه المحاولات، وحدثت مذابح واضطرابات عديدة بسبب ذلك. ولم يخرج عن الإسلام إلا مجموعات صغيرة مثل تتر كرياشين وتشيليابتسك.

الواقع التّتاري الحالي

ليس للتتار حالياً كيان سياسي مستقل تماماً، بل هنالك جمهورية تتارية[ر] الذاتية الحكم، التي تقع ضمن الاتحاد الفيدرالي الروسي، ولا يزيد عدد التّتار في هذه الجمهورية على المليونين أي خمس التّتار في روسية، ويعيش عدد يقل عن المليون في جمهوريات آسيا الوسطى المستقلة وبلدان أخرى، كما هو موضح في الجدول (1)

 

الجمهوريات العدد/ بالألف
روسية الاتحادية 5011
أوكرانية 91
أوزبكستان 649
كازاخستان 313
أذربيجان 31
قرغيزية 22
طاجيكستان 80
تركمانستان 40
الجدول (1) الأرقام بحسب معطيات إحصاء عام 1979

 

أما في داخل روسية فيتوزعون في الأماكن الرئيسية كالآتي:

 1ـ جمهورية تتارية (تتارستان)           1642 ألف

 2ـ جمهورية بشكيرية                     970 ألف

 3ـ جمهورية أودمورت                     99 ألف

 وتعيش أعداد قليلة لا يزيد مجموعها على 250 ألف نسمة، في أماكن متفرقة وخاصة في سيبيرية، ومن هذه الأماكن كدمي وبوريات وياقوتية والجوفاش (تشوفاش) وجوكوتسكي.

أما في روسية فبدأ ظهور القبائل التركية والتتارية في أواسط الفولغا في القرنين الثالث والرابع الميلاديين، وفي القرنين الخامس إلى السابع، جاءت الموجة الثانية، وتوطنت في المناطق الغابية والسهبية الغابية (السهل الروسي)، وظهروا في سيبيرية كذلك.

أما في القرنين السابع والثامن فقد جاءت من منطقة بحر آزوف إلى الفولغا قبائل البلغار التركية وسواهم، وكونوا دولة قوية، وانضوت هذه القبائل في مابين القرنين (13-15) تحت لواء القبيلة الذهبية التتارية، وامتد سلطانها إلى موسكو وأغلب مناطق روسية، إلى أن قضى عليها ايفان الرابع الرهيب (1552) وضمت إلى روسية القيصرية.

اعتمد التتار في معيشتهم على الرعي، وكانوا بداة متنقلين، ثم تحولوا إلى الزراعة، وكانت الصناعة بسيطة تلبي حاجات الرعي والزراعة، ولكن مع الزمن بدأت الحضارة التتارية الإسلامية بالنهوض، وصارت قازان وسواها معالم حضارية وفكرية، واستفاد الرّوس من هذه الثقافة، فأوفدوا رسلاً من التّتار إلى البلدان الإسلامية التي احتلَّها الرّوس (جمهوريات آسيا الوسطى).

ويحسن أن نشير إلى مأساة تتار القرم الذين كان عددهم قرابة 200 ألف نسمة عام 1934، فقد انتهز هؤلاء احتلال القوات الألمانية في الحرب العالمية الثانية لبلادهم، فعملوا على الاستقلال عن الاتحاد السوفييتي بالتعاون مع الألمان، ولكن بعد اندحار الألمان رحَّلت الدولة السوفيتيّة كل التّتار إلى جمهوريات آسيا الوسطى وخاصة إلى أوزبكستان، وحرموا من حقوقهم المدنية، وأُلغيت جمهورية التتار الذاتية السابقة، وقام تتر القرم بانتفاضات عديدة قُمعت بقسوة. وفي عهد خروتشوف أعيدت لهم حقوقهم المدنية، ولكن لم يسمح لهم بالعودة إلى القرم التي صارت الآن جزءاً من أوكرانية.

 

 شاهر جمال آغا

 

الموضوعات ذات الصلة:

 

تتارية ـ روسية ـ المغول.

 

مراجع للاستزادة:

 

ـ س.إ.بروك، سكان العالم (موسكو 1985).

ـ مجموعة من العلماء، سكان الاتحاد السوفييتي (موسكو 1976).


