logo

logo

logo

logo

logo

سور الصين العظيم

سور صين عظيم

Great Wall of China - Grande Muraille de Chine

سور الصين العظيم

 

سور الصين العظيم Great Wall of China أشهر آثار الصين على الإطلاق، وهو أطول سور في التاريخ، يمتد من قلعة «جيايوتيوان» بمقاطعة «قانسو» Gansu غرباً إلى قلعة «شانهايقوان» بمقاطعة «خبي» Hopeh شرقاً، قاطعاً مسافة 6350كم، وإذا وصلت كل الأسوار التي تهدمت وتجدد بناؤها من الطين والحجر والقرميد في مدة ألفي سنة، من القرن السابع قبل الميلاد إلى القرن السادس عشر الميلادي، للأسر الملكية المختلفة، لتجاوز طولها الإجمالي خمسين ألف كم، لذا لا يوجد غرابة في أن يرى رجال الفضاء معالم هذا الصرح الحضاري الصيني العظيم بصورة واضحة من على سطح القمر.

يعود البناء الأول للسور إلى عصر الممالك المتحاربة السبع (770-221ق.م) التي ظهرت في حوض النهر الأصفر، حيث بنت دولة «تشو» Chou أول سور لصد غزوات قبائل البدو البربرية الشمالية. وبعد ذلك بنت الدويلات الأخرى أسواراً أخرى مشابهة، ومنها دويلات «يان» و«تشاو» و«تشين» Ch’in المجاورة للهون شمالاً والمعرضة لغزواتها، فبنت كل منها سوراً على الحدود الشمالية، وأرسلت القوات إليه.

وفي عام 221ق.م قضى «شي هوانغ دي» Shih Huangdi امبراطور دويلة «تشين» على الدويلات الست الأخرى، وأسس أول امبراطورية موحدة مركزية السلطة في تاريخ الصين، ومن أجل حماية الحدود ومقاومة الهون، أمر بتدعيم تلك الأسوار ووصل بعضها ببعض حتى أصبحت سوراً واحداً، ومن يدرس تاريخ الصين القديم يجد أن أكثر من عشرين دويلة وأسرة قامت ببناء السور الطويل وترميمه، وتجاوز السور الذي بنته أسرة «هان» (206ق.م -220م) Han والسور الذي بنته أسرة مينغ (1368-1644م) Ming خمسة آلاف كيلو متر.

لقد مدت أسرة «هان» السور المبني في عهد أسرة «تشين» إلى ممر «خوسي»غربي النهر الأصفر في مقاطعة «قانسو» حتى وصل إلى منطقة شينجيانغ غرباً فأصبح طوله عشرة آلاف كيلومتر، وأدى الجزء الجديد من السور دوراً كبيراً في صيانة طريق الحرير [ر] المؤدي إلى بلدان غربي آسيا، مما دفع التجارة والتبادلات الثقافية بين الصين وبلدان أوربا وغربي آسيا.

كانت أسرة «مينغ» آخر أسرة قامت بإكمال السور، وفي عهدها ارتقت تقنية بناء الاستحكامات الدفاعية ووصلت إلى مرحلة متقدمة جداً، وفي أكثر من 200 سنة من عهد هذه الأسرة، لم تتوقف أعمال البناء والترميم في السور، ومعظم الأجزاء الباقية منه تعود إلى هذه الفترة. وقد تحسنت هندسة البناء في السور باطراد، بهدف صد الغزوات وهجمات الأعداء، فبدا قوامه الأساسي سوراً عالياً يمتد أكثر من ستة آلاف كيلومتر، ويربط بمئات الممرات والمداخل والشعاب وآلاف القلاع والأبراج التي كانت تقوم بالإنذار المبكر، مما شكل ابتكاراً رائعاً في تاريخ البناء القديم في العالم، وكانت أبراج المشاعل مراكز إشارة تستخدم لنقل الأخبار العسكرية، موزعة على مسافات معينة من السور أو بجانبه فوق قمم الجبال، وفي الأمكنة التي تسهل مشاهدتها، فإذا جاء العدو انطلق من البرج الدخان في النهار، أو النار في الليل، وتبعته الأبراج الأخرى واحداً تلو الآخر لإيصال الخبر إلى العاصمة أو المعسكر الكبير، وكانت هذه الأبراج «شبكة إنذار».

