logo

logo

logo

logo

logo

بتراركا (فرانشيسكو)

بتراركا (فرانشيسك)

Petrarca (Francesco-) - Pétrarque (Francesco-)

بتراركا (فرانشيسكو ـ)

(1304 ـ 1374)

 

فرانشيسكو بتراركا Francesco Petrarca شاعر وباحث إيطالي من كبار الأدباء الإنسانيين في عصر النهضة. ولد في أريتزو Arezzo وغادرها مبكراً مع أسرته التي استقرت في بيزا Pisa، ثم انتقلت عام 1311 إلى مدينة أفينيون Avignon في فرنسة التي كانت مقر البابوية آنذاك. وقد قصدها والده للكسب مستفيداً من صداقته للكاردينال نقولو دابراتو Niccolō da Prato.

بدأ بتراركا دراسة النحو والبلاغة قبل أن يدرس الحقوق، طوعاً لوالده، في مدينة مونبيلييه Montpellier في فرنسة. ونظم أبياته الأولى باللغة اللاتينية عند وفاة والدته نحو عام 1318. عكف على دراسة الأدب القديم ووسّع معرفته بالشعر المعاصر المنظوم بلغة العامة Lingua volgare، وتابع دراسة الحقوق كرهاً في جامعة بولونية (إيطالية) حتى عام 1326 تاريخ وفاة والده، إذ وجد نفسه حراً في اختيار ما يحب. عاد إلى مدينة أفينيون وسلك طريق الرهبانية وحظي برتبة كنسية منحته مكانة وامتيازات من دون أن تلزمه برباط وثيق يفقده حريته، فعاش حياته في البلاط وكانت أبياته الأولى محط إعجاب المحيطين به. وكان قلبه في بداية طريقه مفعماً بحب الله وحب الفضيلة مدركاً هشاشة الحياة البشرية، إلا أن قلبه خفق لهواً حين وجد المرأة التي ملكته. التقى بتراركا لَوْرا Laura في إحدى كنائس أفينيون عام 1327 ورأى فيها صورة للجمال والذكاء وصارت بالتالي إلهامه، وتجلت صورتها في أشهر مؤلفاته «ديوان الشعر الغنائي» Il canzoniere الذي بدأه عام 1366. ويقسم هذا الديوان الذي يضم ثلاثمئة وستاً وستين قصيدة إلى جزئين: حياة السيدة لَوْرا، ووفاتها In vita e In morte di madonna Laura  في عام 1348 إثر الطاعون. وقد كانت لَوْرا ملهمته في هذا الديوان، إلا أن الصراع الداخلي الذي عاشه بتراركا نتيجة حبه هو المحور الأساسي. و كان يشعر بتأنيب الضمير بسبب النزاع في دخيلته بين حبه للرب وحبه الدنيوي. وبقي هذا النزاع يلازمه حتى بعد وفاة لَوْرا إلا أنه شعر وهو يتقدم سناً  أن حبه الضائع كان سيتحول بالضرورة إلى صداقة رقيقة مع مرور الزمن، فاختتم ديوانه بقصائد دينية كانت آخرها للسيدة مريم العذراء يلتمس منها العون بعد حياة بؤس وشقاء علّها تأخذ بيده عند وفاته فيجد نفسه بعد ضياع.

وقد ترك «ديوان الشعر الغنائي» أثراً كبيراً في تاريخ الشعر الإيطالي فهو تعبير جديد عن الحب ابتدعه بتراركا، لم يظهر سابقاً في الأدب الإيطالي ولا في أعمال دانتي[ر] Dante الذي وجد أيضاً في بياتريتشه Beatrice صورة مثالية للمرأة. إلا أن دانتي لم يعش صراعاً بين الحب الدنيوي والحب الإلهي، وصوّر المرأة التي أحبها ملاكاً معبراً عن إحساسه الديني، في حين أكسب بتراركا عاطفته استقلالية. وأكد في مؤلفه «سري الخاص» Secretum meum  (1342 1343) إخفاقه في التوفيق بين عاطفته والمُثُل الدينية المسيحية، كذلك إخفاقه في وضع رؤية عقلانية لعالمه الداخلي وذلك في حوار يتخيله بتراركا بينه وبين القديس أوغسطينُس الذي يرى حب الرب وحده المخلِّص للإنسان.

