logo

logo

logo

logo

logo

سويفت (جوناثان-)

سويفت (جوناثان)

Swift (Jonathan-) - Swift (Jonathan-)

سويفت (جوناثان ـ)

(1667 ـ 1745)

 

يعد الكاتب والروائي الإنكليزي جوناثان سويفت Jonathan Swift من أهم من كتب النثر الهجائي باللغة الإنكليزية. ولد في دبلن من أبوين إنكليزيين بعد أن جاء جده من إنكلترا هرباً من الاضطهاد السياسي واستقر في ايرلندا. توفي أبوه قبل ولادته وتركته أمه عند أعمامه وعادت إلى أسرتها في إنكلترا. ترك موت أبيه المبكر وتخلي أمه عنه أثراً كبيراً في شخصيته وغلفها بمشاعر الإحباط والتعاسة، يوازيها فيما بعد ألمه من كثرة الصراعات الدينية والسياسية. تلقى تعليمه العالي في كلية «ترينيتي» Trinity بإيرلندا وتخرج فيها سنة 1686، ثم شغل مركز الكاهن في كاتدرائية القديس باتريك  St. Patrick’s Cathedral في دبلن عام 1713. عُرف في ميدان الهجاء والرسائل السياسية وهزأ كثيراً من الأفكار البالية، خاصة النفاق الديني والاجتماعي. ثم رحل إلى إنكلترا سنة 1688 وعمل هناك سكرتيراً خاصاً لوليام تمبل William Temple الذي كان من أقطاب السياسة والحكم والفكر في إنكلترا.

تعرف سويفت بحكم عمله رجالات السياسة والحكم، وتعلم أساليبهم في التعامل والسلوك، وتمكن من قراءة الكتب الثمينة المتوفرة في مكتبة تمبل، كما حصل على شهادة الماجستير في الآداب من جامعة أكسفورد سنة 1692، وعلى درجة الدكتوراه في اللاهوت سنة 1702. عاد إلى إيرلندا مدة قصيرة بعد أن ساءت علاقته مع تمبل، وعاش في عزلة بالقرب من بلفاست، وكانت هذه العزلة خانقة، فقفل راجعاً من جديد إلى إنكلترا، وعمل مجدداً مع تمبل وهي المدة التي تعرف فيها إيستر جونسون التي اشتهرت باسم «ستيلا»، وهي ابنة صديق تمبل، وأشرف على تعليمها ونشأت بينهما علاقة قوية امتدت حتى وفاتها. وقد كتب لها سويفت مجموعة كتابات بعنوان «رسائل إلى ستيلا» (1710-1713) Journal to Stella، ولم تكن هذه الكتابات مجرد ثرثرة عن عظمة لندن الأدبية والسياسية فحسب بل كشفت عن قدرة رجل عرف عنه خطأً أنه «عدو البشر».

استطاع سويفت أن يكوّن لنفسه مكانة أديب قدير وسياسي محنك ورجل دين مرموق وبطل قومي في نظر الشعب الايرلندي على الرغم من كونه إنكليزياً، وترأس تحرير صحيفة «ذَ اكزامينر» The Examiner الناطقة بلسان حزب المحافظين، وسخر فيها من سياسة الأحرار المعارضين، الذين كان قد اختلف معهم حول قضايا دينية، ودافع عن حقوق الكهنة الإيرلنديين وقضايا الشعب الإيرلندي.

كانت باكورة جهود سويفت في القصيدة أو الأود البندارية The Pindaric Ode [ر. بندارُس]، إذ كتب بعض القصائد، لكنها كانت ذات صيغة معقدة خالية من المرح والدعابة والسخرية أو الهجاء وظهرت واقعية لاذعة في أعماله التالية مثل «وصف لسقوط المطر في المدينة» (1709) Description of a City Shower، و«أشعار حول وفاة الدكتور سويفت» (1731) Verses on The Death of Dr. Swift، و«غرفة ملابس السيدة» (1732) The  Lady’s Dressing Room.

وجد سويفت نفسه كاتباً هجّاءاً عندما حظي اثنان من أوائل أعماله الهجائية باهتمام النقاد. وهما «معركة الكتب» The Battle of The Books حول النزاع بين القديم والحديث، و«حكاية حوض» A Tale of aTub في عام (1704)، وهي مزيج من المقالات الساخرة والحكايات حول التطور التاريخي للطوائف المسيحية. لكن الملكة آن ورجال السياسة عدّوا الكتاب معادياً للدين وهذا ما سبب استبعاده عن المناصب السياسية.

كتب سويفت العديد من الكراسات السياسية أشهرها «تقويم أهمية الوصي» (1713) The Importance of the Guardian Considered، و«الروح الشعبية للأحرار» (1714) The Public Spirit of the Whigs، وكانت هذه الكراسة جواباً على ما كتبه ستيل Steele في «الأزمة» Crisis، وضمت أيضاً مقالة عن موت الملكة عام 1714 وعن سقوط وزارة المحافظين الذين دافع عنهم عندما صار المتحدث باسمهم.

