logo

logo

logo

logo

logo

بروكوبيوس

بروكوبيوس

Procopius - Procope

بروكوبيوس

(نحو 500 ـ بعد 563م)

 

بروكوبيوس Prokopios (باللاتينية Procopius)، هو أشهر مؤرخ بيزنطي في القرن السادس الميلادي، عاش في عهد الامبراطور الشهير جستنيان، وعايش محاولة إحياء أمجاد الامبراطورية الرومانية عبر سلسلة من الحروب في الشرق والغرب خلدها في تواريخه.

لا نعرف الكثير عن تفاصيل حياته إلا من خلال الإشارات التي وردت في مؤلفاته. ولد في مدينة قيسارية في فلسطين عام لأسرة من علية القوم، وتلقى تعليماً ممتازاً في البلاغة والحقوق والآداب الكلاسيكية، كان يجيد الإغريقية واللاتينية إلى جانب لغته الأم السريانية الآرامية، كما كان يعرف الفارسية والقوطية الجرمانية، انتقل في وقت مبكر إلى القسطنطينية ونال شهرة كبيرة في المحاماة. صار منذ عام 527 مستشاراً للقائد الكبير بليزاريوس Belisarios وأمين سره، ورافقه في حملاته الحربية على الجبهات الفارسية والإفريقية والإيطالية حتى استدعاه جستنيان وعزله من مناصبه. عاد بروكوبيوس بعدها إلى القسطنطينية، وانصرف إلى تأليف كتبه في السنوات التالية، وشهد مرض الطاعون الذي تفشى في العاصمة عام 542 وترك وصفاً مؤثراً له. وقد أنعم عليه الامبراطور بلقب رفيع وجعله عضواً في مجلس الشيوخ، ويبدو أنه تقلد منصب قائد حامية القسطنطينية وحاكمها عام 562. لا تُعرف معلومات مؤكدة عن سنواته الأخيرة ولا عن سنة وفاته.

تنقسم مؤلفات بروكوبيوس إلى ثلاث فئات هي: الحروب والتاريخ السري والأبنية، وصف فيها أهم أحداث عصره ومختلف أوجه الحياة المادية والاجتماعية والثقافية. يعالج في مؤلفه الرئيس de Bellis تاريخ الحروب في عهد جستنيان في ثمانية كتب أو أجزاء موزعة حسب ساحات القتال، ولعله ألفها بتكليف من بليزاريوس، خصص الكتابين الأول والثاني لتاريخ الحروب الفارسية التي انتهت أولاها عام 532م، ولكنها تجددت بعد هجوم الفرس بقيادة ملكهم كسرى أنوشروان على سورية واحتلال أنطاكية عام 540 ودامت خمس سنوات.

ويروي في الكتابين الثالث والرابع تاريخ الحرب مع الفاندال، التي انتهت بالاستيلاء على عاصمتهم قرطاجة عام 533 والقضاء على دولتهم. ويصف في الكتب الثلاثة التالية (5-7) الحروب التي جرت في إيطالية على القوط الشرقيين وتدمير مملكتهم بعد سقوط رومة ورافنة. أما الكتاب الثامن فهو ملخص الأحداث التي جرت بعد عام 540 مع بعض الإضافات التاريخية.

عاصر بروكوبيوس هذه الحروب، وكان شاهد عيان للكثير من وقائعها، كما استقى معلومات مباشرة من المشاركين فيها، ولكنه استخدم أيضاً وثائق ومصادر كتابية أخرى، إغريقية ولاتينية، كما استعان بمصادر آرامية سريانية. كان شديد العناية بمادته التاريخية، وسعى إلى تقصي الحقيقة بموضوعية ونزاهة، ولكنه كان يُكِن إعجاباً شديداً بشخصية قائده المفضل بليزاريوس. ضمن تاريخه كثيراً من الاستطرادات والشروح الجغرافية والإتنوغرافية والعديد من الخطب والرسائل وفقاً للتقاليد المألوفة في الكتابات التاريخية الكلاسيكية.

