logo

logo

logo

logo

logo

اللدونة

لدونه

Plasticity - Plasticité

اللدونة

 

اللدونة plasticity هي خاصة ميكانيكية من خواص المادة تعبر عن قابليتها للتشوه الدائم بفعل الإجهاد stress، وينتج عن هذه الخاصة سلوك المطاوع compliance أو قابلية التشغيل machining والتشكيل malleability الميكانيكي للمادة دون حدوث الانكسار؛ أي تغيير أبعادها تحت تأثير الإجهادات والمحافظة على الأبعاد الجديدة بعد زوال هذه الإجهادات. وبالمقابل تعبر المرونة elasticity [ر] عن قابلية المادة للتشوه deformation العكوس الذي يزول عند تحررها من الإجهادات.

تتميز معظم المواد بفعل الإجهادات بخاصتي المرونة واللدونة، لكن السلوك المرن أو اللدن لها يتعلق بشدة الإجهادات ودرجة الحرارة والبنية المجهرية للمادة. ويقترن التشوه المرن بالوثوقية والاطمئنان، في حين يثير التشوه اللدن بعض الريبة خشية الانهيار الذي قد يسببه، فالإنسانية ما تزال منذ العصور الأولى لاكتشاف المعادن تعتمد على التشوه اللدن في تشكيلها. وسبيكة محدودة الأبعاد يمكن أن تبلغ أحياناً الكيلومترات بعد التشكيل اللدن الناجح لها. وبهذا يمثل انهيار المادة الناجم عن محدودية التشوه اللدن أو الإفراط فيه الحد الفاصل بين النجاح والإخفاق في معالجتها وتشكيلها أو استخدامها.

في التطبيقات الإنشائية حيث تتعرض المواد للأحمال loads، تتعلق معايير اختيار المواد بالتنافس بين عدد من الخواص، أبرزها مقاومة الخضوع والوزن ومقاومة الكسر وشدة التشوه اللدن. ولتقدير بعض هذه الخواص يصار إلى دراسة سلوك عينات صغيرة ممثلة للمادة من خلال اختبارات معيارية، مثل اختبار الشد حيث يتمّ تطبيق قوى متزايدة على العينة وتسجيل استطالتها وتمثيل منحني القوة أو الإجهاد بدلالة الاستطالة.

توصيف اللدونة - اختبار الشد

لدى دراسة منحني الإجهاد للتشوه الناتج عن اختبار الشد، يمكن استنتاج سلوك المادة وتصنيفها وتحديد المراحل المختلفة للتشوه تحت تأثير قوة متزايدة حتى الانهيار. فمن أجل مادة لدنة نموذجية، يتضمن هذا المنحني ثلاث مناطق تقابل ثلاث مراحل للتشوه: مرحلة المرونة، ثم مرحلة اللدونة والتقسية، ثم مرحلة اللدونة وتضيق المقطع necking والانهيار fracture. ونقطة الخضوع yield point هي التي تفصل بين مرحلتي المرونة واللدونة. ولابدّ من الإشارة إلى أن مساحة كل مرحلة ودرجة وضوحها تختلف من مادة إلى أخرى، وتميز بين نوعين من المواد: المواد القَصِفة brittle القابلة للكسر والمواد اللدنة.

في مرحلة المرونة التي تقترن بتشوه صغير، تتميز المادة بسلوك مرن خطي وعكوس يتناسب فيه التشوه طرداً مع الإجهاد وينعدم التشوه تماماً عند انعدام الإجهاد. يعبر عامل يونغ Young، أو عامل المرونة (E) عن ثابت التناسب بين الإجهاد σ والتشوه ε في مرحلة المرونة الخطية (قانون هوك  σ = Eε Hook: E)، ويعد عامل المرونة سمة مميزة للمادة ضمن شروط اختبار متماثلة حصراً.