التصنيف : التاريخ و الجغرافية و الآثار
النوع : أعلام ومشاهير
المجلد: المجلد السادس
رقم الصفحة ضمن المجلد : 7
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 133
الكل : 16394756
اليوم : 11282

التنظير الطبي

التنظير الطبي   التنظير الطبي endoscopy وسيلة استقصائية الغاية منها رؤية الآفات الموجودة ضمن أجواف الجسم رؤية مباشرة وتعرُّف صفاتها وتحديد طبيعتها. وإذا كانت هذه الواسطة الاستقصائية ابتدعت في البدء للتشخيص فقد صارت بعد مدة من استعمالها المرحلة الأولى لبعض الاستقصاءات الأخرى المتممة كأخذ الخزعات من الآفات المشاهدة، ثم تطورت فصارت المرحلة الأولى لإجراء كثير من المداخلات الجراحية في معظم أجهزة الجسم. كان بوزيني Bozzini في عام 1805 أول من استعمل المنظار لاستقصاء أحشاء البطن، أما كيلنغ Kelling فكان أول من نظر أحشاء الكلب بعد حقن الغاز في جوف بطنه عام 1901، وأعاد العمل نفسه على الإنسان عام 1910، وأجرى كل من ديشر Decher وشيري Cherey أول مرة تنظير أحشاء الحوض بإدخال المنظار عن طريق رتج دوغلاس عام 1944. كانت المناظير المستعملة حتى ذاك التاريخ مؤلفة من أنابيب معدنية صلبة، وكانت الإنارة بوساطة حبابة كهرباء صغيرة، وفي عام 1952 استعمل كلادو Clado الإضاءة الباردة التي تنتقل من مصدر خارجي لنهاية المنظار القاصية بقضيب من الكوارتز، واستطاع بالمر Palmer بوساطتها تصوير أول فلم عن التنظير النسائي عام 1955، وكان له الفضل في دفع التنظير خطوات كبيرة إلى الأمام، فهو أول من فتح طريق الجراحة التنظيرية منذ عام 1956، بتحرير الالتصاقات وأخذ الخزعات ثم التعقيم بتخثير البوقين أو قطعهما بطريق المنظار. وفي عام 1956 استعمل فرنغنهايم Frangenheim أول مرة الألياف الزجاجية fiberglass لنقل الإضاءة الباردة، واستبدلت المناظير اللينة بالمناظير الصلبة مما سهل إجراء الفحوص والمداخلات التنظيرية لدرجة كبيرة. وفي عام 1972 حقَّق سيم Semm جهاز نفخ غاز CO2 الآلي ووسع الجراحة التنظيرية النسائية ثم استعملها كثيرون غيره في الجراحات البطنية عامة. وظهرت في منتصف الثمانينات من القرن العشرين أجهزة للتنظير تستخدم نظام الفيديو الإلكتروني video endoscopy أحدثت تطوراً كبيراً في ممارسة التنظير اليومية، فقد تحسنت نوعية الصورة المشاهدة تنظيرياً بفضل إدخال أجهزة تصوير (كاميرات) ذات حجم صغير جداً من نمط (CCD) charge-couple-device. يعتمد مبدأ هذه التقنية على استخدام مجس capteur يحول الطاقة الضوئية المنعكسة من النسج المشاهدة إلى طاقة كهربائية تنقل إلى معالج إلكتروني خاص يسمح بإعادة تشكيل الصورة بدقة متناهية على شاشة تلفزيونية ملونة. يمتاز نظام الفيديو الإلكتروني بإعطائه صوراً أكثر وضوحاً من المناظير الليفية الضوئية العادية وبإمكان تثبيت الصورة وتسجيلها لمشاهدتها من قبل عدة مراقبين في آن واحد وتسجيل كامل الفحص التنظيري والمعالجات المجراة على أجهزة أفلام فيديو. أما مساوئها فثمنها المرتفع وقطر أنبوب الفحص الذي يزيد قليلاً على قطر المناظير الليفية الضوئية العادية. كما ظهر في آخر القرن الماضي أجهزة تشارك بين مسبار لأمواج تخطيط الصدى وجهاز تنظير داخلي في آن واحد echo-endoscopy، يمكن بوساطتها دراسة الطبقات الجدارية للأجواف والأحشاء الداخلية بدقة كبيرة بالأمواج فوق الصوتية بعد الوصول إلى هذه الأماكن بسهولة بوساطة التنظير، وتسمح بتشخيص الآفة ودرجة ارتشاحها في جدار العضو إضافة لإمكانية أخذ خزعات موجهة بالصدى