logo

logo

logo

logo

logo

الاتحادية

اتحاديه

Federalism - Fédéralisme

الاتحادية

 

الاتحادية أو الفدرالية Fédéralisme نظرية ترى أن الاتحاد الحرّ بين أفراد البشر والجماعات والدول هو الشكل المثالي للحياة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية. ومن خصائصها الاتجاه نحو إحلال علاقات التنسيق محل علاقات التبعية، أو على الأقل، تضييق نطاق هذه الأخيرة ما يمكن، وإحلال المشاركة محل الإكراه، والإقناع محل الأمر، والقانون محل القوة. والمظهر الأساسي لهذه النظرية هو التعددية، واتجاهها الأساسي التنسيق، والمبدأ الناظم لها هو التضامن. وإذا كان المبدأ الديمقراطي يهدف إلى الغاية نفسها، لأنه يتجه إلى إشراك الأفراد في تكوين القرارات التي تلزمهم، فإن الديمقراطية لاتعنى إلا بمشاركة الأفراد على أنهم أفراد. أما الفكرة الاتحادية فتتجه إلى تغليب مشاركة الجماعات والدول.

الاتحادية والسيادة

يذهب بعضهم إلى أن الاتحادية كشف أمريكي، والواقع أن هذا القول غير صحيح، لكن المصطلح ينطبق على صفة الدولة الاتحادية الحديثة التي أقرها مندوبو الولايات الأمريكية في فيلادلفية عام 1787.

ولايوجد في مؤلفات العصور القديمة ما يشير إلى هذا الموضوع، أما في القرون الوسطى فثمة تحالفات اتحادية قامت في أوروبة ولاسيما بين المدن، وقد ظهر هذا المفهوم واضحاً عند يوهانس ألتوسيوس [ر] للمرة الأولى بعد دراسته التجارب السويسرية والهولندية والامبراطورية الجرمانية المقدسة، وهو يعَدُّ تأليف الاتحادات غاية كتابه الشهير «السياسة» (1603ـ1610)، ويذهب فيه إلى أن النظام السياسي يتدرج من سلسلة اتحادات، تبدأ بالقرى والنقابات المهنية وتنتهي بالامبراطورية. ويمكن النظر إلى فكر ألتوسيوس هذا على أنه محاولة لتحويل مفهوم تسلسل الإقطاع إلى تسلسل دستوري معاصر.

وبعد انهيار الامبراطورية الجرمانية المقدسة قدمت مشروعات متعددة لتحل محلها حماية للسلم ولتوحيد الدول الأوربية، ومنها مشروعات الملك هنري الرابع ومستشاره دوق سولي Maximilien de Béthume, duc de Sully وكَنت Kant[ر].

ويمكن تلمس شيء من الفكر الاتحادي في الجمهورية الاتحادية لمونتسكيو، وهو أول من استخلص ضرورة وجود حد أدنى من التجانس في أي نظام من هذا النوع.

