logo

logo

logo

logo

logo

التدجين

تدجين

Domestication - Domestication

التدجين

 

التدجين domestication هو عمليات إعادة التشكيل الوراثي لبعض الكائنات لجعلها متأقلمة مع الإنسان من جهة، ومع بيئتها المتغيرة عبر آلاف السنين من جهة أخرى.

لمحة تاريخية

تكونت علاقة وثيقة بين الإنسان والحيوان منذ القدم، فقد اعتمد الإنسان القديم على الحيوانات مصدراً للغذاء والكساء، وهنالك أدلة على ذلك في اللوحات المرسومة التي تعود إلى العصر الحجري القديم (الباليوليتي) Paleolithic Age في كهوف في جنوبي فرنسة. وقد باشر إنسان العصر الحجري الأوسط (الميزوليتي) Mesolithic period (المهتم أساساً بالصيد وجمع النباتات البرية لغذائه)، بتدجين الكلاب والضأن والماعز منذ نحو9000 سنة قبل الميلاد، وأصبح ذلك أكثر تحديداً إبان العصر الحجري الحديث (النيوليتي) Neolithic period إذ ظهرت أشكال بدائية من الزراعة نماذج للنشاط الاجتماعي. ولم يعرف تدجين بعض الحيوانات كالأرانب مثلاً، حتى العصور الوسطى Middle ages.

وعلى هذا فقد كان التدجين من أهم أعمال الإنسان في صراعه الطويل من أجل البقاء، وقام بذلك للاستفادة من لحوم الحيونات ومنتجاتها الأخرى واستخدامها في الانتقال وحمل الأثقال، ثم في جر العربات والعمليات الزراعية وفي الرياضة والتسلية. وطرأت تغيرات بيولوجية كثيرة على الحيوانات إبان أعمال تدجينها فصارت مختلفة عن أجدادها البرية، وانقرض بعضها نهائياً.

 وكان للبيئة أثر مهم في التدجين. فاستخدم الجاموس المائي حيواناً للجر في جنوب آسيا لتأقلمه مع الحرارة والرطوبة المرتفعتين، في حين استخدمت حيوانات الفصيلة الخيلية في مناطق ذات ظروف بيئية معتدلة، ويعيش البقرالهندي في مناطق مرتفعة الحرارة لا تستطيع الأبقار الأوربية العيش فيها بنجاح.

وتعرضت الحيونات منذ بداية التدجين قبل زهاء 10000 سنة إلى تغيرات مهمة أدت إلى ازدياد الفروق بين العروق والسلالات الحيوانية ضمن النوع الواحد، وفاقت الفروق بين الأنواع المختلفة التي كانت تعيش تحت الانتخاب الطبيعي.

الأبقار

تقسم عروق الأبقار المنحدرة من الثور البري Bos primigenus إلى ثلاثة نماذج: الحليب، واللحم، وثنائية الغرض. ويعتقد بأنها دجنت منذ نحو 4000 سنة ق.م في جنوب شرق  أوربة وجنوب شرق آسيا.

كان الهدف الرئيسي من الأبقار في العصور الغابرة هو الحصول على لحومها وجلودها واستخدامها في العمل ولم تكن الأبقار في بداية مراحل تدجينها تنتج من الحليب إلا ما يكاد يكفي لإرضاع مواليدها وحدثت الثورة الإنتاجية الكبيرة في إنتاج الحليب واللحوم من عروقها المتخصصة في القرون القليلة المنصرمة، مع التقدم التدريجي في معارف المربين وتحسين الحيوانات وظروفها البيئية المختلفة.

تعود رسوم تتعلق بالحلابة إلى نحو 3000سنة ق.م وقد وجدت في كل من العراق ومصر. ويعتقد بعض العلماء أن الماشية الهندية (الزيبو Zebu cattle) دجنت نحو3000 سنة ق.م في مناطق من الهند. ومن الابتكارات التي استخدمت في الوقت نفسه في البلدين المذكورين يمكن الإشارة إلى ظهور المحراث والعربات التي تجرها الثيران المخصيّة في ذلك الوقت تقريباً في العراق.

ويزيد تعداد الأبقار في العالم على مليار رأس يعيش نصفها في أمريكة الجنوبية وأوربة والهند ودول الاتحاد السوفيتي السابق. منها عدد كبير من العروق ذات الصفات الإنتاجية الجيدة [ر. الأبقار].

