logo

logo

logo

logo

logo

الحراجة

حراجه

Sylviculture - Sylviculture

الحِراجة

 

الحراجة sylviculture هي علم تنمية الغابات وتربيتها، ودراسة تقنيات زراعتها واستثمارها وتحسينها ورفع إنتاجيتها، كما يبحث في القوانين الأساسية والعلمية التي تؤثر في نمو الغابة كوحدة حيوية وفي تطورها وتجديدها طبيعياً أو اصطناعياً.

لمحة تاريخية

الحِراجة أحد فروع المعرفة القديمة التي برزت فكرتها نتيجة الحاجة إلى الخبرة العملية والفنية لا العلمية. وتعود البدايات التاريخية للمعرفة الحراجية إلى القرن الثالث قبل الميلاد عند الإغريق والرومان القدماء ويُعدّ فيوفراست Feofrast أولَ من وضع كتاباً عن الأشجار الحراجية، أما البدايات الجدية للحِراجة فترجع إلى ما قبل ثلاثمئة سنة تقريباً. وكان لقدماء الألمان باعٌ طويلٌ في مجال تنمية الغابات وتربيتها في تلك المرحلة، ومن أشهر وأقدم مَنْ عَمِل وكَتب منهم في هذا المجال هامز كارل فون كارلوفيتز Hams Carl Von Carlowitz عام 1713م، و ج.ل هارتغ C.L.Hartig عام 1791م، أتى بعدهما الكثير من المتخصصين الإنكليز والفرنسيين والأمريكيين والسوڤييت.

أمَّا في الوطن العربي فمايزال عِلم تنمية الغابات وتربيتها في بدايته، وفي سورية افتتحت للمرة الأولى المدرسة الحراجية الإقليمية للشرق الأدنى عام 1959 في بوقا (اللاذقية) بإشراف منظمة الأغذية والزراعة لتدريس طلاب أقطار الشرق الأدنى العلوم الحراجية في مدة سنتين، ومنحهم شهادة مراقب حراجي. وألحقت هذ المدرسة بالجامعة العربية عام 1969م  ومن ثم بالمنظمة العربية للتنمية الزراعية عام 1976م ومازالت حتى اليوم باسم «المعهد العربي للغابات والمراعي» إذ يمكن لطلبة الدول العربية متابعة الدراسة لمدة سنتين والحصول على دبلوم تخصص في الغابات والمراعي والتنوع الحيوي. كما أُسِّس قسم «إدارة وتنظيم الغابات» في وزارة الزراعة، وأُحدثت فيه «دائرة تربية وتنمية الغابات» عام 1989م، وافتتح قسم الحِراج والبيئة عام 1993م في كلية الزراعة بجامعة دمشق، وقبل ذلك العام بوشر بتدريس المقررات ذات الصلة في كلية الزراعة بدمشق وحلب.

تصنيف الغابات بحسب شكلها وتربيتها وتكاثرها:

1- بحسب الشكل: تقسم الغابات أو التجمعات الحراجية بحسب شكلها إلى:

- غابات بسيطة: تكون تيجان أشجارها في طابق واحد، وغالباً ما تكون الغابة نقية في عمر واحد، مثل غابة الصنوبر الثمري في لبنان.

- غابات معقدة: تكون تيجان أشجارها موزعة في طابقين أو أكثر. وقد تكون الغابات المعقدة نقيِّة مختلفة الأعمار، بمعنى أن تيجان الأشجار المعمرة تكون في الطابق العلوي وتيجان الأشجار الفتية في الطابق السفلي.

2- بحسب التركيب: تقسم إلى:

- غابة نقيِّة pure forest: ينمو فيها نوع أو صنف واحد من الأشجار كغابة الصنوبر الحلبي أو البروتي في سورية، وهي نادرة الوجود في الطبيعة، كما يطلق اسم غابة نقية على الغابة التي تكون فيها نسبة النوع السائد90 % فأكثر من العدد الكلي لأشجار الأنواع الداخلة في تركيبها، يمكن الحصول على غابة نقية بالتشجير الاصطناعي لنوع واحد من الأشجار.

غابة مختلطة mixed forest: ينمو فيها نوعان من الأشجار الحراجية أو أكثر مثل غابة الصنوبر البروتي والسنديان العذري في سورية. وتكون فيها نسبة النوع السائد أقل من 90% من العدد الكلي لأشجار الأنواع الأخرى. ولا تشكل تجمعات الباقات الحراجية النقية غابة مختلطة.

