logo

logo

logo

logo

logo

الشرعية (مبدأ-)

شرعيه (مبدا)

Legitimacy - Légitimité

الشرعية (مبدأ ـ)

 

يقصد بالشرعية مبدأ Principe de la légalité الخضوع للقانون، ولا تكون الدولة دولة قانونية L’État de droit إلا إذا خضع كل من الحكام والمحكومين للقانون، وشمل تطبيق القانون جميع السلطات الحاكمة في الدولة. وبناء على ذلك، فالسلطة التشريعية[ر] يتعين عليها أن تخضع للقانون الدستوري، وأن تباشر وظيفتها في حدود أحكامه، كما يجب أن تحترم القوانين العادية التي تضعها، فلا تخرج على أحكامها طالما هي قائمة ونافذة، وكذلك تلتزم السلطة القضائية بأداء وظيفتها، وهي تطبيق القانون على النزاعات التي تعرض عليها، وليس لها أن تخالف أحكام القانون الملزمة بتطبيقه، والسلطة التنفيذية[ر] بدورها يجب أن تحترم القوانين سواء في مباشرتها لوظيفتها الحكومية أوفي نطاق أدائها وظيفتها الإدارية.

دلالات خضوع الحكومة للقانون

انقسم الفقه حول بيان المقصود بخضوع الحكومة للقانون، فرأى فريق منهم أن هذا الخضوع مؤداه الحظر على الإدارة بأن تأتي عملاً قانونياً أومادياً مخالفاً للقانون، في حين يفسر فريق ثان خضوع الحكومة للقانون بضرورة استنادها في كل ما تأتيه من أعمال إلى أساس من القانون، إذ لايكفي أن يكون عمل الإدارة غير مخالف للقانون، بل يجب أن يكون مستنداً إلى قاعدة قانونية تجيزه، حتى يكون مشروعاً، ويلاحظ أن هذين المفهومين يكملان بعضهما بعضاً؛ فالأول يضع التزاماً سلبياً على عاتق الإدارة، بأن لا تخالف القانون؛ ويضع الثاني التزاماً إيجابياً عليها، بأن يكون عملها مستنداً إلى أساس من القانون يجيزه، سواء أكان هذا الأساس قاعدة مكتوبة أم قاعدة عرفية أم مبدأ قانونياً عاماً.

مصادر الشرعية

 الواقع أن القانون الذي تخضع له الحكومة لا يقتصر على القواعد التي تضعها السلطة التشريعية، وإنما يشمل كل قواعد القانون الوضعي، أياً كان مصدرها، وأياً كان شكلها (القواعد الدستورية والقوانين الصادرة عن السلطة التشريعية واللوائح)، وسواء أكانت مكتوبة أم غير مكتوبة (العرف، والمبادئ العامة للقانون.)، ويلاحظ أن الدولة لاتطالب بالخضوع إلى نظامها القانوني الداخلي فحسب، وإنما تطالب أيضاً بالخضوع إلى النظام القانوني الدولي بمصادره المعروفة (ولا سيما المعاهدات الدولية)، حتى لا تتعرض للمسؤولية الدولية[ر].

 جزاء مبدأ الشرعية: la sanction du principe de la légalité

 يترتب على مخالفة الإدارة لمبدأ الشرعية بطلان التصرف الذي خالفت به القانون، ويتفاوت هذا البطلان في جسامته وآثاره وفقاً لدرجة المخالفة، والمسلم به أن البطلان يجب أن يتم عن طريق سلطة يمنحها القانون هذا الحق، ويمنح هذا الحق عادة إما إلى الإدارة الحكومية ذاتها، فتقوم رقابة المشروعية في هذه الحالة رقابة إدارية Le contrôle administratif   juridictionnel، وتقوم الإدارة ذاتها في حالة الرقابة الإدارية بمراقبة مدى خضوع تصرفاتها للقانون، إما بناء على طلب الأفراد، أو من تلقاء نفسها، ولكن في أحوال كثيرة لا تعترف الإدارة بمخالفة تصرفاتها، وأعمالها للقانون، فتعهد برقابة المشروعية إلى القضاء، وهذه المهمة تقوم بها المحاكم نفسها التي تفصل في الخصومات بين الأفراد (المحاكم العادية)، وذلك كما هي الحال في الدول الأنكلوأمركية، أوقد تقوم بها جهات قضائية متخصصة في الفصل في المنازعات التي تكون الحكومة طرفاً فيها (القضاء الإداري)، وذلك كما هي الحال في فرنسا والدول التي أخذت بنظامها القانوني.

