logo

logo

logo

logo

logo

الخُرطوم

خرطوم

Khartoum - Khartoum

الخرطوم

 

الخرطوم Khartoum مُجمَّع حضري agglomeration كبير على مستوى الوطن العربي، وتعد الخرطوم العاصمة الأم metropolis لجمهورية السودان، وتتألف من ثلاث مدن رئيسة هي: الخرطوم التي تقع على الضفة الجنوبية لنهر النيل الأزرق، والشرقية للنيل الأبيض، والخرطوم بحري أو خرطوم الشمالية، والتي تقع إلى الشمال من السابقة ويفصل بينهما النيل الأزرق، وأخيراً أم درمان التي تقع إلى الغرب من المدينتين المذكورتين وإلى الغرب من النيل الأبيض. وهكذا فإن العاصمة السودانية المعاصرة تسمى الخرطوم ثلاثية المدن (المدينة المثلثة)، إضافة إلى الكثير من المراكز العمرانية التي ابتلعها التوسع الحضري، وأضحت جزءاً من المجمع الحضري إذ إن بعضها لا يزال يحسب خارج التجمع على الرغم من التحامه معه، الأمر الذي يجعل عدد سكانه مختلفاً بين تقدير إحصائي وآخر.

يقع مجمع الخرطوم الحضري في موقع استراتيجي عند ملتقى النيلين الأزرق والأبيض، في أرض سهلية على حدود الصحراء الإفريقية الكبرى، وعلى مقربة من المناطق الجنوبية - المدارية الرطبة والمطيرة، والتي تكثر فيها الجداول والأنهار والمستنقعات. وإلى الشرق والجنوب الشرقي منها توجد سهول البطانة والجزيرة الخصبة التي تمدها بالمنتجات الزراعية المتنوعة والوافرة. وإلى الغرب والجنوب الغربي تنتشر زراعة الحبوب وتربية الحيوانات التي تعد الخرطوم أكبر سوق استهلاكي لمنتجاتها.

يحتل مجمع الخرطوم مساحة من الأرض تزيد على 500كم2، ويرتفع عن سطح البحر نحو 400م، ويقع عند خط العرض 15 درجة و33 دقيقة شمال خط الاستواء، وعند خط الطول 32 درجة و32 دقيقة شرق غرينتش، وبذلك يكون ضمن النطاق المداري.

يعد مناخ الخرطوم مناخاً مدارياً جافاً وحاراً، إذ تزيد درجة الحرارة في معظم أيام السنة على30 درجة مئوية، وقد تصل إلى 48 درجة في شـهرحزيران، لكن قد تنخفض في شـهر كانون الأول إلى 6 درجات، وهذا شبه نادر، إذ إن متوسط حرارة كانون الثاني بحدود 24 درجة. تهطل الأمطار في فصل الصيف ما بين تموز وأيلول، ويبلغ المتوسط السنوي نحو 150مم، لكن يتبخر أغلبها بسرعة بسبب الارتفاع الكبير للحرارة.

تشير التنقيبات الأثرية إلى أن موقع الخرطوم كان مسكوناً منذ نحو 6000 سنة مضت، وأن العمران لم ينقطع في هذا الموقع طوال عصور التاريخ، فقد اعتراه في مراحل نمو وازدهار، ومراحل أخرى أسهمت في تراجع العمران وانحطاطه، وهذا دليلٌ على أهمية هذا الموقع ومواءمته لنشوء المدن وازدهارها.

هناك اختلاف في سبب التسمية، إذ يرجع بعضهم الاسم إلى نبات القرطم، بينما يرجعه آخرون إلى كلمةٍ من لغة قبائل الدنكا، تعني ملتقى الأنهار والعيون، والشائع عند العرب أنها سُميت بالخرطوم لأنها تقع عند التقاء النهرين اللذين يشبه امتدادهما وتلاقيهما خرطوم الفيل.

