logo

logo

logo

logo

logo

بولندة(العمارة والفنون)

بولنده(عماره وفنون)

Poland - Pologne

العمارة والفنون

 

ولد فن العمارة في بولندة إثر استقرار الحياة فيها بين القرنين السادس والتاسع الميلاديين، وظهرت الأبنية الضخمة المسورة، والكنائس التي تعتمد نظام المركزية، لتجتمع في النصف الأول من القرن الحادي عشر الطرز البيزنطية والإسلامية في الطراز الرومي Romanesque تعبيراً عن حاجات مجتمع القرون الوسطى ومعتقداته، فاستخدمت الأقواس والعقود، واتسع شعاع دائرة البحث والتنوع.

تعد الحقبة مابين القرن الثاني عشر وبداية القرن الثالث عشر قمة النهضة المعمارية الرومية في بولندة، ويتمثل ذلك في الكاتدرائيتين الموجودتين في كراكوف Krakow، وفي كاتدرائية بوزنان، وغنيزنو التي تحمل اسم المدينة، وتعود إلى الربع الأخير من القرن الثاني عشر، والكنيسة الدومينيكانية، المبنية من الطوب الفخاري.

وبتأثير الحروب الصليبية وتفاعلاتها، تطور الطراز المعماري الرومي وازدهر ليشمل فنوناً أخرى مثل اللوحات الجدارية والنحت وتصميم الأثاث والفنون التطبيقية،وهيمنت الكنيسة على الإبداعات الأدبية والتشكيلية والموسيقية واحتكرتها لمعرفتها بما للفن من نفوذ وسلطان، وصارت المنحوتة البارزة أساساً لما يسمى بـ «إنجيل الفقراء»، الهدف منها التعليم بالطريقة المرئية للمشاهد التاريخية من وجهة نظر دينية، فشهدت المنحوتة الحجرية، جراء ذلك، عصرها الذهبي، وازدهرت بازدهار الأوابد ومنحوتاتها ذات الطابع التعليمي والتزييني، وأشكالها الإنسانية والنباتية. ومن الجدير بالذكر، في هذا المجال أيضاً، الباب البرونزي لكاتدرائية غنيزنو المؤلف من درفتين تضمان ثماني عشرة لوحة نحتية بارزة تمثل مراحل حياة القديس فويتشخ ووفاته.

ومع ازدهار العمارة الرومية إبان القرن الثالث عشر، وانتشارها في جميع الأصقاع البولندية، بدأت بعض العناصر القوطية الوافدة من فرنسة، مروراً بألمانية والتشيك، تندمج في بنية هذه العمارة ونسيجها، فاستخدمت مواد جديدة مثل الطوب المشوي، الذي حل محل الخشب، والكتل الصخرية، مما أضفى على الكتلة المعمارية البساطة في هيئتها وحلتها.

 

 

توزع الطراز القوطي في شمال البلاد وجنوبها. ففي الشمال الذي يضم ساحل البلطيق حتى حدود ليتوانيه، ويمتد في اتجاه الداخل حتى مقاطعة بولندة العظمى ومازوفشه، اتسم الطراز القوطي بالبساطة والتواضع، ومثال ذلك الكنيسة المريمية في مدينة غدانْسك وكنائس مدينة تورون. أما الطراز القوطي في جنوب البلاد الذي يضم مقاطعة سيليزية وبولندة الصغرى، فقد امتاز بالجمع بين الحجارة واللبنة الفخارية، وبانعدام الأقواس الحاملة، ومثال ذلك الكنيسة المريمية في مدينة كراكوف. ومن الممكن الحكم على الطراز، في بولندة، بالبساطة والتقشف من ناحية، وبالمتانة والرسوخ من ناحية أخرى.

أثرت العمارة في فروع الفنون الأخرى، وفي ميدان تخطيط المدن خاصة، ويلاحظ ذلك في تكامل مدينة كراكوف وانسجامها، وفي شوارعها وأسوارها، وفي الأضرحة النحتية، الحجرية منها والبرونزية.

