logo

logo

logo

logo

logo

العقلي (الخلط-)

عقلي (خلط)

Mental confusion - Confusion mentale

العقلي (الخلط ـ)

 

الخلط أو التخليط أو الارتباك العقلي mental confusion هو اضطراب انفعالي وتشتت ذهني ينتاب المريض لفترة زمنية ليست بالطويلة يؤثر في إدراكه المكاني والزماني وتوافقه أو تكيفه مع مطالب البيئة الداخلية والخارجية للفرد، أو هو اضطراب عقلي، يتميز بنقص قدرة الفرد في المحافظة على الانتباه للمثيرات الخارجية، وصعوبة الانتقال من مثير لآخر، واختلال التفكير، أو عدم ارتباط الأفكار بعضها ببعض، مع نقص مستوى الوعي واختلال الإدراك الحسي والمكاني والزماني واضطراب في الذاكرة. ويتضمن الحيرة والارتباك وصعوبة التركيز واضطراب التوجه وفقر الأفكار ونقص الترابط بينها والضعف العام في القدرات العقلية والنفسية، وقد يصل الحال بالمريض إلى عدم القدرة على الاتصال والتفاعل الاجتماعي وضعف القدرة على الإدراك المكاني والزماني، وقد يستمر الحال به إلى أن يصبح وجوده وجوداً حيوي وحسب.

أعراض الخلط العقلي

غالباً ما يكون العرض الرئيس للخلط العقلي اضطراب عقليّ يشمل: التفكير والوجدان والسلوك، وأهم هذه الأعراض:

ـ اضطراب التفكير: يعدُّ من العلامات أو الأعراض المميزة لهذا الاضطراب، والذي يتجلى في:

أـ التوقف عن التفكير: إذ يتوقف المريض عن التفكير في أي شيء، ويشعر أن عقله خالٍ من أي فكرة، وقد يستمر هذا التوقف لدقائق عدة، أو قد يصبح تفكيره عشوائياً وغير مترابط.

ب ـ التدهور العقلي: إذ يصاب الاستعداد العقلي للمريض بالتحلل والاضمحلال والنقص المستمر، ونتيجة لذلك تقل كفاءته في التعامل بالأفكار المجردة ، ويصاب بنقص ملحوظ في مختلف وظائفه العقلية.

ـ تلاشي حدود الأنا loss of ego boundaries: إذ يفقد المريض الإحساس بهويته الذاتية.

ـ اضطراب في الوعي: تتفاوت درجة اضطراب الوعي لدى الفرد الذي يعاني اضطراب الخلط العقلي، فقد يلاحظ أحياناً يهذي بكلمات غير مفهومة، ويصل هذا الاضطراب لدى الفرد أحياناً إلى درجة تضيق الوعي (restriction of consciousness) أو تلاشيه أو انسداده، فلا يستطيع إدراك الزمان والمكان والأشخاص المألوفِين لديه.

ـ الصعوبة في تركيز الانتباه على المثيرات المختلفة التي تقع في مجاله الإدراكي: يعدّ اضطراب الانتباه العَرَضَ أو العلامة البارزة في الخلط العقلي، إذ يعاني الفرد من صعوبة في المحافظة على انتباهه لمدة قصيرة من الزمن، كما يجد صعوبة في الانتقال من مثير إلى آخر.

ـ اضطراب التوجه Disorienation: وهو فقدان المريض لتتبع العلاقات المكانية والزمانية، وفقدان القدرة على تعرف الآخرين في الوقت الحاضر، ويتضمن أيضاً ازدواج إدراك البيئة، إذ يدرك المريض أنه في مكانين بعيدين عن بعضهما في  الوقت نفسه، أو أنه في مكان لايعرف كيف وصل إليه. 

ـ اضطراب العلاقة مع الواقع الخارجي: قد ينسحب المريض في الغالب عن عالمه الاجتماعي والواقعي، فيصبح تفكيره غير واقعي ومتمركزاً في ذاته، وعندما تزيد هذه الحالة تسمى الذاتوية (autism)، فقد يشكو أهله من أنه يعيش في عالم خاص به، وأنه منسلخ عاطفياً عن الأفراد المحيطين به.

ـ مبالغة في أعراض الوهن العصبي: قد يبدو الوهن الجسمي والعقلي شديدين إلى حدٍّ لايستطيع عنده القيام بأدنى مجهود عضلي أو فكري، لأنه يشعر دائماً بالتعب والإنهاك، إضافة إلى شعوره بضعف شديد في الجانب العقلي، وقد تصل اللياقة النفسية لديه إلى أدنى درجاتها.

