logo

logo

logo

logo

logo

الزكاة

زكاه

Zakat - Zakât

الزكاة

 

هي خامس أركان الإسلام التي أجملها النبيr في قوله: «بني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، وحج البيت» (رواه الشيخان)، وقد اقترن ذكرها مع الصلاة التي تمثل عماد الدين في اثنين وثمانين موضعاً في الكتاب الكريم.

شرعت في السنة الثانية من الهجرة النبوية لتحقيق أنواع من التوازن والأمن النفسي والخلقي والاجتماعي؛ لأن معناها الاصطلاحي يلتقي مع معناها اللغوي وهو الطهارة والنماء، فالمتصدق يشعر بالارتياح والسعادة والرضا حين يجد آثار رضا الخالق والمخلوقين وتتطهر نفسه من آفات الأنانية والشح والبخل، ويتعود الكرم والسماحة والسخاء، ويسهم مع سائر الميسورين في تحقيق التكافل الاجتماعي، ويمنع أسباب الجرائم والفساد والعدوان، باستئصال جذور الفاقة والحرمان.

فالزكاة المفروضة تمثل مع الواجبات المالية الأخرى، كصدقة الفطر والنذور والأضاحي والهدايا والفدية والكفارات الجانب الإلزامي للإنفاق والبذل الواجب في سبيل الله، وتعمل جنباً إلى جنب مع الإنفاق التطوعي في اجتثاث أسباب الفقر والحرمان، هذا الجانب الذي يبدأ في أدنى مراتبه بالتصدق المطلق بأي قدر ومن أي مورد كان، دل عليه قوله تعالى: )آلم، ذَلِكَ الكِتَابُ لَا رَيبَ فِيهِ هُدى لِلمُتَّقِينَ الذِينَ يُؤمِنُونَ بِالغَيبِ ويُقِيمُونَ الصَّلاةَ ومِمَّا رَزَقنَاهُم يُنفِقُونَ( (البقرة 1ـ2 ـ3).

ثم يرقى بعد ذلك إلى بذل الفضول (الزائد) من الأموال، كما جاء في الصحيح: «من كان معه فَضْل ظهر، فليعُدْ به على من لا ظهر له، ومن كان له فضل من زاد فليعُدْ به على مَنْ لازاد له». قال الراوي: «فذكر من أصناف المال ما ذكر حتى رأينا أنه لا حق لأحد منا في فضل».

ثم يرقى البذل على مستوى المؤاخاة واقتسام الأموال بين المتآخين، كما تحقق ذلك لأول مرة بين الأنصار وإخوانهم المهاجرين في المدينة المنورة.. ثم يرقى البذل إلى مستوى المواساة، وهي جمع الأموال ثم اقتسامها بين جميع أفراد الجماعة بالسوية، وفي هذا ورد قوله عليه الصلاة والسلام: «إن الأشعريين ـ قوم من أهل اليمن ـ إذا أرملوا ـ صاروا في ضائقة وشدة ـ جمعوا ماعندهم من الأزواد ثم اقتسموه بينهم بالسوية، فهم مني وأنا منهم».

ثم يرقى البذل التطوعي إلى القيمة المتمثلة في الإيثار، وهو التصدق بما هو محتاج إليه ابتداء من الكماليات إلى الحاجيات إلى الضروريات، وفيه خبر البيوت التسعة من أهل الصُّفَّة، وقد دار عليها رأس خروف مشوي حتى عاد إلى البيت الأول، وكل منها يؤثر جاره وأخاه على نفسه مع شدة حاجته إليه، وخبر الجرحى الثلاثة في معركة اليرموك حين تدافعوا جرعة ماء وهم في الرمق الأخير إلى أن ماتوا جميعاً ولم يشربها واحد منهم.

وهكذا عمل الجانبان، الإلزامي والتطوعي، على اقتلاع جذور الفقر والفاقة والحرمان وكل الآثار السيئة التي تترتب عليها. روى أبو عبيد في كتابه «الأموال» أن معاذ بن جبل بعث إلى عمرt بثلث صدقة الناس، فأنكر ذلك عمر وقال: »لم أبعثك جابياً ولا آخذ جزية، ولكن بعثتك لتأخذ من أغنياء الناس فترد على فقرائهم، فقال معاذ: «ما بعثت إليك بشيء وأنا أجد أحداً يأخذه مني»، فلما كان العام الثاني، بعث إليه بشطر الصدقة، فتراجعا بمثل ذلك، فلما كان العام الثالث بعث إليه بالصدقة كلها، فراجعه عمر بمثل ما راجعه قبل ذلك، فقال معاذ: «ما وجدت أحداً يأخذ مني».

