logo

logo

logo

logo

logo

الأرجنتين (الجغرافية والتاريخ)

ارجنتين (جغرافيه تاريخ)

Argentina - Argentine

الأرجنتين

 

الأرجنتين Argentina هي إحدى جمهوريات أمريكة الجنوبية وثانية دولها اتساعاً، بعد البرازيل. عاصمتها بونس آيرس.

وعلى الرغم من بعد تلك الدولة عن الأقطار العربية، فقد بلغها العرب، وجعلوا منها أحد مغترباتهم في العصر الحديث.

أطلق على الدولة اسم الأرجنتين أي «البلاد الفضية»، اشتقاقاً من اللاتينية «أرجنتوم» أي الفضة. أما اسمها الرسمي فهو الجمهورية الأرجنتينية، أو «أرخنتينة». واللغة الرسمية للدولة هي الإسبانية، علماً بأن اسم «ريو دي لا بلاتا»، الذي سبق أن أُطلق على مصب نهر بارانا - أورغواي، شمل الأرجنتين أيضاً، وظل يطلق على أراضي الأرجنتين عامة، ردحاً طويلاً من الزمن، قبل الاستقلال، وقبل أن تأخذ الدولة اسمها الرسمي الحالي.

الجغرافية الطبيعية

الموقع والحدود : تمتد الأرجنتين بموقعها المتطرف كأنها منعزلة عن باقي العالم. فهي أقرب إلى القارة القطبية المتجمدة الجنوبية من أية أرض مأهولة أخرى. وقد أدى هذا الموقع النائي إلى تأخير اتجاه الهجرة إلى الأرجنتين أكثر من قرنين من الزمن. ومما يزيد في أهمية موقعها محاذاتها لعدد من دول أمريكة الجنوبية المختلفة في أقاليمها الطبيعية (المدارية وشبه المدارية والمعتدلة) وإشرافها مع تشيلي على مضيق ماجلان، وكونها قاعدة متقدمة في اتجاه قارة القطب الجنوبي. وتتمتع الأرجنتين بحدود طبيعية واضحة المعالم، ففي الشمال لها حدود مشتركة مع بوليفية وباراغواي والبرازيل، وفي الشرق مع البرازيل وأوراغواي وريو دي لابلاتا والمحيط الأطلسي. وتؤلف مجاري الأنهار القسم الأكبر من حدود الأرجنتين، مع الدول المذكورة. وفي الغرب تؤلف جبال الأنديز [ر] الحاجز الطبيعي الفاصل بين الأرجنتين وتشيلي.

أما الحدود الجنوبية فهي ملتقى مياه المحيطين الأطلسي والهادئ، حيث ممر دريك، أو هوثيس، الواقع بين جزيرة أرض النار وقارة القطب الجنوبي.

تقع الأرجنتين في النصف الجنوبي من الكرة الأرضية وتمتد من خط عرض 21 درجة و45 دقيقة و50 ثانية إلى خط عرض 55 درجة و3 دقائق و30 ثانية جنوباً (عند رأس سان بيو في جزيرة أرض النار) أي على امتداد قدره 3694كم ومن خط طول 53 درجة و38 دقيقة و 52 ثانية إلى 73 درجة و29 دقيقة و30 ثانية غرباً.ويختلف عرضها بين الشمال والجنوب، فهو 1423كم في الشمال، ونحو 400كم في الجنوب، ثم يضيق تدريجياً حتى ينعدم في طرف جزيرة أرض النار.

وهكذا، فللأرجنتين شكل مثلثي قاعدته في الشمال ورأسه في الجنوب، وكذلك القطاع التابع لها من القارة القطبية الجنوبية. وتبلغ مساحتها مع جزر مالفيناس (فوكلند) 2791000كم2 (مساحة الجزر نحو 12 ألف كم2)، أما القطاع القطبي، المدعى لها، فتبلغ مساحته، مع جزره نحو 969000كم2، وهذا القطاع يمتد بين خطي طول 25 درجة و74 درجة غرباً، وبين خط عرض 60 درجة جنوباً ونقطة القطب الجنوبي.

وللأرجنتين بعض مشكلات الحدود مع جارتيها تشيلي وأورغواي لكنها خلافات ضيقة، وخاضعة للأمر الواقع والتحكيم.

وخلافها الرئيس هو مع المملكة المتحدة،ويتمثل في عدة مشكلات حول السيادة على جزر مالفيناس، التي يدعوها البريطانيون «فوكلند» (على بعد 700كم إلى الشرق من باتاغونية [ر])، وعلى جزر أخرى نائية في المحيط الأطلسي والمتجمد الجنوبي إلى الشرق والجنوب الشرقي من مالفيناس، إضافة إلى القطاع الذي تدعيه الأرجنتين من القارة القطبية الجنوبية حيث توجد لها فيه حالياً ثماني قواعد تابعة للجيش والبحرية والطيران، ومحطة مدنية للاستقصاء والبحث العلمي. وقد استقرت بعض الأسر بجانب إحدى قواعد الجيش، لتأكيد السيادة الأرجنتينية عليها.

وتعود مشكلة مالفيناس إلى عام 1833م عندما انتزعتها بريطانية من إسبانية بمباركة من الولايات المتحدة. وفي عام 1982، قام النظام العسكري الحاكم آنئذ في الأرجنتين باحتلال مفاجئ للجزر، غير أن بريطانية لم تلبث أن استعادتها بالقوة بمعونة من الولايات المتحدة أيضاً.

التضاريس: تقسم الأرض الأرجنتينية، بنيوياً ومورفولوجياً، إلى ثلاثة أقسام على الوجه التالي:

كورديلييرا الأنديز: وتشكل تركيباً جبلياً معقداً بدأ يتكّون في الحقب الجيولوجي الأول. تعود التوائاته الرئيسية إلى النيوجين، وفي الحقب الرابع تخلعت بالصدوع والانهدامات وتعرضت إلى نشاط بركاني كبير زاد في ارتفاعاتها القصوى، حتى إن هناك نحو 30 قمة يزيد علوها على 5000م. مما يفسر الحركات الزلزالية الكثيرة.