تعود بداية التاريخ الحديث للمدينة إلى منتصف القرن الثاني الميلادي، حين أُسست نواة أول استيطان في جزيرة توتي (وسط النيل) ومنها انتشر العمران في العصور اللاحقة إلى المدن الثلاث المشكلة للخرطوم المعاصرة. وفي عام 1821، اختار الأتراك الخرطوم لتكون عاصمة السودان، وفي عام 1823 أضحت معسكراً لابن والي مصر محمد علي في أثناء الحكم المصري للسودان، ونُقل مقر الحكم من مدينة سنّار إليها، وازداد عدد سكانها، بعد أن كانت قرية صغيرة في بداية القرن التاسع عشر، وأضحى 15 ألفاً عام 1848، وبلغ 250 ألفاً عام 1869. وكانت نسبة السودانيين وقتئذ 20% فقط، والباقي من الأتراك والمصريين والسوريين والمغاربة والأوربيين.

اختار المهديون بزعامة الإمام المهدي، حينما سيطروا على الحكم، مدينة أم درمان في عام 1885 لتكون عاصمة للسودان، فأُهملت الخرطوم وهُجِرت، فزاد عدد سكان أم درمان إلى 150000 نسمة عام 1898، حين هزمت جيوش المهدية في موقعة كرري، الأمر الذي أدى إلى انحطاطها وهروب سكانها، إذ هجر المدينة أكثر من 100 ألف نسمة في بضعة أيام متتالية بعد الموقعة، ثم أُهملت مع الأيام. وكانت الخرطوم بحري قرية صغيرة، لكنها نمت بعد ذلك وازدهرت.

عاد الاهتمام إلى الخرطوم في مدة الحكم الثنائي (1898-1956)، فأضحت عاصمة من جديد، وتركزت بها المباني الحكومية والإدارات، وشُيدت الأحياء السكنية الحديثة فوصل عدد السكان عام 1913 إلى 25 ألف نسمة. وإن كانت الخرطوم بحري أصغر وأقل عراقة من الخرطوم وأم درمان، لكن وصلها بسكة الحديد وإشادة الميناء النهري فيها وتشييد بضعة مصانع فيها، جعلها تنمو وتتطور كضلع ثالث من أضلاع العاصمة المثلثة الشكل.

بلغ عدد سكان المدن الثلاث 250 ألف نسمة عام 1956، ووصل إلى 800 ألف عام 1973، وإلى 3 ملايين عام 2000، ويتوقع خبراء الأمم المتحدة أن يصل الرقم إلى 5.8 مليون عام 2015، مع أن الإحصاء السكاني الذي جرى عام 1990 يشير إلى أن عدد سكان مجمع الخرطوم قد بلغ وقتئذ 3.6 مليون نسمة، وعليه فإن العدد يقترب حالياً (مع سكان الضواحي) من 5 ملايين نسمة. فالخرطوم ذات جاذبية للمهاجرين من الأرياف في السودان، لتوفر فرص العمل أو تحسين الدخل أكثر من بقية المراكز العمرانية، إذ إن المدينة الثانية في البلاد من حيث عدد السكان وهي بور سودان، لا يزيد عدد سكانها على نصف مليون نسمة. تبلغ نسبة سكان العاصمة إلى مجموع سكان السودان 10%، حسب إحصائيات الأمم المتحدة، وترتفع إلى نحو 15% بحسب الواقع الفعلي، وهي نسبة معتدلة بالمقارنة مع بعض المدن - العواصم - في أغلب بلدان الوطن العربي، لكن إذا عرف أن نسبة سكان المدن في السودان لا تزيد على 40%، وجد أن نسبة سكان الخرطوم إلى مجموع السكان الحضر في السودان تزيد على 35%.

تبلغ الكثافة العامة للسكان في الخرطوم نحو 6500ن/كم2، لكن هذه الكثافة شديدة الاختلاف من حي لآخر، وهي بحدود 500ن/كم2 في مناطق السكن المخصص للأثرياء والمسؤولين، وترتفع ارتفاعاً حاداً في مناطق السكن الشعبي ـ العشوائي، وقد تصل في بعض الأحيان إلى 30 ألف ن/كم2، على الرغم من كون أغلب المساكن من طابق واحد، وهذا دليل على تكدس الأبنية والسكان، مع ندرة الحدائق والمساحات الخضراء وانخفاض نسبة الشوارع والأرصفة والساحات والاستخدامات الوظيفية الأخرى، ولاسيما أن 80% من المباني هي سكنية في عموم المجمع الحضري.

