logo

logo

logo

logo

logo

تشتشانية

تشتشانيه

Chechenya - Tchétchénie

تشتشانية

 

تشتشانية ـ إيتشكيرية Chechnya-Ichkirya، جمهورية من جمهوريات القفقاس[ر] الشمالي السبع، اشتهرت بثورات سكانها على الحكم الروسي عام 1859، وبثرواتها من النفط والغاز. تقع في القفقاس الشمالي بين جمهورية داغستان في الشرق والشمال، وجمهوريتي أوسيتية الشمالية وأنغوشية في الغرب وإقليم ستافروبول (شنت قالة) في الشمال الغربي، ثم جمهورية جورجية[ر] في الجنوب. فهي بلد حبيس مساحته 15700كم2، وعدد سكانه نحو مليون نسمة، عاصمتها غروزني (جوهر قالة)، دعاها الروس تشتشانية نسبة إلى قرية تشتشن، التي جرت فيها أول معركة بين القفقاسيين والروس عام 1772، وتُعرف اليوم بـ«جمهورية إيتشكيرية الناختشوية». أي التشتشانية منذ عام 1994.

تشغل الجمهورية جزءاً من السفوح الشمالية لجبال القفقاس وسهوله، ويتألف سطحها من السهول التي تحتل نحو ثلثي مساحة البلاد، وهي عبارة عن سهوب واطئة في الشمال، وسهول حوض نهر التيرك وروافده في الوسط، وهي منبسطات متموجة تعلو نحو 200-250م فوق سطح البحر، تكونت بردم المساحات الواقعة شمال الجبال بالمجروفات والطمي واللحقيات، مما جعلها من أخصب أرجاء البلاد تربة، وتعلو سطح هذه السهول سلسلتا جبال سونجا وجبال التيرك الممتدتان من الغرب باتجاه الشرق، وتسايران نهري سونجا والتيرك، وترتفعان قرابة 400-500م فوق سطح البحر، وتنتهيان في الشرق عند مدينتي جوهر قالة وغودرس. أما الثلث الجنوبي من البلاد، فيتألف من جبال عالية تطل على السهول وتلتقي بها بزاوية انحدار قاسية، وترتفع إلى نحو 3800م وسطياً، يتزايد ارتفاعها باتجاه الجنوب حتى تصل في سلسلة جبال باشلام إلى 4285م في قمة ديكلوزمتا، وإلى أعلى نقطة في البلاد في جبل تيبولوزمتا (4493م)، وهي جبال وعرة مخددة بعشرات الأودية السحيقة، وتغطي أغلب سفوحها غابات كثيفة دمر المستعمرون الروس مساحات شاسعة منها.

أما مناخ تشتشانية ـ إيتشكيرية، فمتباين تباين تضاريسها بين السهل والجبل والوادي والقمم، فهو جبلي ـ ألبي، بارد مطير ومثلج في الجنوب، حرارته تراوح بين –10ْ في الشتاء و+10ْ في الصيف، وهو سهبي في الشمال، تراوح حرارته بين صفر درجة في الشتاء و25ْ في الصيف، أما الحرارة المطلقة فهي –33ْ و+41ْ في جوهر قالة، وتقل الفروق الحرارية في الجنوب، في حين يزداد الهطل في الجنوب، ليتجاوز متوسطات 1000-1500مم سنوياً، قسم منها ثلوج، وتتدنى كميات الأمطار في الشمال السهبي شبه الجاف إلى أقل من 350مم سنوياً. وهي في جوهر قالة بحدود 500مم، وموسم الهطل هو أواخر الربيع وفي الصيف، أما في الخريف فشبه جاف.

تمتلك تشتشانية ـ إيتشكيرية مصادر مائية مهمة، تتمثل في مياه الأنهار الرئيسية القادمة من الجبال، لترفد نهر سونجا الرافد الأيمن لنهر التيرك، أبرزها أنهار أرغون وفورتانغا ومارتان وخونخاو، وغزاراتها متباينة تفيض في الربيع والصيف بمياه الأمطار والثلوج، وأهم الأنهار، نهر التيرك القاطع للسهول من الغرب باتجاه الشرق، الذي يتغذى بمياه ذوبان الجليديات التي تحملها عشرات الأنهار القادمة من الجمهوريات المجاورة، وفي سهوب الشمال عدد من المسيلات التي تنتهي إلى مستنقعات محلية، وتجف معظم أيام السنة.

