logo

logo

logo

logo

logo

سويسرا (الفن في -)

سويسرا (الفن في )

Switzerland - Suisse

سويسرا (المظاهر الحضارية في ـ)

 

سويسرا، سقف مصور نحو 1150، تفصيل (كنيسة مارتان)

انتشرت العمارة الرومية المسيحية Roman منذ نهاية القرن الحادي عشر مع ما رافقها من فنون تصويرية ونحتية، ثم تطورت هذه الفنون مع ظهور الكنائس في المدن، زوريخ ولوزان ونوشاتيل، فصارت الفنون من خلال العمارة أكثر التصاقاً بالمجتمع المدني، وفي هذه المدن ابتدأت الفنون تتحول من الطابع الرومي إلى الطابع القوطي كما في كاتدرائية بال، وكاتدرائية لوزان.

ولم تقتصر الفنون التشكيلية على وجودها في الكاتدرائيات بل تعدتها إلى مبان أخرى مثل مدفن نبلاء نوشاتيل (1372) حيث توجد مجموعة نحتية ملونة لنسوة وفرسان.

وتجلى فن التصوير القوطي بصور حياة السيد المسيح ضمن مباني الكاتدرائيات، على أن هذا الفن بدا أكثر إشراقاً في أعمال الزجاج المعشق بالرصاص، هذا الزجاج الملون المقطع لكي يشكل موضوعاً دينياً يشف النور الخارجي. ويُشاهد أشهر نموذج لهذا التصوير الزجاجي في كنيسة كونيغز فيلدن (1325-1330) Konigsfelden والممثلة في إحدى عشرة نافذة كبيرة مقسمة عمودياً ثلاثة أقسام، تمثل قصص القديسين والحواريين مع السيد المسيح.

وظهر فن المرقنات القوطي على المخطوطات المحفوظة في الأديرة، ولم تكن موضوعات هذه الصور دينية دائماً، فقد اهتم المصورون منذ منتصف القرن الخامس عشر برسم الصور غير الدينية لتزيين المخطوطات، ومنها مخطوط مانيس المحفوظ في هيديلبرغ وكان قد صوِّر في زوريخ.

ويختلف الترقين القوطي عن المنمنمات الإسلامية التي تمتاز بالدقة الخارقة، ومع ذلك يطلق عليه اسم المنمنمات.

الفن في عصر النهضة

انتقل الفن السويسري منذ مطلع القرن السادس عشر من الطابع القوطي إلى طابع عصر النهضة[ر]، وبدا هذا الطراز الجديد في عمارة القصور التي أنشئت في المدن الكبرى.

وفي مجال التصوير ظهر تأثير الفنانين المشهورين الألمان هانز هولباين الأب في مدينة اوغسبورغ، ثم ابنه هانز هولباين[ر] الصغير الذي تميز ببراعته في تصوير الوجوه واللوحات الدينية التي صورها في لندن وفي موطنه ألمانيا.

أما اورس غراف (1485-1527) Urs Graf فقد أقام في بال وستراسبورغ وزوريخ، وتمتاز أعماله في التصوير والحفر بالطابع الزخرفي المشرق.

ثم كان دوتش (1484-1530) Deutch مصوراً وكاتباً وجندياً مارس السياسة واشتهر بها. ويمثل أسلوبه في التصوير طابع مرحلة الانتقال إلى عصر النهضة. وعندما انتشر فن الباروك[ر] في أوربا لم يظهر في سويسرا. ولكن في القرن الثامن عشر برز من المصورين ليوتارد (1702-1789) Liotard فكان واحداً من أبرز مصوري الوجوه في عصره، ويعد من أوائل المصورين المستشرقين الذين صوروا ملامح الحياة التركية.

