logo

logo

logo

logo

logo

الزهاوي (جميل صدقي-)

زهاوي (جميل صدقي)

Al-Zahawi (Jamil Sidki-) - Al-Zahawi (Jamil Sidki-)

الزهاوي (جميل صدقي ـ)

(9721 ـ 4531هـ/ 1863ـ 1936م)

 

جميل صدقي بن محمد فيضي، ابن الملاّ أحمد بابان، الزهاوي (نسبة إلى زهاو)، ولد وتوفي في بغداد، وهو علم من أعلام الشعر العربي الحديث، ورائد من روّاد التفكير العلمي والنهج الفلسفي، من روّاد النهضة الأدبية. تلقى العلم على يدي أبيه مفتي بغداد، وفي مدرسته التي عُرفت بما تدرسه من العلوم الشرعية الإسلامية والأدب العربي. نظم الشعر بالعربية والفارسية في حداثته، وتقلّب في مناصب مختلفة، فكان من أعضاء مجلس المعارف ببغداد، ثمّ من أعضاء محكمة الاستئناف، ثمّ أستاذاً للفلسفة الإسلامية والأدب العربي في الآستانة، وأصبح نائباً عن المنتفق ثم بغداد في مجلس النواب العثماني، ثمّ من أعيان المجلس العراقي، وتنقّل بين بغداد والآستانة ومصر واليمن وسورية ولبنان. أتقن العربية والفارسية والكردية والتركية، وورث عن أبيه التبحّر بالعلوم وحبّ الشعر، وعن أمّه المزاج الحاد. لـه في مجال السخرية والنقد اللاذع باع طويل، وكان يضع نفسه فوق شعراء عصره، فلما أخذت الأوساط الأدبية تتحدّث عن شوقي[ر] (ت1531هـ) والرصافي[ر] (ت4631هـ) أخذ يسخر منهما، فسأله الملك فيصل في مجلس يضمّ أدباء بغداد عن رأيه في شاعرية شوقي، فأجاب إجابة شفت غليله من شوقي والرصافي معاً، فقال: «إنّ تلميذي الرصافي أشعر من شوقي».

للزهاوي ستة أعمال شعرية أشبعها تنقيحا،ً وأعاد نشر العديد منها بعد التعديل، وهي: «الكلم المنظوم» (1908) وفيه بعض مطوّلاته، وقصيدةٌ نظمها على طريقة الشعر المرسل، و«رباعيات الزهاوي» (1924) التي قسمها عشرة أقسام، و«ديوان الزهاوي» (1924)  وقسمه  خمسة عشر قسماً، و«اللباب» (1928)، و«الأوشال» (1934) الذي يمثّل شعره في شيخوخته، وفيه مطولته الشعرية «ثورة في الجحيم» التي قامت حولها ضجة كبيرة، وفيها ثلاثون مقطعاً تتعرّض للإنسان بعد الموت إلى عذاب القبر ووصف  الجنة والجحيم، إلى الشعراء والأدباء  في الجحيم وثورتهم  واحتلال الجنة، و«الثمالة» (1939) الذي طبع بعد وفاته.

لا تخرج أغراض شعر الزهاوي وخصائصه كثيراً عن شعر عصره، فهو شاعر من شعراء مدرسة البعث والإحياء، ولذلك تطرق في شعره للموضوعات التقليدية والعصرية، فنظم في الغزل والوصف والفلسفة والتعبير عن النفس والحثّ على التقدم، كما نظم في السياسة والاجتماع والتاريخ والجوانب الإنسانية، ودعا في شعره إلى العلم والعدل وتحرير المرأة، ودافع عن اللغة العربية والوحدة العربية في شعره، كما دعا إلى الاشتراكية في قصيدته العينية في «اللباب».

كان الزهاوي جريئاً إلى حدّ بعيد، فقد تأثر في بعض قصائده بالفلسفات المادية التي كان يطالعها على صفحات المجلات المصرية، ولا سيما «المقتطف»، وكان معجباً بأفكار شبلي شميل [ر] (ت 5331هـ)، فشكّك في خلود الروح، ونشر في «الأهرام» قصيدة بعنوان «الدمع ينطق»، ومنها قوله:

وسائلةٍ هل بعد أن يعبثَ الِبلَى

بأجسادنا نحيا طويلاً ونُرزقُ

فقلتُ مجيباً إنّني لستُ واثقاً

بغير الذي حسّي لـه يتحقَّقُ

وهيهاتَ أن تُرجى حياةٌ لميِّتٍ

إليه البلى في قبرهِ يتطرَّقُ

تقولين يفنى الجسمُ والروحُ خالدٌ

فهل بخلودِ الروح عندك موثقُ؟

فلما نشرت القصيدة ثارت ثائرة المحافظين في مصر، فردّ عليه عدد من الشعراء والكتّاب، وفزع الشيخ عبد الحميد قطيط إلى وزير الداخلية يناشده إبعاد الضيف الثقيل عن البلاد.