3- بحسب التكاثر: تقسم الغابات إلى:

- غابة متكاثرة جنسياً (بذرياً): تدعى بالغابة العالية أو الغابة البذرية المنشأ وتُعَدُّ معظم الغابات المخروطية بذرية المنشأ عدا غابة السيكويا التي تتكاثر خضرياً (لاجنسياً) بالخلائف.

- غابة متكاثرة لا جنسياً (خضرياً بوساطة الخلائف): تدعى بالغابة الخضرية المنشأ أو غابة الجم أو المنسغة مثل غابات البلّوط أو الكينا أو الحور... وغيرها من غابات الأشجار العريضة الأوراق.

- غابة متكاثرة جنسياً أولا جنسياً (خضرياً أوبذرياً): وتدعى بغابة الجم التي تتكون تحت الغابة العالية.

نظم تنمية الغابات وتربيتها وتجديدها

تشمل هذه النظم قطوع عمليات التنمية والاستثمار المطبقة في مختلف الأطوار الحياتية للغابات، بدءاً من طور البادِرة وإلى نهاية طور النضج وما بعده. وتُنفَّذ هذه القطوع بطرائق وأشكال مختلفة بحسب عُمر الغابة وتركيبها وشكلها وطريقة تكاثرها والشروط البيئية السائدة وغيرها من العوامل.

ويجب أن تحقق هذه النظمُ رفعَ إنتاجية الغابة وتحسين خواص منتجاتها الخشبية وغير الخشبية مع الحفاظ على الأدوار البيئية للغابة وضمان تجددها. ويمكن تمييز ثلاثة نظم رئيسية للقطوع وهي قطوع التربية أو العناية، قطع الاستثمار الرئيسي أو الأساسي، القطوع المعقدة أو المركبة.

قطوع التربية: يقصد منها إجراء تفريد (خف) أشجار الغابة بغية توفير الشروط الملائمة لنمو الأشجار المتبقية وتكوين أفضل الجذوع وزيادة النمو السنوي للاحتياطي الخشبي المتبقي وتحسين نوعية الخشب الناتج. كما تهدف هذه القطوع إلى تربية أشجار الأنواع العالية الإنتاجية بمادة أولية معيّنة، وزيادة حجم الاستثمار في الغابة، وإلى الاحتفاظ بالأشجار التي لها أفضل شكل للساق والتاج والأجود بنموها، واستبعاد الأشجار الرديئة بنموها والتي تعوّق نمو الأشجار المنتخبة وتنظيم عددها وتوزعها في الغابة المحددة، إضافة إلى تحقيق الأهداف البيئية الوقائية الأخرى.

تُوقَف قطوع التربية قبل بلوغ الغابة مرحلة القطع الاستثماري بمدة 10-20 سنة في الغابات البذرية المنشأ المخروطية والعريضة الأوراق، وقبل 5-10 سنوات في الغابات الخضرية المنشأ الصغيرة والعريضة الأوراق على السواء.

تقسم قطوع التربية في الغابة بحسب مراحل عمرها  إلى ثلاثة أشكال متطابقة عُمرياً (فتية - متوسطة العمر - قريبة من النضج)، ويُضاف إليها شكل رابع يدعى القطع الصحي أو الإنقاذي يُنفَّذ في أي مرحلة من عمر الغابة عند ظهور أيٍ من الظواهر المَرَضيّة الجدية فيها.

أ- قطع التربية للعناية بالغابة الفتيّة: يُجرى للحدِّ من خطر قضاء الغطاء العشبي والأنواع الخشبية الثانوية على النوع السائد المطلوب، وللحدِّ من خطر الحرائق ومن الأثر التنافسي بين الأشجار حاملات البذور والأشجار الهرمة غير المقطوعة في أثناء القطع الرئيسي للاستثمار. و يُنفذَّ على مرحلتين:

1)  قطع الإضاءة (التنوير): يهدف إلى الحفاظ على أفضل أشجار النوع الرئيسي وتأمين نسبتها المطلوبة في تركيب الغابة مع تحسين نموها. ويُنفذ في عُمر مبكرٍ في السنوات العشر الأولى عادةً وفي طور الدَّغلة قبل تلاصق التيجان وذلك لمكافحة الأثر التنافسي للأعشاب ومن ثم إزالة الجنبات وأشجار الأنواع المنافسة ولاسيما الخضرية المنشأ والتي تُظلِّل النوع الرئيسي من الأعلى.

2)  قطع التنظيف: يبدأ هذا القطع مع تلاصق تيجان الأشجار الفتيِّة. ويُراعى فيه المحافظة على أشجارالأنواع الأكثر أهمية وقيمة داخل النوع الواحد، وعند تحديد أفضل الأشجار لابد من الأخذ بالحسبان الأشجار المحيطة بها والنظر إليها كمجموعات حيوية وتحديد دور كل شجرة منها في الغابة.