وقد كان موضوع الاتحادية محل جدل وخلافات قانونية بسبب محاولة تحديد مصطلح «الحائز السيادة» بالمعنى التقليدي لنظرية الدولة التي قال بها بودان [ر] في كتاب «الجمهورية» عام 1576، ذلك أن الدولة الحديثة قامت على مفهوم أساسي هو نظرية السيادة التي ابتدعها الفقهاء الفرنسيون في أواخر القرون الوسطى، وشهروها سلاحاً سياسياً لدعم الملكية وتعزيز مركزها في صراعها مع الامبراطورية والبابوية في الخارج، ومع نبلاء الإقطاع في الداخل، ولتمهيد السبيل لإقامة حكم مركزي قوي. ولهذه السيادة وجهان: السيادة الخارجية، وهي الاستقلال السياسي، أي عدم خضوع الدولة لغيرها، وحقها في تمثيل ذاتها والتصرف باسمها تجاه الدول الأخرى، والسيادة الداخلية وهي حق إصدار الأوامر إلى جميع الأفراد الخاضعين للدولة. والسيادة بهذا المعنى وحدة لاتقبل التجزئة ولا التنازل، ولم يتغير هذا المفهوم كثيراً بانهيار الملكية وقيام الثورة الفرنسية إذ حلت محل السيادة الملكية سيادة الأمة مع سائر النتائج التي ترتبت عليها. وهكذا فإن الدولة تتميز بوحدة المؤسسات الحكومية والدستورية، أو بمركز موحد للسلطة، ويطلق عليها اسم الدولة البسيطة أو الموحدة. وكان الجدل القانوني يدور بوجه عام حول التفريق بين اتحاد الدول والدولة الاتحادية. وكان معيار التمييز: أين تكمن «السيادة». فإذا حافظت العناصر المكونة للاتحاد على سيادتها قيل: إنه «اتحاد دول» أو إنه «دول متعاهدة» كما يذهب بعضهم، أما إذا كان الاتحاد هو صاحب «السيادة» فيقال إنه «دولة اتحادية» أو «دولة تعاهدية». ولم يكن ظهور هذا النمط الجديد للدولة، أي الدولة المركبة أو الاتحادية، وليد نظرة فلسفية أو محاكمة منطقية، بل جاء مصادفة ونتيجة مساومات وتسويات. فقد اجتمع في فيلادلفية ممثلو ولايات (دول) الاتحاد الأمريكي الثلاث عشرة للنظر في تعديل ميثاق الاتحاد بعد أن تبين أن هذا النظام لايصلح للبقاء، لأن السيادة التي احتفظت بها كل ولاية من الولايات الأعضاء كانت تعرقل، في الواقع، مصالح الطبقة البرجوازية الناشئة. وواجه المؤتمر عقبة كادت تتحطم فوقها كل رغبة في الاتحاد وهي سعي الدول الصغيرة إلى المساواة مع الدول الكبيرة بعدد سكانها في كل شأن من شؤون الاتحاد، وانتهى الأمر إلى الأخذ بوجهة نظر توفيقية، فاستقر رأي المؤتمرين على انتخاب مجلسين، يكون أحدهما بنسبة عدد السكان وهو مجلس النواب، والثاني مجلس الشيوخ، ويتكون على أساس عضوين اثنين لكل ولاية كبيرها وصغيرها، ولكل عضو منهما صوته المستقل، خلافاً لما كان عليه الحال في عهد الميثاق الاتحادي. وقد رضيت الدول الصغيرة بهذا الحل ووافقت على قبول الأحكام الأخرى، ولم يدر في خلد المؤتمرين أنهم بذلك قد أرسوا الأساس لنمط جديد من الاتحادات هو الدولة المركبة أو الاتحادية. ولم تلبث الخلافات أن دبت بين ولايات الشمال وولايات الجنوب، خشية ولايات الجنوب أن يقوم الاتحاد بإلغاء الرق، إلى جانب الخلاف على التعرفات الجمركية. فعندما أصدر الاتحاد قانوناً جديداً للتعرفة عدّ المجلس التشريعي المحلي في كارولينة الجنوبية هذا القانون مخالفاً للدستور، لأن الدستور يقضي ألا تستخدم التعرفة إلا لجباية الأموال الضرورية لصالح السلطة الاتحادية، لا لاتباع سياسة اقتصادية معينة. وقد وجدت هذه الولاية المسوغ لها في حق الولايات الأعضاء في إبطال أي قانون يصدره الكونغرس ورفض تطبيقه استناداً إلى نظرية قانونية أعدها كالهون J.C.Calhoun الذي كان نائباً للرئيس الأمريكي (1825 -1832)، وكان محور هذه النظرية يدور حول وحدة السيادة وعدم قابليتها للتجزئة. فالسيادة لاتقبل التجزئة بطبيعتها لأنها إرادة مجتمع سياسي، وعلى ذلك يمكن في الأمة الاتحادية توزيع السلطات بين الاتحاد والدول الأعضاء فيه، أما السيادة فلايمكن أن تكون إلا للاتحاد أو للدول الأعضاء. وفي هذه الحالة موضع البحث فإن السيادة هي من حق الدول الأعضاء (الولايات) والتاريخ يؤيد ذلك، ولاسيما في تصديق هذه الدول للدستور.