ويقول يحيى بن سعيد: «بعثني الخليفة عمر بن عبد العزيز لجمع الزكاة في إفريقية فجبيتها وطلبت فقراء أعطيها لهم فلم أجد من يأخذها منا، فقد أغنى عمر بن عبد العزيز الناس فاشتريت بها رقاباً فاعتقتهم».

وعن عليt قال: قال رسول اللهr: «إن الله فرض على أغنياء المسلمين في أموالهم بقدر الذي يسع فقراءهم ولن يجهد الفقراء إذا جاعوا وعرُوا إلا بما يصنع أغنياؤهم، ألا وإن الله يحاسبهم حساباً شديداً ويعذبهم عذاباً أليماً». ولا غرابة بعد هذا أن يجمع الصحابة رضوان الله عليهم في عهد الخليفة أبي بكرt على قتال مانعي الزكاة.

من أدلة فرضيتها

من القرآن الكريم: قوله تعالى: )خُذ مِن أَمَوالِهِم صَدَقَةً تُطَهِرُهُم وَتُزَكِيهِم بِهَا( (التوبة103) ومن الحديث الشريف، جاء في وصية النبي صلى الله عليه وسلم لمعاذ بن جبل حين بعثه والياً على اليمن قوله صلى الله عليه وسلم:«... وأخبرهم أن الله قد فرض عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم فترد على فقراؤهم، فإن هم أطاعوك بذلك، فإياك وكرائم أموالهم...»،رواه الشيخان).

وقد ورد الوعيد على تركها، والترغيب بفعلها في نصوص كثيرة، فمن الوعيد قوله تعالى: )... وَالَّذِينَ يَكنِزُونَ الذَّهَبَ والفِضَّة ولَا يُنفِقُونَهَا في سَبِيلِ اللهِ فَبَشِرهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ، يَومَ يُحمَى عَلَيهَا في نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكوَى بِهَا جِبَاهُهُم وجُنُوبُهم وظُهُورُهُم هذَاَ مَا كَنَزتُم لِأنفُسِكُم فَذُوقُوا مَا كُنتُم تَكنِزون( (التوبة34ـ35) ومن الترغيب: قوله صلى الله عليه وسلم: «ما تصدَّق أحد بصدقة من طيِّبِ ـ ولا يقبل الله إلا الطيِّب ـ إلا أخذها الرحمن بيمينه، وإن كانت تمرة فتربو في كف الرحمن حتى تكون أعظم من الجبل، كما يُربي أحدكم فَلُوَّه ـ ولد الفرس ـ أو فصيله ـ ولد الناقة». (رواه الشيخان) وزاد الترمذي: تصديق ذلك في كتاب الله عز وجل )يَمحَقُ اللهُ الرِبَاْ وَيُربِي الصَدقَاتِ واللهُ لايُحِبُ كُلَّ كَفَّارٍ أَثيمٍ( (البقرة 276).

الأموال التي تجب فيها الزكاة أنواع، وهي:

1ـ النقود بجميع أنواعها من الذهب أو الفضة أو الأوراق النقدية على اختلاف أجناسها.

2ـ عروض التجارة: وهي تشمل كل ما يعرض للبيع والاستثمار من أموال، ويدخل فيها سائر الأغذية والأدوية والأجهزة والأدوات والأثاث والمراكب والكتب والمساكن والأراضي وأدوات الزينة والورود والحيوانات وسائر الأصناف الداخلة في سوق التجارات.

3ـ الأنعام: وتشمل الإبل والبقر والجاموس والماعز والأغنام.

4ـ المحاصيل الزراعية وثمار الأشجار والكروم.

5ـ المعادن والثروات المستخرجة من باطن الأرض.

6ـ الركاز: أي الأموال المدفونة في الأرض وقد انقرض أهلها.

7ـ العسل: المستخرج من خلايا النحل في الحقول أو الجبال، في رأي بعض الفقهاء خلافاً للجمهور.