نظم بتراركا قصائد باللغة اللاتينية منها القصيدة الملحمية «إفريقية» (1338-1380) Africa و«مشاهير الرجال» (1338- 1353) De viris illistribus محاولاً التوفيق بين ثقافة العصور القديمة والرسالة المسيحية، كما رقد أبطال العصر القديم إلى جانب الأنبياء والقديسين ورهبان الكنيسة في مؤلفه «سكينة رجال الدين» (1347) De Otio religioso. وفي عام 1354 نظم بتراركا بلغة العامة قصيدته القصصية الرمزية «انتصارات» I Trionfi، يخيّل فيها للشاعر أنه يحذو حذو دانتي في مسيرته فينتقل من نصر إلى آخر وصولاً إلى الرب. وقد اقتبس بتراركا لقصيدته التعليمية والمجازية بعض عناصر «الملهاة الإلهية» La Divina commedia من دون أن يقف عند اهتمام دانتي بسرد الأحداث، واختار لقصيدته لغة شعرية موسيقية بعيدة عن لغة الشعر الهزلي والواقعي المأسوي. وله أيضاً مجموعة «رسائل حميمية» (1345- 1366) Epistolae  Familiares تصف تفكيره وعاطفته وأحاسيسه في إطار نموذج لشخصية مثالية وضعها لنفسه. كما تضمنت كتاباته المتنوعة سِيَراً لشخصيات تاريخية لامعة كما تضمنت مواعظ أخلاقية.

وقد دفعته نزعته الإنسانية إلى البحث في جذور ثقافة العصور القديمة واكتشف علاقة جديدة بين القديم والجديد، علاقة لا يحكمها التباعد والتنافر المألوف بل التقارب والانسجام، إذ رأى بتراركا أن العالم القديم يشكل مرحلة حضارية تتحلى بالحكمة، ووجد الشاعر متعته في التحاور مع أدباء العالم القديم ساعياً إلى ثقافة تعتمد على البلاغة والتحليل النفسي بهدف خدمة الإرادة البشرية الداعية إلى خير الإنسانية. فمن وجهة نظر بتراركا «تتقدم إرادة الخير على معرفة الحق» وبالتالي يتقدم أفلاطون[ر]  وشيشرون (قيقرون)[ر] على أرسطو (أرسطوطاليس)[ر] . وقد أثارت فلسفته غضب بعض تلامذة الفيلسوف العربي ابن رشد[ر] لمغالاة بتراركا في تقريظ ديانته على حساب الديانات الأخرى.

اكتسب بتراركا شهرته وهو لا يزال في الأربعين من عمره فقد تنازعت كل من باريس ورومة شرف تتويجه شاعراً غنائياً، كما تحدث البابوات والأباطرة عنه بفخر وأعادت له مدينة فلورنسة ممتلكات كانت لوالده ومنحته البندقية قصراً يطل على القناة الكبيرة، كما قبلت البندقية وجنوة وساطته في حل نزاعهما السياسي واجتمع حوله أصدقاء وتلاميذ شكلوا الحلقة الأولى للتيار الإنساني Umanesimo. وتعود الشهرة التي اكتسبها إلى وجهة نظر جديدة طرحها في عصر جديد يحتل الأديب فيه مكانة مرموقة لأنه الناطق بلسان الطبقة البرجوازية الجديدة، والداعي إلى أدب روحاني رفيع.

توفي بتراركا في بلدة أَركوا Arquà، قرب بادوفا حيث استقر بعد تنقلات عديدة داخل إيطالية وخارجها.

 

حنان المالكي

 

مراجع للاستزادة:

 

- GIUSEPPE PETRONIO, L'attività letteraria in Italia, Roma (Palumbo 1964).

- NATALINO SAPEGNO, Francesco Petrarca in storia della letteratura italiana, t.II, (Milano 1965).


التصنيف : الآداب اللاتينية
النوع : أعلام ومشاهير
المجلد: المجلد الرابع
رقم الصفحة ضمن المجلد : 698
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 566
الكل : 31798471
اليوم : 73932

المعيار والمقاييس في الفن

المعيار والمقياس في الفن   بدأ الفن والعمارة منذ ما قبل التاريخ تلبية لحاجات معاشية أو اجتماعية متصلة بثقافة الإنسان البدائية وبتقاليده وإحساساته الفطرية، وكان هذا الهدف هو المعيار الأساسي critère الذي يكشف عن سمات ذلك الفن وتلك العمارة، وتمثَّل هذا المقياس échelle بالتناسب الذي ولّد مفهوم الجميل والرائع. منذ بداية التاريخ ابتدأ العقل في التدخل على حساب الإحساس الفطري، لكن هذا التدخل استمر وئيداً حتى عهد الأسرات في مصر، حينما أصبح للفن والعمارة قواعد ثابتة استمرت على امتداد الحضارة المصرية. على أن هذا التدخل كان يستند إلى عقائد مصرية قديمة أهمها بعث الحياة بعد الموت، وأبدية الحياة لمن هم في قمة المجتمع. وهذه العقيدة كانت سبب أبدية العمارة. فجميع الروائع المعمارية؛ الأهرامات والقبور والمعابد وما فيها من أعمدة وصروح ومسلات ترمز إلى هذه الأبدية. وفي مجال التصوير فإن جميع الآثار المكتشفة على جدران هذه الأوابد تشير إلى تأكيد الحياة بعد الموت.
المزيد »