logo

logo

logo

logo

logo

ترميم الأعمال الفنية

ترميم اعمال فنيه

Restauration of artistic works - Restauration des oeuvres d’art

ترميم الأعمال الفنية

 

يرمي ترميم  الأعمال الفنية أو التاريخية إلى إيقاف العطب الذي يصيبها من جراء تعرضها بمرور الزمن لتحوّلات ذاتية في بنيتها أو بسبب البيئة الطبيعية أو نتيجة لأذى الإنسان والقوارض والحشرات والطفيليات، فالتلوث البيئي وكذلك شدة الضوء أو الظلمة وما يرافقهما من ارتفاع درجات الحرارة والرطوبة أو انخفاضهما ومن ثم الإهمال وقلة الدراية، ذلك كله يتسبب في عطب الأعمال الفنية. وقد يؤدي العطب إلى تخلخل في بنية العمل الأساسية، فكلما كانت هذه البنية سليمة التركيب كانت مقاومتها لعاديات الزمن أكثر؛ وهنا يجدر القول إن المواد المستخدمة في صناعة العمل الفني ليست كلها متساوية في المقاومة وذلك بحسب منشئها الكيماوي الطبيعي كالحجر والتربة أو العضوي كالخشب وألياف النبات والزيوت والورق والرق والعظم أو الكيماوي الصنعي كالألوان المعدنية والعضوية، فقد يساعد تجاور المواد مختلفة المقاومة في العمل الفني الواحد على خلخلة بنيتها إذا تعرض العمل إلى أحوال سيئة، ماعدا المواد الطبيعية والصنعية التي ذكرت سابقاً هي عرضة للتبدل الذاتي كالأخشاب والزيوت وللتفاعل فيما بينها كالألوان.

تمر أعمال الترميم بمرحلتين: الحفظ Conservation، ثم الترميم Restoration. فحفظ العمل هو صيانته ومداواة الآفة التي اعترته، أما الترميم فهو إعادة بهائه كما كان.

بدأت أعمال الترميم تأخذ طابعاً علمياً في أواخر القرن التاسع عشر، وكانت قبل ذلك تدخلاً مهنياً وتقنياً في العمل أدى في بعض الأحيان إلى تغيير ملامحه جزئياً أو كلياً، وفي بعضها الآخر نحل العمل إلى غير مؤلفه. وقد أدى البحث العلمي في المجال إلى وضع أسس تقنية مبنية على علوم الفيزياء والكيمياء والتصوير الظاهري والشعاعي والطبقي، وقد تطورت تلك الأسس تبعاً لتطور تلك العلوم ومبتكراتها؛ ونشأ من تطبيقات ذلك في الترميم نظريات ومناهج تبعاً لاجتهاد القائمين على الإنجاز عملياً ونظرياً.

ويُعمد اليوم إلى تشكيل لجان استشارية من متخصصين في تاريخ الفن وفي العلوم المعتمدة في الترميم مهمتها دراسة العمل الفني أو الأثر وتقرير زمنه ونوع مواده وطريقة صنعه وحتى إثبات أصالته. إن تقارير هؤلاء المتخصصين وسيلة يعتمد عليها المرمّم لدى قيامه بالعمليات الضرورية لإنقاذ العمل.

وتجدر الإشارة إلى أن أصول مهنة الترميم تحتّم اليوم ألاّ يتدخَّل المرمم في أصل العمل زيادة أو نقصاناً، وإذا ما ارتأى المرمّم إكمال نقص ما في العمل عمد إلى إشارة توضح ذلك، واتفقت الجهات المتخصصة على وضع إشارات لهذا الغرض مثل التفريق بين لون الإكمال واللون الأصلي أو تهشير البقعة الجديدة وهكذا؛ وفي ذلك اختلفت نظريات الترميم بين الحفاظ على العمل بحالته الراهنة والاكتفاء بتقوية ضعفه وصيانة حاله من التدهور اللاحق وبين محاولة إرجاع العمل إلى حالته الأصلية وإعادة بناء ما فقد منه. وتنتهج مختبرات المتاحف وورشات الترميم إحدى النظريتين المشار إليهما، فالمنهج الإنكليزي يدعو المرمم إلى التقيد بنتائج الفحوص العلمية مقدماً الإجراءات العلمية على الفنية؛ بينما لا يخفي المنهج الألماني تحبيذه للوسائل التي تدعو إلى إعادة العمل إلى نضارته الأصلية؛ وتتفق المناهج الإيطالية والفرنسية والإسبانية والهولندية والبلجيكية على ألا يتعدّى تدخّل المرمم العمليات الكافية لصيانة العمل وترتيب مظهره، وأن تكون هذه العمليات قابلة لإعادة البناء لاحقاً على ضوء المستجدات العلمية. وتتفق المناهج التي ذكرت سابقاً على حتمية الحفاظ على أصالة العمل وفهم روح عصره واحترام أسلوب صانعه وفي أن كل عمل على حدة يشكّل حالة لابد للمرمم من أن يلتفت إلى خصوصيتها.