وعندما أصر الاتحاد على موقفه اقترح كالهون أن يصدر القانون على صورة تعديل دستوري، فإذا ما أقر هذا الاقتراح يجب على الدولة (الولاية) القبول بتصرف السلطة الاتحادية أو الانسحاب من الاتحاد. ويقول كالهون: «لايمكن معرفة إرادة جماعة إلا بعد أن يؤخذ بالحسبان أغلبية كل من الزمر الرئيسة التي تؤلف هذه الجماعة» أو بعبارة أخرى،كان كالهون ينظر إلى الولايات المتحدة نظرته إلى «الاتحادية القديمة» أي أنها اتحاد دول. وكان يشاركه في هذه الفكرة أكثر الأمريكيين ولاسيما سكان الجنوب من أنصار الرق.

ومع أن كالهون استهدف بنظريته المذكورة حماية الجنوب من القوانين الاتحادية الصادرة وفق مصالح الشمال، فإن هذه النظرية سقطت بانتصار الشمال في الحرب الأهلية   (1860 -1865) وهيأ زوالها الطريق لاتحادية أوثق.

الدول الاتحادية

في الدولة الاتحادية مراكز متعددة للسلطة خلافاً للدولة الموحدة «البسيطة» التي تتصف بوحدة مركز السلطة السياسية. وتضم تلك المراكز مركزاً عاماً أو مشتركاً هو «السلطة الاتحادية» ومراكز خاصة، هي السلطات المحلية. فللدولة الاتحادية دستور عام وهيئات اتحادية تشريعية وتنفيذية وقضائية يشمل اختصاصها جميع أنحاء الاتحاد. وإلى جانب ذلك دستور خاص لكل جزء سياسي من أجزاء الاتحاد مع هيئات تشريعية وتنفيذية وقائية لايتعدى اختصاصها حدود ذلك الجزء، ومن هنا يقال إن هذه الدولة مركبة. وتتحقق هذه الظاهرة في الدولة الاتحادية التي يُعرِّفها بعض الباحثين بأنها اتحاد دول تخضع جزئياً لسلطة موحدة وتحتفظ جزئياً باستقلالها.

تنشأ الدولة الاتحادية بأحد أسلوبين: اتحاد بالتجمع، وهو أن تتحد دول كانت في الأصل مستقلة وتنتظم في دولة اتحادية كالولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد السويسري وألمانية الاتحادية وكندا واسترالية واتحاد جنوب إفريقية، واتحاد بالتفكك وينتج عن تفكك دولة بسيطة موحدة على عدة دويلات تنتظم في اتحاد يجمعها كما حدث في الاتحاد السوفييتي والبرازيل والأرجنتين والمكسيك. ويلاحظ أن الرابطة الاتحادية في الصورة الثانية أقوى منها في الصورة الأولى وأوثق لأن الدول في الحالة الأولى تنتظم بإرادتها، وكانت في الأصل مستقلة ذات سيادة فتحرص على أن تضيق اختصاصات السلطة الاتحادية إلى أضيق الحدود لتحتفظ لنفسها بقدر أوسع من الحرية في العمل.

وللدولة الاتحادية طابع مزدوج، أي أنها تتمتع في آن واحد، بمظاهر وحدة الدولة وبمظاهر الاستقلال في الدويلات الأعضاء.