وهناك عقد من جبال أقدم مسايرة للأنديز، مثل سييرا قرطبة (دون 2000م) وسييرا فينتانا (1243م) وسييرا تنديل. وتنقسم الأنديز الأرجنتينية إلى ثلاثة أقسام: الشمالي والأوسط والجنوبي.

يؤلف القسم الشمالي مظاهر كتلية ومائدية هي كتلة لابونا دي أتاكاما، وتوصف بأنها صحراء عالية الارتفاع (4000م) تقطعها سلسلة يزيد علوها على 5000م. وتشرف عليها من الغرب براكين شاهقة أكبرها ليوليا ييلاكو (6750م). أما من الشرق فتحدها سلاسل خوخوي وسالتا وتوكومان، التي تنخفض إلى ما دون 3000م. وهناك أودية حتية ضيقة تدعى كيبراداس تعمقت في هذه الجبال.

وفي القسم الأوسط تتقطع لابونا إلى سليسلات قصيرة متكتلة تحيط بمنخفضات قاحلة. وفي هذا القسم يقع بركان آكونكاغوا الشاهق المشرف عليها من ارتفاع 6959م، وهو أعلى قمة في القارة الأمريكية كلها، وتنحدر منه جليديات كبيرة.

أما القسم الجنوبي فيقع إلى الجنوب من خط عرض 36درجة، وفيه تضيق السلسلة وتنخفض (معظمها بين 2000 و3000م) وتتجزأ عرضياً، وكان للعصر الجليدي أثره في تشكيل أودية مستعرضة وبحيرات مثل ناهوال - هوابي، وبونس آيرس، وأرخنتينو وسواها، تتغذى من الجليديات الجبلية.

السهول: وهي تغطي القسم الأكبر من الأرجنتين إلى الشرق من الأنديز وتتألف من ثلاثة أقسام هي: تشاكو العظمى وبلاد ما بين النهرين والبامبا.

تقع تشاكو العظمى في أقصى الشمال بين سفوح الأنديز ونهر باراغواي ويقل ارتفاعها عن 200م، وفي شمالها يقع خط تقسيم المياه بين حوضي الأمازون ولابلاتا، اللذين كان يغطيهما نطاق بحري متصل قبل أن تملأهما الرسوبيات.

وتقع بلاد ما بين النهرين (انتري ريوس) بين نهري بارانا وأورغواي وتتألف من رقعة دلتاوية قديمة كثيراً ما تتعرض للغرق بالفيضانات، وهي أدنى أراضي الأرجنتين ارتفاعاً (دون 100م).

أما البامبا فتمثل الجزء الأوسط المنبسط من سهول الأرجنتين وتعني السهل المستوي العديم الشجر والحجارة، وهي ترتفع غرباً حتى مستوى 1000م عند سفوح الأنديز، على بعد 100كم أي بمعدل صعود متر واحد في الكيلومتر.

وتتألف البامبا من تربة ناعمة سهلة النقل ومن طمي ولوْس Loess وتكثر فيها المنخفضات حيث تتشكل البرك والمناقع.

هضبة باتاغونية: وتقع إلى الجنوب من نهر كولورادو، وهي تماثل البامبا من حيث الآفاق المستوية إلا أنها ذات أشكال مائدية أعلى ارتفاعاً وأقل اتساعاً تتألف من رسوبيات الحقبين الثاني والثالث مع أغشية بازلتية. وترتفع 1500 - 2000م في الغرب وتشرف بجرف عال 50 - 150م على المحيط الأطلسي. أما شواطئ الأرجنتين فطولها 4725كم وتفتقر إلى الموانئ الطبيعية.

المناخ والمياه: يتأثر مناخ الأرجنتين بامتداد البلاد على درجات عرض كثيرة، وبمرور مدار الجدي قرب حدودها الشمالية مما يجعل التفاوت الحراري كبيراً بين الشمال والجنوب (الوسطي السنوي 25ْ - 6ْ مئوية على التوالي).

ويتأثر كذلك بوقوعها في ظل مطر كورديلييرا الأنديز إذ يحرمها هذا الموقع من المؤثرات الرطبة والمعدلة للمحيط الهادئ باستثناء القسم الجنوبي (جنوب عرض 40ْ) حيث تنخفض الجبال وتضيق فعندها يظهر تأثير المحيط الهادئ على غربي باتاغونية ولا سيما في فصل الشتاء. ثم إنها تتأثر تأثراً بارزاً بالمحيط الأطلسي: فهو معدل ومصدر رئيس للمطر ولا سيما في فصل الصيف.

وعلى هذا توجد في الأرجنتين ثلاثة أنظمة مناخية مطرية هيدروغرافية هي النظام الأطلسي والنظام الهادئ والنظام الجاف.

ففي النظام الأطلسي تتناقص الأمطار في اتجاه الجنوب الغربي (بوساداس في ميسيونيس 1630مم - روساريو على بارانا 944مم - كامبوغاليو 621مم)، ويظهر في هذا الاتجاه الشتاء الجاف، يعود ويرتفع في جبال مقدمة الأنديز في غرب البامبا إلى 1500مم، وتكون هذه الجبال منشأ عدد من أنهار السهول الداخلية. أما القسم الساحلي فهو غزير المطر ومعتدل (بونس آيرس 1200مم ووسطي الحرارة 16.5ْ). لكن الشبكة المائية الغنية لهذا النظام هي في الشمال الشرقي حيث الأعداد الهائلة من النهيرات التي تتجمع وتكوّن نهري بارانا (4000كم) وأورغواي اللذين يجتمعان ويكونان ما يسمى نهر لابلاتا. وقبل ذلك بنحو 1200كم يكون البارانا قد التقى نهر باراغواي. وتعد هذه الشبكة ثالث مجموعة نهرية في العالم بغزارتها (بعد الأمازون والكونغو). ويصلح نهر بارانا للملاحة النَهرية حتى مدينة سانتافي، لذا تتوغل فيه السفن البحرية أكثر من أي نهر في العالم.