وانتشر في سويسرا تصوير المناظر الطبيعية في مناطق جبال الألب التي كانت تستهوي المصورين الجوالين ومن بينهم كالام (1810-1864) Calame ومين (1815-1893) B.Menn الذي تميزت لوحاته بالطابع التقريري الذي ظهر في باريس على يد فناني الطبيعة من أمثال كورو[ر] وروسو[ر] ممثل مدرسة الباربيزون.

الفن بعد عصر النهضة

سويسرا، هولدر: "ضفاف بحيرة تون" ( نحو عام 1905)

تأثر الفن السويسري بتيارات أوربا الغربية كالمدرسة الإبداعية [ر] (الرومنسية) التي بدت ذات موضوعات أسطورية وخيالية. وكان من ممثلي هذا الاتجاه بوكلين، ثم ظهر اتجاه طبيعي تمثل في أعمال هودلر (1853-1918) F.Hodler حيث صور الطبيعة مع بعض الأشخاص، وفي باريس أقام هودلر معرضاً بأسلوبه الرمزي لموضوعات تاريخية، وكان له تأثير في المدرسة التعبيرية[ر] في ألمانيا.

الفن السويسري في القرن العشرين

انتقلت المدرسة الانطباعية[ر] إلى سويسرا في القرن العشرين، وصارت المدن الرئيسية في سويسرا؛ جنيف وبال وزوريخ مـراكز النـشـاط الـفني المـبدع على يد النحات جياكوميتي (1868-1933) Giacometti والمصور فاللوتون (1865-1925) Vallotton الذي لمع اسمه في فرنسا بوصفه قريباً من مدرسة الأنبياء Nabis وناشطاً على مستوى الفن والرواية. ثم عاد إلى موطنه. ويتميز أسلوبه التصويري بالواقعية الدقيقة وبألوان صارخة غالباً، وقد استمد الفنانون السويسريون المعاصرون من أسلوبه. أما كونو أميه (1868-1961) C.Amiet فقد تنقل من الواقعيـة الحميمية إلى الوحشـية[ر] ومنها إلى التعبيرية، كما تأثر بارّو (1889-1654) Barraud بأسلوب سيزان[ر] مع بعض الحميمية التي تجلت في أعمال جيمي (1886-1965) W.Gimmi وبورغو (1824-1916) M.Borgeaux وقد استقر أسلوبه محاكياً أسلوب فاللوتون مع إشراق ألوانه ودقة في تصوير المشاهد الداخلية التي أسقط ذاتيته فيها. ويتصف أسلوب بارت (1881-1953) P.Barth بالإشراق اللوني نفسه.

وتبنى أوبرجُنْوا (1872-1957) R.Auberjonois أسلوباً مبسطاً وصل إلى حدود السذاجة، إلا أنه يكشف عن علاقة بأسلوب سيزان والمدرسة التكعيبية[ر]، وبذلك احتل مكانة بارزة بين الفنانين السويسريين الحداثيين.

وينتســب إلى الـتعبيريـة الألمانية كل من فارتان W.Vartin وكامب M.Kampf أمـا بوشار (1888-1960) T.Boshard فقد قادته النزعة الضوئية في الألوان إلى الانقطاع عن الواقع والانحياز إلى التجريدية[ر].

الفن الحديث في سويسرا

سويسرا، جياكومتي: "الرجل الذي يمشي" (1960)

كان للنحات جياكوميتي ولدان اشتهرا بوصفهما مصورين، الأول اسمه دييجو الذي تمسك بنزعة زخرفية خيالية في أعماله التصويرية. أما أخوه البرتو جياكوميتي (1901-1966)، فقد مارس التكعيبية في أعماله التصويرية والنحتية، ثم انحاز إلى السريالية[ر] بأسلوب خاص متميز. ونرى هذا الاتجاه السريالي عند ويمكم (1905-1940) W.K.Wiemkem وعند فيشر فيلْس (1909-1958) Fischer-Fils.