ـ جمود المشاعر وتبلدها: وهو عرض يتميز بضعف الاستجابة الانفعالية أو غيابها تماماً في المواقف التي يُتوقع أن تستثير انفعالاً، فيلاحظ هذا المريض  متبلداً في أحاسيسه نحو الموضوعات المثيرة من حوله.

ـ ضعف الإرادة: ويتجلى ذلك في عدم قدرة المريض على اتخاذ القرارات المناسبة، والسلبية المطلقة تجاه القضايا والمسائل التي تواجهه، بمعنى آخر، تضطرب قدرته على المبادرة بأنشطة هادفة وموجهة، وقد يعوق ذلك أداءه لعمله، فيصبح غير مهتم بعمله، أو تصبح لديه ثنائية الإرادة التي تؤدي إلى توقف نشاطه الهادف الموجه ذاتياً.

ـ ضعف الانتباه أو تحوله: وهو فقدان القدرة على تثبيت الانتباه لمثير معين، حتى ولو كان لوقت قصير على الرغم من أهمية الموضوع.

ـ اضطراب السلوك: قد يزيد النشاط النفسي الحركي للمريض، ويصل أحياناً إلى درجة الهياج الشديد مع الميل إلى تكسير الأشياء في نوبات من السلوك الاندفاعي.

أسباب الخلط العقلي

هناك أسباب بيولوجية وجسمية ونفسية كامنة وراء هذا الاضطراب، وأهمها ما يأتي:

ـ الأسباب الوراثية: من أهم الأسباب الوراثية للخلط العقلي اضطراب درجة الحساسية الوراثي، واضطراب درجة الاحتمال، واضطراب قوة الدافع، وضعف الحيوية.

ـ الأسباب العضوية: إذ يعتقد بعض الباحثين أن الخلط العقلي يحدث بسبب عوامل عضوية، مثل التغيرات الفيزيولوجية أو الكيميائية التي تكفي لإحداث اضطراب عضوي، ومن ثمَّ تفسح المجال لردود فعل مرضية كالقلق النفسي والاكتئاب، ومن بين الأسباب العضوية الأمراض التي تتعلق بهذا الاضطراب مثل: اضطرابات العضلة القلبية والدورة الدموية، وفقر الدم وزيادة إفراز الغدة الدرقية والأمراض الإنتانية والتسمم الكحولي.

ـ الإجهاد الناتج من العمل الشاق لفترة طويلة.

ـ التأثيرات الجانبية للعقاقير والسموم: وتشمل هذه المخدرات بأنواعها المختلفة، والأدوية ذات التأثير النفسي، إضافة إلى زيادة كمية الأملاح السامة في الجسم كأملاح الرصاص والزئبق والبول السكري.

ـ سوء التغذية: يصاحب هذه الحالة تدهور عام في وظائف الجسم، وذلك نتيجة للنقص المزمن لبعض الفيتامينات، والتي تترك أعراضاً نفسية كالقلق والاكتئاب وفقدان الذاكرة.

ـ الصراعات والإحباطات النفسية المختلفة التي لم تُحَل على مستوى الوعي. ويعد الصراع النفسي من بين الأسباب النفسية المسؤولة عن الاضطرابات النفسية ذات المنشأ الوظيفي، فالشخصية التي يهددها الصراع يهدها القلق، وتكون في نهاية المطاف فريسة للهم والوهن النفسي والعصبي، وفي حال عدم معالجة الوهن العصبي (كحالة عُصابية) يتحول إلى الخلط العقلي الذي يعدّ زُملة (مجموعة أعراض مرضية تشكل اضطراباً ما) من زملات الاضطرابات الذهانية أو التناذر الذهني.

ـ رضوض في الجمجمة ناتجة من حوادث مؤلمة: قد ينتج عن حدوث صدمة قوية على الرأس ارتجاج أو إصابة في المخ، مما يؤدي في النهاية إلى تلف خلايا الدماغ ، وفي هذه الحالة تتوقف قدرة الإنسان الذهنية كلياً أو جزئياً، مما يعطي الفرصة لظهور اضطرابات شديدة في السلوك والمعرفة والذاكرة، إضافة إلى أعراض جسمية أخرى.

ـ الإصابة بالأمراض المعدية: يصاحب هذه الأمراض ارتفاع في درجة حرارة الجسم، وظهور حالة من الهذيان والهمود الجسمي والعقلي، وتعطيل مؤقت في قدرة الإنسان على التركيز.

ـ مشكلات الحياة اليومية الضاغطة: مثل ضغوط المنافسة بين الأقران، وضغوط العمل، وضغوط الحياة المتغيرة.

ـ الأسباب الاجتماعية: فقد يلقي الوسط الاجتماعي أعباءً معينة على الفرد يجعل من الصعب عليه التكيف معها، مما يؤدي في بعض الأحيان إلى إصابة الفرد ببعض الاضطرابات النفسية، ومن بينها الخلط العقلي.

