logo

logo

logo

logo

logo

تورنر (جوزيف وليم-)

تورنر (جوزيف وليم)

Turner (Joseph William-) - Turner (Joseph William-)

تورنر (جوزيف وليم ـ)

(1775 ـ 1851)

 

جوزيف وليم تورنر Joseph W.Turner مصور إنكليزي ولد وتوفي في لندن، لأب يعمل حلاقاً وأم صانعة للشّعر المستعار. وتلقى دروس الفن الأولى (دراسة المنظور واستخدام الألوان المائية) على يد الرسام توماس مالتون Thomas Malton، وزاول فن الرسم إبان دراسته. ثمَّ أظهر موهبة فذة فالتحق بمدرسة الأكاديمية الملكية Royal  Academy في سن الرابعة عشرة (1789-1793)، وفي الخامسة عشرة من عمره بدأ في عرض أعماله.

يعد جوزيف تورنر أعظم مصوري الطبيعة الإنكليز. وتنحصر براعته في دقة ملاحظته للطبيعة، وفي ذاكرته القوية التي مكنّته من تصوير لوحات شاعرية عاطفية لمختلف المناطق التي زارها في إنكلترة.

اعتمدت أعماله الأولى، المنفذة بالألوان المائية، دراسات أولية خارج المرسم، وهذا ما كان يدفعه للتجوال في أنحاء إنكلترة، وويلز، ويوركشاير، وسكوتلندة، وكنت، وجزيرة وايت في الفترة ما بين عامي (1798-1801) لرسم موضوعات مختلفة من الطبيعة، ولتلبية الطلبات الكثيرة التي انهالت عليه من قبل ملاك الإقطاعيات والقلاع الذين طلبوا إليه ما يقارب التصوير الطباعي لممتلكاتهم، وساعدت ذاكرته القوية على إتمامها.

بدأ تورنر يعرض لوحاته الزيتية في عام 1796. وزار بلداناً أوربية (فرنسة وسويسرة) أول مرة عام 1802، وتكررت زياراته لأوربة (فرنسة وسويسرة وإيطالية وهولندة) بعد ذلك، فظهر تأثره بالمدرسة الهولندية في لوحات البحار التي أكثر من رسمها بعد زيارته لأوربة، ويوضح ذلك لوحة «غرق السفينة» 1805، كما أدت زيارته لإيطالية في عامي 1819 و1828 إلى ازدياد تأثره بالألوان القوية حتى في الموضوعات الأسطورية التي كان يميل إليها، وكان تورنر يسجّل في كراسته الظواهر الطبيعية المختلفة للشمس والريح والفجر والغروب والبحر والسحاب والعواصف. وتفسّر هذه الدراسات التنوّع الغريب الموجود في أعماله حتى آخر حياته.

أنشأ تورنر صالة العرض الخاصة به، خلف منـزله الواقع في شارع هارلي، في وسط إنكلترة، إلا أن هذا لم يمنعه من متابعة عرض أعماله في الأكاديمية الملكية. واختير أستاذاً لعلم المنظور في الأكاديمية الملكية بين عامي 1807و1837.

ازدادت نزعة تورنر الإبداعية  في الأعمال التي رسمها بعد عام 1830، وتجلت  ثورته على المذهب الاتباعي (الكلاسيكي) باهتمامه باللون على حساب الشكل، ويتمثل ذلك في لوحة «حريق مجلس النواب» 1834. وفي أعماله الأخيرة، في الفترة مابين عامي (1839-1850)، يلاحظ فقدان المناظر الطبيعية لأشكالها، بحيث تبدو وكأنها بقع صغيرة من ألوان عدة، ويتضح ذلك في لوحته «عاصفة ثلجية، مركب بخاري، خارج الميناء» 1842 التي عرضت في الأكاديمية الملكية، ويلاحظ في هذه اللوحة شعور المصور بقوة الطبيعة المدمرة وضعف الإنسان.