وفي النظام الهادئ (الباسفيكي) يكون الهطل شتوياً، وبالدرجة الأولى على شكل ثلوج، تأتي بها الرياح الغربية التي تكثفها الأنديز، لا تلبث كمياتها أن تتناقص فجأة في اتجاه الشرق، بعد عبورها الجبال (بحيرة كيليين 4470مم سنوياً في حين أن لاس لاخاس 232مم). وفي أقصى الجنوب يصبح الهطل أكثر انتظاماً في السنة كلها، ولا يمكن للثلج المتراكم في الشتاء أن يذوب بكامله في الصيف فتنتشر الجليديات على نطاق واسع، وأشهرها جليدية بيرتيو مورينو في أقصى الجنوب وهي الجليدية الوحيدة في العالم التي لا تتراجع. وهناك بحيرات أخرى تتغذى من مياه الجليديات إلى الشمال منها وهي فييدما وبونس آيرس وناهوال - هوابي وغيرها.

أما النظام الجاف، فهو قاري يمتد محورياً بين المنطقتين الرطبتين السابقتين، لذا يتأثر في بعض أجزائه بهذه أو بتلك منهما. ويمتد نطاقه عامة من الشمال الغربي إلى الجنوب الشرقي من لابونا دي أتاكاما حتى ساحل باتاغونية وأمطاره دون 300مم (مندوزا 193مم، سان غوان 90مم) وفروقه الحرارية أشد ما عرفته الأرجنتين كما في ساميينتو (- 33ْ و 37ْ) أي سبعون درجة مئوية. وأنظمته عدة، فهو جبلي ثلجي في الشمال، وعاصفي يسقط فيه البَرَد صيفاً في الوسط حول مندوزا. في هذا القسم تكون الشبكة المائية ضعيفة ويستنفد أغزرها في الري (مثل بيرميخو وديساغوادير وسالادو وغيرها).

النبيت والوحيش: إن الأرجنتين بلد الأعشاب والحشائش والشجيرات أكثر منه بلاد الأشجار والغابات، ومع ذلك فإن لكل منطقة طبيعية نباتها المميز، وحيوانها، وتقسم إلى الأقاليم التالية:

البامبا أو الإقليم العشبي المعتدل: وتعد المنطقة النباتية الرئيسة التي أدخل إليها الإنسان زراعة الأعشاب الرعوية، أما حيواناتها فيغلب عليها الثعلب والضبع والوعل والحيوان المسمى أرماديلو (التاتو أو المدرَّع).

الإقليم شبه المداري: وهو إقليم غابات ومروج وأهم أنواع الأشجار فيه الأروكاريا أو صنوبر بارانا، وإيبيرا، وجاكاراندا، ويضاف إليها الييرباماتي (المتة) أي شاي باراغواي. أما في تشاكو فتغلب أشجار الكبراتشو أو البلوط الأحمر ذات الخشب الصلب الذي لا يفسد، والقشرة الغنية بالمادة الدباغية، وهي هناك الوحيدة في العالم. كذلك توجد أشجار النخيل والخيزران. وتشمل حيوانات تلك المناطق شبه المدارية القردة وحيوانات الفصيلة السنورية: مثل البوما والفهد، إضافة إلى آكل النمل.

إقليم الغابات المعتدلة: وهو يقتصر في الجنوب الغربي على سفوح الأنديز الوافرة المطر والثلج، فهناك غابة من الصنوبر والأرز والشربين وأشجار الزان. وهناك أيضاً الحيوانات ذات الفراء.

الإقليم شبه الجاف: ويشمل سفوح الأنديز الوسطى وجبال البامبياناس أو مقدمة الأنديز (ايلمونتي) ويتضمن تشكيلات نباتية غير كثيفة قوامها الشجيرات ذات الأوراق القليلة والشوكية مثل الأكاسيا.

أما في أقصى الشمال الغربي في لابونا دي أتاكاما فيصبح الإقليم سهباً فقيراً، وتعيش فيه الحيوانات المجترة اللبونة المفيدة للإنسان كاللاما والفيكونيا والألباكا.

إقليم ما بين النهرين:وهو إقليم المروج والنخيل، والنباتات المائية.

وتنتشر طيور متنوعة في أقاليم الأرجنتين، والغالب منها النسر والعقاب واللقلق والببغاء.

أما في الأطراف الجنوبية القريبة من القطبية فيعيش البطريق. وسواحل الأرجنتين غنية بأسماك متنوعة، وكذلك بحيراتها، وتأوي إلى شبه جزيرة فالدس أعداد كبيرة من فيلة البحر، ومن سباعه ذوات الفراء.

الحياة البشرية

مع أن منطقة الريو دي لا بلاتا اكتشفت في أوائل القرن السادس عشر فإن السكن في الأرجنتين بدأ من جهتها الغربية على مقربة من سفوح الأنديز حين جاءها الإسبان المنحدرون من الهضاب والسهول العليا، قادمين من مناطق التعدين في بوليفية وتشيلي، ومع ذلك فإن الإسبان الذي قدموا غزاةً ومكتشفين لم يستطيعوا أن يكوّنوا غطاء بشرياً كافياً لتلك الأرض الشاسعة، ولم يكونوا راغبين في استقدام عناصر غير إسبانية، حتى إن الأرجنتين كلها لم يكن يقطنها غداة الاستقلال أكثر من 400000 نسمة. ولذا فإن أفواج المهاجرين بعد الاستقلال هي التي جعلت من الأرجنتين أمة راسخة بعد أن أعلنت هذه الدولة المستقلة مجموعة من المبادئ بينها إلغاء الرّق وفتح باب الهجرة إليها.

