logo

logo

logo

logo

logo

ابن أبي الحديد (عبد الحميد-)

حديد (عبد حميد)

Ibn abi al-Hadid (Abdul-Hamid-) - Ibn abi al-Hadid (Abdul-Hamid-)

ابن أبي الحديد (عبد الحميد -)

(586-656هـ/1190- 1258م)

 

أبو حامد عز الدين عبد الحميد بن هبة الله بن أبي الحديد المدائني، عالم بالأدب، له شعر جيد واطلاع واسع على التاريخ، من أعيان المعتزلة.

ولد في المدائن ونشأ فيها وأخذ عن شيوخها، وقضى فيها أيام شبابه، وليس هناك تفاصيل عن هذه المرحلة من حياته. انتقل إلى بغداد، وحضر مجالسها، واختلط بعلمائها، فعرف واشتهر بفضله وعلمه. نال حظوة عند الخليفة المستنصر العباسي (623-640هـ/1226-1242م) وأهداه كتابين من كتبه. بعد ذلك احتضنه ورعاه ابن العلقمي وزير المستعصم آخر خلفاء بني العباس.

عمل ابن أبي الحديد في دواوين الخلافة العباسية. فبدأ كاتباً في دار التشريف. ثم انتقل إلى ديوان الخلافة. وبعد ذلك  تولى نظر البيمارستان وأخيراً أسند إليه أمر خزائن الكتب في بغداد إلى أن توفي.

نشأ ابن أبي الحديد على التشيع مثله في ذلك مثل معظم سكان المدائن، وقيل: إنه كان مغالياً في تشيعه في مطلع حياته. وله في ذلك قصائد وَسَمها بـ «القصائد السبع العلويات»، ثم مال إلى الاعتزال، واعتنق مذهب شيوخ معتزلة بغداد المعروفين بميلهم إلى التشيع، وكان متحمساً لمذهبه، ودافع عنه بثبات في معظم ما كتبه ولاسيما مؤلفاته في الأدب وعلم الكلام. وهو يعد مثالاً واضحاً لالتقاء التشيع والاعتزال.

كان ابن أبي الحديد واسع الثقافة، قوي الحافظة، غزير التأليف. ذكر أنه ألف كتابه النقدي «الفلك الدائر على المثل السائر» في أقل من أسبوعين، كذلك كان شاعراً بارعاً له أشعار رائعة. أما في النثر فكان من المؤيدين للسجع والمدافعين عنه، لكنه لم يكن أسيراً لذلك في كتاباته، ولم يكن ملتزماً في أسلوبه، بأسلوب الكتابة الديوانية في معظم كتبه. لذلك كان مترسلاً فصيحاً، قوياً فيما نسب إليه من كتابات، كذلك كان عارفاً باللغة وبأسرارها وبغريبها، عالماً ببيانها وقد اضطر إلى استخدام بعض الألفاظ المُوَلّدة التي تداولها المتكلمون وأهل الجدل.

كان موسوعياً في ثقافته؛ فقد كان فقيهاً، متكلماً، عارفاً بأخبار العرب، وأيامها، وخطبها ومناظراتها،حافظاً للطرائف والأخبار. تجلى ذلك في شرحه لـ «نهج البلاغة»، واعتمد كثيراً على ذوقه الفني وحسه الأدبي في الحكم على أعمال الآخرين، فهو يحكم بصحة نسبة «نهج البلاغة» إلى علي بن أبي طالب لأنه يرى أن خطبه ورسائله ومواعظه صادرة عن مصدر واحد، فهي واحدة في أسلوبها. بينما يرفض ما نسب إلى أبي بكر وعمر  من أقوال ورسائل لأنها تنافي طريقتهما في القول، ويرى أنها من وضع أبي حيان التوحيدي لأنها توافق أسلوبه.

يعد كتاب «شرح نهج البلاغة» من أشهر آثاره وهو يحوي أقوال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب وخطبه ورسائله، قام بجمعها وترتيبها الشريف الرضي (ت 404هـ) وقد شرحه كثيرون قبل ابن أبي الحديد، ويبدو أن ابن أبي الحديد لم يطلع إلا على شرح الراوندي، فتعرض له، ونقضه في مواضع يسيرة من شرحه.

يبدأ المؤلف كتابه بمقدمة بين فيها سبب تأليفه للكتاب. ثم يعرض لرأي أصحابه المعتزلة في جواز ولاية المفضول بوجود الأفضل، ولرأيهم في البغاة والخوارج، ثم يتبع ذلك بترجمة لأمير المؤمنين علي، مبيناً فيها نسبه وفضائله وخصاله. ويختم مقدمته بترجمة لجامع هذه الخطب الشريف الرضي.