أما القلاع التي على السور فكان بعضها مؤلفاً من طابقين وبعضها من ثلاثة طوابق، وكانت مخصصة لسكنى الجنود والحراس ولتخزين الأسلحة والذخائر، وقد قام بتصميم هذه القلاع المهندس «تشي جي قوانغ» الذي كان أحد القادة الكبار في عهد أسرة مينغ.

يراوح ارتفاع الأقسام الرئيسة في السور بين سبعة وثمانية أمتار، ويبلغ عرض قاعدته 6.5 متر، وعرض سطحه ن5.8 متر، ويبدو قطاع السور كأنه شبه منحرف، وفي الجوانب الداخلية للسور أبواب تؤدي إلى سطحه بسلالم داخلية، وفي جانب السطح الداخلي سياج ارتفاعه متر، وفي الجانب الخارجي يوجد جدار ارتفاعه نحو مترين فيه شرفات أو كوات للرماية، وفتحات للمراقبة.

استمرت أعمال البناء والترميم في السور على مر العصور الإقطاعية، وتنتشر آثاره اليوم في 16 مقاطعة وبلدية ومنطقة ذاتية الحكم، وهو بحق نصب تذكاري للتاريخ السياسي والاقتصادي والعسكري والثقافي لعهود عديدة من تاريخ الصين.

 وفيما يزيد على ألفي سنة، أدى سور الصين العظيم، دوراً مهماً في صد العدوان الخارجي، وحماية التجارة والاقتصاد الوطني. أما الجانب الآخر من قصة السور، فيرتبط بعدد لا يحصى من الناس الذين ضحّوا بدمائهم وعرقهم في عملية بنائه، وقد أصبح اليوم من أشهر المواقع السياحية في العالم، وإذا كانت الأهرامات رمز مصر القديمة، فإن سور الصين هو رمز الصين، وثمة مثل صيني قديم يقول: «الذي لا يصعد سور الصين العظيم ليس من الرجال الأقوياء»، لذلك يحرص زوار هذا البلد المترامي الأطراف والمتعدد المناخات والأقوام، على صعود هذا السور، والتمتع بمناظره الخلابة وطبيعة عمارته التي شهدت مجموعة كبيرة من الأحداث الجسام التي مرت على الشعب الصيني.

يمتد السور مثل تنين معقد تكتنفه الأسرار، وهو شاهد على عزيمة أمة لإعادة تجديد نفسها في مجال الخلود، ومازال صامداً على مر الزمن، ينتهي حيث يهوي في البحر عند «شانهايقوان» في مقاطعة «خبي»، وهو بذلك ،كما يقال عنه، «بوابة الصين الأخيرة إلى البحر المنيع». وهو أعظم استحكام دفاعي في الصين القديمة، ومشهد عجيب في تاريخ البناء العالمي، إذ سجل في عداد التراث العالمي الإنساني، الذي يجب الحفاظ عليه، في منظمة اليونسكو في عام 1987. وبوصفه استحكاماً عسكرياً، عظيم الشكل صعب البناء، أطلق عليه إحدى عجائب الدنيا السبع.

علي القيم

 

 مراجع للاستزادة:

 

ـ منغ لينغ يو و شي وي مين، لمحة عن الثقافة الصينية (دار النشر الصينية عبر القارات 2001).

 


التصنيف : التاريخ و الجغرافية و الآثار
النوع : سياحة
المجلد: المجلد الحادي عشر
رقم الصفحة ضمن المجلد : 220
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 1057
الكل : 31735138
اليوم : 10599

لاكان (جاك-)

لاكان (جاك ـ) (1901ـ 1981)   جاك لاكان Jacques Lacan، طبيب نفسي ومؤسس مدرسة فرويد في باريس التي استمرت بين عامي 1964ـ 1980 متيحة الفرصة لكل من تابعوا نظرياته للالتقاء في حلقات دراسية منتظمة. وُلد في باريس لأسرة غنية ودرس الطب النفسي، ثم نشر في عام 1932 أطروحة بعنوان «ذهان البارانويا (الذهان الهذائي) من حيث علاقته بالشخصية» De la psychose paranoïaque dans ses rappots avec la personnalité.
المزيد »