الهجرة: ظل تيار الهجرة ضعيفاً، في النصف الأول من القرن التاسع عشر، غير أن الأمر بدأ يتغير في النصف الثاني من القرن نفسه فوصل مربو المواشي من سويسرة عام 1856، وبين عامي 1860 و 1870 وصل مزارعون من إيطالية، ثم بدأ الإسبان يفدون مهاجرين. وفي تلك الحقبة بدأت أيضاً الهجرة العربية الحديثة إلى تلك البلاد، ثم جاء الجرمان والسلافيون من أوربة الوسطى والشرقية، ومن ضمنهم اليهود. كما قدم فرنسيون وإنكليز وإيرلنديون وولزيون وغيرهم، فدخل البلاد بين عامي 1857 و 1939 نحو 6.63 مليون مهاجر، منهم 44 بالمئة إيطاليون و 31 بالمئة إسبان ونحو 5 بالمئة من عرب بلاد الشام، و 3.6 بالمئة من الفرنسيين ثم يأتي بعدهم من حيث النسبة الألمان والإنكليز وغيرهم. وقد أثرت الحرب العالمية الثانية في إضعاف الهجرة، لكنها استعادت بعض نشاطاتها في السنوات التي تلت تلك الحرب، فبين عامي 1948 و 1951 دخل البلاد نحو 700000 نسمة، كثير منهم من المهجّرين أو من اللاجئين السياسيين. وكان من أواخر المهاجرين الوافدون من جنوب شرقي آسيا، في أعقاب حرب فييتنام.

السكان وتوزعهم: إن أكثر من85 بالمئة من سكان البلاد الحاليين مولودون على الأرض الأرجنتينية، يضاف إليهم 10 بالمئة من المولودين خارجها، وجميع هؤلاء هم من أصول قفقاسية (أوربية أو متوسطية بالدرجة الأولى)، أما ما تبقى فمن سكان البلاد الأصليين من الهنود الحمر، ومن عناصر أخرى زنجية ومغولية وسواها، وقد اختلط جميعهم بالتزاوج. وقد بلغ عدد سكان الأرجنتين عام1995 أكثر من 34665000 نسمة (أقل من12.6 نسمة /كم2) وقد بلغت نسبة الزيادة الطبيعية نحو 13 بالألف (المواليد 20 بالألف والوفيات 8 بالألف) ويزيد فيها عدد الإناث على عدد الذكور بنسبة قليلة، أما توقعات العمر فيها فهي 66.43 للذكور، و73.12 للإناث.

أوشووابا آخر مدينة مأهولة في العالم جنوباً (جزيرة أرض النار)

ويتوزع السكان توزعاً متفاوتاً جداً، ففي حين تزيد الكثافة على 40 نسمة /كم2 في توكومان في الشمال، فإنها دون 1نسمة /كم2 في باتاغونية وجبال الأنديز. وتشتد الكثافة، بوجه عام، على السواحل وضفاف الأنهار وسفوح الأنديز، حيث المدن والموانئ والمصانع ومنشآت الري. وقد تناقصت نسبة سكان الريف وازدادت نسبة سكان المدن حتى بلغت هذه الأخيرة 88 بالمئة.

يعيش سكان الريف في الأرجنتين مبعثرين تنتشر بيوتهم في أرض مترامية الأطراف تتوسطها المزرعة. غير أن الألمان شذوا عن القاعدة وبنوا قرى مجمَّعة المساكن. ولمحطة السكة الحديدية أثر المركز الجاذب المكثف لسكان الريف، عندما يتوسع النشاط يبنى الفندق عندها ويستقر الحرفيون، ويفتتح ممثلو بيوتات التصدير مراكزهم، وهكذا يتطور محيط المحطة إلى مدينة ريفية.

أما سكان المدن، فيتوزعون في مجموعتين رئيسيتين هما: مجموعة سفوح الأنديز ومجموعة مدن لابامبا. فالمجموعة الأولى كانت في الأصل مراكز عبور إلى الأنديز وظهيراً تموينياً لمناطقها التعدينية مثل مندوزا المحطة الرئيسة للعبور، وملتقى عدة طرق بين الشمال والجنوب والشرق والغرب. وقد تحولت في مرحلة الاستقلال إلى مدن تتوسط مناطق زراعية مروية غنية بالأشجار المثمرة، ولاسيما الكروم، حول مندوزا، والحمضيات وقصب السكر حول توكومان. أما قرطبة فاحتفظت بقدر من طابع المدينة الإسبانية القديمة مع كونها مقر أقدم جامعة أرجنتينية.

أما مدن لابامبا فهي مدن تجارية وفيها أضخم المدن وعلى رأسها بونس آيرس (5ملايين للمدينة و11 مليوناً مع ضواحيها أي ثلث سكان الأرجنتين) وهي كبرى مدن أمريكة الجنوبية وهي ميناء ومركز تجاري وصناعي للأصواف والجلود والقمح والدقيق، وصناعة التبريد والأجهزة الكهربائية وغيرها.

إلا أن للنشاط التجاري والمصرفي الأولوية. وتلي بونس آيرس روساريو، المرفأ النهري الذي تتركز فيه تجارة الذرة الصفراء وفول الصويا وتليها نحو الشمال على البارانا أيضاً سانتافي، وفي أقصى جنوب البامبا وعلى الشاطئ ميناء باهيا بلانكا، أكبر موانئ تصدير القمح.

أما مدن باتاغونية فهي ساحلية لتصدير منتجات الداخل وللصيد البحري.

الحياة الاجتماعية: لا شك في أن طراز المعيشة في الأرجنتين طراز أوربي،بحكم غلبة المهاجرين القادمين من أوربة، كما أن مستوى المعيشة قريب من المستوى الأوربي العادي، إذ يبلغ معدل دخل الفرد السنوي 8030 دولاراً.

ومن دلائل نوعية الحياة، أن الفرد يستهلك سنوياً 85 إلى 90 كغ من اللحم، وأن لكل ثمانية أشخاص سيارة، وأن نسبة الأطباء مرتفعة (طبيب لكل 530 نسمة).

وفي البلاد نظام متقدم للتأمين الاجتماعي، والمؤسسات ذات النفع الاجتماعي متصلة بالدولة أو مختلطة مع اتحاد العمال أو مع الشركات المستخدمة.

تمثال الجنرال دون خوزيه دو سان مارتين

وعلى الرغم من كل الإصلاحات الاجتماعية فما يزال هناك تفاوت طبقي كبير، بين طبقة ملاك الأراضي الواسعة أو الذي يجنون فوائد استثماراتهم الأجنبية البالغة عدة مليارات دولار سنوياً وبين طبقة العمال والموظفين التي تعاني من آثار التضخم،وضعف القوة الشرائية لأجورهم.

أما من الناحية الثقافية، فيغلب على الأرجنتين الطابع الأوربي المسيحي الكاثوليكي الإسباني، أما الدولة فعلمانية تضمن حرية المعتقدات لجميع الأديان.