ظهرت ملامح عصر النهضة بطرازه الاتباعي Classicism على الأرض البولندية نحو عام 1505 وتوضحت الهوية المعمارية الجديدة في تحريك الكتلة شاقولياً بدلاً من امتدادها أفقياً، وفي تحويل الأقواس إلى نصف دائرية، وتزيين أعالي الأبنية بالمنحوتات والعناصر الزخرفية. وكان القصر الملكي فافل Wawel الذي وضع مخططه فرنشيسكو الفلورنسي، الممثل الأول لهذا الطراز الجديد، الذي أثر في مباني وقصور حكام المقاطعات والإقطاعيين، وانتشرت، إضافة إلى ذلك، ظاهرة جديدة تمثلت ببناء المقرات الصيفية، وتسخيرالطبيعة لخدمة العمران...ومع نهاية هذه الحقبة ظهر الاتجاه التكلفي ومبالغاته في استخدام العناصر الزخرفية وتكرارها.

لم يستقبل أي طراز فني استقبال الباروك[ر] على الأرض البولندية، إذ انتشر، في المدن والقرى، انتشاراً واسعاً حتى كاد يشكل والمنظر الطبيعي البولندي كلاً واحداً. قدِم الباروك إلى بولندة في القرن التاسع عشر، مروراً بمدينة غدانْسك وسيليزية. والباروك البولندي، متواضع وبسيط، إذا ماقورن بالباروك الأوربي، ومثال ذلك كنيسة القديسة آن في مدينة كراكوف، وقصر فيلانوف الذي بناه الملك سوبيسكي. وفي عهد الساسيين ,Sasow تأثر الباروك بالدريزدنية، وبدأت تظهر على السطح ملامح النحت القومي وتصديه للقضايا التاريخية وأمجاد الماضي.

ولدت فنون القرن التاسع عشر في خضم الحروب النابليونية، وانتهت على أبواب الحرب العالمية الأولى، وهي فنون طابعها التقلب والبحث الحثيث عن الجديد، فظهرت اتجاهات متنوعة بدأت بالاتباعية المحدثة ثم الإبداعية Romanticism والواقعية، واختتمت بالانطباعية، وخسرت العمارة ريادتها واحتل التصوير الصدارة.

ساعد احتلال بولندة، في القرن التاسع عشر، في إذكاء الروح الوطنية وإحياء الأمجاد القومية والتاريخية. وهيمن الطراز الاتباعي المحدث بمجموعة آثاره المعمارية مثل: قصر ساشيتس، والمسرح العظيم في مدينة وارسو للمعمار برون. وباتجاه العمارة نحو التاريخ، سيطر الطراز القوطي المحدث، بينما سادت طرز عصر النهضة المحدثة في العمارة المدنية.

في بداية القرن التاسع عشر هيمن فنانون أجانب على النحت وكان النحات الدنمركي تهور فالدْهن واحداً منهم، ومن أشهر أعماله النصب التذكاري للعالم نيقولاي كوبرنيكوس، وتمثال الفارس للأمير يوسف بونياتوفسكي. واشتهر من النحاتين المحليين يعقوب تتاركيفيتش، وفاديسواف أولتشينسكي الذي صمم ونفذ النصب التذكاري للشاعر البولوني آدم ميتسكيفيتش، كما اشتهر نحاتان بولنديان خارج الحدود، وهما برودزكي ومارسيل غويسكي.

رجحت كفة المنحوتة التقليدية بعد الحرب العالمية الثانية، وانتشرت معها التعبيرية والتجريدية والبنائية المثقلة بالخيالية المجازية. ومن أشهر فناني تلك الحقبة: ماريان فنوك، وألفونس كارني، وغوستاف زموا، وفوادسواف هاشور.

تطورت العمارة البولندية في مطلع القرن العشرين، وتبلورت اتجاهات عدة كان من أبرزها المنهج التزييني المتمثل في الأعمال التي قدمها المعماريون مثل المعمار: ي. تشايكوفسكي الذي صمم الجناح البولندي في معرض الفنون التزيينية في باريس عام 1925، كما شاعت في هذه المرحلة العمارة الرسمية المتمحورة حول الاتجاه الاتباعي المحلي المحدث التي تميزت بالضخامة والحضور النصبي.

وترعرعت في الفترة مابين الحربين العالميتين العمارة الطليعية، وازدهرت بفضل مجلة «بلوك» التي نشرت آراء الفنانين والمعماريين ومنظري الفنون، وروجت لها. وقد سعى هؤلاء إلى الربط بين الراديكالية الاجتماعية، والتجديد في العمارة والفنون، وإلى الجمع بين المعاني الوظيفية والبنائية، ونادوا بالتغيير وتوظيف العمارة وتفعيلها اجتماعياً.