يشير حد التناسب σP1 إلى قيمة الإجهاد الموافق للنقطة التي تنتهي عندها مرحلة المرونة الخطية على منحني الإجهاد- تشوه. ويشير حد المرونة σe إلى قيمة الإجهاد الموافق للنقطة التي تنتهي عندها مرحلة التشوه المرن العكوس. تبدأ مرحلة التشوه اللدن غير العكوس عندما يتجاوز الإجهاد حد المرونة، ويمثل إجهاد الخضوع σy مقاومة المادة للتشوه اللدن أي قيمة الإجهاد التي يبدأ عندها التشوه الدائم للمادة حيث تؤدي زيادة طفيفة في الإجهاد إلى زيادة ملحوظة في التشوه الذي يعود إلى نقطة الصفر عند زوال الإجهاد (الشكل 1).

الشكل (1) اختبار الشد منحني الإجهاد ـ تشوه

   إذا استمر تزايد التشوه اللدن بعد نقطة الخضوع؛ تزايد الإجهاد بمعدل منخفض حتى يصل إلى قيمة عظمى تسمى مقاومة الشد u) tensile strength ، التي تعدّ من المواصفات الهندسية المهمة للمواد، وبعد هذه القيمة العظمى للإجهاد يحدث في منطقة محددة تضيق متزايد في مقطع عينة الشد وتناقص في الإجهاد حتى انهيارها عند إجهاد يسمى إجهاد الكسر (σR) (الشكل 2).

الشكل (2)

استخدامات اللدونة: ظاهرة التقسية بفعل التشوه (التطريق) والتشكيل

إذا كان إجهاد الخضوع يمثل بداية اللدونة وسلوك الانسياب نتيجة انتقال المادة على المستوى المجهري، فهو لا يشير إلى انهيار المادة بفعل الإجهاد. وعلى خلاف ذلك، فإن زيادة التشوه اللدن يترافق بزيادة في الإجهاد حتى قيمته العظمى σu. تعزى هذه الزيادة إلى ما يسمى التقسية الناجمة عن التشوه (التطريق). وخير مثال على ذلك تقسية المعادن بالتطريق strain hardening، فما يقوم به الحداد لا يتعدى تطبيق إجهادات ضغط (معاكسة لإجهادات الشد) بفعل ضربات مطرقته التي تنقل القطعة المعدنية على منحني الإجهاد- تشوه بين نقطة الصفر ومنطقة التشوه اللدن. وفي كل مرة تتجاوز فيها القطعة المعدنية حد الخضوع؛ تكتسب شيئاً من التقسية، وتفقد بالمقابل بعض اللدونة التي تقاس بدرجة المطاوعة ductility التي تمثل قابلية المادة للتشوه قبل الانهيار، وهي خاصة قابلة للقياس من معطيات اختبار الشد ولاسيما تغير طول العينة أو تغير سطح مقطعها. فبالاعتماد على تغير الطول، تكون درجة المطاوعة مكافئة لعامل الاستطالة أي حاصل قسمة الفرق بين الطول النهائي Lf والطول الابتدائي L0 لعينة الشد على الطول الابتدائي El% =[( Lf - L0)/ L0 ] x 100. وتجدر الإشارة إلى أن هذه النسبة تكافئ التشوه النسبي عند الانقطاع. أما بالاعتماد على تغير مقطع العينة فإن درجة المطاوعة تصبح مكافئة لعامل الاختناق أي حاصل قسمة الفرق بين سطح المقطع النهائي Af وسطح المقطع الابتدائي Ao لعينة الشد على سطح المقطع الابتدائي Ao، ويطلق على هذه النسبة في عمليات التشكيل: درجة التشكيل cold working، CW% = [(Af- Ao) / A0] x 100 على العموم، كلما ازدادت درجة التشكيل؛ أي كلما ازداد مقدار التشوه اللدن، ازدادت قساوة المعدن أو مقاومته للشد، وتناقصت قابليته للاستطالة، وازدادت درجة قَصافته brittlity.