ولقد ظل الأوربيون، على الرغم من نشوء أجيال جديدة على الأرض الأرجنتينية، يرفدون الحياة الحديثة في الأرجنتين في المجالات العمرانية والفكرية والفنية، وهنا يبرز تأثير بعض الشعوب كالفرنسيين في الأدب والتصوير والنحت والبناء، كما يبرز الطراز الإيطالي إضافة إلى الإسباني والطراز الأنكلوسكسوني في الاقتصاد، أما الطراز الأمريكي الشمالي (الولايات المتحدة) فقد تأخر ظهوره نسبياً إذ إن العالم الخارجي ظل مدة طويلة يعني للأرجنتين أوربة لا غيرها.

ولقد كان للتعليم الأثر الأول في التوحيد الفكري لسكان الأرجنتين، إذ أعطي أولوية منذ الاستقلال، وعد رمزاً لسيادة الإنسان، لذا فإن نسبة الأمية في الأرجنتين لا تزيد على 4 بالمئة وهي في هبوط مستمر.

وفي الأرجنتين أربعة مستويات للتعليم هي: ما قبل الابتدائي، والابتدائي، والثانوي بأنواعه، والعالي. ويؤم مؤسسات التعليم نحو 6.7 مليون تلميذ وطالب في 42000 مؤسسة، وفي الأرجنتين 25 جامعة وطنية، وواحدة تابعة لولاية، و22 جامعة خاصة، إضافة إلى معاهد المعلمين، وأكبر الجامعات جامعة بونُس آيرس التي يؤمها 170000 طالب.

الوجود العربي في الأرجنتين: كان المعتقد أن الوجود العربي في الأرجنتين، يقوم على أولئك العرب المهاجرين من بلاد الشام في النصف الثاني من القرن التاسع عشر والنصف الأول من القرن العشرين، لكن تبين أن المكتشفين الإسبان قد عمروا سفنهم بعناصر كثيرة عربية الأصل من الأندلس قدموا على مراكب سيباستيان كابوتو، وبيدرو دي مندوزا، اللذين كانا السابقين إلى إنشاء مستوطنات على ضفاف ريو دي لا بلاتا. وإن تلك العناصر هي التي كونت بالاختلاط مع السكان الأصليين والوافدين، الأجيال التي دعيت «كريوليوس» أو المهجنين، وقد استدلوا على ذلك بسحنهم العربية الأمازيغية (البربرية) الأندلسية، ومن نمط البناء ومادته (دهليز يقود إلى داخل المنزل المبني من اللبن والمسقوف بالقصب والطين) أو الأسواق الريفية التي يعقدونها لمبادلة الحاجات،ومن أسماء الأسر أو الكنى التي لا تمت إلا إلى عرب الأندلس، ومن المجالس «كابيلدو» التي كانوا يجتمعون فيها،ومن الزعامات المحلية التي قامت متمردة على السلطة المركزية مدة طويلة، وهي التي كونت مادة التمرد على نائب الملك الإسباني في بونس آيرس وما حولها، ومهدت السبيل إلى الاستقلال، إذ أن الإسبان الحقيقيين لم يكونوا مسرورين من التمرد على حكومة الوطن الأم الإسبانية.

لقد كتب سارميينتو (1811- 1888م) وهو من أكبر المفكرين الاجتماعيين والمربين في الأرجنتين والذي أصبح رئيساً لجمهوريتها، أن والدته التي كان لها أكبر الأثر في تربيته هي من أسرة أندلسية عربية الأصل.

أما الهجرة العربية الحديثة للأرجنتين، فقد انقضى عليها أكثر من قرن وربع القرن، وكانت أشدها حتى الحرب العالمية الأولى، مما دعا الحكومة العثمانية إلى افتتاح قنصلية لها في عاصمة الأرجنتين وعينت سورياً لها هو أمين أرسلان. وكان المهاجرون السوريون يدعون في الأرجنتين أتراكاً «توركوس» بحكم تبعيتهم للدولة العثمانية آنذاك، وكانت تشمل تلك التسمية اللبنانيين أيضاً، ولكن بعد تطبيق الانتداب الفرنسي وإنشاء دولة لبنان، أصبحت فرنسة ترعى المصالح السورية هناك، وغدت التسمية تشير إلى الجالية السورية والجالية اللبنانية.

وقد ضيق على الهجرة إلى الأرجنتين بين الحربين لغير الأوربيين ، وكان المقصود بذلك السوريين لأنهم هم الذين يمثلون أغلبية غير الأوربيين المهاجرين، إذ إن بعضهم كان يحاول الدخول إلى الأرجنتين في الخفاء متسرباً من أورغواي أو من البرازيل، معرضين أنفسهم بذلك لأخطار كثيرة.

ولا توجد إحصائيات رسمية عن عدد العرب في الأرجنتين فالأرقام التقديرية متفاوتة ولا تدل على اطراد، ففي كلمة لأحد أعضاء مجلس الشيوخ الأرجنتيني عام 1911 ألقيت في المجلس نفسه، تقديرٌ بأنهم 100000 نسمة، وقدرهم مدير البنك السوري اللبناني في بونس آيرس عام 1931 بنحو 400.000 نسمة مع أبنائهم وأحفادهم وقُدروا في عام 1960 بنصف مليون إلى ستمئة ألف نسمة, والتفاوت ناجم عن عدم التفريق بين من اندمجوا في المجتمع الأرجنتيني، وحازوا الجنسية الأرجنتينية ويصرحون بأنهم أرجنتينيون، ومن ظلوا محتفظين بجنسيتهم الأصلية. ويدخل في إحصاءات العرب في الأرجنتين أعداد قليلة من المصريين والمغاربة والجزائريين.

وينتشر العرب المغتربون في شتى أنحاء الأرجنتين مدناً وريفاً بلا استثناء من تشوبوت شمالاً إلى جزيرة أرض النار جنوباً. غير أن أكثر من نصفهم يتجمع في العاصمة بونس آيرس ثم تليها عددياً ولايات سانتافي وقرطبة وتوكومان ومندوزا وسانتياغو ديل استيرو.