مظاهر الوحدة في الدولة الاتحادية: تكون الدولة الاتحادية دولة واحدة في المجال الدولي من حيث وحدة الشخصية الدولية ووحدة الجنسية ووحدة الإقليم. فالدولة الاتحادية في نظر الدول الأخرى كتلة واحدة، شأنها شأن الدولة البسيطة. والدولة الاتحادية في نظر القانون الدستوري وحدة سياسية، لأنها تملك تنظيماً دستورياً كاملاً مقرراً بمقتضى الدستور الاتحادي. وللسلطة التشريعية الاتحادية إصدار تشريعات عامة توجه إلى رعايا الدويلات الأعضاء كافة، ولها كذلك سلطة الإدارة فيما يتعلق بالشؤون الداخلة في اختصاصها. وللدولة الاتحادية سلطة القضاء أيضاً فلها محاكمها الخاصة، ولاسيما المحكمة العليا التي تبت في المنازعات التي قد تنشأ بين الدويلات الأعضاء، وفي جميع هذه الحالات تبدو الدولة الاتحادية كأنها دولة بسيطة موحدة.

مظاهر استقلال الدويلات الأعضاء: تضم الدولة الاتحادية عدداً من الدويلات لكل منها كيانه الخاص. فللدويلة العضو تنظيم دستوري تقيمه سلطتها المؤسسة فيها وهي تملك حرية تعديله ضمن القيود والحدود التي ينص عليها الدستور الاتحادي. ويكوِّن هذا التنظيم الدستوري الإقليمي نظاماً كاملاً يشتمل على كل الهيئات التي تتجلى فيها سلطة الدولة عامة، وعلى رأس هذه الدويلات حكام، بالمعنى الحقيقي للكلمة، يمارسون اختصاصاتهم في الحدود المرسومة في الدستور.

أسس التنظيم الاتحادي

الدولة الاتحادية هي اتحاد دول تخضع جزئياً لسلطة موحدة وتحتفظ جزئياً باستقلالها. ويتم التوفيق بين الأمرين بالأخذ بمبدأين هما: مبدأ المشاركة ومبدأ الاستقلال.

مبدأ المشاركة: ومضمونه أن تشارك الدويلات الأعضاء على قدم المساواة في اتخاذ القرارات التي تُلزم الاتحاد كله. وتطبيقاً لمبدأ المشاركة فإن جميع الدول الاتحادية بلااستثناء تأخذ بنظام المجلسين في تكوين السلطة التشريعية، فيمثل أحد المجلسين الدويلات الأعضاء على قدم المساواة بصرف النظر عن اتساع رقعتها أو عدد سكانها، ويمثل الآخر مجموع سكان الدولة الاتحادية، وتتمثل فيه بوجه غير مباشر الدويلات الأعضاء تبعاً لعدد سكانها.

والأصل في الدولة الاتحادية أن يتمتع المجلسان بسلطات متساوية، أي إنه ما من قانون يمكن أن يصدر إلا بعد إقراره من المجلسين. ويترتب على ذلك نظرياً أن بإمكان عدد من الدويلات الصغيرة التكتل في مجلس الدويلات فتحول دون اتخاذ قرار في موضوع ما. وإذا كانت المساواة هي القاعدة فيما يتعلق بممارسة السلطة التشريعية فإن لهذه القاعدة استثناء في بعض القرارات الاتحادية. ففي دول كثيرة ولاسيما في الولايات المتحدة الأمريكية، يختص مجلس الشيوخ بالموافقة على بعض تصرفات رئيس الجمهورية، كحق عقد المعاهدات وإعلان الحرب وتعيين كبار الموظفين،ويمكن أن تكون تلك الموافقة لمصلحة مجلس النواب الذي يمثل الشعب بأسره. وإن بعض القرارات في سويسرة، كانتخاب المجلس الاتحادي وأعضاء المحكمة الاتحادية وحق العفو، تخضع لتصويت المجلسين معاً منعقدين في جمعية وطنية، ويكون الرجحان في هذه الحالة لمجلس النواب لأن عدد أعضائه مِثْلا عدد أعضاء المجلس الذي يمثل الدويلات الأعضاء.