يقود ذلك إلى التمييز بين نوعين من سلوك المواد تجاه الإجهاد: المواد اللدنة أو المطاوعة والمواد القَصَفة. فمعظم المعادن والسبائك والمواد البلاستيكية تتميز بسلوك لدن يجعلها تتقبل درجة من التشوه قبل انكسارها مما يسمح بتوظيف اللدونة في تشكيلها وفق تقانات التطريق والدرفلة rolling والسحب drawing والقولبة molding والبثق extrusion وغيرها. أما المواد الزجاجية والسيراميكية فهي تتميز بسلوك قَصِف يجعلها تنهار تحت تأثير الإجهادات فجأة دون إظهار أي تشوه لدن مرئي ودون أي إنذار ظاهري. وينعكس السلوك القَصِف بوضوح على منحني الإجهاد- تشوه للمواد القَصِفة حيث لا يُظهر هذا المنحني سوى مرحلة التشوه المرن الخطي الذي ينتهي بالانهيار المرافق لتشوه مرن صغير جداً دون أي تشوه لدن.

إلى جانب قابلية التشكيل، تعدّ اللدونة عامل أمان في البنى الإنشائية المعدنية، فإذا ما تعرض أحد عناصر البنية لزيادة في الحمل تفوق إجهاد الخضوع yield strength، فإن التشوه اللدن الناجم سوف لا يعني انهيار هذا العنصر الذي يمكنه الصمود حتى بلوغ إجهاد الشد tensile stress. لهذا تتميز البنى ذات السلوك اللدن بنوع من التلاؤم الذاتي مع التشوهات كما تؤدي اللدونة إلى تحسن المتانة تجاه انتشار الكسر.

لابد من الإشارة إلى بعض المواد الجديدة التي تجمع مكونات لدنة إلى جانب مكونات قَصِفة. من جهة أخرى، يتعلق سلوك المواد بدرجة الحرارة المحيطة إذ يسمح تغيرها بإظهار انتقال سلوك المادة من السلوك القَصِف إلى السلوك اللدن، وتعد زيادتها فرصة زيادة اللدونة وقابلية التشكيل وخاصة في المواد القَصِفة.

آلية اللدونة

يعتمد فهم آلية اللدونة على أسس الميكانيك وفيزياء الجسم الصلب وعلم البلورات الذي يصف المادة البلورية بناءً على نموذج البلورة المثالية حيث تتوزع الذرات أو الشوارد على صفوف ومستويات وفق شبكة منتظمة دورية ثلاثية الأبعاد. ولدى تعرض المادة البلورية للإجهاد تزداد المسافة بين الذرات في مرحلة المرونة مثل استطالة نابض ضمن مجال مرونته. أما إذا تجاوز الإجهاد حد المرونة وتعرضت المادة البلورية لتشوه لدن دائم، فإن تغير أبعادها سيقترن بانتقال مكونات المادة مجهرياً. ويعتمد شرح هذا الانتقال على مفهوم الانزلاق النسبي لجزيء البلورة على سطح بعض المستويات الشبكية المحددة التي تنتمي إلى شبكة البلورة المعرفة جيداً. ينتشر الانزلاق العنصري بوساطة تشوهات تعدّ مضاعفات للمسافة بين الذرات، وتؤدي هذه التشوهات إلى تشكل طبقات متتالية على سطح البلورة تدعى خطوط الانزلاق slip lines (الشكل 3).

الشكل (3)

يقدر الإجهاد المماسي الضروري لحدوث الانزلاق في المعادن (إجهاد القص الحدي) بنحو مئات الغرامات لكل مليمتر مربع، ويعود انخفاض قيم هذا الإجهاد مقارنة مع القيم النظرية إلى الاضطرابات والعيوب في الشبكة البلورية، مثل انزياح بعض الذرات عن مواقعها الدورية المنتظمة في الشبكة وتشكل عيوب خطية تدعى الانخلاعات الزاوية dislocations edge أو اللولبية screw أو المختلطة التي يمكن مشاهدتها بوساطة المجهر الإلكتروني أو مشاهدة آثار بروزها المتمثلة بخطوط الانزلاق على سطح البلورة.

تبرهن نظرية الانخلاعات على أن انتقال الانخلاع في مستوي انزلاق لا يتطلب سوى إجهاد ضعيف مقارنة مع إجهاد القص shear stress الضروري لانتقال مستويين شبكيين في بلورة خالية من العيوب. وهكذا تسبب إجهادات محدودة انتقال الانخلاعات ضمن الشبكة البلورية والتآثر فيما بينها كما تؤدي إلى تشوهات مكافئة لانزلاق المستويات. وبهذا تعدّ ظاهرة تشكل الانخلاعات وانتقالها المفهوم الأساسي لتفسير اللدونة في المعادن.