وعمل العرب في جميع المجالات الاقتصادية من تجارية وزراعية وصناعية وتربية المواشي، وفي المهن الحرفية والمهن الحرة، وفي عدد من المناطق توصلوا إلى درجات مرموقة من المكانة اجتماعياً واقتصادياً وسياسياً وكانوا في المرتبة الأولى بمجالات صناعة نسج الحرير والأصواف للسيدات وسواها.

وعمل العرب على نشر عدد من المجلات والصحف بالعربية والإسبانية ونشر قسم من التراث وترجمة معاني القرآن الكريم إلى الإسبانية ونقل بعض الآثار الأدبية الأرجنتينية إلى العربية وكان منهم شعراء مبرزون باللغتين الإسبانية والعربية وفنانون تشكيليون وموسيقيون وسواهم.

ويتوزع المغتربون العرب في جمعيات تدل على المناطق السورية التي جاؤوا منها. وقد اختاروا لاستقرارهم في المغترب مناطق لا تختلف كثيراً عن بيئتهم الاجتماعية والطبيعية التي ألفوها في الوطن الأم، فالقادمون من المناطق الوسطى اختاروا العاصمة بالدرجة الأولى لتمرسهم في التجارة والصناعة. والقادمون من المنطقة الساحلية والغربية سكنوا توكومان وسانتياغو ديل استيرو حيث تكثر الحمضيات وقصب السكر، أما القادمون من القلمون والمناطق الجبلية فقد اختاروا مندوزا وما حولها ذات المناخ الجاف الملائم للأشجار المثمرة.

وبعضهم استقر على مقربة من الحدود التي تسرب منها، من أورغواي والبرازيل.

التقسيمات الإدارية

تتألف الأرجنتين من مقاطعة اتحادية واحدة و22 ولاية وأرض وطنية واحدة، أما المقاطعة الاتحادية فعاصمتها بونس آيرس. وأما الولايات والأرض الوطنية فتصنف في مناطق على النحو التالي:

المنطقة الساحلية

الولاية

عاصمة الولاية

بونس آيرس

لابلاتا

انتري ريوس

بارانا

سانتافي

سانتافي

ميسونيس

بوساداس

كورينيتس

ريزيستينثا

فورموزا

فورموزا

 

 

المنطقة الشمالية

خوخوي

سان سلفادور دي

 

خوخوي

سالتا

سالتا

سانتياغو ديل

سانتياغوديل

استيرو

استيرو

توكومان

سان ميغيل دي

 

توكومان

 

المنطقة الأنديزية (الغربية)

كاتاماركا

كاتاماركا

لاريوخا

لاريوخا

سان خوان

سان خوان

مندوزا

مندوزا

نيوْكن

نيوْكن

 

المنطقة الوسطى

قرطبة (كوردوبا)

قرطبة

سان لويس

سان لويس

لايامبا

سانتا روسا

 

المنطقة الباتاغونية

ريونيغرو

فييدما

سان لويس

راوسون

سانتا كروز

ريوغالييغوس

غير أن الأرجنتين لم تنهض أمةً موحدة، إلا ابتداء من عام 1862، بعد تولي أول رئيس دستوري الحكم في البلاد هو بارتولومي متري.

وتوقفت نهضة البلاد مؤقتاً، بسبب أزمات مصرفية وسياسية وحزبية، إلى أن جاءت الحرب العالمية الأولى، وفيها بقيت الأرجنتين على الحياد، مما أكسبها فوائد اقتصادية كثيرة. ومع حدوث الأزمة الاقتصادية العالمية بعد الحرب، وتقصير الأوساط السياسية، قام انقلاب عسكري عام 1930، ثم خلفته حكومة من حزب محافظ عام 1932، لكن نفوذ الجيش في الحكم ظل قائماً. وعندما نشبت الحرب العالمية الثانية ظلت الأرجنتين على الحياد، بعد أن خبرت فوائده في الحرب الأولى.

وفي حزيران من عام 1943 قام ما يسمى بانقلاب العقداء (الكولونيلات) الذين ألفوا حكومة عسكرية استطاع من بينهم خوان بيرون أن يصل إلى رئاسة الجمهورية في شباط 1946، بعد تأليفه حزباً جديداً تحت اسم حزب العمل.

وازدهرت البلاد في عهده. ووضع عام 1949م ما يسمى دستور العدالة «خوستاسياليستا»، عدَّل بموجبه الدستور الأرجنتيني المعمول به منذ عام 1853م.

وعلى المستوى الخارجي أبدى بيرون استقلاله عن سياسة الولايات المتحدة الأمريكية التي كانت تتهمه بالتواطؤ مع المحور، إبان الحرب العالمية الثانية. وتَقرَّب من الاتحاد السوفييتي السابق، وحاول إقامة كتلة لاتينية ومحور بين بونس آيرس ومدريد.

غير أن نظام بيرون لقي مقاومة من أطراف خارجية وداخلية. وقام تمرد للأسطول في «ريو دي لابلاتا» صيف عام1955، نحي على أثره بيرون عن رئاسة الجمهورية.

وعاشت البلاد مرحلة انقلابات عسكرية حتى عام 1973 حين عاد بيرون إلى الحكم وظل حتى عام 1976 وسقوط البلاد في يد العسكريين من جديد. وتميز حكمهم هذه المرة بالقسوة، والتصفية الجسدية للكثيرين، وبإثارة حرب فوكلند، التي أدت إلى انهيار الحكم العسكري عام 1983، وتمت الدعوة إلى الانتخابات، التي نجح فيها رئيس للجمهورية من الحزب الراديكالي هو راؤول ألفونسين، مع بروز قوة الحزب البيروني المؤيد له. وقد حاول الرئيس الجديد معالجة الأوضاع الاقتصادية المتردية من جراء الحكم العسكري والتضخم والديون الخارجية الكبيرة، وظهرت بوادر تحسن في الميزان التجاري، والحد من جماح التضخم وارتفاع الأسعار، والحد من ارتفاع الأجور. وأعقبه انتخاب كارلوس منعم رئيساً للبلاد منذ عام 1989، وهو سوري الأصل.