الضأن والماعز

ينتمي الضأن Sheep والماعز Goats إلى الفصيلة البقرية Bovidae وتشير دراسات أثرية إلى أن الضأن تلا الكلاب في التدجين. وقد وجدت عظام ضأن في العراق يعود عمرها إلى نحو9000 سنة ق.م، وتلا الماعز الضأن نحو7000 سنة ق.م. ويعتقد أن تدجين النوعين المذكورين بدأ في تلك المنطقة، وصورها قدماء المصريين في معابدهم وقبورهم، حيث مثّل أحد آلهتهم المسمى «آمون رع» بإنسان له رأس كبش يحمل فوقه قرص الشمس. كان الهدف الرئيس من تدجين الضأن والماعز هو الاستفادة من لحومها، ولم تكن الأغنام تمتلك آنذاك صوفاً، وتطورت منتجاتها المختلفة عبر آلاف السنين. ويتوفر منها نحو بليون رأس منتشرة في معظم أرجاء العالم ولها أهمية زراعية كبيرة في غالبية البلدان العربية لما للضأن من قدرة على تحمل الشروط البيئية القاسية والعيش في مناطق لا تصلح أساساً للزراعة. ويقدر أن أعداد الماعز تبلغ نحو 40٪ من تعداد الضأن، ومنها ما يعيش في مناطق مشابهة لمناطق عيش الضأن كما هي الحال في بلدان إفريقية، أو ما يعيش في مناطق جبلية فاكتسب اسمه منها، أو ما هو مرتفع الإنتاج مثل الماعز الشامي الذي يتطلب شروط بيئية جيدة ليتمكن من توفير إنتاج وفير من الحليب.

الخيـول والحميـر لا يعرف على وجه التحديد متى وأين دجنت الخيول، وقد عثر على لوحة فخارية تمثل الخيول وتعود إلى نحو 4000 سنة ق.م في عيلام في العراق. وكانت الخيول تستخدم مصدراً للحم والجلود، وكان لها بعد ذلك دور في الحروب حين استعملها سكان بلاد المشرق  في الألفية الثانية ق.م، واستخدموها في جر العربات في الألفية الأولى ق.م. وأدخلها الهكسوس إلى مصر نحو 1675 ق.م. واستعملها الصينيون حيوان عمل بعد أن صنعوا زناقات لرقابها في بداية المسيحية، فتمكنوا بذلك من استخدامها في أعمال الحراثة وجر العربات. يقدر عدد الخيول في العالم اليوم بأكثر من 60 مليوناً، نصفها تقريباً في الأمريكتين الشمالية والجنوبية.

أما الحمير فقد دجنت في وادي النيل من الحمار النوبي الوحشي قبل 3000 سنة ق.م، ويعتقد أنها كانت أول الحيوانات التي استخدمت في العمل في مصر العليا وحوض البحر المتوسط والشرقين الأدنى والأقصى. وقد عثر على صور لقوافل من الحمير تحمل أثقالاً عبر البادية السورية وجبال طوروس. يقدر عدد الحمير في العالم اليوم بنحو 40 مليوناً يعيش نصفها في آسيا وربعها في إفريقية.

الإبل

تنتمي الإبل Camels واللاما Lama والألبكة Alpaca إلى الفصيلة الجملية Camelidae، وتستخدم أساساً لحمل الأثقال. كما يستفاد من لحوم الإبل وحليبها وجلودها ووبرها في كثير من البلدان في القارتين المذكورتين.

يعتقد بأن تدجين الإبل تأخر عن تدجين غيرها من الحيوانات، وهنالك أدلة على أن الآشوريين وآخرين في أواسط وجنوب غربي آسيا قد استعملوها حيوانات ركوب، ولكنها لم تنتقل إلى شمالي إفريقية إلا في العهود الرومانية. وقد استخدم الجمل الثنائي السنام في أواسط آسيا للنقل عبر الطريق المعروف باسم طريق الحرير [ر.الحرير (طريق ـ)].

أما الجمل الأحادي السنام فإنه حيوان متعدد الأغراض يعيش أساساً في الجنوب الغربي من آسيا وفي شمالي إفريقية. وتستعمله القبائل الرحل للنقل والحمل وإنتاج اللحم والحليب.

يقدر عدد الإبل بنحو 17 مليوناً يعيش ثلاثة أرباعها في إفريقية والباقي في آسيا.

الخنازير

يعتقد بأن الخنازير دجنت نحو سنة 6500 ق.م في مناطق متعددة من العالم. وتعيش أصولها البرية في غابات أوربة وآسيا. وتنتمي الخنازير المدجنة إلى أصلين بريين هما: الأوربي والآسيوي. وقد دجن الأخير قبل الأول وهو أصغر منه حجماً.

ويقدر عدد الخنازير المستأنسة في العالم بنحو 700 مليون يعيش نصفها في آسيا، وخاصة في الصين، وتمتلك أوربة وبلدان الاتحاد السوفيتي السابق وجنوبي أمريكة أعداداً كبيرة منها.

الأرانب

لا يعرف بالضبط متى بدأ تدجين الأرانب ومن الثابت أن الرهبان الفرنسيين كانوا يدجنون الأرانب في المدة بين القرنين السادس والعاشر الميلاديين. وقد انحدرت الأرانب المدجنة من الأصل البري المعروف باسم الأرنب الأوربي الرمادي، ووجدت رسوم تمثلها في المقابر الفرعونية.

