logo

logo

logo

logo

logo

دار العهد

دار عهد

Dar al-A’hed - Dar al-A’hed

دار العهد

 

هي بلاد عقد أهلها الصلح بينهم وبين المسلمين على شيء يؤدونه عن أرضهم، يسمى خراجاً[ر. الخراج]، من دون أن تؤخذ منهم الجزية[ر] التي تفرض عادة على الأشخاص لا على الأرض. وتسمى أيضاً «دار الصلح» و«دار الموادعة أو المعاهدة».

هذه الدار لم يستول عليها المسلمون حتى يطبقوا فيها شريعتهم، ولكن أهلها دخلوا في عقد المسلمين وعهدهم على شروط اشترطت وقواعد عينت، فتحتفظ بما فيها من نظم وقوانين، وتكون شبيهة بالدول التي لم تتمتع بكامل استقلالها، لوجود معاهدة معقودة معهم، تجعلهم تابعين لغيرهم.

منشأ هذا الوصف

محمد بن الحسن الشيباني و الإمام الشافعي فهما أول من قرر هذا الوصف المتميز وتابعهما بعض الحنابلة فيه، يقول الإمام محمد في كتاب «السير الكبير»: المعتبر في حكم الدار: السلطان والمنعة في ظهور الحكم - أي الحكم الإسلامي - فإن كان الحكم حكم الموادعين كانت الدار دار موادعة، وإن كان الحكم حكم سلطان آخر في دار أخرى فليس لواحد من أهل هذه الدار حكم الموادعة. واتفق جمهور الفقهاء على أن دار العهد ليست دار حرب[ر] خلافاً للشيعة، وهل تعد دار إسلام[ر]؟ بعض فقهاء الحنفية عدّها كذلك لأنهم صاروا بالصلح أهل ذمة[ر] (عهد وأمان) ويمكن أخذ الجزية عن أشخاصهم. أما الشافعي ومحمد بن الحسن فلم يعدّاها دار إسلام بل دار موادعة لأنها خارجة عن دار الإسلام وإن كانت تعطى بعض أحكامها، فإن لها كياناً خاصاً قائماً بذلك يستحق أن يتميز باصطلاح خاص هو «دار الموادعة».

ومما يعدّ أصلاً لنشوء هذا المصطلح حالات «نجران» في اليمن، وبلاد النوبة (السودان) وصلح أرمينية فقد عقد النبي صلى الله عليه وسلم صلحاً مع نصارى نجران، أمّنهم فيه على حياتهم، وفرض عليهم ضريبة، قيل: إنها خراج (أي على الأرض) وقيل إنها جزية (أي على الأشخاص). وأهل النوبة: فقد احتفظوا باستقلالهم قروناً، من دون أن يتمكن المسلمون من فتح بلادهم، فعقد عبد الله بن سعد بن أبي سَرْح القرشي التابعي معهم عهداً ليس فيه جزية، وإنما كانت بينهم وبين المسلمين مبادلات تجارية. أما أهل أرمينية: فقد كتب لهم معاوية بن أبي سفيان عهداً أقر به سيادتهم الداخلية المطلقة، على أن يسالموا المسلمين.

نوعا العهد أو الصلح

على ضوء هذه الأصول ميز الفقهاء بين نوعين من الصلح:

النوع الأول: أن يصالح المسلمون غيرهم على أن الأراضي للمسلمين، لكن يقر أهلها عليها مقابل خراج يؤدونه. ويكون الخراج أجرة، لا يسقط ولو انتقلت الأرض لمسلم. وهذا صلح جائز بالاتفاق، وتعدّ الدار حينئذ دار إسلام وأهلها أهل عهد.

النوع الثاني: أن تكون الأراضي لغير المسلمين، ويفرض عليها الخراج، وهو في حكم الجزية، متى أسلموا سقط عنهم، ولا تصير أرضهم دار إسلام، وتكون دار عهد، ولهم بيعها ورهنها. وإذا انتقلت إلى مسلم، لم يؤخذ خراجها، ويقرون فيها ما أقاموا على الصلح، ولا تؤخذ منهم جزية، لأنهم في غير دار الإسلام. وقال أبو حنيفة: قد صارت دارهم بالصلح دار إسلام، وصاروا به أهل ذمة، تؤخذ جزية أشخاصهم.

وإذا نقضوا العهد، صارت دارهم دار حرب في رأي الشافعي والصاحبين من الحنفية (أبي يوسف ومحمد). وذهب أبو حنيفة إلى أنه إن كان في دارهم مسلم أو كان بينهم وبين دار الحرب بلد للمسلمين، فهي دار إسلام، على أهلها حكم البغاة، وإن لم يكن بينهم مسلم، ولا بينهم وبين دار الحرب بلد للمسلمين، فهي دار حرب.

وهبة الزحيلي

الموضوعات ذات الصلة:

 أهل الذمة ـ الجزية ـ الخراج ـ دار الإسلام ـ دار الحرب. 

مراجع للاستزادة:

ـ محمد بن إدريس الشافعي، الأم (لمطبعة الأميرية، مصر 1321هـ).

ـ محمد الشربيني الخطيب، مغني المحتاج إلى شرح المنهاج (مطبعة البابي الحلبي، مصر 1352هـ/ 1933م).

ـ علي بن محمد بن حبيب أبو الحسن البصري المارودي، الأحكام السلطانية (المطبعة المحمودية التجارية، مصر، بلا تاريخ).

ـ محمد بن الحسين الفراء أبو يعلى، الأحكام السلطانية (مطبعة البابي الحلبي، مصر 1357هـ).

 


التصنيف : الشريعة
النوع : دين
المجلد: المجلد التاسع
رقم الصفحة ضمن المجلد : 112
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 530
الكل : 31249550
اليوم : 74707

ياسبرز (كارل-)

ياسبرز (كارل ـ) (1883 ـ 1969 )   كارل ياسبرز (يَسْپَرْز) Karl Jaspers عالم نفس وفيلسوف ألماني، والممثل الأكبر للوجودية[ر] الألمانية بعد مارتين هايدغر [ر]، وإن كان قد رفض هذه التسمية. ولد في أولدنبورغ Oldenburg لعائلة ثرية محافظة متأثرة بالثقافة السياسية التحررية لألمانيا الشمالية، صبغت أفكاره بطابع ديمقراطي تحرري وبنفحة دينية متشددة. تُوفي فِّي بال Basel (سويسرا). حظي برعاية خاصة من ذويه بسبب مرضه منذ الطفولة بالرئتين ثم بنقص التروية. وهذا أثّر بصورة مباشرة في توجهه الفكري نحو العلوم الإنسانية، فاهتم منذ الصغر بالفلسفة، وكان يرهب اتخاذها حرفة في الحياة، فتوجه إلى دراسة علم النفس وطب الأمراض العقلية psychiatry، وحاز الدكتوراه من جامعة هايدلبرغ Heidelberg عام 1908، وعيّن أستاذاً لعلم النفس سنة 1916، ثم أستاذاً للفلسفة سنة 1921 في الجامعة نفسها إلى أن أقصته الحكومة النازية عن التدريس في الجامعة بدعوى أن زوجته يهودية، ولم يعد إلى الجامعة إلا بعد انتهاء الحرب سنة 1945.
المزيد »