النظام السياسي

يحكم النظام السياسي الإداري في الأرجنتين دستور يعود أصلاً إلى عام 1853م، وكان وَضْعُه على نسق دستور الولايات المتحدة الأمريكية: جمهوري، رئاسي فدرالي، نيابي، وقد طرأت عليه مراراً تعديلات، لكنها غير كبيرة.

تدير شؤون البلاد حكومة اتحادية تنقسم سلطاتها إلى تنفيذية وتشريعية وقضائية، ومقرها مدينة بونس آيرس التي لها صفة مقاطعة اتحادية. يرأس السلطة التنفيذية رئيس للجمهورية ينتخب بالتصويت غير المباشر، مع نائبه لمدة 6سنوات، وهو يعين الوزراء، ويقيلهم.

أما نائب الرئيس المجرد من السلطة بوجود الرئيس، فيرأس مجلس الشيوخ، وعند غياب الرئيس أو وفاته أو تنحيته، يتولى كامل سلطاته.

أما السلطة التشريعية فيتولاها «الكونغرس» المؤلف من مجلس للنواب يُنتخبون بالتصويت المباشر في كل ولاية وفي المقاطعة الاتحادية، ومجلس الشيوخ تنتخبه السلطة التشريعية للولاية وبالتصويت العام في العاصمة.

وللولايات دساتيرها الخاصة المتوافقة مع مبادئ الدستور الاتحادي وحقوقه وضماناته فهي تنتخب سلطاتها التنفيذية والتشريعية انتخاباً مباشراً، كما تنتخب حكامها لمدة ست سنوات، وهم يعدون الممثلين الطبيعيين للسلطة الاتحادية في الإشراف على تنفيذ الدستور والقوانين المرعية.

ولكن لا يدخل في نطاق اختصاص الولايات: الدفاع، وإصدار النقد، والملاحة الداخلية والخارجية، وإصدار القوانين التجارية والجزائية، ولا يدخل في اختصاصها كذلك تسمية ممثلين ودبلوماسيين.

مصطفى الحاج ابراهيم

 

المظاهر الحضارية

اللغة: اللغة الرسمية في الأرجنتين هي اللغة الإسبانية [ر.إسبانية].

الأدب الأرجنتيني: [ ر. الأدب الإسباني الأمريكي].

الفنون: شغل الفن بين أوائل القرن السادس عشر وأواخر القرن الثامن عشر مكانة ضعيفة الأهمية في الأرجنتين ولا يكاد الباحث يجد أثراً لفن التصوير، ويبدو أن فن النحت اقتصر على بعض التماثيل في الكنائس.

أما أقدم الأعمال المعمارية فقد بنيت في القرن الثامن عشر، وجلها دينية، مثل كاتدرائية بونس آيرس، وكنيسة سانتو دومينغو، وكلتاهما من عمل أنطونيو مازيلا A. Masella الإيطالي، وكنيسة سان إيناسيو للراهب الجزويتي الألماني يوهان كراوس Johan Kraus وكنيسة بيلار للراهب الجزويتي الإيطالي أندريا بيانكي Andre Bianchi الذي بنى كذلك كنائس سان فرانسيسكو ولاميرسيد وسان تيلمو، وجميعها في بونس آيرس. وفي مدينة كوردوبا تقوم كنيسة الجزويت لاكامبانيا، للراهب البلجيكي فيليب لومير Philippe Lemer. وقد تميزت العمارة في القرن السادس عشر بنوع من العفوية، مع تأثيرات للعمارة الأندلسية.

واستمر هذا الوضع حتى منتصف القرن، عندما وفد إلى الأرجنتين بنّاؤون أوربيون، أكثرهم من الإيطاليين. أضافوا إلى الطراز السائد عناصر الاتباعية المحدثة [ ر. الاتباعية]. وفي أواخر القرن درج أثرياء القوم على التوجه إلى أوربة في رحلات للمتعة، يعودون منها بتصاميم جاهزة لبناء منازلهم التي كانوا يؤثثونها بمفروشات مستوردة.

كذلك كان شأن فن التصوير، الذي بدأ مع قدوم أعداد من المصورين الأوربيين الذين انتشروا في أمريكة الجنوبية، وتركوا أعمالاً تمثل طبيعة البلاد وعاداتها. وكان أن نشأ إثر ذلك جيل من المصورين الأرجنتينيين مثل كارلوس موريل Carlos Morel (1813 - 1894)، الذي برع في الصور الشخصية، وبريليديانو بويريدون Prilidiano Puerredon (1823 - 1870) الذي صور مناظر منطقة البامبا.

وفي الثلث الأخير من القرن التاسع عشر، سافر عدد من المصورين إلى فرنسة وإيطالية للدراسة،منهم إدواردو سيفوري Eduardo Sivori (1847 - 1917)، ولوشيو كورّيا مورالس Lucio Correa Morales (1852 - 1923)، ومارتين مالارّو Martin Malharro (1865 - 1911)، وارنستو دلاّ كاركوفا Ernesto dell Carcova (1867 - 1927). وقد انعكست في أعمالهم تأثيرات الانطباعية الفرنسية والواقعية الإيطالية.

ومن أعمالهم التي تعود إلى أوائل القرن العشرين قصر المؤتمرات ومسرح كولون Colon، من تصميم الإيطالي فيتّوريو ميانو Vittorio Meano (1866- 1927). وقد قامت بين عامي 1920 و1930 دعوة لإحياء الأسلوب الأجنبي في فن البناء، إلا أن المحدثين قاوموها بشدة، ولكنهم أخفقوا في إقامة أسلوب معماري جديد واضح المعالم.

وفي التصوير أسهم أميليو بيتّوروتي Emilio Pitturoti في الحركة المستقبلية Futurism  في إيطالية، وعاد إلى الأرجنتين عام 1924 ليترك أثراً في الوسط الفني الحديث. وكذلك ميغيل فكتوريا Miguel Victoria (1884 - 1955) الذي تأثر بالمدرسة الوحشية [ر]. وهناك مصورون آخرون درسوا في أوربة منهم: أكويلس بادي Aquiles Badi وهكتور باسالدوا Hector Basaldua ولينو سبيليمبرغو Lino Spilimbergo، وهوراسيو بوتلر Horatio Botler وراول سولدي Raul Soldi وأنطونيو بيرني Antonio Berni. وقد شكل هؤلاء صلة الوصل بين الأجيال التي تَلَتهم ومختلف التيارات الفنية المعاصرة في العالم.