3) القطع الإنقاذي في الغابة الفتية: يُنفذ مع قطوع الإضاءة والتنظيف، أو على نحو مستقل ويشمل قطع حاملات البذور، والغراس المتضررة بالحيوانات والعوامل المناخية لتجديدها خضرياً بالخلائف، وإزالة الخلائف التي تقضي على النوع الرئيسي وتقويم البادرات المتضررة من تنفيذ القطع وترحيل الأشجار حاملات البذور، إضافة إلى ترقيع الأماكن الخالية من البادرات وتقليم الفروع الجانبية المنخفضة وإزالة البراعم الجانبية لتحسين نوعية الخشب ومن دون عقد، كما يشمل قطع الأشجار المصابة بآفة مَرَضية أو حَشَرية وغيرها.

ب- قطع التربية بالتفريد في الغابة المتوسطة العمر: تُنفذ هذه العملية في طور خضوع الأشجار الضعيفة للمنافسة الشديدة بغية الحدِّ من الموت الطبيعي وذلك بإزالتها واستثمار جزء من خشبها مما يزيد معدل الاستثمار العام للغابة في وحدة المساحة، ويسهم التفريد أيضاً في المحافظة على أشجار الأنواع والأشكال الأعلى قيمةً في الغابة المختلطة ضمن النوع الواحد.

في أثناء التفريد تقطع بالدرجة الأولى الأشجار التي تكون تيجانها ضعيفة النمو وسوقها معوجَّة وشديدة التفرع، وكذلك أشجار الأنواع الثانوية المنافسة للنوع الرئيسي. وتُترك بعض أشجار الأنواع الثانوية التي تؤدي دوراً إيجابياً مسرِّعاً للنمو الطولي الحيوي. يجري التفريد عدة مرات وتتوقف شدته وكثافته على عوامل كثيرة أهمها متوسط ارتفاع الغابة.

ففي الغابة النقية الموحدة العمر يمكن أن يجري التفريد على نحو منتظم أي بقطع صف وترك عدة صفوف أو انتقائياً أي بقطع الأشجار الضعيفة والمعوجة والمعطوبة وترك القوية والسليمة، أو بشكل معقد أو مركب أي بقطع صف وترك عدة صفوف وإجراء تفريد انتقائي للأشجار في الصفوف المتروكة من دون قطع. كما يجب تقليم الأشجار المتبقية إلى ارتفاع لايزيد على 6 م في أثناء إجراء التفريد الشجري.

ج- قطع التربية في الغابة القريبة من النضج (قطع تحسيني): تهدف إلى تأمين الشروط الملائمة لزيادة النمو السنوي لأفضل الأشجار وأكثرها قيمة واستقامة وتعرية من الفروع الميِّتة، وذلك بقطع واستبعاد الأشجار الضعيفة والمعوجة وكثيرة التفرع والمعطوبة التي تعوّق نمو الأشجار الجيدة المتروكة. تعطي هذه القطوع أخشاباً لسدِّ حاجة الصناعات الخشبية بالمادة الأولية. يجب أن يتم القطع بالتفريد المعتدل للأشجار بغية تحرير تيجان الأشجار المنتخبة والمتبقية لحين موعد إجراء قطع الاستثمار الرئيسي وألاّ يؤدي إلى خفض الاحتياطي الخشبي في عمر النضج.

ويجب أن توقف القطوع التحسينية في الغابات قبل 15-20 سنة من موعد قطع الاستثمار الأساسي.

د- القطع الإنقاذي: يجرى في مراحل مختلفة من حياة الغابة عند الضرورة بغية إنقاذ الغابة من المؤثرات الخارجية غير الملائمة كالحشرات والأمراض والحرائق والريح وغيرها، فتُقطع الأشجار المصابة للاستفادة منها قبل تلفها وانتشار الإصابة على الأشجار المتبقية في الغابة.

ويجب إزالة الفروع السفلية الميتة المتبقية على الأشجار القائمة على ارتفاع 6م فوق سطح التربة للحصول على خشب نظيف بأقل عدد من العقد في وحدة الطول أو المساحة من الساق وبأصغرها قطراً، كما تحدّ هذه العملية من انتشار الحرائق وتساعد على التجديد الطبيعي في الغابة.