موازنة مبدأ الشرعية

 إن سريان مبدأ الشرعية في كل الأحيان وفي كل الظروف هو القاعدة الأصلية، وهو الضمان في النهاية لحقوق الأفراد وحرياتهم، ولكن مع ذلك فإن تطبيق هذا المبدأ يحتاج إلى بعض المرونة بالنسبة لبعض اختصاصات الإدارة، لذلك ترد على هذا المبدأ بعض الاستثناءات تعد عامل موازنة له:

1ـ نظرية الضرورة cas d’urgence: حيث إن القوانين قد وضعت لتطبق في الظروف العادية، بيد أنه من المستقر عليه أن الدولة تملك الخروج عليها إذا واجهت ظروفاً استثنائية لا يمكن دفعها بالأساليب القانونية العادية، وإلا تعرضت الدولة ذاتها لأبلغ الضرر، إلا أن هذه السلطات التي تعطى للدولة في ظل هذه الظروف لا تكون مطلقة من كل قيد، إذ يجب أن تثبت حالة الضرورة بشكل حقيقي، وأن يثبت استحالة مواجهة هذه الظروف الاستثنائية باتباع أحكام وإجراءات القواعد القانونية القائمة والمقررة للظروف العادية، كما يجب أن تقدر الضرورة بقدرها، بحيث تمارس السلطات الاستثنائية بقدر ما تتطلبه الظروف التي برّرتها.

2 ـ السلطة التقديرية le pouvoir discrétionnaire: فالمشرِّع إما أن يحدد الأوضاع والكيفيات التي يجب أن تمارس الإدارة وفقاً لها اختصاصها، فيكون عندئذ اختصاصها مقيداً (وسلطتها مقيدة)، أو أن يمنحها اختصاصاً تقديرياً، أو(سلطة تقديرية)، ولاشك في أن السلطة المقيدة هي الأسلوب التشريعي المثالي لحماية حقوق الأفراد، حيث يحدد اختصاص الإدارة تشريعيًا بشكل يمنعها من التعسف والتحكم، ولكن المصلحة العامة اقتضت الاعتراف للإدارة الحكومية بسلطة تقديرية في بعض الحالات، تعطيها قدرة على الاختيار ضمن المواقف المختلفة، حتى لا ينتهي الأمر بها إلى الجمود، وتعطيل المرافق العامة[ر].

ويلاحظ أن رقابة القضاء على أعمال الإدارة الحكومية من حيث شرعيتها لا تكون إلا في النطاق الذي تمارس الإدارة فيه سلطتها المقيدة، في حين تتضاءل هذه الرقابة حين تمارس الإدارة سلطتها التقديرية، ولكن هذا لا يعني أن الإدارة تعمل عند مباشرتها لسلطتها التقديرية في حل من كل قيد، بل تكون مقيدة من حيث الهدف الذي تتوخاه من وراء مباشرتها لنشاطها، والذي يجب أن يدور دائماً في فلك المصلحة العامة، وإلا كان تصرفها مشوباً بالانحراف في السلطة.

3 ـ نظرية أعمال السيادة: أعمال السيادة هي طائفة من أعمال السلطة التنفيذية، تتمتع بحصانة ضد رقابة القضاء بجميع صورها ومظاهرها، سواء في ذلك رقابة الإلغاء ورقابة التعويض، وقد اختلف الفقه في تبرير هذه النظرية، ولكن من المستقر عليه، أنها نظرية منتقدة، حتى إن بعضهم يراها وصمة في جبين القانون العام، لذلك فإن القضاء والفقه في العصر الحالي يسيران نحو تقييدها.

مهند نوح

 

 الموضوعات ذات الصلة:

 

السيادة ـ القانون ـ مجلس الدولة ـ الهيئة المركزية للرقابة والتفتيش.

 

 مراجع للاستزادة:

 

ـ سليمان الطماوي، القضاء الإداري، قضاء الإلغاء (دار الفكر العربي، القاهرة 1996).

ـ محمود محمود حافظ، القضاء الإداري (دار النهضة العربية، القاهرة 1993).


التصنيف : القانون
المجلد: المجلد الحادي عشر
رقم الصفحة ضمن المجلد : 638
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 564
الكل : 29665296
اليوم : 45306

ألكسندر (صموئيل-)

ألكسندر (صموئيل ـ) (1859 ـ 1938)   صموئيل ألكسندر Samuel Alexander فيلسوف بريطاني. ولد ونشأ في سيدني بأسترالية، وحاز الإجازة الجامعية من ملبورن. وأتاحت له منحة دراسية السفر إلى أكسفورد في بريطانية لدراسة الرياضيات والفلسفة. وتعمق فيما بعد في دراسة علم النفس وعلم الأحياء. وعين أخيراً في كرسي الفلسفة في جامعة فكتورية بمانشستر حيث درّس منذ عام 1893 حتى 1924. وتوفي في مانشستر.
المزيد »