أوصاف الأموال الواجب فيها الزكاة:

1ـ لابد أن تكون زائدة عن حاجة الإنسان وحاجة عياله، فإن كانت مشغولة بها، كالمسكن الخاص والأثاث المستعمل والطعام والشراب المعدّ للاستهلاك والكتب اللازمة للمطالعة والدراسة والمراكب الشخصية والأدوات اللازمة له في بيته أو مكتبه أو حرفته وصنعته فهي خارجة عن نطاق التكليف.

2ـ أن تكون نامية حقيقة أو تقديراً: والنماء الحقيقي، بأن تزيد كماً وكيفاً بالحجم والعدد والوزن عن طريق التجارة أو التوالد أو الزراعة أو التسمين. والنماء التقديري:هو قابلية المال للزيادة فيما لو استثمر بالفعل، كالنقدين وسائر الأوراق النقدية فيما لو ادخرها مالكها ولم يستثمرها بالفعل لا بالتجارة ولا الزراعة ولا الصناعة فإنها تعدّ نامية حكماً، لأنها أثمان بالخلقة، ويجب زكاتها ولو لم تستثمر، وكما لو كان عنده أكثر من نصاب من عروض التجارة بقيمة نصف مليون مثلاً وفي نهاية العام وجد قيمتها ثلث مليون بخسارة مائتي ألف تجب الزكاة على الباقي،على الرغم من وجود الخسارة، لأنها أموال تجارة تزيد على النصاب، والنماء فيها مقَّدر.

3ـ من الأموال ما يشترط فيه بلوغ نصاب معين، فلا تجب الزكاة فيما دونه كالنقود والعروض التجارية، والأنعام بالاتفاق، والزروع والثمار عند بعضهم، ومن الأموال ما يشترط فيه الحول، فلا تجب الزكاة قبل تمامه، كالنقود والعروض والأنعام ومنها ما يشترط له الحول كالمعادن والركاز بالاتفاق.

4ـ اشترط الحنفية في الأنعام على وجه الخصوص أن تكون سائمة (ترعى في المراعي المباحة)، وأن يقصد من رعيها الدر والنسل والزيادة، فلو كانت علُوفة وهي التي لا ترعى في المراعي العامة معظم الحول وإنما يتكلف صاحبها نفقات رعيها، وكذا لو كانت سائمة للحمل أو الركوب أو العمل بالفلاحة والسقي وما إلى ذلك، فلا زكاة عليه خلافاً للمالكية إلا إذا كانت بغرض التجارة ففيها الزكاة بالاتفاق.

5ـ اشترط الحنفية أن يكون المال الواجب فيه الزكاة مملوكاً ملكاً تاماً بأن يكون تحت يده، قادراً على التصرف فيه، ولم يتعلق به حق للغير، فلا زكاة في المال إذا كان مستغرقاً بالديون، أو كان غير قادر على التصرف فيه، أو غير مملوك له ملكاً تاماً كالمال المرهون، والمال بيد المكاتب (الذي كاتبه سيده للتحرر على أقساط)، والديون التي ينكرها المدين، أو كان عاجزاً عن الوفاء بها أو المال الضائع في مكان لا يطمع في الوصول إليه، ولم يشترط ذلك آخرون وهم الشافعية، فأوجبوا الزكاة في مال المدين على الدائن، لأنه مالك للمال، وعلى المدين، لأنه في يده كما أوجبوا الزكاة في مهر المرأة المؤجل.

6ـ القدر الواجب إخراجه في الزكاة يختلف تبعاً لنوع المال، ففي النقود وعروض التجارة ربع العشر، وفي المحاصيل الزراعية التي تسقى بماء السماء العشر، وفي التي تسقى بالآلات وتحتاج إلى نفقات نصف العشر وفي المعادن والركاز: الخمس وفي الأنعام أعيان منها، وأجاز الحنفية إخراج القيمة خلافاً لجمهور العلماء.

7ـ اتجه نظر جمهور العلماء إلى مال الزكاة، فإذا بلغ النصاب المقدر لكل مال وجبت فيه الزكاة بصرف النظر عن مالكه، على حين اشترط الحنفية أن يكون مالكه بالغاً عاقلاً، فإن كان صغيراً أو مجنوناً لم تجب في ماله الزكاة، لأنها عبادة وهما غير مكلفين بها. وحجة الجمهور أن النبيrخطب الناس فقال: «ألا من ولي يتيماً له مال فليتجر فيه ولا يتركه حتى تأكله الصدقة» (رواه الترمذي والشافعي والدارقطني).