مبدأ الاستقلال أو الحكم الذاتي: ومقتضاه أن الدويلات الأعضاء تحتفظ بنوع من الاستقلال في إدارة شؤونها. فلها دساتيرها وهيئاتها التشريعية والتنفيذية والقضائية، ومن الممكن أن تمارس هذه الدويلات، بمقتضى الدستور الاتحادي، بعض الاختصاصات في العلاقات الدولية تحت إشراف السلطة الاتحادية. بل يمكن أن تنضم هذه الدويلات في حالات استثنائية إلى المنظمات الدولية، فبعض جمهوريات الاتحاد السوفييتي عضو في هيئة الأمم المتحدة (أوكرانية، روسية البيضاء). وإن قبول عضوية هذه الدويلات في المنظمات الدولية يقوم في واقع الأمر  على بواعث سياسية، فقد أتاح ذلك للاتحاد السوفييتي ممارسة تعدد الأصوات في منظمة دولية لم يكن له فيها في البدء، كثير من الأنصار. والمهم أن الدويلات الأعضاء في الدولة الاتحادية تفقد من حيث المبدأ شخصيتها الدولية لأنها فقدت الخصائص الأساسية التي تتصف بها السلطة عامة، وهي أن تكون أصلية وعليا ومتفردة، وليس لها على إقليمها اختصاص مانع، إذ تمارس السلطة الاتحادية اختصاصاتها الدستورية مباشرة على هذا الإقليم، ومن ذلك استخدام سلطة الإكراه. والدويلات الأعضاء لاتملك على إقليمها كامل الاختصاص، أي حق تحديد اختصاصاتها، إذ تتحدد هذه بالدستور الاتحادي، ويمكن تعديله وفق الإجراءات المنصوصة فيه، أي خلافاً لإرادتها عند الاقتضاء. فحرية الدويلات الأعضاء في العمل واختصاصاتها تتحدد بما جاء في الدستور. فإذا احتفظت هذه الدويلات لنفسها باسم الدولة كاتحاد الجمهوريات الاشتراكية السوفييتية فإنما يكون ذلك لاعتبارات سياسية.

توزيع الاختصاص في الدولة الاتحادية

يتم توزيع الاختصاص بين السلطة المركزية الاتحادية والدويلات الأعضاء بمقتضى الدستور الاتحادي. وليس ثمة قاعدة مسلم بها توزع الاختصاصات على هديها. والملاحظ اتباع أحد أسلوبين: في الأول منهما يحدد الدستور الاتحادي الشؤون التي تدخل في اختصاص السلطة حصراً، ويترك ماعداها لاختصاص الدويلات الأعضاء مثل الولايات المتحدة وسويسرة، وفي الثاني يحدد كل ما يدخل في اختصاص الدويلات الأعضاء، ويبقى ماعدا ذلك من اختصاص السلطة الاتحادية.

وهذا الأسلوب الأخير شائع في الدساتير الاتحادية الحديثة وهو اكثر واقعية ويستجيب للتطورات الاقتصادية والاجتماعية، وقد أخذت به دساتير كندا والهند، وتأخذ به في العادة الاتحادات التي تتكون بالتفكك.

ويلاحظ أن التطور الحديث يدفع بالدول الاتحادية نحو المركزية النامية.

ولما كان لابد أن تقوم المنازعات بسبب توزيع الاختصاصات فلاغنى عن إقامة قضاء يتولى البت فيها وفق أحكام الدستور الاتحادي. وهذه إحدى مهمات المحكمة العليا في الولايات المتحدة الأمريكية والجمهورية الاتحادية لألمانية الغربية وسائر الدول الاتحادية.

الاتحاد الدولي أو الدول المتعاهدة

يمكن تعريف الاتحادات الدولية بأنها اتحاد دول ذات سيادة، له سلطة مركزية تتمتع بالشخصية القانونية، وفيه هيئات دائمة. ومن خصائص هذه الاتحادات أنها تتألف من دول ذات سيادة تمثل في هيئة مركزية، ولكل دولة من حيث المبدأ صوت واحد، ولو أن الميثاق قد ينص على ما يخالف ذلك.

