logo

logo

logo

logo

logo

المصالح المرسلة (أوالاستصلاح)

مصالح مرسله (ااستصلاح)

- - -

المصالح المرسلة (أو الاستصلاح ـ)

 

هي الأوصاف التي تلائم تصرفات المشرع ومقاصده، ولكن لم يشهد لها دليل معين (أو خاص) من الشـرع بالاعتبار أو الإلغاء، ويحصل من ربط الحكم بها جلب مصلحة أو دفع مضرة أو مفسدة عن الناس، مثل تدوين الدواوين، واتخاذ السجون، وصك النقود، وإبقاء الأراضي الزراعية المفتوحة في أيدي أهلها ووضع الخراج (الضريبة) عليها. وأنواع المصالح الشرعية المعتبرة ذات مراتب ثلاث؛ هي:

ـ الضروريات: وهي التي يتوقف عليها حياة الناس الدينية والدنيوية بحيث إذا فقدت اختلت الحياة في الدنيا، وضاع النعيم وحل العقاب في الآخرة وهي خمس: - حفظ الدين والنفس والعقل والنسب أو العرض والمال.

ـ الحاجيات: وهي التي يحتاج الناس إليها لرفع الحرج (دفع المشقة) عنهم فقط، بحيث إذا فقدت وقع الناس في الضيق والحرج من دون أن تختل الحياة، وقد شرع المشرع لها أصناف المعاملات من بيع وشراء وإجارة واستئجار وأنواع الرخص الشرعية، مثل قصر المسافر الصلاة الرباعية والجمع بين الصلاتين من جنس واحد (الظهر والعصر أو المغرب والعشاء) وإباحة الفطر في رمضان للحامل والمرضع والمريض، وإيجاب القضاء في وقت زوال العذر، وسقوط الصلاة عن الحائض والنفساء من دون قضاء لما فات وقت العذر.

ـ التحسينات: وهي المصالح التي يقصد بها الأخذ بمحاسن العادات ومكارم الأخلاق، ومنها ما يعرف اليوم بحماية البيئة، مثل إيجاب الطهارة للصلاة، والتزين باللباس ومحاسن الهيئة والتطيب بالعطور، وتحريم خبائث المطعومات كالميتة والخنزير، والرفق والإحسان بكل شيء.

والمصالح التي ألغاها الشرع، بأن وضع أحكاماً تدل على عدم اعتبارها تسمى المصالح الملغاة، كالمبالغة أو التشدد في الدين، مثل الترهُّب في الإسلام، والتعامل بالربا أو الفوائد الربوية أخذاً وعطاءً، وجعل الطلاق بيد المرأة أو بيد القاضي، وما يسمى بالقتل الرحيم، أي قتل المريض اليائس من الشفاء نفسه، فكل هذا مصادم لنصوص الشريعة.

والمصالح المرسلة المعتبرة في الاجتهاد لابد من أن تتوافق مع جنس المصالح المعتبرة شرعاً، وإن لم يرد دليل خاص بكل مصلحة على حدة، وهي حجة معتبرة شرعاً في الاجتهاد في رأي المالكية والحنابلة، ويدخلها الحنفية تحت مفهوم الاستحسان بالمصلحة.

وأدلة اعتبارها عديدة أهمها: أن أحكام الشرع رُوعي فيها الأخذ بمصالح الناس، مما يرجح في غالب الظن الاعتماد عليها في تعليل الأحكام، والعمل بالظن واجب، ودليل اعتبار المصالح في الجملة قوله تعالى: }وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ{ (الأنبياء 107) ومقتضى الرحمة تحقيق مصالح الناس.

ثم لابد من مراعاة تطورات الحياة، وتبدل المصالح، وتجددها، وكان الصحابة الكرام يفتون في كثير من الوقائع بمجرد اشتمال الواقعة على مصلحة راجحة، من دون تقيد بمقتضى قواعد القياس، أي بوجود دليل خاص على اعتبار المصلحة، وإنما يكفي كون المصلحة من جنس المصالح التي أناط الشرع الأحكام بها، وأمثلتها كثيرة، منها: المصلحة التي تقتضي عدم سماع الدعوى بالزواج من غير وثيقة رسمية عند الإنكار، والمصلحة التي اقتضت أن عقد البيع  الذي لا يسجل في السجلات العقارية لا ينقل الملكية، فهاتان مصلحتان لم يشرع المشرع لهما حكماً خاصاً بهما، ولم يقم دليل منه على اعتبارهما، فهما من المصالح المرسلة.

شروط العمل بها: اشترط المالكية والحنابلة شروطاً ثلاثة للعمل بالمصالح المرسلة وهي:

ـ أن تكون المصلحة ملائمة لمقاصد الشارع، بحيث لا تنافي أصلاً من أصوله، ولا تعارض نصاً أو دليلاً من أدلته القطعية، بل تكون متفقة مع المصالح التي قصد الشارع إلى تحصيلها، وبأن تكون من جنسها، وليست غريبة عنها، وإن لم يشهد لها دليل خاص بها.

ـ أن تكون معقولة في ذاتها، جرت على منهج الأوصاف المعقولة التي يتقبلها العاقل، بحيث يكون مقطوعاً ترتب المصلحة على الحكم، وليس مظنوناً ولا متوهماً.

ـ أن تكون المصلحة التي يربط الحكم بها أو بسببها عامة الناس، وليس لمصلحة فردية أو لطائفة معينة، كالقوانين الاستثنائية لبعض الحكام وحاشيتهم.

وهبة الزحيلي

 

 الموضوعات ذات الصلة:

 

أصول الفقه (علم ـ) ـ الفقه(علم ـ) ـ مصادر الشريعة.

 

مراجع للاستزادة:

 

ـ أبو إسحاق إبراهيم بن موسى الشاطبي، الموافقات في أصول الشريعة (مطبعة المكتبة التجارية، مصر، د.ت).

ـ حسين حامد حسان، مقاصد الشريعة (المطبعة العالمية، مصر 1389هـ/1969م).


التصنيف : الشريعة
النوع : دين
المجلد: المجلد الثامن عشر
رقم الصفحة ضمن المجلد : 726
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 620
الكل : 31237932
اليوم : 63089

دَن (جون-)

دَن (جون -) (1572-1631م)   يعد جون دَن John Donne الشاعر والكاتب والواعظ الإنكليزي المولود والمتوفى في لندن أبرز الشعراء المعاصرين لشكسبير[ر]. كان والده تاجر حديد وأدوات معدنية، وكان جده لأمه الأديب جون هيوود. تعلم في جامعتي كمبردج وأوكسفورد. وصار أمين سر للسير جون إيغرتون، حامل الختم الأكبر والمستشار القانوني للملكة إليزابيث الأولى من عام 1598 حتى عام 1602. كان في أوائل حياته كاثوليكياً إلا أنه دخل سلك الكهنوت الأنغليكاني عام 1615، وراح يلقي مواعظ تعدّ الأبلغ في القرن السابع عشر بكامله. وكان من عام 1621 حتى وفاته عميد كنيسة القديس بولص في لندن، وكثيراً ما كان يلقي مواعظه بحضور الملك تشارلز الأول.
المزيد »