logo

logo

logo

logo

logo

الطاوية

طاويه

Taoism - Taoïsme

الطاوية

 

الطاوية أو (التاوية) Taoism هي ديانة ومذهب فلسفي معاً. وهي المدرسة الثانية بعد الكونفوشية[ر] في الفكر الصيني القديم، التي تخاطب العواطف وتنزع إلى التأمل الصوفي. أسسها «لاوتزو» Lao Tzu أو المعلم العجوز في القرن السادس قبل الميلاد (604ق.م ـ517ق.م)، و «لاو» تعني العجوز و«تزو» تعني المعلم. ويقال أن اسمه الحقيقي «إرخ Erh» وشهرته تان، ولذلك تشير إليه بعض المراجع باسم «لاوتان». كان يعمل أمين المحفوظات التاريخية في عاصمة «التشو» (مدينة لويان Luoyang في مقاطعة هونان)، ويقال إنه التقى بكونفوشيوس ليستفسر منه عما يمكن أن يكون لديه من وثائق تتعلق بالطقوس والشعائر الدينية، وهيأ له عمله أن يكون مرجعاً في أحوال بلاده وأخلاق شعبه، مما مكنّه من وضع مؤلفه أو مصنفه الكبير «الطريق والفضيلة» أو «الطاو تي تشنج Tao te-Ching»، وهو يقع في نحو خمسة آلاف كلمة، وتُرجم إلى عدد كبير من اللغات، ويأتي ترتيبه بعد الإنجيل مباشرة في عدد ترجماته إلى اللغات الأخرى.

ويدل الطاو على المنهج، الطريق أو السبيل، ويقصد به السير على منوال الطبيعة وفق قوانينها، وهو مصدر الوجود، ووجوده من نوع لا يشبه أي وجود آخر، فهو اللاوجود، لكنه ليس عدماً مطلقاً، أنه أعظم من كل شيء، وهوالذي ينتج الأشياء، وهو الطبيعة، وهو السماء أو النفس والواحد. والطاو هو مجرى الأشياء، وهو مطلق وأسراري وصوفي، وهو الحياة المثالية للفرد، والنظام المثالي للمجتمع، والنمط المثالي للحكم، وكلها قائمة على الطريق وتسترشد بالطريق (الطاو).

تعنى فلسفة الطاوية بالإنسان، بالسلوك والوجود الإنساني، ويربط «لاوتز» الطاو بالفضيلة، لأنها قوة البساطة والتلقائية والسكينة والضعف، فالهدف الرئيس للوجود الإنساني هو الحياة والتناغم مع الطاو، الذي يسمح للإنسان بأن يفعل مايشاء، ولكن ليس إلى الدرجة التي يكف فيها الطاو عن أن يكون نفسه، فما هو ضد الطاو يتبدد، لأن الطاو في كل الكائنات تحت السماء، وهو خفي لكنه يحيط بكل شيء، فالعين تحدق به من دون أن تراه، والأذن تنصت له دون من أن تسمعه، فالطاو هو أصل الواحد وكل الأشياء، والإنسان القوي هوالحكيم الذي يعانق الواحد، ويعرف أنه متوحد مع كل الأشياء في الواحد.

وقد استمرت فلسفة «لاوتزو» طوال عصر الفلسفة الإغريقية والعربية الإسلامية، فكانت أطول حقبة في تاريخ الفلسفة العام وتاريخ الفكر عموماً، إذ مرت الطاوية خلال هذا التاريخ المديد بمرحلتين رئيستين، كانت الأولى فلسفة خالصة، ثم صارت الثانية ديناً طقوسياً مشوباً بالفلسفة والتصوف، وكان تحول هذه الفلسفة الراقية إلى دين بمنزلة ردة فعل ضد الدين الجماعي في الكونفوشية بقرابينه وطقوسه المفرطة إلى درجة لم يعد بمقدور الناس القيام بها، فجاءت الديانة الطاوية لتكون ديانة الخلاص الفردية لأهل الصين، فتحررهم من فروض الكونفوشيّة الثقيلة وأغلالها. وحاولت الطاوية أن تصير دين الصين الوطني ضد البوذية القادمة من الهند، فحُرِّمت البوذية بمرسوم، حدد ما فعلته ديانة الهند من تعطيل للإنتاج وتشويش لعقائد الناس، واستغلال للثروات لبناء الأديرة والمعابد الفخمة.

كان يان تشو Tchu وسن تسيانغ وين Win وتشوانع تزو Chuang tzu من أبرز دعاة الطاوية في القرنين الرابع والثالث قبل الميلاد، وقد ذهب يان تشو إلى أن الإنسان بمراقبته للقوانين الطبيعية للحياة (طاو)، يستطيع أن يحفظ طبيعته كاملة، على حين يعتقد سن تسيانغ وين بأن التشبث بالطاو سيعطي كل إنسان الحكمة والمعرفة بالحقيقة. أما تشوانغ تزو فقد طوّر الطاوية بنظرته المادية للعالم القائلة بعدم وجود الحقيقة الموضوعية، وبأن الحياة وهم، وأن الوجود الحق ينبع من الطاو الموجود الأبدي. فالطاو هو مبدأ الحياة وأصل الوجود واللاوجود، وقد أدى هذا المفهوم دوراً كبيراً في الفكر والأدب الصيني، وخاصة في الكونفوشية المحدثة، وعدّ الطاو مصدر كل الكائنات، وبه تتحول إلى أضدادها وفق الطاو، أو المبدأ الخاص بها.