كذلك تزخر الجمهورية بأنواع كثيرة من النباتات العشبية والشجيرية والشجرية، في إقليمي السهول والجبال، وقد تراجعت مساحاتها نتيجة التوسع الزراعي والعمراني وغيره في السهول. أما في الغابات الجبلية حيث أشجار الزان والبتولا والدردار والدلب والزيزفون، فقد قطع الروس الأشجار لإخضاع التشيشان، بحرمان المقاتلين من ملجأ طبيعي منذ أواسط القرن التاسع عشر، فتراجعت مساحة الغابة من 30٪ قبل 1859 إلى أقل من 18٪ من مساحة البلاد اليوم، وتزخر الغابات بأنواع حيوانات مثل الوعل والماعز الجبلي والذئب والثعلب والأرنب وغيره، كما تكثر في البلاد أصناف كثيرة من الطيور والحشرات، ومياهها زاخرة بالأسماك.

السكان: التشيشان (الوايناخ) من أقوام القفقاس الشمالي القدماء، وهم والجركس وأقوام الداغستان من السكان المحليين الأصليين، وجدوا في مواطنهم منذ عصور ما قبل التاريخ. والتشيشان على الرغم من وحدة جذورهم البعيدة مع الداغستان والأديغة وغيرهم ممن تضمهم تسمية (الجركس) في المصادر التركية والعربية، فإنهم يختلفون عنهم في جوانب مختلفة.

يتألف التشيشان من 15قبيلة وفرع تقريباً، أبرزها الميتشيك والإيتشكيري والكيست والغالغوي (الأنغوش) وغيرهم، ويحمل أغلبها أسماء مقاطعات ومناطق جغرافية أيضاً، وتتفق أوضاع التشيشان والجركس في جوانب كثيرة، مثل العادات والتقاليد والفولكلور واللباس القومي والرقص وغيره، وهم مسلمون لافروق اجتماعية أو طبقية بينهم، ومتساوون بالحقوق والواجبات، وينتمي أغلبهم إلى إحدى الطريقتين الصوفيتين، النقشبندية والقادرية، ويتكلمون اللغة التشيشانية، إحدى لغات مجموعة اللغة القفقاسية الشمالية الشرقية، إضافة إلى اللغة الروسية.

كان عدد سكان تشتشانية قبيل حربها الأولى للاستقلال عن روسية عام 1994 بحدود 1200000نسمة، 75٪ منهم تشتشان و20٪ روس، والباقي إنغوش وأوكرانيون، ومن أقوام القفقاس، لكن هذا الرقم والنسب الإثنية تغيرت اليوم بعد الحرب المذكورة، والتي تلتها عام 1999، إذ تراجع عددهم إلى 920000نسمة لعام 2001، ولكن مع ارتفاع نسبة التشتشان، نتيجة الكفاح المسلح للاستقلال عن الاتحاد الروسي، وما حل بالبلاد من سقوط آلاف الشهداء، وتهجير عشرات الآلاف من السكان ولجوئهم إلى الجمهوريات المجاورة، ومغادرة الروس والأوكرانيين للجمهورية عائدين إلى بلادهم. وتعد هذه الظاهرة السكانية أحدث حلقة في مسلسل الصراع القفقاسي ـ الروسي، على امتداد العهدين القيصري والسوفييتي وحتى اليوم، لكن الشعب كان يستعيد حيويته السكانية إثر كل نكبة تحل به، بالزيادة السكانية التي تراوح بين 20-25بالألف سنوياً.

يعيش أكثر من 65٪ من السكان في المدن، لاسيما العاصمة غروزني، التي كان عدد سكانها عام 1994 نحو 372742نسمة، وتراجع إلى 200000نسمة اليوم، ثم مدن وبلدات غودرس وأرغون وتشيري ـ يورت وفيدينو وشاتوي، وتكثر القرى في السهول والأودية. وقد خرب القصف الجوي والمدفعي الروسي معظم التجمعات السكنية، وبصورة خاصة العاصمة، وغالبية المنشآت الاقتصادية والحيوية، وكامل البنية التحتية تقريباً، لقمع الكفاح التشتشاني من أجل الاستقلال منذ عام 1991.

تشتشانية غنية بالموارد الطبيعية من مياه وترب خصبة ومناخ ملائم، وبالثروات الباطنية عماد الاقتصاد الصناعي، وأهمها النفط والغاز، وتعد الزراعة وتربية الحيوانات من أقدم قطاعات الاقتصاد، إذ تُنتج الحبوب (القمح والشعير) والشوندر والتبغ وشتى أنواع الثمار والخضر، كما تربي الضأن والبقر والخيول والدواجن، وفيها صناعات متطورة أهمها الصناعات القائمة على النفط والغاز وتصنيعهما، وكذلك صناعة الآلات والمكنات والأدوات الكهربائية والطبية والمواد الغذائية والخشبية والألبسة الجاهزة وغيرها. أما تجارتها فمقيدة، نتيجة الحصار الروسي المفروض عليها، وتمتلك الجمهورية شبكة مواصلات برية وسكك حديدية وجوية تعاني من الحصار الروسي.