الكلاب

تشير المصادر العلمية إلى أن الكلاب كانت من أوائل الحيوانات التي دجنت، ويعزو بعضهم ذلك إلى ملازمتها للأمكنة القريبة من الإنسان والعيش على فضلات طعامه، أو بملازمتها للصيادين لالتقاط بقايا حيوانات الصيد. ويعتقد بأن تدجينها تم في أماكن كثيرة  من العالم قبل نحوعشرة آلاف سنة أو أكثر. وقد عثر في جرش في الأردن على بقايا لهياكل عظمية لكلاب مستأنسة تعود إلى نحو 6500 سنة ق.م.

الطيور

أ ـ الدجـاج: دُجّن الدجاج منذ نحو 3200 سنة ق.م في الهند، وتنتمي أنواع الدجاج البرية الأربعة إلى جنس واحد هو جنس الديكة Gallus ومازالت بأنواعها البرية تعيش في غابات الهند وسيلان والملايو والصين وجاوة وجنوب شرقي آسيا  وتؤكد آثار الحضارات الآشورية والفرعونية والإغريقية قدم تدجين الدجاج .

ب ـ الدجـاج الرومـي: عرف العالم الدجاج الرومي أو الحبش بعد اكتشاف القارة الأمريكية. ويعود تاريخ تدجينه إلى نحو 5000 سنة ق.م من قبل الهنود الحمر في المكسيك

ج ـ البـط: يعد البط في أقدم أنواع الطيور تدجيناً وكان المصريون القدماء أول من قام بتدجينه وتربيته وتفريخه.

د ـ الإوز: انحدر الإوز المدجن من الإوز البري الرمادي الذي كان يعيش حتى عهد قريب في أوربة وفي جميع أنحاء آسيا وإفريقية. وقد وجدت أقدم المعلومات عن الإوز المدجن في مصر القديمة.

هـ ـ الحمام: انحدرت عروق الحمام المدجنة من نوعين هما:

1 ـ الحمام البري الذي يعيش حتى اليوم في الأماكن المهجورة وفي أبراج المساجد والأديرة والكنائس.

2 ـ الحمام الزاجل الذي عرف منذ أكثر من 3000 سنة ق.م واستخدمه الآشوريون والفينيقيون والمصريون واليونان والرومان والعرب في التراسل ونقل الأخبار.

الحشرات

أ ـ دودة القـز: كانت الصين من أقدم دول العالم في صناعة الحرير، ويعود ذلك إلى نحو 2900 سنة ق.م. وهي الموطن الأصلي لدودة القز.

كانت الأسرة المالكة في الصين تحتكر هذه الصناعة التي ازدهرت في عهد أسرة هان وكذلك انتشرت صناعة الحرير أيضاً في البلدان الآسيوية الأخرى منذ  نحوعام 400 ميلادية عندما هرّبت أميرة صينية، تزوجت من ملك خوتان Khotan، بيوض القز وبذور التوت بين جدائل شعرها. وانتقلت هذه الصناعة إلى الهند وبلاد فارس وغيرها. وكانت مدينة دمشق وماتزال من المدن المتقدمة في صناعة النسيج الحريري.

ب ـ نحـل العسل: يشغل العسل مكانة خاصة في الحياة الإنسانية، فقد وصل نحل العسل إلى أعلى درجات التنظيم الاجتماعي والدقة في العمل الذي لا يوجد مثله عند الكائنات الأخرى على الأرض.

وتدل لوحة في معبد «رع» في أبي قير ترجع إلى نحو 2600ق.م، على أن النحالة كانت منتشرة في شمالي حوض النيل وجنوبيه عند قدماء المصريين، وعرفت في بلاد الرافدين بعد ذلك بستة قرون.

 

عيسى حسن 

 

 


التصنيف : الزراعة و البيطرة
النوع : صحة
المجلد: المجلد السادس
رقم الصفحة ضمن المجلد : 212
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 569
الكل : 31637674
اليوم : 72529

سوردي (ألبيرتو)

سوردي (ألبرتو ـ) (1919ـ2003)   ألبرتو سوردي Alberto Sordi ممثل ومخرج وكاتب سيناريو إيطالي. ولد في روما وتوفي فيها. كان والده قائد أوركسترا [ر. الفرقة الموسيقية]، وكان هو نفسه عضواً في الجوقة الغنائية لكنيسة السيكستين في روما. بدأ سوردي عمله في السينما الإيطالية عام 1936 بتقليد صوت الممثل الهزلي أوليفر هاردي [ر. لوريل وهاردي] في الأفلام المدبلجة من الإنكليزية إلى الإيطالية، وقد شارك في أكثر من 150 فيلماً على مدى الستين سنة التي عمل فيها في السينما.
المزيد »