أما كتابه عن الأبنية فيبدو أنه وضعه بتكليف من الامبراطور الذي يكيل له آيات الثناء والمديح، فهو يصف فيه الأبنية والمشاريع العمرانية التي شيدها جستنيان في جميع أنحاء الامبراطورية بالاعتماد على السجلات الرسمية، ولذلك، يعد مصدراً من الدرجة الأولى يزخر بالمعلومات الجغرافية والأثرية والفنية مع أدق التفاصيل.

أما كتابه الثالث المعروف باسم Anekdota أو التاريخ السري، الذي نُشر بعد وفاته، فيتضمن كثيراً من النقد اللاذع والروايات والشائعات التي تنال من سمعة الامبراطور جستنيان وزوجته تيودورا وغيرهما من رجال الدولة، ولذلك بقيت نسبته إلى بروكوبيوس زمناً طويلاً مثار شك، ولكن الدراسات الحديثة أكدت نسبته إليه، ويعبر هذا التاريخ عن معارضة حزب مجلس الشيوخ وأرستقراطية العاصمة لسياسة جستنيان.

كان بروكوبيوس ذا نزعة محافظة، وشديد الاعتزاز بانتمائه إلى الطبقات العليا، ومع إيمانه المسيحي، فإن تاريخه لا يخلو من بعض العناصر التقليدية المقتبسة من المؤرخين الكلاسيكيين الوثنيين، من قبيل دور آلهة الحظ والقدر في صنع الأحداث التاريخية.

كتب بروكوبيوس مؤلفاته بلغة إغريقية كلاسيكية واضحة، متأثراً بتقاليد الكتابة التاريخية الموروثة، وخاصة عن توقيديدس، لذلك حظي بتقدير كبير في الماضي والحاضر، فقد سار المؤرخون البيزنطيون على نهجه، وحاولوا تقليده في اللغة والأسلوب وطريقة السرد ووضعوا تواريخهم من حيث انتهى.

كان بروكوبيوس، بلاشك، مؤرخاً من الطراز الأول، ويعد تاريخه أعظم مصدر عن أحداث عصره، وقد نُشرت مؤلفاته في طبعات محققة عديدة مع ترجمات لها بعدة لغات، ومن أشهرها طبعة لويب Loeb الكلاسيكية في ثمانية مجلدات بالإغريقية والإنكليزية.

 

محمد الزين

 

الموضوعات ذات الصلة:

 

جستنيان ـ الفاندال ـ القوط.


التصنيف : التاريخ و الجغرافية و الآثار
النوع : أعلام ومشاهير
المجلد: المجلد الخامس
رقم الصفحة ضمن المجلد : 35
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 519
الكل : 29640005
اليوم : 20015

ماشادو (أنطونيو)

ماشادو (أنطونيو ـ) (1875 ـ 1939)   أنطونيو ماشادو إي رويث Antonio Machado y Ruiz شاعر وكاتب مسرحي إسباني، من جماعة «جيل 1898» التي ضمت كبار روائيي إسبانيا وشعرائها ومسرحييها ونقادها الذين دعوا في أعمالهم إلى ضرورة أن يعي الشعب الإسباني نفسه وموقعه ودوره في أعقاب الحرب الإسبانية - الأمريكية التي خسرت إسبانيا فيها آخر مستعمراتها. ولد ماشادور في مدينة إشبيلية (سِبييَّا) Sevilla بعد سنة من ولادة أخيه مانويل Manuel رفيق دربه شعرياً ومسرحياً. كانت عائلته متواضعة الحال، وقد اضطرّت في عام 1883 إلى الانتقال إلى مدريد. وفي أثناء مرحلة التعليم الثانوي واجهت الأسرة ضائقة مادية عسيرة، مما اضطر أنطونيو إلى العمل في مهن متعددة - ومنها التمثيل المسرحي - بتشجيع من بعض معلّمي مدرسته الذين اكتشفوا موهبته الأدبية والمسرحية.
المزيد »