logo

logo

logo

logo

logo

ديموقريطس

ديموقريطس

Democritus - Démocrite

ديموقريطس

(460-361ق.م)

 

ديموقريطس Democritus، فيلسوف يوناني، ولد في أبديرا من أعمال تراقية باليونان، ومن المحتمل أنه عاش ما بين 90 إلى 109 سنوات، واشتهر بأنه «الفيلسوف الضاحك». درس الرياضيات والهندسة في مصر، وتفوق على علماء عصره والمهندسين المصريين. وقد أنفق ثروة طائلة في الترحال طلباً للعلم والإطلاع، فكان أول فيلسوف يوناني يزور بابل، وبلاد المشرق، كما ذهب إلى أثينا وأقام فيها، ثم عاد إلى موطنه الأصلي حيث أسس مدرسة جمع فيها تلاميذه إلى أن توفي عندما أقدم على الامتناع عن الطعام طوعاً.

تتلمذ ديموقريطس على يد لوقيبوس Leucippus الذي كان يكبره قليلاً، وأخذ عنه نظريته الذرية Atomism، فطورها ووسع تطبيقاتها. وانكب على البحث والتأمل والتأليف، فكان أغزر الفلاسفة إنتاجاً، حتى بلغت كتبه نحو ستين مؤلفاً شملت علوماً عدة: الفلك والطبيعة والرياضيات، والملاحة والجغرافية، والتشريح ووظائف الأعضاء وعلم النفس والفلسفة والموسيقى، ولم يتبق منها إلا شذرات، وكتاب «نظام العالم الصغير». 

النظرية الذرية أو نظرية الجوهر الفرد

الذرة عند ديموقريطس وحدة متجانسة غير محسوسة، لا متناهية العدد، متناهية الدقة - الصِغَر، وهي الجزء الذي لا يتجزّأ من المادة، قديمة، ومتحركة بذاتها. وتتشابه الذرات من حيث الطبيعة - المادة وعدم قبولها القسمة؛ لكنها تختلف من حيث الشكل والوضع والترتيب.

وبوصف ديموقريطس أحد فلاسفة الطبيعة الأوائل- مرحلة التأمل في أصل الكون- الذين حاولوا إعادة الكون إلى جوهر واحد أو مبدأ واحد، فهو يفسر عملية الكون والفساد تبعاً لنظريته الذرية. وبرأيه أنه باتحاد الذرات ينشأ الكون- الحياة، وبافتراقها يتم فساده- زواله، فالأشياء تتركب من ذرات متحركة تلقائياً، ويرجع اختلافها إلى اختلاف مقدار الذرات الداخلة فيها وشكلها وطريقة ترتيبها، ثم تكتسب كيفياتها من لون ورائحة وحرارة، وهكذا تتخلق الأشياء بفعل تصادم الذرات المتحركة في خلاء الكون اللانهائي، فتتنافر وتتباعد بفعل اختلافها، أو تتجاذب وتتآلف بفعل تماثلها. ولأن الخلاء والذرات لانهائية، فالأرجح أن هناك أكواناً أخرى - جمع كون - غير هذا الكون، لا تشبهه. يقول ديمقريطس «... إن الذرات في الأساس جسيمات صغيرة ليست لها نوعية معينة، أما الفراغ، فهو المكان الذي تتحرّك فيه منذ الأزل، وهي في حركتها إما أن تتشابك بشكل ما أو تتصادم بحيث يدفع بعضها بعضاً ثم تتلاشى من جديد».

والنفس عند ديموقريطس مادية تتألف من ذرات كروية، تستطيع النفاذ إلى الأشياء والتحرك، وكذلك النار تتألف من ذرات كروية، لذلك فإن النفس نارية.

والمعرفة عند ديموقريطس مادية، ومصدرها الأساسي الحواس. ويفسر عملية الإدراك الحسي بأن الإحساس يتم نتيجة حركة الذرات في الهواء وتأثيرها في أعضاء الحس المنفعلة بها: حيث يدفع الهواء المحيط بالجسم تلك الذرات من الجسم إلى خارجه ومن الخارج إلى الداخل مع التنفس. وتخرج من الأجسام في كل آن أبخرة تحتفظ بخصائص الجسم وصورته وتطبع الهواء وتنتقل إلى مسام الحواس المدركة، أي إن الهواء يحمل هذه الصور التي تصطدم بالحواس فيتم إدراكها. والمعرفة الحسية صادقة لأنها مادية وواقعية، لكنها نسبية، لأنها معرفة متغايرة من شخص إلى آخر بسبب اختلاف الانطباعات الحسية عن الأشياء.

وترتكز الأخلاق عند ديموقريطس على العقل، بوصفه أداة لتحقيق السعادة الإنسانية، فهو جوهر النبل في الإنسان، ويشكل لديه قوة «اعتدال المزاج»، التي تحقق له حياة الطمأنينة المتحررة من الخرافة والمخاوف، والمفعمة بالبهجة والتفاؤل القائم على ميل سلوك الإنسان نحو الخير بإرادته، فيتم له التمييز بين اللذات التي تتوافق وخيريته، وتحقق له الاعتدال، لأنه أقوم في الرغبات والطموح.

وقد تمكن الإسلاميون من معرفة مذهب ديموقريطس والاطلاع على فلسفته الذرية من الترجمات العربية لكتاب «الآراء الطبيعية لفلوطرخس»، وكتاب «الميتافيزيق أو النفس» لأرسطو، فكان لنظريته أثر كبير في تكوين نظرية الجزء الذي لا يتجزأ عند فلاسفة الإسلام أمثال ابن سينا وابن رشد، والمتكلمين أمثال: المعتزلة، ممثلة بأبي الهذيل العلاف وإبراهيم بن سيار النظام؛ ونظرية الطفرة والحدوث عند الأشاعرة، ممثلة بأبي الحسن الأشعري، وأبي بكر الباقلاني وأبي المعالي الجويني.

حليم أسمر 

الموضوعات ذات الصلة:

أبيقور ـ أرسطو ـ المعتزلة ـ النظّام. 

مراجع للاستزادة:

ـ الشهرستاني، الملل والنحل (البابي الحلبي، القاهرة 1961)،

ـ حسين مروة، النزعات المادية في الفلسفة العربية الإسلامية (دار الفارابي، بيروت 1980).

ـ مصطفى النشار، تاريخ الفلسفة اليونانية من منظور شرقي، السابقون على السفسطائيين (دار قباء 1988).

 

 


التصنيف : الفلسفة و علم الاجتماع و العقائد
النوع : أعلام ومشاهير
المجلد: المجلد التاسع
رقم الصفحة ضمن المجلد : 560
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 1085
الكل : 40489767
اليوم : 19582

تعديل الإشارة (كشف-)

تعديل الإشارة (كشف ـ)   كشف تعديل الإشارة signal demodulation (أو كشف الإشارة signal detection) هو العملية المعاكسة لتعديل الإشارة[ر] وتهدف إلى استعادة إشارة الحزمة القاعدية (الرسالة) من الإشارة المعدَّلة المُستقبَلة على أفضل نحو ممكن. كشف التعديل التمثيلي: ويتضمن: 1ـ كشف التعديل الخطي تؤدي جميع التعديلات الخطية linear لموجة مستمرة (CW) continuous wave التي تشمل التعديل المطالي (AM) والتعديل الثنائي الحزمة الجانبية من دون حامل (SC-DSB) والتعديل الأحادي الحزمة الجانبية (SSB) والتعديل بحزمة جانبية مختزلة (VSB)، إلى إزاحة طيف الإشارة الأصلية نحو الأعلى.
المزيد »