من الآفات الجدارية مما يؤدي إلى وضع تشخيص دقيق نسيجي للطبيعة المرضية لهذه الآفات. وتستخدم هذه الطريقة في تقويم مدى انتشار أورام الأنبوب الهضمي والبولي، وفي تشخيص أورام غدة المعثكلة (البنكرياس) والتهاباتها ومضاعفاتها، وفي تشخيص آفات الطرق الصفراوية، كما تعد من أفضل الوسائل التشخيصية لبعض الأمراض القلبية. تختلف أشكال المناظير باختلاف العضو المراد تنظيره ولكنها جميعها تتألف من أقسام أساسية وأقسام ملحقة. أمّا الأقسام الأساسية فهي جسم المنظار الذي قد يكون صلباً أو مرناً طويلاً أو قصيراً بأقطار مختلفة، والعدسات المكبرة العينية والجسمية، والمنبع الضوئي الذي صار في معظم الأجهزة خارجياً ينقل منه النور بوساطة الخيوط الزجاجية، وتخرج الأشعة من فوهة المنظار الباطنة مستقيمة أو مائلة بدرجات مختلفة حسب المكان المفحوص. أمّا الأقسام الملحقة فتختلف بحسب الحاجة وقد يستعمل منها واحد أو أكثر من واحد كملقط الخزعة أو حلقة التخثير. يجري التنظير أحياناً من دون تهيئة، في حين يتطلب أحياناً أخرى حقن غاز أو سائل في العضو المراد فحصه كجوف الصفاق أو جوف الرحم. أو يتطلب تهيئة العضو نفسه ببعض المواد المساعدة على جودة الفحص كما في تنظير عنق الرحم، ويجرى تنظير بعض الأجواف بلا تخدير في حين يتطلب تخديراً موضعياً أو عاماً في تنظير أجواف أخرى. يستخدم التنظير في جميع أجهزة الجسم تقريباً، مثال ذلك: ـ التنظير الهضمي: وهو: أ ـ علوي يدخل فيه المنظار عبر الفم والبلعوم وترى بوساطته حالة المريء والمعدة والعفج والطرق الصفراوية والبنكرياس والأمعاء الدقيقة. ب ـ سفلي ويدرس به المستقيم والسين الحرقفي والقولونات والقسم الأخير من الأمعاء الدقيقة. ـ تنظير القصبات: bronchoscopy يدخل فيه المنظار عبر الحنجرة إلى الرغامى والقصبات والقصبات الرئيسية فتكشف آفات هذه المناطق. ـ تنظير جهازالبول: بإدخال المنظار عبر فوهة الإحليل إلى المثانة لدراستها ومنها إلى الحالبين عبر الفوهتين الحالبيتين المثانيتين بعد توسيعهما وتكشف بذلك آفات هذه الأقسام التي لم تتمكن الوسائل الاستقصائية الأخرى من الجزم بطبيعتها ويمكن أخذ الخزعات كما في كل أنواع التنظير. ـ تنظير قعر العين: ophtalmoscopy يتم بأجهزة صغيرة لا يتجاوز حجمها حجم قلم الكتابة تحوي عدسات ضوئية وضوءاً بارداً، تُري بالتنظير قعر العين والأوعية الشبكية والآفات الوعائية كالتصلب البصري. ـ تنظير الأذن: otoscopy ويتم كذلك بأجهزة صغيرة يمكن بوساطتها مشاهدة غشاء الطبل عبر مجرى السمع الظاهر وتشخيص التهابات الأذن الوسطى وانثقاب غشاء الطبل. ـ تنظير المفاصل: arthroscopy الذي ترى به معظم مفاصل الجسم وتشاهد بوساطته سطوح المفاصل وتحدد آفاتها. ـ تنظير الجهاز التناسلي في الإناث: أ ـ تنظير المهبل وعنق الرحم colposcopy يستعمل لهذا منظار خاص يكبر العنق بدرجات متفاوتة أفضلها ×14وترى بذلك الآفات الخمجية والورمية، ويفيد في التوجيه نحو المناطق التي يجب أن تؤخذ منها الخزعات لوضع التشخيص والتأكد منه. ب ـ تنظير باطن الرحم hysteroscopy ويجرى مباشرة (التنظير بالتماس) أو بعد تمديد جوف الرحم بغاز CO2 أو ببعض السوائل (التنظير الشامل)، تفحص به بطانة الرحم وتكشف آفاتها ولاسيما الورمية منها. ج ـ تنظير الملحقات والسطح الخارجي للرحم والحوض ويجرى كتنظير الأحشاء بوجه عام. ـ تنظير الأحشاء: endoscopy هو أكثر ما ينصرف إليه التنظير الطبي وهو السائد حالياً مقدمة لإجراء كثير من المداخلات الجراحية ويُخص