مصارف الزكاة

1ـ مصارف الزكاة ثمانية حددها قول الله تبارك وتعالى: )إِنَمَّا الصَدَقاتُ لِلفُقَرَاءِ والمَسَاكِينِ والعَامِلينَ عَلَيهَا والمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُم وَفِي الرِّقَابِ والغَارِمِينَ وَفِي سَبِيِل اللهِ وابنِ السَّبِيل( (التوبة60).

والعاملون عليها: هم الجابي والساعي لتحصيلها والعاشر والكاتب والمحاسب وغيرهم. والمؤلفة قلوبهم: هم الذين تدفع لهم الزكاة ليدخلوا في الإسلام، والذين دخلوا على ضَعْف ويراد تثبيتهم، أو الذين يراد دفع أذاهم، ومَنْعُ عمرt صرف هذا السهم إليهم لايعني نسخه، وإنما هو فهم راعى فيه روح النص وأن الذين طلبوه لم ينطبق عليهم معنى التأليف المقصود في النص. أما الرقاب: فهم العبيد الذين يحررون بمال الزكاة. والغارمون: هم الذين لزمتهم ديون، أو تحملوها بسبب الإصلاح بين الناس وحل المنازعات ولإطفاء نار الفتنة. وفي سبيل الله: المراد به المجاهدون، أو المنقطعون للجهاد، أو المنقطعون في طريق الحج أو للدعوة إلى الله تعالى بالحال والمقال والقلم. وابن السبيل: يراد به المسافر في الأغراض المأذون بها والمشروعة أو للطاعات وانقطعت به النفقة، فلم يجد ما يوصله إلى غرضه أو بلده.

2ـ اشترط الفقهاء لصحة الزكاة التمليك للفقير، فلا تكفي الإباحة ولا المسامحة ولا الإسقاط عن المدين، وذلك لقوله تعالى: {وآتوا الزكاة}، وبناء على هذا الشرط لا يجوز إنفاقها في تجهيز ميت أو تكفينه، ولا صرفها في بناء المساجد والمشافي والمدارس ولا القناطر والجسور. وقد اتجه بعض المتأخرين إلى إطلاق معنى (في سبيل الله) ليشمل كل ما يحقق النفع العام ولو بلا تمليك لأحد.

3ـ واشترطوا في المستفيد منها الإسلام، فلا يصح إعطاؤها للكافر، لقوله صلى الله عليه وسلم: «تؤخذ من أغنيائهم فترد على فقرائهم» إلا المؤلفة قلوبهم، فلا يشترط فيهم الإسلام خلافاً للشافعية.

4ـ منع أبو حنيفة صرف الزكاة للأصول كالأب والجد وللفروع كالابن والبنت ومانزل منهما، ولمن بينهما زوجية وذلك للاشتراك في المنافع عادة بين هؤلاء. وقد رخص الشافعي والصاحبان من الحنفية دفع الزوجة زكاتها لزوجها إن كان معسراً؛ لأنها لا تجبر على نفقته.

محمد هشام برهاني

مراجع للاستزادة:

 

ـ محمد أمين بن عمر بن عابدين، رد المحتار على الدر المختار (المطبعة الكبرى ببولاق، مصر 1272هـ/1855م).

ـ علي بن خلف المنوفي المالكي المصري، كفاية الطالب الرباني على رسالة ابن أبي زيد القيرواني (مكتبة الخانجي، مصر 1407هـ/1987م).

 


التصنيف : الشريعة
النوع : دين
المجلد: المجلد العاشر
رقم الصفحة ضمن المجلد : 372
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 605
الكل : 31796052
اليوم : 71513

الحيوية (مذهب-)

الحيوية (مذهب -)   المذهب الحيوي vitalism تيار مثالي في علم الحياة، يُرجع العمليات الحيوية في الكائنات الحية إلى عوامل لا مادية يطلق عليها بعضهم اسم القوة الحيوية life force أو المبدأ الحيوي vital priniciple أو الكمال (الانتلخيا) entelechy أو الدفعة الحيوية elan vital أو الجوهر شبه النفسي psyshoid، أو الدوافع الفعالة في التكوين formulative Impulses أو الحرارة الحيوانية animal heat أو الكهرباء الحيوانية animal electricity. ويرى أصحاب هذا المذهب أن ظواهر الحياة في الكائن الحي لا تفسر بالظواهر الفيزيائية أو الكيميائية بل لابد من اعتبار مبدأ يخصها تستند إليه.
المزيد »