ثم يبدأ شرحه ملتزماً بترتيب الشريف الرضي لأقوال علي بن أبي طالب، فكان هناك محاور ثلاثة: أولها الخطب والأوامر، وثانيها الكتب والرسائل، وثالثها الحكم والمواعظ، لكنه التزم في شرحه تقسيم الكلام إلى فصول. يشرح في كل فصل منها غريب الألفاظ والمعاني شرحاً دقيقاً, ثم يأتي بما يستدعيه ذلك من صرف وإعراب. ويورد ما يماثله من نثر وشعر. ثم يستطرد إلى ذكر ما يناسب ذلك من السير والوقائع والأحداث. ويشرح ما يقتضيه المقام من قضايا علم التوحيد والكلام، والأنساب والأمثال والأخبار والمواعظ. وهكذا يفعل في بقية الفصول.

وقد أدى منهجه هذا إلى انقطاع في تسلسل الأحداث والموضوعات مما اضطره إلى العودة إليها في مواضع أخرى من كتابه، ومن أمثلة ذلك حديثه عن موقعة صفين، وحديثه عن الخوارج، وقد حرص الشارح على إبراز مذهبه في الاعتزال والتشيع أثناء شرحه، فكان يذكر ما أورده قاضي القضاة عبد الجبار (ت 415هـ) في بعض المواقف. ورد الشريف الرضي عليه، مؤيداً موقف قاضي القضاة في معظم الأحيان، أو بموقف الشريف الرضي في أحيان قليلة.

والشرح بمجمله يمثل وجهة نظر المعتزلة، ولاسيما معتزلة بغداد، وهو يسجل آراءهم ومواقفهم من الأمور التي يعالجها الشارح في كتابه كذلك يعد هذا الشرح منجماً للأخبار والأحداث التي تمتد من الجاهلية إلى عصر المؤلف .وهو تاريخ مفصل للأحداث التي تلت وفاة الرسول r، ويتضمن تراجم لمشاهير هذا العصر، كما أنه يحوي تاريخاً وافياً للخوارج، وللزنج، وللتتار وغيرهم.

ويمكن القول: إن هذا الشرح موسوعة، تتفق مع اتجاه التأليف الموسوعي الذي شهده القرنان السابع والثامن للهجرة، وهو يحمل خلاصة ما في كتب الأدب والنقد، والتاريخ والسيرة، والفقه، والجدل وعلم الكلام والفلسفة، والزهد وغير ذلك.

إضافة إلى شرحه لـ «نهج البلاغة» نسبت إليه مؤلفات أخرى، ذكر معظمها ابن الفوطي في «معجز الأدب». وهي: «القصائد السبع العلويات» في التشيع، وفي النحو «الحواشي على كتاب المفصل» و«المستنصريات» ألفه للخليفة المستنصر (مخطوط). و«الفلك الدائر على المثل السائر» وهو نقد لكتاب ابن الأثير الجزري «المثل السائر في أدب الكاتب والشاعر»، وقد أهداه للخليفة المستنصر (مطبوع)،  وله في علم الكلام «انتقاد المستصفى للغزالي» و«شرح المُحصّل» لفخر الدين الرازي، و«نقص المحصول في علم الأصول» للفخر الرازي أيضاً، و«شرح الياقوت» لابن نوبخت، و«شرح مشكلات الغُرَر» لأبي الحسين البصري. وله في الفقه كتاب «الاعتبار على كتاب الذريعة في أصول الشريعة».

علي حيدر  

مراجع للاستزادة:

 

ـ ابن أبي الحديد، شرح نهج البلاغة، تحقيق محمد أبي الفضل إبراهيم (دار إحياء الكتب العربية، عيسى البابي الحلبي وشركائه 1378هـ/1959م).

ـ هبة الله الشهرساني: ما هو نهج البلاغة ؟ (مطبعة العرفان، صيدا).

ـ الكتبي ، فوات الوفيات (الذيل عليها) تحقيق إحسان عباس (دار صادر، بيروت).

- H.Laqust, Les Schismes dans l’islam (Payot, Paris 1965).

 


التصنيف : التاريخ
النوع : أعلام ومشاهير
المجلد: المجلدالثامن
رقم الصفحة ضمن المجلد : 109
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 2632
الكل : 45608685
اليوم : 9368

الدافعية والدوافع

الدافعية والدوافع   الدافعية motivation مصطلح عام يُستخدم للدلالة على العلاقة الديناميكية بين الكائن الحي وبيئته، ويشمل العوامل الفطرية والمكتسبة، الشعورية وغير الشعورية الخارجية والداخلية، وكل ما يدفع إلى النشاط الحركي أو الذهني. وهو لا يشير إلى حالة محددة بالذات، بل يستدل عليها من سلوك الكائنات الحية في المواقف المختلفة، لأن الكائنات الحية لا تستجيب للمواقف المتشابهة بالطريقة نفسها. ومع ذلك يمكن القول إن الدافعية هي جملة من الحوافز والبواعث الواعية وغير الواعية، قائمة في أصل سلوك الكائن، حيواناً كان أو إنساناً، ولكن السلوك الإنساني دون غيره يقوم على اختيارات واعية، وعلى دوافع يخضع لها اللاوعي.
المزيد »