لمحة تاريخية

انتشرت مواطن إنسان العصر الحجري القديم، التي قُدر عمرها بـ 300000سنة في أديغي (جركسيا)، وفي القفقاس الغربي، لكن انتقاله إلى أواسط القفقاس كان بحدود 200000سنة، وإلى شرقيه قبل 80000-40000سنة مضت، حين ظهرت مواطنه في تشتشانية وداغستان، حيث قامت مراكز حضارة العصر الحجري الحديث في مواقع تشوخ في داغستان، وأغوبيكوفسكوي في قبردي وغيرهما من مواقع غينية باللقى الأحدث ومعالم حضارة زراعية مبكرة تعود إلى 4000ق.م، أي إلى عصر البرونز الذي شمل القفقاس الشمالي ودام طوال الألف الثالث ق.م، الذي أصبح فيه القفقاس كله مركزاً لإنتاج المعادن، وازدهرت معه حضارة مايكوب في الشمال، وحضارة الكورا ـ أراكس في الجنوب، وقد أثرت الحضارتان في تشتشانية التي تسربت إليها قبائل من حملة الحضارتين.

وعلى الرغم من ضبابية معالم تاريخ التشتشان في الألف الأول الميلادي، فإن المؤكد أن قبائلهم عاشت مستقلة تتحد أثناء الحرب وصد الغزاة، كما يُعتقد أن بعضهم دان بالنصرانية مع غلبة حكم القوانين العرفية، مثلهم مثل الشركس عامة. أما الإسلام الذي يعتنقون، فقد تأخر انتشاره بينهم حتى القرن الثامن عشر الميلادي، ونما مع استفحال خطر الغزو الروسي في القرن المذكور ومابعده، إذ بدأ الاحتلال الروسي للقفقاس عام 1722، بالاستيلاء على مدينة دربند بعد هزيمتهم في لقائهم الأول مع التشتشان في العام نفسه، واستمرت الحروب بين القفقاسيين الشماليين والروس حتى عام 1864، حين انهارت المقاومة القفقاسية في آخر المعارك بين الجركس والغزاة في مطلع أيار في جركسيا، وقد استُشهد في هذه الحروب أكثر من مليون وربع المليون من الجركس في الغرب، والتشتشان في الوسط، والداغستان في الشرق، كما هجَّر المحتلون نحو المليون، بينهم 50000 تشتشاني و10000 داغستاني وبلقاري وغيرهم، والغالبية من الجركس (الأديغة)، لكن ذلك لم يوقف الثورات على الاحتلال الروسي الاستيطاني في العهدين القيصري والشيوعي، وكان الانتقام والعقاب إثر كل ثورة أو احتجاج على الاستعمار قاسياً ومريعاً، ففي عام 1917، أقام التشتشان مع شعوب القفقاس الجبلية جمهورية شمالي القفقاس المستقلة، قضى عليها الشيوعيون بمجازر وإبادة عام 1921 و1924. وإثر اعتراض التشتشان على الحكم السوفييتي وممارساته، قتل ستالين 14000تشتشاني، كذلك قام بنفي كامل الشعب التشتشاني مع الأنغوش وأقوام قفقاسية شمالية أخرى إلى صحارى تركستان وسيبيرية عام 1944، لمحاولتهم الاستقلال عن الاتحاد السوفييتي أثناء احتلال الألمان القفقاس في الحرب العالمية الثانية، حتى عام 1957، حين سُمح لهم بالعودة إلى ديارهم بعد أن قضى نحو 250000 منهم نحبه في المنفى في 13عاماً، وأعاد السوفييت لهم جمهوريتهم ذات الحكم الذاتي، التي كانت تؤلف جمهورية مشتركة مع الأنغوش منذ عام 1937.

