logo

logo

logo

logo

logo

دلفي

دلفي

Delphi - Delphes

دلفي

 

 

تمثل دلفي Delphi إحدى المدن الرئيسة في مقاطعة فوكيس Phocis اليونانية التي تشغل المنطقة الوسطى في اليونان. وتقع دلفي (أو دلفوي Delphoi، كما تسمى في الأصل اليوناني) على السفوح الجنوبية الشرقية لجبل برناسوس Parnassus  والذي كان يعد منزلاً لربات الفنون التسع، وعلى بعد عشر كيلومترات تقريباً من خليج كورنثة في الجنوب. وكان يقوم فيها معبد لأبولون[ر] Apollon إله النبوءة والتطهير والواقي من الشر، وكان أقدم معابد بلاد اليونان وأقدسها، إذ يرجع تاريخه إلى الألف الثاني قبل الميلاد، وكان أشهر مركز للنبوءة في العالم الهلّيني. وقد تصور الجغرافي هكاتيوس Hecataeus (نحو 540-480ق.م) في كتابه (رحلة حول الأرض) أن دلفي تشكل مركزاً لقرص الأرض. وفي الواقع أنها كانت في نظر اليونان مركزاً لدائرة بلادهم، وإذا كانت بلاد اليونان نفسها تحتل مركزاً وسطاً بين طرفي العالم القديم، فقد اشتهرت دلفي بالحجر المقدس في معبدها، والذي يمثل سرّة الأرض Omphalus، ويشكل قدس أقداس معبد أبولّون المقدس منذ أقدم العصور. ولعل مكان دلفي كان في الأصل مركزاً لعبادة الأرض بوصفها ربة الأمومة، ثم أصبح فيما بعد مركزاً لعبادة أبولّون، وموضع نبوءته الشهيرة. ويُرسم أبولّون في الفن اليوناني القديم جالساً فوق هذا الحجر، وكان كل مكان في موضع مركزي يسمى (أومفالوس) أي (سرّة المنطقة).

وقد ازدادت أهمية دلفي وارتفع شأنها في أثناء المرحلة المسماة بعصر الانتشـار اليوناني(750-550ق.م)، إذ كان الناس يحجون إلى هذا المكان المقدس من كل صوب، التماساً لمشورة الإله قبل الإقدام على مشروعات هامة أو خطيرة، وفي مقدمتها تأسيس المستعمرات ودخول الحرب ووضع بعض القوانين كدستور ليكورغوس[ر] Lycurgus في إسبرطة على سبيل المثال. ويتبين من التنبؤات السياسية التي صدرت عن معبد دلفي أن كهنته كانوا على معرفة واسعة بالأحداث الجارية والأحوال السائدة في مختلف المدن اليونانية، لقد كانت دلفي بمثابة مركز لجمع المعلومات من أنحاء العالم الهلّيني.

   
   
   
 
 

آثار بناء مستدير مقبب على أعمدة رخامية فوق موقع معبد أثينا

   

وتتمثل أهمية دلفي قبل أي شيء آخر، في أنها كانت نقطة التقاء لدول المدن اليونانية التي مزقتها الخلافات.وقد تمتعت بمركز فريد ونفوذ كبير في أداء رسالتها في تجميع صفوف اليونانيين وتسوية خلافاتهم (عن طريق التحكيم)، وأيضاً في طريقة التنبؤ المثيرة (وهي على نقيض التنبؤ الهادئ عن طريق فحص أحشاء الحيوان أو مراقبة مسار الطيور وهو ما يعرف بالعرافة). ومنذ عام 582ق.م، كانت تقام في دلفي دورة الألعاب الرياضية الدولية المسماة (البيثية) تيمناً باسم كاهنة معبد دلفي بيثيا Pythia، وكانت هذه الدورة تعقد مرة كل أربع سنوات، وتلي مباشرة في الأهمية دورة الألعاب الرياضية الأولمبية. وثمة عامل آخر يرتبط بأهمية دلفي الدينية، هو ارتباطها (بالحلف الأمفكتيوني)، وهو حلف ديني الطابع اكتسب أهمية منذ القرن السابع ق.م، ويتألف من الدويلات المتجاورة Amphictiones في بلاد اليونان الشمالية والوسطى، وكان القصد من إنشائه هو حماية معابد الأقاليم المتحالفة وصيانة مقدساتها بالتعاون مع دلفي نفسها التي تم الاعتراف بها كمركز عام للعبادة في القرن الخامس ق.م، إذ أصبح مجلس الحلف ممثلاً للدويلات اليونانية عامة.

وقد تدهور نفوذ دلفي والحلف الأمفكتيوني في العصر الهلّنستي إذ استولى (الحلف الإيتولي) على المدينة نحو 300ق.م. وتعرضت دلفي لإغارة الغال في عام 279ق.م، ثم تعرضت في العصور التالية للتخريب على يد البرابرة الغزاة، ولم يتورع القائد الروماني سلاّ(86-85ق.م) عن نهب كنوز معبدها، واستغلالها في خدمة أغراضه العسكرية، لكن دلفي عادت وانتعشت مؤقتاً في عصر الامبراطور الروماني هادريان (117-138م)، ولم يدم هذا الانتعاش طويلاً وكان أشبه بصحوة الموت، إذ حل (علم التنجيم) محل مختلف طرق التنبؤ القديمة المعتمدة في دلفي، إضافة إلى ظهور مراكز منافسة أخرى لدلفي. وتلقت دلفي الضربة القاضية حين أعلنت المسيحية ديانة رسمية للامبراطورية الرومانية في عهد الامبراطور تيودوسيوس الأول (379-395م). أجريت تنقيبات أثرية في دلفي من قبل المدرسة الفرنسية في أثينا منذ عام 1892م، أدت إلى إظهار أوابدها القديمة، وعلى رأسها معبد أبولون ومعبد أثينا، إضافة إلى المسرح وميدان السباق وبيوت المال لعدة مدن إغريقية، وخاصة أثينا ومرسيليا. ويضم متحف دلفي اليوم عدداً كبيراً من التماثيل والتحف الفنية والفخاريات ومجموعة من النقوش الإغريقية. ويقصدها السياح والزائرون للتمتع أيضاً بموقعها الطبيعي الفريد الذي يعد من أعظم المواقع جمالاً في بلاد اليونان.

خليل سارة 

الموضوعات ذات الصلة:

أبولون.  

مراجع للاستزداة:

ـ عبد اللطيف أحمد علي، التاريخ اليوناني (بيروت 1967).

ـ لطفي عبد الوهاب يحيى، اليونان (بيروت 1979).


التصنيف : التاريخ و الجغرافية و الآثار
النوع : سياحة
المجلد: المجلد التاسع
رقم الصفحة ضمن المجلد : 317
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 1076
الكل : 40533940
اليوم : 63755

الندرة الاقتصادية

الندرة الاقتصادية   تتمثل المشكلة الاقتصادية في الندرة النسبية للموارد الاقتصادية إزاء تعدد احتياجات الإنسان وتطورها ولهذه المشكلة ركنان أساسيان هما: الندرة من جهة، والاختيار، وهو الطريق الذي يحدده علم الاقتصاد بهدف حلها من جهة أخرى.
المزيد »