لذلك بشيء من التفصيل. يتألف جهاز تنظير الأحشاء من قبضة تحوي أزرار التحكم يليها أنبوب لين يختلف قطره بين 7 و12ملم نهايته قابلة للتحريك باتجاهات مختلفة بوساطة أسلاك معدنية داخل المنظار وتسير في الأنبوب حزمة الخيوط الزجاجية الناقلة للنور من منبع خارجي إلى ساحة العمل، وفي نهاية الأنبوب العدسة الجسمية وفي بدايته العدسة العينية، ويحوي أنبوب المنظار عدا هذا قناتين لا يتعدى قطر كل منها 2 ـ 3ملم تستخدم إحداهما لتمرير الأدوات اللينة التي تستعمل لأخذ الخزعات أو المسحات أو إجراء التخثير. وتستخدم الثانية لسحب المفرزات أو الغازات أو ضخ الهواء أو الماء على العدسة الجسمية لغسلها من المفرزات التي قد تتوضع عليها في أثناء العمل. يعد تنظير الأحشاء عملية ككل العمليات الجراحية لذلك يجب تهيئة المريض الذي سيجرى له التنظير كما يهيأ كل مريض لأية مداخلة جراحية، ولاسيما أن التنظير يجرى تحت التخدير العام. يبدأ العمل بإملاء جوف الصفاق بكمية محدودة من غاز CO2 لإبعاد جدار البطن عن الأحشاء. وسهولة حركة الأدوات ضمن الجوف واختير هذا الغاز لعدم تخريشه وسرعة امتصاصه وعدم قابليته للاشتعال مما يمكن معه استعمال التخثير إذا احتيج إليه. يدخل هذا الغاز بوساطة إبرة تدخل في الثنية السفلية للسرة متصلة بجهاز نفخ آلي يحتفظ بضغط الغاز ثابتاً في البطن. ثم يجرى شق صغير بطول 1سم في المنطقة نفسها يدخل فيه مبزل محاط بغمد لجوف البطن المتمدد بالغاز، وحين التأكد من أن المبزل في جوف الصفاق يسحب من غمده الذي يبقى في مكانه لإدخال جهاز التنظير، يحرك الجهاز باتجاهات مختلفة في أثناء الفحص لرؤية كل الأحشاء واحداً بعد الآخر. ولما كانت الأحشاء متراكبة بعضها فوق بعض ويصعب لذلك رؤية كل وجوهها بسهولة فإنه لابد من استعمال مجس خاص وهو قضيب رفيع وطويل يدخل جوف البطن من فوهة أخرى تُحدث في المكان المناسب من جدار البطن يفيد في تحريك العضو المراد فحصه باتجاهات مختلفة أو إبعاده عن بقية الأعضاء لرؤيته بصورة جيدة، وإذا أريد أخذ خزعة أو إجراء تخثير أو سوى ذلك تدخل الأدوات الخاصة بذلك عن طريق ثقب آخر يجرى على جدار البطن. بعد جني المعلومات المطلوبة من التنظير وإنهاء العمل يسحب المنظار ويفرغ جوف البطن من الغاز عن طريق غمد المنظار نفسه، كما يسحب المرود وما قد يكون أدخل من أدوات، وتخاط أمكنة إدخالها بقطبة أو قطبتين لكل منها ويوضع عليها ضماد طاهر، يرتاح المريض بعد ذلك بضع ساعات ويمكن خروجه من المستشفى بعد صحوه من التخدير ببضع ساعات أو بعد 24 ساعة على أكثر تقدير إن لم تحدث مضاعفة توجب بقاءه مدة أطول. ذلك أن عملية التنظير لا تخلو أحياناً من مضاعفات قد تكون خطرة كتوقف القلب واضطراب التنفس والنزف الناجم عن إصابة المبزل لأحد الأعضاء أو الأوعية الكبيرة أو الصغيرة وكلها مضاعفات نادرة في التنظير المتقن، وهناك عوارض عامة أو موضعية أقل خطراً كاضطراب نظم القلب وزرقة الوجه ودخول الغاز في أثناء الحقن في النسيج الخلوي أو في سمك عضلات جدار البطن ونزف ندبة السرة وحدوث ورم دموي في جدار البطن، وغيرها من العوارض التي يجب الانتباه إليها مباشرة لمعالجتها خشية تطورها تطوراً خطراً.   رائد أبو حرب   الموضوعات ذات الصلة:   ـ التنظيرية (الجراحة ـ).   مراجع للاستزادة:   - JEAN MARC CANARD, THIERRY et LAURENT DALAZZO, Endoscopie (Paris 1955). - PETER COTTON et CHRISTOPHER WILLIAMS, Endoscopie gastro - intestinale pratique (Medsi, Paris 1986).
المزيد »