تقدر نسبة السكن العشوائي في الخرطوم بحدود نصف أعداد المساكن المستخدمة، ولا يتمتع هذا السكن بأي شروط خدمية أو عمرانية أو صحية أو جمالية تناسب الإنسان المعاصر، حيث تنعدم أو تقل الطرق النظامية المعبدة والصرف الصحي وماء الشرب النقي والكهرباء والمؤسسات التربوية. تبنى هذه المساكن من الطوب أو الطين والخشب والقصب والصفيح، وهي ضيقة إذ إن الكثير من المساكن الأسروية لا يزيد مساحة الواحد منها على مساحة غرفة واحدة. وفي الوقت نفسه الذي لا يقطن في الخرطوم سوى 10ـ15% من سكان السودان، هناك نحو 85% من الشركات تتخذ منها مقراً لها، و75% من المؤسسات الصناعية فيها، ونحو 75% من فرص العمل أيضاً، و65% من الخدمات المصرفية والتجارية، و57% من الأطباء، و90% من الجامعات، و35% من سكان الحضر، و21% من أسرّة المشافي. ويرجع هذا التركز الشديد في العاصمة إلى شد المهاجرين من جميع أقاليم البلاد، بل من خارجها أيضاً، ولاسيما من البلدان المجاورة، بسبب كثرة النزاعات وتكرار الجفاف والقحط والمجاعات داخل السودان وفيما حوله.

تعد الخرطوم المركز الصناعي الأول والمهيمن في البلاد، وأكبر تركز للمؤسسات الصناعية في خرطوم بحري، أما أهم الصناعات فيمكن أن يُذكر منها: الغزل والنسيج وصناعة الألبسة وصناعة الورق والورق المقوى والصناعات الغذائية والمنظفات والأدوية ومواد البناء وغيرها.

مدينة الخرطوم

والخرطوم عقدة نقل بري وجوي ونهري، حيث تعد ملتقىً ومفترقاً ومنطلقاً للطرق البرية وسكك القطارات والخطوط الجوية والمراكب التي تبحر في النيليين وتصل بين أجزاء المدينة، كما تصل شرقي البلاد بغربيها وشماليها بجنوبيها، ويتم من خلالها الاتصال مع البلدان المجاورة والبعيدة. وتُستخدم عربات «الركشة» الثلاثية العجلات في النقل الداخلي ضمن المدينة، مع أنها بطيئة الحركة.

والخرطوم مركز علمي وثقافي بارز، فيه ثماني جامعات، والكثير من المعاهد ومراكز الأبحاث والمراكز الثقافية ودور النشر والعرض والمراكز الرياضية والمسارح ودور السينما وحديقة للحيوان ومتنزه للألعاب ومتاحف عدة ومتنوعة، إضافة إلى الكثير من المساجد والكنائس ولمختلف المذاهب والفرق، إضافة إلى انتشار الوثنية عند بعض السكان، علماً بأن نحو نصف السكان من غير العرب، وهناك تعايش بين العروق والأديان وحوار حضاري يحترم فيه كل طرف الطرف الآخر.

تضم المدينة الكثير من المباني التراثية الباقية من العصور التاريخية السابقة مثل: قبب الأتراك، والأبنية الحكومية، والمساجد - الجوامع، والكاتدرائيات والكنائس الكاثوليكية والأنغليكانية واليونانية والقبطية والمارونية والأسواق القديمة.

 

عدنان عطية 

الموضوعات ذات الصلة:

 

السودان. 

 

مراجع للاستزادة:

 

ـ رجاء وحيد دويدري، جغرافية الوطن العربي في إفريقية (دمشق 2001).

ـ محمد محمود الصياد ومحمد عبد الغني السعودي، السودان (القاهرة 1968).

- UN Compendium of Human Settlements (New York 1995).

 


التصنيف : التاريخ و الجغرافية و الآثار
النوع : سياحة
المجلد: المجلدالثامن
رقم الصفحة ضمن المجلد : 783
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 1098
الكل : 40544984
اليوم : 74799

التأقلم البشري

التأقلم البشري   التأقلم البشري acclimatizaion مقدرة الإنسان على التلاؤم مع التغيرات التي تحدث في بيئته، مثل تغيّر درجة حرارة المحيط والارتفاع والمناخ والبيئات. وتتصف هذه التغيرات بأنها متدرجة تثير استجابة طويلة الأمد. أمّا التغيرات الفجائية التي تثير استجابة سريعة قصيرة الأمد عن طريق الجملة العصبية والغدد الصمّاوية فلا تدخل في نطاق التأقلم.
المزيد »