وعلى الرغم من نقد الطاوية للكونفوشية، إلا أنها في الواقع تكملها، فالكونفوشية [ر] مذهب أخلاقي دنيوي بما يلقي من مسؤوليات عائلية واجتماعية تمثل الحياة الخارجية التي ينبغي أن تكون للفرد، بينما الطاوية مذهب أخلاقي أجدر بالزاهدين، بما يدعو إليه من فضائل تمثل الحياة الخاصة التي ينبغي أن تكون للفرد كي يخلص إلى السماء. واضطرت الطاوية إلى اصطناع الكثير من آراء الكونفوشية حتى تستطيع أن تزاحمها إلى عقول المثقفين، ومن هنا نشأ اصطلاح الطاوية المحدثة Neo-Taoism، وبرز من فلاسفة هذا الاتجاه وانغ بي Wang Pi، والذي جعل اللاوجود مقولة الطاوية الكبرى، ويعني بذلك: الوجود الخاص الذي يسمو على الأشكال والأوصاف، والذي يعمل وفقاً لمبدأ العقل الكلي، ولكن كوهُسيانغ Kohusyang (المتوفى 312م) لم يؤيد رأي وانغ بي، ورفض فكرة المبدأ الكلي الشامل، وقال إن الكائنات قد وجدت ذاتياً ولم يوجدها شيء خارج عنها، وإن كل كائن يعمل وفقاً لمبدئه، وأنه لذلك مُكْتَفٍ بذاته، ولم تخلف الطاوية المحدثة أثراً بارزاً في الفلسفة، ولكنها كانت صلة الوصل بين الكونفوشية والبوذية بتفسيرها الجديد لمفهومي الوجود واللاوجود الطاويين.

تعد الطاوية أول فلسفة طبيعية في الصين وأول محاولة لدراسة العالم دراسة فيزيائية، فالطاو بوصفه مبدأ للطبيعة والوجود، هو بمنزلة الأم الخفية لكل الأشياء، ومنه تنشأ السماء والأرض، ثم بينهما الهواء الأوسط «التشي» وهو مادة العماء (المطلقة)، وبتدخل قوتي الإيجاب والسلب الصينيين، الين واليانغ، تنشأ المحسوسات كلها، وهذا المبدأ حسب تشوانغ تزو، ليس روحياً بل مادياً. فالمادة الأنقى تصعد فتكوّن السماء، والأقل نقاوة والأثقل تهبط فتكوّن الأرض، ومن المادة الأفضلِ مزاجاً المتبقية في الخلاء الوسيط يكون الإنسان. فالإنسان مصنوع من أفضل مادة أولية في الكون، وهذا تكريم من الطاوية للإنسان.

والطاوية ديانة تأثرت بالديانة الصينية الشعبية، وهي تتسم بالبساطة والزهد، ولها نظام كهانة وراثي يقوم أعضاؤه بأداء طقوس وصلوات خاصة إلى آلهة الديانة الشعبية. ويلجأ بعض الطاويين، في محاولتهم الوصول إلى الخلود، للسحر والتأمل، وإلى اتباع برامج غذائية معينة، والسيطرة على التنفس، وترتيل النصوص المقدسة، وقد أدى سعي الطاوية إلى معرفة الطبيعة إلى لجوء أتباعها إلى دراسة العديد من العلوم، كالكيمياء والفلك والطب.

عبد الحميد الصالح

 الموضوعات ذات الصلة:

 

الكونفوشية.

 

 مراجع للاستزادة:

 

ـ عبد الحميد سليم، الفكر الصيني من كونفوشيوس إلى ماوتسي تونغ، ترجمة عبد الحميد سليم، مراجعة علي أدهم.

ـ هان بيوتسوهاي، محيط الكلمات الصينية (1965).

- خونغ ليه، التوهج العظيم (شنغهاي 1932).

- HOLMES WELCH, Taoism: The Parting of the Way, rev.ed.(1966).

- MAX KALTENMARK, Lao Tzu and Taoism (1969).

 


التصنيف : الفلسفة و علم الاجتماع و العقائد
النوع : دين
المجلد: المجلد الثاني عشر
رقم الصفحة ضمن المجلد : 451
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 834
الكل : 57134191
اليوم : 90592

التصعد

التَّصَعُّد   يمكن أن تتبخر الأجسام الصلبة مباشرة من دون أن تمر بالحالة السائلة، ويتضح هذا أكثر ما يتضح في بلُّورات اليود وكرات النفتالين والكافور إذا تُركت في الهواء الطلق. ويحدث مثل ذلك لكثير من الأجسام الصلبة ذات الرائحة. ويطلق على هذه الظاهرة اسم التصعُّد أو التسامي sublimation. ويطلق الاسم نفسه على التحول المباشر من الحالة الغازية أو البخارية إلى الحالة الصلبة التي تعرف أيضاً باسم الترسيب precipitation، كتحول بخار الماء في الجو مباشرة إلى ثلج أو جليد في جو بارد. أما المعادن فلا تتصعَّد في درجات الحرارة العادية.
المزيد »