انتصرت النزعات الحديثة على الرغم من تمسك بعض الفنانين بالأساليب القديمة، ووضعت مفاهيمها الطليعية في اتجاهين اثنين: الرمزي والانطباعي، وبرز في المدة مابين الحربين العالميتين النحاتان قسطنطين لاشجكا وك. دونيكوفسكي اللذان تتلمذت لهما أجيال عدة من النحاتين. وهنا لابد من التذكير بتأثير النزعات الأدبية في النحت، وبظهور الاتجاه الشكلاني Formism، وميله إلى التشكيل الهندسي والدينامي، وإلى تفعيل التضاد بانتهاج التحليل الكريستالي.

من الممكن تقسيم الأساليب المعمارية بعد الحرب العالمية الثانية إلى ثلاث مراحل أساسية: المرحلة الأولى (1945-1950) وتميزت بما حملته من خصوصية التجارب المحلية، وبإفادتها من أحدث ماقدمته العمارة الأمريكية والغرب الأوربي، وميلها إلى كل ما هو نصبي. والمرحلة الثانية (1950 -1955) وتميزت بعودة النزعة الاتباعية متمثلة في الاتجاه الاشتراكي. وجاءت المرحلة الثالثة بعد عام 1955 وفيها تمحورت العمارة الحديثة الخاضعة للقوانين الاستعمالية والاقتصادية، وتميزت بغياب المظاهر التاريخية لتحل محلها الصيغ الحديثة المتواكبة مع الطروحات العالمية. ومن أشهر أعمال هذه الحقبة: الصالة الرياضية، وفندق فيكتوريا، والمحطة المركزية للقطارات، ومكتبة الأسد في مدينة دمشق التي نفذتها مؤسسة الإسكان العسكرية. ولابد هنا من التذكير بمجموعة الخبراء المعماريين والأساتذة البولنديين المبدعين من أمثال جارسكي، ونرفينسكي اللذين ساهما إبان وجودهما في جامعتي دمشق وحلب في مطلع السبعينيات، في بناء جيل معطاء من السوريين في ميداني العمارة وتخطيط المدن.

انتشرت الأعمال النصبية انتشاراً واسعاً، وعالجت قضايا إنسانية تدور حول التعذيب والبطش والمعاناة داخل معسكرات الاعتقال. فكان الاتجاه واقعياً في مطلع الخمسينيات، ومن أشهر ممثليه: كسافيري دونيكوفسكي «نهضة سيليزيا على جبل القديسة آن«، وماريان فنوك «الأخوّة السوفييتية البولندي «، وماريان كونيتشني «أبطال وارس «، وزموا «أبطال النهضة السيليزية«، و»الشهداء لايقهرون«. ونفذ النحاتان دوشنكو وهاؤوبْت عملهما على أرضية معسكر الاعتقال باستخدام خامة الحجر الطبيعي ووزعاها على مساحة مقدارها أربعة عشر هكتاراً. أما النحات فوادسواف هاشور فقد استخدم، لتنفيذ أعماله، الكثير من المواد المتنوعة كالبيتون والمعادن والزجاج والماء والهواء والنار.

 

أحمد الأحمد

 

 


التصنيف : العمارة و الفنون التشكيلية والزخرفية
النوع : عمارة وفنون تشكيلية
المجلد: المجلد الخامس
رقم الصفحة ضمن المجلد : 585
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 1078
الكل : 40533643
اليوم : 63458

البيضاوي (عبد الله بن عمر-)

البيضاوي (عبد الله بن عمر ـ) (نحو 600 ـ 685هـ/1203 ـ 1286م)   أبو سعيد عبد الله بن عمر بن محمد بن علي البيضاوي الشيرازي الفارسي، ناصر الدين، قاض، فقيه، وأصولي شافعي ومفسّر مشهور. ولد في البيضاء، وهي بلدة كبيرة من توابع شيراز، من أسرة تتالى فيها القضاة والعلماء. أخذ العلم عن أبيه الذي انتقل إلى شيراز فعينه حاكمها قاضي القضاة في المدينة التي كانت حافلة بالعلماء، فأخذ عنهم البيضاوي حتى نبغ في العلوم.
المزيد »