تشخيص الخلط العقلي:

يرى علماء الطب والصحة النفسية أن هذا الاضطراب ليس أساسه خللاً عقلياً بالمعنى الصحيح للكلمة، وإنما هو شكل من أشكال الوهن العصبي الذي وصل إلى درجة من الشدة يجعل الشخص الذي يعانيه يفقد القدرة على التفكير  المنطقي مع فقدان الوعي وتشتت الانتباه وعدم التركيز.

ونتيجة لهذه الشدة في أعراض الوهن العصبي يشخّص الخلط العقلي نوعاً من الزملات الإكلينيكية الذهانية والمبوبة تحت «مسمى اضطراب الذهان الدوري غير النمطي» وليس تحت تصنيف الاضطرابات العُصابية الناتجة من الإجهاد والتعب الجسمي والعقلي.

وعند القيام بتشخيص هذا الاضطراب لابد من الدقة في التفريق بين أعراض هذا الاضطراب وأعراض الاضطرابات العقلية والنفسية التي تشترك معه في العلامات، وذلك من أجل تحديده وتمييزه بدقة عن بقية الاضطرابات الأخرى.

علاج الخلط العقلي

يعدّ الخلط العقلي من أكثر الاضطرابات العقلية قابلية للشفاء التام، ويمكن اتّباع بعض الأساليب العلاجية الآتية لتحقيق هذا الهدف:

ـ العلاج الدوائي: ويتضمن العقاقير المنشطة والعقاقير المضادة للاكتئاب مثل مشتقات الفينوثيازين.

ـ العلاج الفيزيولوجي: يفيد هذا النوع من العلاج في حالات التوترين العضلي والانفعالي، ويحتمل أن يكون ذلك من خلال تأثيره في انتظام الحركات العضلية، وزيادة نشاط الدورة الدموية في الجلد والأنسجة، ويفيد العلاج بالاستحمام في خفض استثارة المريض وقلقه.

ـ العلاج النفسي: هناك العديد من الأساليب العلاجية النفسية التي يمكن استخدامها في حالة الخلط العقلي، كالعلاج بالتحليل النفسي، شرط أن يكون لدى المريض قدر معين من الاستبصار بالذات، والعلاج السلوكي، والعلاج المتمركز على الفرد، وذلك من أجل مساعدته على فهم ذاته والاستبصار بها، لتنمية الجوانب المشرقة في حياته.

ـ العلاج الجماعي: إذ يهدف إلى تعديل شخصية المريض وسلوكه من خلال جماعة من الأفراد يعد هذا الاضطراب (الخلط العقلي) القاسم المشترك بينهم، يساعد الفرد على تصحيح أفكاره ومداركه الزمانية والمكانية، ويعيد الثقة في نفسه وقدراته العقلية المتدهورة عن طريق تنميتها وفق الطرائق المثلى.

ـ العلاج الترويحي: وذلك من خلال الراحة التامة في مكان هادئ بعيد عن ضغوط الحياة اليومية، كالقيام بنزهة إلى بعض المناطق المحببة لديه، وبصحبة الأشخاص المحبوبين لديه .

وهكذا تعمل أساليب العلاج المختلفة وما يصاحبها من بيئات علاجية على مساعدة المريض ليفهم حالته النفسية والعقلية من أجل تحقيق الصحة النفسية للفرد والتوافق الطيب على المستويين الداخلي والخارجي وتكوين القدرة على مواجهة مشكلاته بمرونة وثبات.

رياض العاسمي

 

 مراجع للاستزادة:

 

ـ حامد عبد السلام زهران، الصحة النفسية والعلاج النفسي (عالم الكتب، القاهرة 1991).

ـ محمد الحجار، تشخيص الأمراض النفسية (دار النفائس، دمشق 2004).


التصنيف : تربية و علم نفس
النوع : صحة
المجلد: المجلد الثالث عشر
رقم الصفحة ضمن المجلد : 335
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 570
الكل : 31210043
اليوم : 35200

ثنائيات الرابطة المزدوجة ومتعدداتها

ثنائيات الرابطة المزدوجة ومتعدداتها   ثنائيات الرابطة المزدوجة هي مركبات عضوية تحتوي رابطتين مزدوجتين بين ذرات الكربون فيها، فتسمى أحيانا الديينات dienes وتكون هذه لاحقة كما هي ene في تسمية الألكنات[ر]. وإذا ما وجد أكثر من رابطتين مزدوجتين سميت متعددة الروابط المزدوجة polyenes التي تسمى أحياناً البولينات.
المزيد »