ترميم أعمال التصوير على الورق واللوحة المتنقلة وعلى الجدار

تشكّل أعمال التصوير على الورق حالة خاصة في الترميم، وتختلف تلك الأعمال بين كونها رسوماً أو تصويراً مائياً أو مطبوعات أو صوراً ضوئية أو ملصقات. وتأتي خصوصية تلك الأعمال من كونها منفذة على ورق، فالورق عبارة عن صفائح من عجينة سللوزية مصدرها القطن أو الكتان أو الخشب؛ وغالباً ما تكون صفائح الورق عرضة للتأكسد والاصفرار والاهتراء من جراء التلوث والضوء والحشرات والطفيليات، وكلما كانت نسبة سللوز النقي عالية في الورق كان تلفه أقل. فعلى مرمم الأعمال الورقية أن يتفحص نوع الورق وحالة السلامة أو التلف قبل أن يعمد إلى عمليات التعقيم والتنظيف أو الترقيع حتى يؤمن عمليتي الحفظ والترميم.

أما أعمال التصوير على اللوحة المتنقلة والجدارية فتشترك بكون العمل مؤلفاً من مادة حاملة (خشب أو قماش أو جدار) ومن أساس أبيض وهو المادة التي تتوسط بين المادة الحاملة وعجينة اللون (فحمات الكلسيوم وأكسيد الزنك ممزوجان بالغراء أو الزيت في اللوحة المتنقلة، والكلس المطفأ الممزوج بالرمل وقشر القنب في اللوحة الجدارية)، ثم الطبقة الواقية (الفرنيش في اللوحة المتنقلة أو تأكسد الكلس بملامسة الهواء في اللوحة الجدارية) . وتعتري هذه العناصر المتوضعة بعضها فوق بعض، حاملاً وأساساً وألواناً وفرنيشاً، آفات تؤدي إلى لزوم ترميم العمل برمته؛ فالأساس يتصدع ويتبع ذلك تشقق الألوان وانفكاك طبقتها عن الأساس بشكل تقعرّات أو تحدبات، ويتسخ لون الطبقة الواقية حتى الاسوداد.

يبدأ عمل المرمم بالملاحظة والفحص بالعين المجردة أو يُستعان بالمجهر والتصوير السطحي والشعاعي والطبقي، ثم تؤخذ عينات وتُحلّل في المختبر، ويوضع في ضوء ذلك برنامج لأعمال الترميم بدءاً من تقوية المادة الحاملة أو استبدالها، ثم تثبيت مواضع انفكاك الأساس والألوان عنها بمواد لاصقة، ثم تنظيف الطبقة الواقية أو استبدالها. وإذا ما اكتشفت أثناء الترميم آثار ترميم سابق فيصار إلى إزالته إذا ما اقتضى الأمر ذلك.

يُستعمل في الترميم موادَّ لاصقة فيختار منها ما يلائم الوضع وكذلك مُحلاّت كيمياوية تُعدَّل قوّتها حسب الحاجة، وبعد الصيانة والحفظ يصار إلى تلوين المناطق الناقصة حسب الأصول العلمية المتفق عليها، وبذلك يُعاد رونق العمل الفني إليه وإطالة عمره.

أدوات المرمم المكبّر والمجهر وبعض أدوات الطب والجراحة كالمبضع والملاقط والمحاقن والقطن وكذلك المكواة الساخنة، ويلازم المرمم دفتر أو حاسوب لتدوين العمليات المختلفة التي يجريها والمواد التي يستعملها.

 

إلياس زيات

 

الموضوعات ذات الصلة:

 

تقانات الرسم والتصوير ـ تقانات النحت.

 

مراجع للاستزادة:

 

- Madeleine Hours-Miedan: A la découverte de la Peinture (Paris 1957).

- Xavrer de Langlais: la Technique de la peinture à l’huile (Paris 1969).


التصنيف : العمارة و الفنون التشكيلية والزخرفية
النوع : عمارة وفنون تشكيلية
المجلد: المجلد السادس
رقم الصفحة ضمن المجلد : 370
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 1049
الكل : 56552876
اليوم : 60532

الاتصال ب-الجماهير

الاتصال بالجماهير   يعرّف الاتصال في علوم السلوك بأنه العملية التي يتم بها نقل آثار التغير من أحد أطراف المجال السلوكي، وهو مصدر الإثارة، إلى الطرف الآخر بهدف إحداث تغيير فيه. ويمضي الاتصال في معظم المواقف من مصدر الإثارة وإليه، ويقل أن يمضي في اتجاه واحد حين يكون مباشراً. وتتواصل المخلوقات فيما بينها بأنماط كثيرة ومختلفة، وعلى درجات متفاوتة، وتتحدد العملية، في كل حال، بمكونات الاتصال الأساسية وفي مقدمتها: خصائص الأطراف التي يجري الاتصال فيما بينها، والحدود الفاصلة بين تلك الأطراف، وأدوات الاتصال، ومحتوى عملية الاتصال.
المزيد »