logo

logo

logo

logo

logo

الذهب (ق)

ذهب (ق)

Gold - Or

الذهب

 

الذهب نقداً

لفتت خصائص الذهب الفيزيائية والكيمياوية اهتمام الملوك والتجار فما أن اكتشفت كميات وافرة منه حتى بدأ يزيح كل البضائع الأخرى التي استخدمت معادلاً عاماً للبضائع ووسيلة تبادل بينها. ويأخذ دور النقد بامتياز. منذ القرن الثامن قبل الميلاد تم استخدام الذهب مفرداً أو إلى جانب الفضة نقداً في المستعمرات اليونانية من آسيا الصغرى وفي جميع ممالك مصر القديمة إلى فينيقية وبابل وآشور.

استُخدم الذهب سبائك موزونة قبل أن يسك قطعاً ذهبية نقدية، فقد حدث أن فرعون مصر ميناس الأول قام في العام 3400ق.م بإصدار سبيكة ذهبية موزونة تحمل ختمه، وشيئاً فشيئاً وعلى نحو غير منتظم وفي بلدان مختلفة بدأ ينتشر هذا الشكل الأولي من النقد الذهبي: سبائك ومثلثات وقضباناً وحلقات دائرية أو حلزونية ذات وزن معروف. وهكذا حل الذهب محل نحو مئة سلعة كانت معتمدة لدى مختلف شعوب العالم للقيام بوظائف النقد وقسم الذهب إلى قطع بأوزان محددة ثم سميت وحدات النقود لاحقاً بأوزان هذه القطع في مناطق مختلفة من العالم. فما الليرة والدولار والفرنك سوى أوزان لقطع نقدية ذهبية كانت متداولة بين الناس. وأصغر كتلة من المعادن الثمينة كانت الحبة الإنكليزية وتعادل 0.648غ ثم البنس penny وهو يساوي 24 حبة. وكانت حبة القمح أول معيار لقياس الذهب.

وبدءاً من عصر الحديد الذي أصبح عصر الذهب في أوربا وحتى بداية القرن العشرين أخذ النقد الذهبي، وإلى جانبه الفضة أحياناً، دور المعادل العام للقيم ووسيلة للتداول وأداة للادخار، أي قام بجميع وظائف النقد.

بسبب الخصائص آنفة الذكر تحوّل الذهب من بضاعة نقد إلى نقود ذهبية. فقد عرفت البشرية في أثناء تطورها عدة أنظمة نقدية معدنية: نظام الأساس الذهبي وفيه يتم سك نقود من معدن الذهب تتمتع بخاصتي حرية الضرب والقوة الوفائية غير المحدودة، وإلى جانب هذه القطع النقدية الذهبية كان يتم تداول قطع نقدية مسكوكة من الفضة أو النحاس أو النيكل لتسهيل عمليات التبادل الصغيرة ولكن هذه القطع لا تتمتع بخاصتي النقد الذهبي الرئيستين؛ نظام الأساس الفضي في البلدان التي لم يتوافر لها الذهب بكميات كافية لتغطية عمليات التبادل؛ ونظام المعدنين وفيه تحدد وحدة النقد بقطعة من الذهب وكذلك بقطعة من الفضة بوزن وعيار محددين لكل منهما. وفي هذا النظام يتمتع كلا المعدنين الذهب والفضة بخاصتي النقد الرئيستين: حرية الضرب (سكهما نقوداً) والقوة الوفائية غير المحدودة، وتكون هناك علاقة قانونية ثابتة بين المعدنين وعلاقة تجارية متبدلة بحسب العرض والطلب على المعدنين في السوق. وكان هناك نظام المعدنين المتوازيين وفيه تسك النقود من معدني الذهب والفضة دون تحديد علاقة ثابتة بينهما.

وقد أجريت إصلاحات كثيرة على الأنظمة النقدية المعدنية لم تستطع كلها مواجهة المشكلات التي كانت تعاني منها هذه الأنظمة، كما لم تعد كميات المعدنين الثمينين: الذهب والفضة كافية لتغطية عمليات التبادل المحلية وبين الشعوب إضافة إلى تآكل القطع النقدية أثناء تداولها وخسارتها جزءاً من وزنها مع مرور الزمن مما دفع إلى التفكير بإصدار النقود الورقية.