قطوع الاستثمار الرئيسي أو الأساسي: تُنفذ في الغابة التي بلغت مرحلة النضج التكنولوجي حينما يصير خشب الغابة مادةً أوليةً صالحة للاستخدام في مجال محدد، مثل صناعة الألواح الخشبية وعجينة الورق وغيرها. وتشتمل قطوع الاستثمار الرئيسي على العمليات الآتية:

أ- القطع الاصطفائي: يقطع جزء من الأشجار المحددة عمراً وحجماً ونوعية، وتجدد الغابة في المساحات المقطوعة بالبذور الناتجة من الأشجار المتبقية، ويقسم هذا المقطع إلى قسمين: قطع اصطفائي تاجي لأفضل الأشجار من الأعلى. وقطع اصطفائي من الأسفل للأشجار الضعيفة النمو والمتضررة فقط.

ب- القطع الكلي (الشامل): تقطع جميع أشجار الغابة دفعةً واحدة، أو تترك بعض الأشجار كأمهات بذاره أحياناً. يؤدي هذا القطع إلى حدوث تغيرات كبيرة في النظم الضوئية والحرارية والمائية، وإلى تغيّر في خصائص التربة والتركيب النباتي للغابة الناتجة. ولابد من استخدام التشجير الاصطناعي لتجديد الغابة.

وقد تأخذ القطوع الرئيسية أشكالاً مختلطة (قطاعات إفرادية أو مركزة، تدريجية متجانسة أو تحضيرية أو على شكل باقات لصيانة مساقط المياه وفي الأحزمة الخضراء حول المدن). وتنفذ داخل الغابة ضمن دورة استثمارية محددة زمنياً ومساحة بحسب أهمية الغابة وعمرها.

القطوع المركبة (المعقدة): تنفذ في الغابة المختلطة الثنائية الطابق (المعقدة) والمختلفة الأعمار في التجمعات الحراجية المخروطية على مرحلة أو اثنتين أو ثلاث مراحل. وبمدة فاصلة بين كل مرحلتين بحدود عشر سنوات. تطبق فيها قطوع الاستثمار الرئيسي والتربية كما سبق ذكره.

العناية بالغابة وتحسين إنتاجيتها

إن رفع إنتاجية الغابات من الأخشاب هو أحد أهم المسائل الصعبة التي تعترض العاملين في إطار الحِراجة، وينبغي أن تؤخذ في الحسبان الشروط الطبيعية والاقتصادية والاجتماعية. وتتمثل في أربعة اتجاهات:

- الاستثمار الأمثل للغابات.

- تسريع نمو الغابات بالتأثير في شروط النموّ واصطفاء الغراس الجيدة واستصلاح أراضي الغابات.

- تسريع تنمية التجمعات الحِراجية وتشكيلها.

- إنشاء التجمعات الحِراجية وتجديدها وتحسين تركيبها بإدخال أنواع خشبية سريعة النمو وعالية الإنتاجية ومقاوِمة للآفات المختلفة.

محمد قربيصة 

الموضوعات ذات الصلة:

 

التقليم ـ الراتنجيات.

 

مراجع للاستزادة:

 

ـ جرجس قدح، مبادئ تربية وتنمية الغابات (جامعة الدول العربية، المنظمة العربية للتنمية الزراعية الخرطوم 1991م).

ـ  أكرم سليمان الخوري، أحمد جيرودية، الحراج والمشاتل الحراجية (جامعة دمشق 1994م).

- L.S.MELEXOV, Forest Production (Mos­cow, Agropromizet 1989).


التصنيف : الزراعة و البيطرة
المجلد: المجلدالثامن
رقم الصفحة ضمن المجلد : 127
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 522
الكل : 29638877
اليوم : 18887

الجرائم الواقعة على أمن الدولة

الجرائم الواقعة على أمن الدولة   للدولة، بوصفها شخصية معنوية، حقوق أساسية ومصالح وقيم يتطلب صونها وحمايتها، ومؤيدات جزائية تطال من يحاول الاعتداء عليها أو العبث بها، وتصنف الحقوق الأساسية التي تتمتع بها الدولة في زمرتين: زمرة الحقوق الدولية التي تنبع من طبيعتها كتجسيد للدولة في علاقاتها مع الدول الأخرى في الميدان الدولي وكتعبير عن إرادتها في السيادة، وتمارسها بصفتها شخصاً من أشخاص القانون الدولي. وزمرة الحقوق الملازمة للدولة كي تتمكن مؤسساتها وأجهزتها من القيام بوظيفتها الأساسية تجاه الرعية من أفراد وجماعات والتي تتجلى بتوطيد الأمن وإقامة العدل وضمان تحقيق الخدمات العامة، لخير المواطنين ورفاهيتهم، وتنبع هذه المهام من طبيعة الدولة كحكومة تمارس هذه الحقوق الداخلية بصفتها شخصاً من أشخاص القانون الداخلي.
المزيد »