إن دور الزهاوي في العراق شبيه بدور البارودي في مصر، فقد ملأ دواوينه بالشعر التعليمي، وأكثر فيه من الحكم والحقائق التي تفتقر إلى الشاعرية الوهّاجة، وكان تأثير ما تنشره «المقتطف» و«المقطم» و«المؤيد» واضحاً في قصائده، وكذلك تأثير نظرية داروين في نشوء الطبيعة. وحاول أن يحيط بالمذاهب الفلسفية وينظمها شعراً، ولكنّه لم يفلح في ذلك، فجاء قسم عظيم من شعره مهلهلاً متفاوت الجودة. ونظم بعض قصائده على طريقة الشعر المرسل، وهو مسبوق إليها، إلا أن شعره عموماً يتميز بسلاسة العبارة ورونق الأسلوب وقوّة النسج، ويدرك المتأمل في أعماله أنّه قد خلّص الشعر الحديث في العراق من الزخارف الشكلية وألوان البديع المتكلف التي غرق فيها الشعر قروناً طويلة.

كانت مؤلفات الزهاوي  النثرية، مثل شعره، تعبيراً عن آرائه  المتأثرة بالحركة العلمية التي تابعها  عبر مطالعاته، ومن  أهم ما كتب:  «الكائنات»   (1896) و تتألف من ست مقالات في الفضاء والزمان والمقدار والمادة والقوة والحياة، و«الفجر الصادق» (1905) وهو ردّ على الوهابية وتعاليمها، و«الجاذبية وتعليلها» (1910)، و«المجمل مما أرى» (1924) وهو رسالة فلسفية في  الموضوعات  الفلكية  والاجتماعية  والسياسية،  و«رباعيات الخيام»   (1928) التي ترجمها نثراً وشعراً.

 نادى الزهاوي بمساواة المرأة مع الرجل، وبالتساوي بين  الأجناس والأديان. ومن أهمّ مقالاته في هذا المجال مقالته: «المرأة والدفاع عنها» التي لاقت ردوداً عنيفة في مصر والعراق. ولـه آراء فلسفية غريبة عن واقعه ومجتمعه، ففي مقالته: «مثل أرضنا في السماء» ذهب إلى أنّ الإنسان إذا مات في أرضنا ولد في أرض سواها من جديد، لأن الإنسان لا يموت، حسب وجهة نظره، موتاً أبدياً.

كان الزهاوي صريحاً في طرح أفكاره، لذلك انقسم الناس حوله قسمين: قسم يتّهمه بالإلحاد والزندقة مع أنّه من أسرة دينية مشهود لها بالإيمان والقضاء، وقسم يدافع عنه. وفلسفة الزهاوي مزيج من عقائد الباطنية والبهائية والفلسفة الطبيعية. وقد جذبته مظاهر العلم الغربي وفلسفته دون أن يتعمّق فيها، فمال إليها، لكنّه غيّر منهجه الفكري بعد ذلك، ولاسيّما في قصائده في «نزغات الشيطان»، ومنها قصيدته «ندامة ورجوع إلى الإيمان».

خليل الموسى

مراجع للاستزادة:

 

ـ عبد الحميد الرشودي، الزهاوي (دراسات ونصوص) (مكتبة الحياة، بيروت 1966).

ـ ماهر حسن فهمي، الزهاوي (المؤسسة المصرية العامة، مصر).

 


التصنيف : اللغة العربية والأدب العربي
النوع : أعلام ومشاهير
المجلد: المجلد العاشر
رقم الصفحة ضمن المجلد : 424
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 507
الكل : 29641299
اليوم : 21309

فاختانغوف (يفغيني-)

ڤاختانغوڤ (يفغيني -) (1883-1922)   يفْغيني بوغراتيونوڤيتْش ڤاخْتانْغوڤ Yevgeny Bogrationovich Vakhtangov ممثل ومخرج ومدير ومنظِّر مسرحي روسي سوڤييتي من أصول أرمنية، ولد في ڤلادي قڤقاس Vladikavkaz وتوفي مريضاً في موسكو، يتحدر من عائلة فقيرة من العمال اليدويين في تفليس Tiflis، لكن زواج أبيه من أمه أولغا ليبيديڤا Olga Lebedeva جعله صاحب معمل متواضع للتبغ.
المزيد »