كان يتعذر إصدار النقد الورقي وإقناع الناس بتداوله لأنه عديم القيمة بذاته. لهذا بدأت المصارف إعطاء مودعي النقد الذهبي لديها إيصالات تبين القيمة المودعة في صندوق المصرف ويحق للمودعين استرداد كمية النقد الذهبي المودعة بموجب هذه الإيصالات متى شاؤوا. وبالخبرة اكتشف المصرفيون أن أصحاب الودائع يستردونها مجزأة بما يبقي في صندوق المصرف على نقود ذهبية كبيرة يمكن مقابلها منح بعض الزبائن الموثقين إيصالات (أوراق مصرفية) على شكل قروض لتسهيل أعمالهم. وهكذا تحول الذهب من قطع معدنية متداولة إلى تغطية ذهبية لإصدار الأوراق النقدية المتداولة. وتحولت التغطية الذهبية من تغطية كاملة تجعل النقود الورقية مجرد نقود تمثيلية للذهب المحفوظ في صناديق المصارف إلى تغطية مرنة تسمح للمصارف بإصدار نقود ورقية أكثر من الذهب الموجود بخزائنها على أن تلتزم استبدال الذهب بهذه الأوراق متى تقدم بها حاملها للاستبدال. ومن ثم نظمت الحكومات قاعدة التغطية على أساس إلزام المصارف بالاحتفاظ بكمية من الذهب تعادل نسبة دنيا من مجموع الأوراق التي تصدرها لضمان قدرتها على استبدال الأوراق المصدرة عند الطلب بما يحمي حقوق المودعين.

بقي إصدار النقود الورقية على قاعدة التغطية الذهبية الكاملة، المرنة أو النسبية سائداً في كل الدول، على الرغم من الصعوبات التي كانت تواجهه (تضخم الأسعار، عجز المصارف عن استبدال الذهب بأوراقها، اضطرار الحكومات لفرض التداول الإجباري) حتى اندلاع الحرب العالمية الأولى واضطرار الدول المتحاربة إلى المزيد من تمويل عملياتها العسكرية فأوقف استبدال الذهب بالأوراق المصرفية وفرض التداول الورقي في معظم دول العالم وخاصة في الدول الصناعية المتحاربة.

ولكن بعد نهاية الحروب كانت الدول تلجأ للعودة إلى نظام التغطية الذهبية أو الفضية لإعادة الثقة بعملاتها الوطنية من جهة ولتسهيل المبادلات الاقتصادية الدولية من جهة أخرى وذلك بإيجاد مقياس موحد لقيمة السلع والخدمات المتبادلة. فكل دولة تحدد سعر نقدها بمعادل من الذهب (قطعة من وزن وعيار محددين) وتعتمد هذا السعر في تسوية حساباتها مع الخارج (تسديد قيم الصادرات والواردات).

وهكذا شكلت قاعدة الذهب Etalon-Or أساس النظام النقدي الوطني والدولي بين عامي 1870و1914. وفي مؤتمر جنوة المنعقد في عام 1922 بعد نهاية الحرب العالمية الأولى اعتمد المؤتمرون من الدول الصناعية قاعدة القطع الذهبي Etalon-Devise-Or في تسوية المبادلات الدولية، إذ أعتمد الذهب عملة وطنية أو عدة عملات أخرى قابلة للإبدال بالذهب مثل الدولار والجنيه الإسترليني عملة حسابية في التسويات الدولية. وهذا يعني أن الذهب أساسٌ في الإصدار النقدي كما يعني أنه أساس نقدي في المبادلات الدولية.

في المدة من 4 إلى 12 تموز من عام 1944 عقد مؤتمر دولي في بريتون وودز في الولايات المتحدة الأمريكية لمناقشة إقامة نظام نقدي دولي يسمح بتسهيل المبادلات الاقتصادية بين الدول على قاعدة من التنافس العادل بعيداً عن لعبة رفع سعر صرف عملاتها الوطنية أو خفضه. أقرت في هذا المؤتمر أسس نظام نقدي دولي يقوم على تحديد أسعار صرف ثابتة للعملات الوطنية مع إمكانية تصحيح هذه الأسعار عند الضرورة. بموجب النظام المعتمد يحدد كل بلد عضو في صندوق النقد الدولي[ر] سعر تكافؤ لعملته (سعر صرف) مقابل الذهب أو مقابل الدولار وسعر الدولار محدد هو أيضاً بمعادل ذهبي:

أونصة الذهب = 31.15غ = 35 دولاراً.

والتزمت الولايات المتـحدة الأمريكية استبدال الذهب بالدولار للمصارف المركـزية التي تطلب ذلك. كما تعهدت جميع الدول الأعضاء في الصندوق بالمحافظة على استقرار أسعار صرف عملاتها بالذهب أو الدولار في حدود ±10%.

مطانيوس حبيب

 

التصنيف : الاقتصاد
المجلد: المجلد التاسع
رقم الصفحة ضمن المجلد : 646
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 558
الكل : 31767267
اليوم : 42728

البنائية

البنائية   البنائية Constructivisme نزعة في الفن التشكيلي، ظهرت في روسية في بداية القرن العشرين، وذلك بعد قيام ثورة أكتوبر السوفييتية التي كان روادها قد وضعوا تصوراً لمجتمع جديد، يسوده مفهوم جديد للعدالة الاجتماعية. وتبنت جماعة من الفنانين الطليعيين آنذاك هذه الرؤية، فبدؤوا بالبحث عن أشكال جديدة لفن يسهم في تكوين ذاك المجتمع.
المزيد »