أما في النحت فهناك فنانان تبنيّا اتجاهاً تقليدياً هما: روجيليو إيروتيا Rogelio Yrutia (1879- 1950) وأنطونيو سيبلّينو Antonio Sibellino (1891- 1960). كما ظهر نحاتون آخرون بين عامي 1930- 1950 منهم : بابلو كوارتيلا مانس B.C Manes وسيزوستريس فيتولو Sesostris Vitullo وقد عاشا في باريس ودرسا على بورديل Bourdelle وأليثيا بنيالبا Alicia Penalba وخوليو لوبارك Julio le Parc

محمود حماد

 

الموسيقى: كان لوصول المهاجرين الأوربيين إلى الأرجنتين، ولا سيما الإسبان، تأثير واضح في الموسيقى الأرجنتينية، وفي موسيقى مناطق أمريكة الجنوبية الأخرى (ما عدا البرازيل ). فقد حمل هؤلاء المهاجرون معهم عاداتهم وتقاليدهم الشعبية وموسيقاهم، بألوانها واتجاهاتها كافة، فامتزجت مع موسيقى الهنود الحمر، سكان البلاد الأصليين. كما أن شعائر الكنيسة اللاتينية، بما يصاحبها من تراتيل وأناشيد، واعتناق السكان المحليين للديانة المسيحية، أثرت في إضفاء شكل جديد على الموسيقى والغناء في الأرجنتين، ابتعد بهما عن طابعهما البدائي الرتيب. وبعد أن كانت الآلات الموسيقية مقتصرة على القليل من آلات النفخ والإيقاع، أدخل الإسبان آلات وترية أهمها الغيتار guitar  [ ر. قيثارة]. ثم ظهرت آلات وترية أخرى، كأنواع الهارب harp الصغيرة والبسيطة، والتشارانغو charango وهذه الآلة تشبه الماندولين mandoline وهي ذات خمسة أوتار مزدوجة يصنع هيكلها المصوّت من الدرع العظمي لحيوان من أكلة النمل يدعى تاتو tatou. واقترنت الباندونيون bandoneon وهي آلة تشبه الأكورديون accordeon برقصة التانغو tango الأرجنتينية، وأصبحت الآلة الرئيسية في الفرقة الخاصة لهذه الرقصة.

وقد ظهر في القرن العشرين مؤلفون موسيقيون لهم شأن، تمكنوا من إيجاد فن موسيقي يساير الاتجاهات الأوربية، وتمكن بعضهم من المحافظة على الشخصية الأرجنتينية في مؤلفاتهم ومن هؤلاء ألبرتو وليامس Alberto Williams (1862- 1952)، مؤلف وعازف بيانو وقائد أوركسترا، وشاعر، أتم دراسته في وطنه، وتابعها في باريس على يد فرانك Franck، وعاد إلى بلاده عام 1889، وقد ترك أعمالاً سمفونية وآلية وغنائية كثيرة. ومنهم إرنستو دارانغوث Ernesto Drangosch (1882- 1925)، الذي درس التأليف الموسيقي في وطنه ثم في برلين على يد بروخ Bruch وله أعمال غنائية وآلية مختلفة، وبينهم كذلك خوزية ماريا كاسترو Jose Maria Castro وأخوه خوان خوزيه كاسترو Juan José Castro (1895- 1968)، وهما مؤلفان وقائدا أوركسترا، وكان خوزيه ماريا أحد مؤسسي جمعية المؤلفين المجددين في بونس آيرس.

وللأخوين أعمال موسيقية في الباليه والحوارية (الكونشرتو) concerto والأوبرا وموسيقى الحجرة.

ولماوريثيو كاخيل Mauricio Kagel أعمال في الموسيقى المسرحية، ومؤلفات في الموسيقى الإلكترونية، وقد أقام في ألمانية الاتحادية (سابقاً) منذ عام 1957.

حسني الحريري

الموضوعات ذات الصلة:

الأدب الإسباني الأمريكي - إسبانيةـ أمريكة الجنوبيةـ بونس آيرس.

مراجع للاستزادة:

ـ حسن حدة، تاريخ المغتربين العرب في العالم (العربي ودار دمشق، دمشق 1974).


التصنيف : التاريخ و الجغرافية و الآثار
النوع : سياحة
المجلد: المجلد الأول
رقم الصفحة ضمن المجلد : 813
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 564
الكل : 31682889
اليوم : 37471

أيمن بن خريم

أيمن بن خريم ( … ـ نحو 80 هـ/… ـ نحو700م)   أبو عطية، أيمن بن خُرَيم بن الأخرم الأسدي، من شعراء الدولة الأموية المجيدين، تابعي ثقة، أسلم يوم الفتح وهو فتى يفع، وقيل إن له صحبة برسول اللهe وهو قول ضعيف. كان أيمن بن خريم ينزل دمشق في محلة القصاعين (القصاع)، وكان يدعى «خليل الخلفاء» على برصه، إعجابا به وبحديثه لفصاحته وعلمه، فقد اتصل بمعاوية بن أبي سفيان وعبد الملك بن مروان ثم لزم عبد العزيز بن مروان وهو أمير مصر، فكان أثيرا عنده، ثم وقعت بينهما ملاسنة ، فقد سئل أيمن عن رأيه في شعر نُصَيب بن رباح (ت108هـ/726م) وكان قد قدم إلى مصر مادحا عبد العزيز، فقال أيمن في نُصَيب كلاما أغضب الأمير، فردّ عليه عبد العزيز بكلام حاد وفضّل نُصيبا عليه، فقال أيمن للأمير: «أنت طَرِف مَلُولة لا تثبت على صحبة» وفارقه إلى العراق، وهناك اتصل بالأمير بشر بن مروان وانقطع إليه يقول فيه الشعر، وقد عرّض في شعره بعبد العزيز، وأغرى الخليفة أن يحوّل ولاية العهد عنه.
المزيد »