وهكذا تبرز أوجه التشابه بين الاتحاد الدولي الذي تتمتع فيه الهيئة المركزية بحقوق واسعة، والدولة الاتحادية التي تتراخى فيها الرابطة الاتحادية وتحتفظ الدويلات بحرية عمل واسعة، حتى ليكاد يصعب التمييز بينهما.

ومرد هذا التشابه في الواقع إلى أن الاتحادات الدولية كانت دائماً مرحلة انتقال، ومصيرها إلى الانحلال إذا تغلبت القوى النازعة إلى الانفصال، أو إلى اتحاد سياسي أوثق رباطاً يتخذ غالباً شكل الدولة الاتحادية كالولايات المتحدة الأمريكية وألمانية وسويسرة إذا تغلبت القوى النازعة إلى الوحدة. ومع ذلك فإن الفروق بين الدولة الاتحادية والاتحاد الدولي تبقى أساسية وجوهرية وفي مقدمتها:

- الدولة الاتحادية دولة واحدة على الصعيد الدولي، أما الاتحاد الدولي فيمكن أن يعترف له بالشخصية القانونية الدولية من دون أن يعترف له بصفة الدولة.

- تقوم الدولة الاتحادية على دستور في إطار القانون الداخلي، أما الاتحاد الدولي فيستمد وجوده من معاهدة أو من اتفاق دولي.

- في الدولة الاتحادية هيئة تشريعية تتألف من مجلسين تصدر قوانين تشمل جميع رعايا الدولة، وفيها سلطة تنفيذية يشمل اختصاصها جميع أنحاء الدولة. أما الاتحاد الدولي فله هيئة مركزية هي شبه مؤتمر دبلوماسي، يتألف من ممثلين من الدول الأعضاء وتنفذ قراراته عن طريق الدول الأعضاء وضمن أنظمتها الدستورية.

- لايحق للدولة العضو في الدولة الاتحادية أن تنفصل عنها. أما في الاتحاد الدولي فلكل دولة عضو حق الانفصال إن رغبت، وحق الانسحاب هذا من الضوابط الأساسية التي تميز الاتحاد الدولي من الدولة الاتحادية.

الاتحادية في الوطن العربي

عرف الوطن العربي الاتحادية في شكل الاتحاد الدولي. ففي 22 آذار 1945 عقدت سبع دول عربية ميثاق جامعة الدول العربية [ر] وهي منظمة ذات توجه إقليمي قومي، ولم يلبث عدد الدول الأعضاء أن ارتفع إلى إحدى وعشرين دولة، تمتد من المحيط إلى الخليج.

وهذه الدول العربية جميعها أعضاء في منظمة الأمم المتحدة [ر] وهي أعضاء في منظمة المؤتمر الإسلامي [ر]. كما أن تسعاً من هذه الدول، وهي مصر والسودان والجزائر وليبية وتونس والصومال والمغرب وموريتانية وجيبوتي، أعضاء في منظمة الوحدة الإفـريقية [ر]، وكل الدول العربية أعضاء في حركة عدم الانحياز.

وفي عام 1958 وبعد قيام الجمهورية العربية المتحدة التي ضمت مصر وسورية، أقيم الاتحاد الهاشمي بين المملكتين الأردنية والعراقية، ولكنه انهار بانهيار النظام الملكي في العراق بثورة 14 تموز 1958.

وفي الأول من أيلول عام 1971 أقر باستفتاء شعبي اتحاد بين أقطار سورية ومصر وليبية، نص دستوره على أنه دولة اتحادية، مع أنه كان اتحاداً دولياً يتسم دستوره بمرونة شديدة تتيح له النمو والتطور السريع باتجاه الدولة الاتحادية، ولكن تطور الأحداث السياسية بعد حرب تشرين 1973 أدى إلى تجميده ثم انحلاله.

وفي 25 أيار 1981 أعلن عن قيام مجلس التعاون لدول الخليج العربية، وقد ضم المملكة العربية السعودية والكويت والإمارات العربية المتحدة وقطر وعمان والبحرين.