ومن الصعب تصنيف أسلوب إرني (1909-1949) H.Erni الذي بدا في لوحات كبيرة زخرفياً، كما في الإعلانات والحفر، وأسلوبه مزيج من الرمزية والتخطيطية الهندسية التجريدية.

وانتشرت النزعة التجريدية في الفن السويسري تبعاً لانتشارها في أوربا، وكان من أقطاب هذه النزعة الفنان الكبير بول كلى (1879-1949) Paul Klee الذي ذاع صيته في أوربا كلها، ولكن مزاولته الفنية كانت غالباً في ألمانيا، حيث قدم أعمالاً تعبيرية وسريالية وتجريدية حملت طابعه الخاص المتميز بالغنائية الموسيقية، إذ كان موسيقياً أقحم مفهوم اللحن في التصوير، وحين طرد من ألمانيا إبان طغيان النازية عاد إلى موطنه أشبه باللاجئ.

عُـرف بول كلي بنزعته الاستشراقية، إذ مضى إلى تونس والقيروان مع أصدقائه، ماكه[ر] Av. Macke  ومواليه L.Moilliet ، كما سافر إلى القاهرة وترك أعمالاً عدة تأثر فيها بالفن العربي.

ولابد من ذكر المهندس المعمار الشهير لوكوربوزييه (1887-1964) Le Corbusier الذي اشتهر بروائعه المعمارية في فرنسا وخارجها، ولكنه اشتهر أيضاً بوصفه مصوراً مبدعاً درس التصوير في مدرسة الفنون الجميلة في مدينته La Chaux - de - Fonds وابتكر أسلوباً أطلق عليه اسم «الصفائية» purisme التي تصحح أخطاء التكعيبية التي انحرفت نحو الزخرفة.

ولادة مدرسة الدادا في زوريخ

لا بد من ذكر المصورة توبر آرب (1889-1943) S.Teuber Arp وهي زوجة النحات الشهير آرب[ر] وأصبحت فرنسية بزواجها به عام 1922 بعد تعارفهما في زوريخ عام 1915، إذ قامت بنصيب كبير في تأسيس مذهب الدادا الفوضوي في حانة فولتير ومشاركة زوجها آرب وتريستان تزارا عام 1917.

وشغلت هذه الفنانة منصب التدريس في مدرسة الفنون في زوريخ من عام 1916 إلى عام 1929. وفي هذه المرحلة من عمرها كانت تزاول التصوير الهندسي التجريدي الذي عرفت به دائماً، منذ أن أقامت في فرنسا عام 1929 حتى موتها بحادث عام 1943.

وكـان تـأثـير أسلوبها واضحاً في أعمال ماكس بيل (1908-1985) M.Bill المصور والنحات والسياسي الذي مال إلى أسلوب موندريان[ر] المصور الهولندي المتمثل بالتجريدية الهندسية، التي أطلق عليها اسم «الفن المحض» l’art concreé حسب آرب وبيل الذي أسس مجموعة أليانس Alianz.

 

ومن المصورين السويسريين المشهورين بأسلوبهم التجريدي شنايدر (1896-1980) G.Schneider الذي تخلص من تأثير استاذه الفرنسي كورمون A.Cormon وصار منذ عام 1944 تجريدياً غنائياً، وتمثل أسلوبه بلمسات ضخمة بريشة تحمل ألواناً صارخة.

سويسرا، فالتر م. فولدرر: جامعة سان غال (1963)

وجدت الاتجاهات التصويرية في سويسرا ممثلين لها خارج سويسرا حيث انتشرت المدرسة الدادائية الحديثة التي شارك فيها روت D.Rot والمدرسة البقعية Tachisme ومن أقطابها السويسري ايزلي R.Iseli، والمدرسة الواقعية الحديثة[ر] التي برز فيها ستامبفلي P.Stampfli وهوفكونسـت H.Hofkunst.