مهَّد تورنر، المشهور ببحرياته، ومنذ بداياته، لمفهوم المشهد الطبيعي، الذي ازدهر في النصف الثاني من القرن التاسع عشر. وكان تأثير لوحات له مثل («الشمس المشرقة في الضباب» 1807، و«جليد صباحي» 1813، و«يخوت» 1827)، كبيراً في أعمال كلود مونيه وسيسلي، وبيسارو. قد خلق رسَّام النُّور، جواً سحرياً امتزجت فيه المياه بالسماء.

اعترف بيسارو وهو من كبار الانطباعيين، بقرب المسافة مع المدرسة الإنكليزية، إذ قال بعد رحلة له إلى لندن عام 1871، يرافقه كلود مونيه: «إن لمائيات تورنر، وكونستابل، وكذلك لوحات أولد كروم تأثير كبير فينا». من هنا كان التقارب بين لوحة مونيه ولوحة تورنر «مشاهد من البندقية»، وفيها يضيع الشكل غارقاً في تقزُّح صَدَفي.

وبتوغّل تورنر في أبحاثه ودراساته، ارتضى في أواخر حياته أن يرسم عالماً  استيهامياً مشعشعاً أقرب إلى الشعر منه إلى التصوير، وهذه هي بواكير ميله للتجريد: «عاصفة ثلجية» (1842)، و«مطر، وبخار، وسرعة» (1844)، وكلتاهما اليوم في المتحف الوطني في لندن.

هذا الفن القريب من الانطباعية روحاً، ابتعد عنها بتقانته التي بقيت عنده تقليدية: مقدمة اللوحة غامقة، ظلال بلا ألوان، رقشات غير ثابتة، ولم يتخطّ تورنر، هو الآخر، تلك التقانة التي تجاسر الانطباعيون وحدهم على تخطيها، وذلك بأنه لم يرسم في الهواء الطلق قط، بل اكتفى من وجوده في أحضان الطبيعة برسم مخططات أولى.

تورنر عبقرية فذة تقف في إنكلترة بمستوى شكسبير. فقد استطاع أن يحدث ثورة بأسلوبه الشاعري الغنائي الذي يعصف بالنور والحركة. ويعد تورنر، إلى جانب كونه فناناً إبداعياً (رومنسياً)، من رواد الفن الحديث، فقد مهَّد، بدراساته حول النور، لجميع الاتجاهات الفنية ولاسيما الانطباعية. عاش تورنر في أواخر أيامه حياة مزدوجة، وعرف حينذاك باسم الأدميرال بوث. وبعد موته ترك مبلغ 120 ألف جنيه لرعاية الفن.

 

نهيل نزّال

 

مراجع للإستزادة:

 

ـ  موريس سيرولا، الانطباعية، ترجمة هنري زغيب (منشورات عويدات ـ بيروت، باريس).

ـ نعمت إسماعيل علام، فنون الغرب في العصور الحديثة (دار المعارف، القاهرة).

ـ عفيف بهنسي، تاريخ الفن والعمارة، منشورات جامعة دمشق.


التصنيف : العمارة و الفنون التشكيلية والزخرفية
النوع : أعلام ومشاهير
المجلد: المجلد السابع
رقم الصفحة ضمن المجلد : 139
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 1792
الكل : 55810004
اليوم : 47882

التكلفية

التكلفية   التكلفية Mannerism حركة فنية أثرت في فن عصر النهضة الإيطالي في مرحلته الأخيرة، وشملت التصوير الزيتي والجداريات والنحت والعمارة، والفنون الصغرى. والهدف الكامن وراء التغيير، أن يتمرد الفنانون على المدرسة الاتباعية التي انتشرت في  إيطالية وأوربة والتي حددت الموضوعات التي يتناولها الفنانون، وكذلك التشكيلات الفنية، وفق قواعد ثابتة، وأنظمة لونية تحمل الانسجامات الموسيقية. وتأسست المحترفات الفنية التي حددت وسائل التعليم الفني، وأعطت شكلاً محدداً يصعب اختراقه أو التمرد عليه.
المزيد »