وفي 16 شباط 1989 أعلنت مصر والعراق والأردن والجمهورية العربية اليمنية تأسيس مجلس التعاون العربي.

وفي 17 منه، أي في اليوم التالي، أعلنت خمس دول عربية أخرى عن قيام اتحاد المغرب العربي، وهي المغرب وتونس والجزائر وليبية وموريتانية.

أما الوجه الثاني من الاتحادية، ويقصد بذلك الدولة الاتحادية، فالملاحظ أن انتشارها قليل في الوطن العربي. وفيما يلي نظرة سريعة على بعض المشروعات التي وضعت على أساس دولة اتحادية، فالمشروع الأول الذي لم يقدر له أن يرى النور كان مشروع الدستور الذي وضعه المؤتمر السوري في دورته الثانية، ففي 7 آذار 1920 اتخذ المؤتمر بالإجماع قراراً يؤكد استقلال سورية الطبيعية (سورية ولبنان والأردن وفلسطين)، مع رفض الادعاء الصهيوني بالوطن القومي، وتطبيق مبدأ اللامركزية الإدارية وإعطاء ضمانات لإقامة نظام خاص في لبنان، وإقامة حكومة مسؤولة أمام المؤتمر الذي عدّ نفسه مجلساً تأسيسياً ونيابياً في آن واحد، وتقديم عرش سورية للأمير فيصل بن الحسين، على أن تتم البيعة له يوم الثامن من آذار.

وكان المؤتمر قد قرر في 6 آذار، بناء على طلب الأمير فيصل، شكل الدولة ووضع دستور للبلاد، فتألفت لجنة لوضع الدستور أنجزت مهمتها، وعرض المشروع على المؤتمر. وقبل أن تتم مناقشته فوجئ المؤتمر بإنذار الجنرال غورو وما تلا ذلك من أحداث انتهت بموقعة ميسلون واحتلال الجيش الفرنسي دمشق في 24 تموز 1920.

أما المشروع الثاني الذي قام كذلك على أساس دولة اتحادية، ولم يقدر له أن يرى النور فهو ميثاق 17 نيسان 1963.

وقد توجهت الجهود لإقامة وحدة ثلاثية بين مصر وسورية والعراق بعد سقوط الجمهورية العراقية الأولى (8 شباط 1963) وانتهاء عهد الانفصال في سورية (8 آذار 1963)، وجرت في القاهرة محادثات على ثلاث مراحل بين 14 آذار و17 نيسان 1963، انتهت بإعلان قيام دولة اتحادية برلمانية أساسها ميثاق 17 نيسان وحملت من جديد اسم الجمهورية العربية المتحدة، وهيئاتها الاتحادية هي مجلس الأمة ورئاسة الجمهورية ومجلس الوزراء.

وكانت ليبية قبل ذلك الدولة العربية الأولى التي قامت على أساس دولة اتحادية  لمدة محدودة. فبعد انتهاء المعارك التي نشبت على الأراضي الليبية وأدت إلى تحريرها من قوات المحور تولت فرنسة إدارة ولاية فزّان، وتولت إنكلترة إدارة ولايتي طرابلس وبرقة. ثم تم الاعتراف باستقلال ليبية عام 1951، وكونت دولة اتحادية ملكية انضمت إلى جامعة الدول العربية عام 1953.

وتألفت المملكة الليبية من ثلاث ولايات هي برقة وطرابلس الغرب وفزان، تولى فيها الملك محمد إدريس المهدي السنوسي بالاشتراك مع مجلس الأمة السلطة التشريعية. وكان مجلس الأمة يتكون من مجلسين: مجلس نواب ومجلس شيوخ. ويتألف مجلس النواب من نائب لكل عشرين ألفاً من السكان أو ما زاد على نصف هذا العدد ومدته أربع سنوات. أما مجلس الشيوخ فيتكون من عدد متساو من الأعضاء لكل ولاية ويكون لكل ولاية ثمانية أعضاء يعين الملك نصفهم، وتقوم المجالس التشريعية المحلية بانتخاب الباقين. وهناك محكمة عليا تؤلف من رئيس وقضاة يعينون بمرسوم. وقد استمر النظام الاتحادي حتى عام 1963 حين عدل الدستور وتحولت ليبية إلى دولة بسيطة. ومع الفاتح من أيلول 1969 أطاحت القوات المسلحة بالنظام الملكي وأعلنت جمهورية هي الجماهيرية العربية الليبية.