بقي التشتشان يعانون من الحكم الروسي والاحتلال الاستيطاني ونهب ثرواتهم حتى لاحت بوادر انهيار النظام الشيوعي السوفييتي، فأسرعوا وأعلنوا الاستقلال عن الاتحاد السوفييتي في 23-25/11/1990، وانفصلوا عنه في 27/10/1991 قبيل إعلان زوال الاتحاد السوفييتي رسمياً في31/12/1991، وذلك بموجب المادة 72 من الدستور السوفييتي التي تسمح بذلك. وانتخب البرلمان التشتشاني الجنرال جوهر دوداييف[ر] رئيساً للجمهورية، فأعلنت روسية الاتحادية حالة الطوارئ وأرسلت قواتها الخاصة إلى تشتشانية التي أخرجتهم من أراضيها، وألغت مظاهر الحكم السوفييتي، فأقامت روسية حولها حصاراً اقتصادياً، كما دفعت أنصارها من الروس والشيوعيين وغيرهم في الجمهورية إلى معارضة الاستقلال عن روسية، مما دفع دوداييف إلى حل البرلمان. واستمر التوتر بين تشتشانية وروسية حتى عام 1994، حين شنت روسية الحرب عليها، لكنها هزمت هزيمة ساحقة أهانت القوة العسكرية الروسية. وأعاد الروس الكرة بقوات كبيرة مستخدمين كافة الأسلحة حتى المحرمة منها عام 1995، فاحتلوا العاصمة بعد تدميرها. لكن الغارات والمعارك لم تنقطع، ومارس الروس القتل والتعذيب والاغتصاب وانتهاك حقوق الإنسان، واغتالوا جوهر دوداييف عام 1996، فخلفه سليم يندر باييف ثم أصلان مسخدوف الذي مازال يحكم الجزء المحرر من الجمهورية، ويحكم أتباع موسكو القسم الآخر. وفي عام1996 استعاد التشتشان "غروزني" بهجوم خاطف أدى إلى هدنة ثم إلى اتفاقية سلام عام 1997. لكن الروس نقضوا الاتفاقية وهاجموا الجمهورية عام 1999 فأحرقوا القرى ونكلوا بالسكان وهجرّوهم (300 ألف نسمة). لكنهم لم يتمكنوا من الاستيلاء على كامل البلاد، إذ مازال القسم المحرر تحت سيطرة المناضلين التشتشان، حيث تطبق أحكام الشريعة الإسلامية رسمياً. وقد جرت حوادث اختطاف واغتيال عديدة أدت إلى تمركز قوات الأمن الروسية (الأمون) في الجمهورية وفي الجمهوريات الشركسية وداغستان لمواجهة الحركات والأعمال المناهضة للوجود الروسي والاحتلال، وخاصة في جمهوريتي داغستان وقبردي ـ بلقار المجاورتين. ومع ذلك فإن هجمات المقاتلين التشتشانيين على القوات الروسية لم تنقطع بعد. أما آخر تطور للقضية فهو إدراج أحداث تشتشانية وكفاحها من أجل التحرر والاستقلال في قائمة الإرهاب بعد أحداث 11 أيلول 2001، وإرسال عسكريين أمريكيين وطائرات حربية إلى جورجية عام 2002 لمواجهة ما يدعى الإرهاب التشتشاني ضد روسية المحتلة.

 

عادل عبد السلام

 

 

الموضوعات ذات الصلة:

 

الجركس ـ روسية ـ دودايف ـ القفقاس.

 

مراجع للاستزادة:

 

ـ أ.بيرغية، شعوب القفقاس الجبلية (بيترمان 1860) (روسي).

ـ عادل عبد السلام، الأوضاع الاقتصادية وأثرها في الصراع التشتشاني ـ الروسي (اتحاد الكتاب العرب، دمشق 1995).


التصنيف : التاريخ و الجغرافية و الآثار
النوع : سياحة
المجلد: المجلد السادس
رقم الصفحة ضمن المجلد : 442
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 489
الكل : 31727259
اليوم : 2720

بيرهوس

بيرهوس (319 ـ 272ق.م)   بيرهوس Pyrrhos أو (بيروس وهو الأصح) ابن الملك أياسيدس Aeacides، وهو أشهر شخصية من أسرة الملوك المولوسيين Molossian الذين حكموا مقاطعة إبيروس Epiros (شمالي غربي اليونان الحالية) في مرحلة النزاع بين قادة الاسكندر الكبير لاقتسام امبراطوريته، حكم بصفته نائباً للملك في إبيروس من 307-303ق.م، واختلف مع القائد المقدوني كاساندر (358-297 ق.م) Cassander الذي طرده من مملكته فالتحق بخدمة القائد دمتريوس بوليوركيتس (366 - 283 ق.م) Demetrios Poliorkites وشاركه في موقعة إبسوس (301 ق.م) التي انتهت بخسارة دمتريوس ولجوء بيرهوس إلى بلاط ملك مصر بطلميوس الأول (367-283 ق.م) الذي رغب في الإفادة منه في مقدونية فزوجه ابنته وأمده بجيش مكنه سنة 297 ق.م من استعادة عرشه في إبيروس.
المزيد »