ومع ذلك، تعترض حركة الانخلاعات (الشكل 4) عوائق متعددة، من أبرزها ذرات الشوائب، والدقائق المترسبة وذرات العناصر المضافة التي تشكل محاليل صلبة وسطوح الفصل بين الحبيبات في البلورات المتعددة والانخلاعات نفسها. ويؤدي تجميد حركة الانخلاعات عبر آلية معقدة إلى تقوية المعدن أو زيادة مقاومته للتشوه. وتنعكس هذه الظاهرة التي تسمى التطريق على خواص المعدن الميكانيكية عبر زيادة مقاومة الشد tensile strength وحد المرونة والقساوة وإجهاد الكسر وتناقص خواص اللدونة، مثل الاستطالة الميكانيكية ومعدل اختناق المقطع عند الكسر.

الشكل (4)

وتجدر الإشارة إلى إمكانية استرجاع لدونة المعدن المقوى بالتطريق عبر معالجة حرارية تسمح باستقرار البنية البلورية وتقليل كثافة الانخلاعات التي تقاس بالطول الإجمالي لخطوط الانخلاعات في واحدة الحجم. فمن أجل معدن تعرض لمعالجة التطبيع normalizing treatment هذه، تبلغ كثافة الانخلاعات10 5-10 6/سم2، وفي معدن شديد التطريق، تبلغ كثافة الانخلاعات 10 12/سم2 أي ما يقابل 10 مليون كيلومتر من الانخلاعات في سنتيمتر مكعب واحد من المعدن، وهذا يشير إلى أنه يوجد في كل سنتيمتر مكعب نحو 10 20 ذرة؛ متأثرة بالانخلاعات. وبما أن كل سنتيمتر مكعب من المعدن يحوي نحو10 23 ذرة؛ تكون نسبة الذرات المتأثرة بالإنخلاعات نحو 10 -3 مما يعد نسبة ضعيفة، ويشير إلى المحافظة على بنية المعدن.

مفعول الحرارة واللدونة الفائقة

تؤدي زيادة حركة الذرات وانتقالها الناجم عن الحرارة إلى أثرين متعاكسين على المعادن حيث تزداد اللدونة وقابلية التشكيل وتضمحل قابلية التطريق والتقسية بسبب إمكانية حدوث إعادة التبلور الجزئية. ويؤدي تضافر الحرارة وسرعة التشوه ونعومة البلورات في بعض المعادن أو السبائك إلى معدلات تشوه عالية جداً تصل إلى 200% وذلك دون حدوث ظاهرة تقلص أبعاد المقطع والانهيار واختناقها. تسمى هذه الظاهرة اللدونة الفائقة super-plasticity التي تخطّت مرحلة الدراسات والبحوث، وفتحت أبواب تطبيقات متعددة في تشكيل المعادن والسبائك لأغراض عديدة مثل المركبات والأجسام الطائرة.

رفيع جبرة

الموضوعات ذات الصلة:

السباكة ـ المرونة.

مراجع للاستزادة:

- B.JAOUL¨ Étude de la plasticité et application aux métaux  (Dunod Paris 1965).

- J.M.DORLOT¨ J. P. BAILON & J. MASOUNAVE¨ Des Matériaux (Éd. École polytechnique de Montréal 1986).


التصنيف : الكيمياء و الفيزياء
النوع : علوم
المجلد: المجلد السابع عشر
رقم الصفحة ضمن المجلد : 31
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 575
الكل : 29654292
اليوم : 34302

المساجد (عمارة-)

المساجد (عمارة ـ)   ليس من مصدر ديني يتحدث في عمارة المساجد وشروطها، بل إن مسجد الرسولr في المدينة وضع القواعد الأولى لهذه العمارة التي استمرت أساساً، تبعها كثير من التعديل والتطوير المعماري، مما يتناسب مع تطور العمارة الإسلامية وتطور عمارة المدن الإسلامية، ويلبي الحاجة المتزايدة لبيوت الله، كيما تستوعب المصلين في عصور التضخم الديموغرافي الذي وصل ذروته في العصر الحديث.
المزيد »