وفي الوقت الراهن ثمة دولة عربية واحدة تتخذ الشكل الاتحادي هي دولة الإمارات العربية المتحدة. وقد صدر دستورها المؤقت النافذ في 2 كانون الأول 1971.

ويتألف الاتحاد من إمارات: أبو ظبي ودبي والشارقة وعجمان وأم القيوين والفجيرة ورأس الخيمة وملحقاتها. وتتألف السلطات الاتحادية من المجلس الأعلى للاتحاد، وهو السلطة العليا، ويتألف من حكام جميع الإمارات أو من يقوم مقامهم عند غيابهم. ولكل إمارة صوت واحد في مداولات المجلس. وتصدر قرارات المجلس الأعلى في المسائل الكلية بأغلبية خمسة أعضاء على أن يكون بينها صوتا إمارتي أبو ظبي ودبي.

أما قرارات المجلس في المسائل الإجرائية، وتحددها اللائحة الداخلية، فتصدر بأكثرية الأصوات.

ينتخب المجلس الأعلى من بين أعضائه رئيساً للاتحاد ونائباً للرئيس، ومدة كل منهما خمس سنوات، ويجوز إعادة انتخاب أي منهما. ويتولى مجلس الوزراء الاتحادي بوصفه الهيئة التنفيذية للاتحاد، وتحت رقابة رئيس الاتحاد والمجلس الأعلى، تصريف جميع الشؤون الداخلية والخارجية التي يختص بها الاتحاد وينص عليها الدستور، وتنفرد كل إمارة بكل مالا يقع في اختصاص الهيئات الاتحادية.

ولاتحاد الإمارات مجلس وطني اتحادي يمثل السكان ويتألف من أربعين عضواً، وتوزع مقاعده على الوجه التالي: 8 لكل من أبو ظبي ودبي، و6 لكل من الشارقة ورأس الخيمة، و4 لكل من عجمان وأم القيوين والفجيرة. ولكل إمارة أن تحدد طريقة اختيار من يمثلها من مواطنيها.

وللاتحاد كذلك محكمة اتحادية عليا تتألف من رئيس وعدد من القضاة لايزيد على خمسة يعينون بمرسوم يصدره رئيس الاتحاد بعد موافقة المجلس الأعلى.

 

كمال غالي

 

التصنيف : السياسة
المجلد: المجلد الأول
رقم الصفحة ضمن المجلد : 237
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 521
الكل : 29647326
اليوم : 27336

الإشعال في المحرك

الإشعال في المحرك   الإشعال في المحرك ignition هو عملية إطلاق شرارة على شكل قوس كهربائية بين قطبي شمعة الإشعال spark plug في حجرة احتراق المحرك، تتسبب في التهاب مزيج الوقود والهواء المضغوط واحتراقه ومن ثم في دوران المحرك. ويستخدم الإشعال بالشرارة الكهربائية في محركات الاحتراق الداخلي العاملة بالوقود الخفيف السائل أو الغازي. وللاستفادة القصوى من طاقة احتراق المزيج لا بد من إطلاق الشرارة بقوة كافية وفي لحظة معينة قبل وصول المكبس إلى نقطة العطالة العليا خلال شوط الضغط وبزاوية سبق مناسبة. ويقوم جهاز تسبيق الإشعال advance mechanism بمهمة تغيير هذه الزاوية لكي تتزامن مع عمل المحرك في مختلف سرعات دورانه وأحماله.
المزيد »