وضمن هذا التيار النازح عن سويسرا لا بد من ذكر المصور كروتي (1878-1958) J.Crotti الذي تزوج من سوزان دوشان Duchamp شقيقة المصورين الشهيرين مارسيل دوشان[ر] وفيلون[ر]. وقد تميز كروتي باستعماله الزجاج عوضاً عن الألوان لتكوين لوحات تتوضع فيها قطع الزجاج الملون والخام كي تتداخل الألوان المتوضعة لتشكيل ألوان متممة.

وللحديث عـن التصوير لا بد من الوقوف أمام أعمال النحت السويسري الذي عَرفت سويسرا أنماطه الواقعية والتشخيصية figuratif، ثم انتقلت في العصر الحديث إلى النحت غير التشخيصي non-figuratif أي التجريدي.

ويُذكر من النحاتين التمثيليين هالر (1880-1950) H.Haller الذي أقام في باريس من عام 1907 إلى عام 1914، ممارساً النحت التمثيلي.

أما بيننغر O.Ch. Beanninger فلقد كان تلميذاً للنحات الفرنسي بورديل Bourdelle، ولكنه يبقى أكثر قرباً للنحات مايول Maillol بأسلوبه التعبيري. وكان بركهارت (1878-1923) C.Burckhardt أكثر أمانة في اتباعه أسلوب مايول.

كذلك يجب الوقوف طويلاً أمام عملاق النحت السويسري الحديث ألبرتو جياكوميتي A.Giacometti الذي يحتل مكاناً بارزاً في عالم النحت الحديث، كان جياكوميتي قد تأثر برسوم التاسيلي التي تعود إلى العصور الحجرية الحديثة في جنوبي تونس والجزائر، ويبدو نحته الذي تركز على تمثيل الإنسان عارياً ممشوقاً في فضاء لا حدود لـه، تعبيراً عن نزعة وجودية عبر عنها الفيلسوف سارتر[ر] في كتابه عن جياكوميتي.

وبرز النحت التجريدي في سويسرا على يد ايشباكير H.Eschbacher حيث بدت الشخوص مسلات عالية متناغمة بعضها مع بعض بأشكالها الهندسية.

وحين اعتمد المعدن في الأعمال النحتية المجردة أو السريالية، ظهر في سويسرا النحات موللر R.Muller الذي دمج الشاعرية بالخلائط المعدنية.

أخيراً لا بد من ذكر المصور والنحات زولتان كيميني (1907-1965) Z.Kemeny الهنغاري الأصل الذي مزج التصوير التجريدي بالعناصر المعدنية في صوره البارزة.

عفيف بهنسي

 

 

 

 


التصنيف : العمارة و الفنون التشكيلية والزخرفية
النوع : عمارة وفنون تشكيلية
المجلد: المجلد الحادي عشر
رقم الصفحة ضمن المجلد : 366
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 1700
الكل : 45603554
اليوم : 4237

بونتوس

بونتوس   بونتوس Pontus اسم يطلق على أحد أقاليم آسيا الصغرى الشمالية جنوب البحر الأسود، يحده نهرا الهاليس Halys والكولخيس Colchis ويمتد جنوباً إلى إقليم كابادوكية وأرمينية الصغرى، ويضم الإقليم جغرافياً عدداً من سلاسل الجبال التي توازي ساحل البحر مع سهلين كونتهما دلتات نهري الهاليس وإيريس Iris، مما جعل مواصلات الإقليم مع آسيا الصغرى صعبة نسبياً. وتتصف أراضي الإقليم بخصوبة فريدة وتوافر المياه التي أدت إلى نجاح زراعة أشجار الزيتون والجوز والفواكه والأخشاب الصناعية، ولاسيما في المناطق الداخلية إضافة إلى نجاح زراعة الحبوب ونمو العشب الصالح للرعي في السهوب الداخلية القريبة، في حين لم تكن السهوب البعيدة صالحة لأي استثمار زراعي أو حيواني.
المزيد »