عاد سويفت، بعد موت تمبل، إلى إيرلندا، وشغل مناصب كنسية أقل مرتبة، وأقام فيها من عام 1708 حتى عام 1714، وكتب في هذه المدة بسخرية لاذعة عن قضايا الكنيسة «رسالة بخصوص امتحان القربان المقدس» Letter Concerning the Sacramental Test التي هاجم فيها الكهنة الإيرلنديين الذين سببوا له الأذى بالإشتراك مع حزب الأحرار Whigs. وفي السنوات الثلاثين التالية اندمج كلياً في الحياة الإيرلندية، ومن خلال كتيباته اللامعة حول إيرلندا مثل «رسائل تاجر الأقمشة» The Drapier’s Letters و«اقتراح متواضع» A Modest Proposal أصبح بطلاً وطنياً.

أما أهم مؤلفات سويفت فهي روايته «رحلات غوليفر» (1726) Gulliver’s Travels التي استغرق في كتابتها ست سنوات، وطبعت الرواية في حياة سويفت عدة مرات وترجمت إلى معظم اللغات الحية، وكانت أول ترجمة لها إلى اللغة العربية سنة 1909. أراد سويفت من حكايته المؤلفة من أربع رحلات أن يوجه نقداً لاذعاً للمجتمع الذي يرزح تحت عبء النفاق والتقاليد البالية والتنبيه إلى ضرورة احترام الإنسان الفاعل، كما قصد تنشيط خيال الصغار والكبار معاً. وهذه الرحلات هي: أولاً، الرحلة إلى بلاد الأقزام الذين حاولوا الغدر به على الرغم من مساعدته لملكهم، لكسب الحرب على أعدائه، ويهزأ فيها سويفت من الأحزاب السياسية والنزاعات الدينية في إنكلترا. أما الرحلة الثانية فكانت إلى بلاد العمالقة، ولم تكن أقل إدهاشاً من الرحلة الأولى، غير أن العمالقة على الرغم من ضخامة أجسامهم، كانوا أناساً طيبين يحيطونه بالرعاية والحماية. أما الرحلة الثالثة، فهي إلى جزيرة لابوتا Laputa التي يعاني سكانها من نوع غريب من الجنون يتمثل في شرودهم الذهني وسرحانهم في تأملات علمية نظرية خاصة في علوم الفلك والرياضيات والموسيقى، حيث يجد غوليفر العلماء منهمكين في تجاربهم لاستخلاص الشمس من الخيار، وغيرها من المغامرات العلمية التافهة. وقد هزأ سويفت في هذه الرحلة من الفلاسفة والعلماء الغارقين في تأملاتهم غير آبهين بحياتهم العملية. أما الرحلة الرابعة والأخيرة فهي إلى بلاد الهوينهنم Houyhnhnms، حيث الخيل الناطقة العاقلة الفاضلة، التي تفوز بالسيادة بين قريناتها من المخلوقات لسلوكياتها النبيلة، على عكس بني ياهو Yahoos الذين يشبهون البشر، إلا أنهم مخلوقات بكماء، قذرة، شرسة، جشعة وأنانية ولها ميل فطري للشر. ويتساءل سويفت في هذه الرواية عن ماهية الإنسان في عصر أطلقت عليه العديد من الأسماء مثل عصر العقل وعصر التنوير، وعصر عودة الملكية، والعصر الأوغسطي، وعصر الكلاسيكية الجديدة، وخاصة أن الإنسان يعدّ العقل وحده كافياً ليكون مرشداً ودليلاً له في الحياة، بعيداً عن الإيمان بالله. وقد لاقت الرواية نجاحاً كبيراً وجذبت إليها الكثير من القراء ككتاب رحلات ونص هجائي لاذع، على سوداوية نظرة سويفت للحياة التي كانت موضع انتقاد شديد.

قام سويفت بآخر زيارة لإنكلترا عام 1727 عاش بعدها في إيرلندا حيث أنفق ثلث دخله على الأعمال الخيرية والثلث الآخر لتأسيس مشفى لمرضى البله والصرع الذي ظهرت أعراضه عليه في آخر أيامه، وعانى مجدداً الوحدة القاتلة، بعد أن تدهورت صحته وتكررت نوبات الصرع التي بلغت ذروتها في السنوات الثلاث الأخيرة من حياته عندما أصيب بالشلل الدائم قبل أن يموت ويدفن إلى جانب محبوبته ستيلا في دبلن.

ريما الحكيم

 

 مراجع للاستزادة:

 

- CHRISTOPHER FOX, Case Studies in Contemporary Criticism.Boston (Bedford Books of St. Martin’s Press 1995).

- I.EHRENPREIS, Swift: The Man, his Works and the Age, Vol 1, Mr. Swift And His Contemporaries (1962).

 


التصنيف : الآداب الجرمانية
النوع : أعلام ومشاهير
المجلد: المجلد الحادي عشر
رقم الصفحة ضمن المجلد : 376
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 1150
الكل : 31666916
اليوم : 21498

ون إي دون

وِِن إي دون (1899 ـ 1946)   وِن إي دون Wen Yi Dun شاعر ومحقق نصوص ومناضل صيني بارز. اسمه الحقيقي ون جيا هوا Wen Jia Hua. وُلد في مدينة شي شوي Xi Shui مقاطعة خوبَي Hu Bei، والتحق بمدرسة تشينغ هوا Qing Hua في بكين عام 1912. أحب قراءة المجموعات الشعرية القديمة وسير شعرائها وكتب التاريخ والسيرة. شارك في الحركة الطلابية، وصار ممثلاً للطلبة في المؤتمر الوطني لاتحاد طلبة الصين في مدينة شنغهاي.
المزيد »